فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8812
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حل اليوم الرئيس الفرنسي بالمجلس التأسيسي وكان لافتا ان النواب باستثناء المنتمين لحركة وفاء ونائب واحد من المؤتمر، كل النواب اندفعوا في حملة تصفيق حارة للرئيس الفرنسي، ولئن كان مفهوما إن يقوم بذلك بقايا فرنسا من النواب العلمانيين فان الطريف ان المنتمين للنهضة اثبتوا كفاءة قل نظيرها في فعل التصفيق وطقوس الانحناء لعلهم اشربوها من ثقافة التقديس التي ربوا عليها بين جنبات حركتهم التي تتخذ أربابا عديدين من دون الله.
أولا لا يفهم بأي حق يأتي رئيس دولة أجنبية فضلا على ان تكون دولة استعمرتنا ودمرتنا وعملت على إلحاقنا ثقافيا لها وساهمت في تخريب عناصر هويتنا من لغة ودين، كيف يحق لهذا الشخص أن يتحدث للتونسيين ويعطيهم الدروس ويتدخل في شؤونهم الداخلية كالمطالبة بالكشف عن قتلة شكري بلعيد، او مسألة حرية المرأة بتونس.
ما دخل فرنسا في الكشف عن قتلة شكري أو أي موضوع يتعلق بالتونسيين، لماذا لم يتحرك أي نائب ويثنيه عن تدخله ويذكره أن تونس وقعت بها ثورة وان زمن سيئ الذكر أو المخلوع قد ولى.
كنا نعتقد أن الثورة التونسية التي سميت بثورة الحرية والكرامة كانت ستمثل عامل قطع مع عقلية التبعية الثقافية، ولكن مثل هذا الحادث وهذه الزيارة عموما اثبت أن الأمر يلزمه ثورة في العقليات، ثم قبل ذلك ثورة تستبعد كل من لازال يحمل القابلية للذل والتبعية ومنها التبعية لفرنسا والغرب عموما
هذه القابلية للتبعية تؤطرها وتنظر لها ايديوليجيات كاملة وليست مجرد مواقف شخصية، ويعتبر الإسلام الوسطي المزعوم الذي تتبناه النهضة اخطر إيديولوجية تنظر للتبعية للغرب بزعم الفهم الوسطي للإسلام كما يقولون، ولذلك فان رموز النهضة يحجون دوريا لمراكز القرار الغربي أكثر مما يحجون للكعبة المشرفة، كما إن عددا كبيرا منهم ذاتيا غير قادرين على إلغاء التبعية لان اغلبهم لا يرى مانعا في ذلك والدليل طقوس التصفيق التي انخرطوا فيها اليوم، كما أن العديد من قادة النهضة ومنهم نائبة رئيس المجلس التأسيسي يحمل الجنسية الفرنسية، وهذا في حد ذاته يمثل إهانة للتونسيين فكيف يعقل ان يكون مسئول بهذه الدرجة حاملا لجنسية بلد أجنبي، وهذه كلها عوامل تؤكد ان التبعية والتطبيع معها أمر قطعت فيه أشواط كبيرة، بل إنها أصبحت اليوم ذات بعد خطير لان تمريرها يقع خلسة ممن يفترض فيهم حمل مشعل الدفاع عن الهوية، فإذا بهم لأسباب موضوعية في فكرهم وذاتية في نمط حياتهم وتجاربهم الشخصية بالغرب، يتحولون لعوامل إلحاق بالغرب، وهذا بعض ما يفسر عدم وجود صد للتدخل الفرنسي في أمورنا الداخلية خلال زيارة الرئيس الفرنسي، ثم يفسر الموقف الطريف الذي أبان عن مواهب كبيرة في التصفيق لدى نواب النهضة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: