فوزي مسعود - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9708
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عقد ما يسمى حزب "نداء تونس" مؤتمرا صحفيا تنادى الإعلام البنفسجي الذي يديره جند بن علي للاحتفاء به، وقد كان من طرائف هذه الندوة أن تخمر طفيليات الإعلام الحاضرون حد الدخول في موجات تصفيق هستيرية في كل حين، في تمشي فريد من صحفيين يفترض فيهم الحياد.
وأعطت تلك الندوة لأنصار ذلك الحزب الذي يتحالف بداخله الشذاذ من قطعان "التجمع" وشراذم اليسار الفرنكفوني، أعطتهم الطاقة التي جعلتهم يجدون من أنفسهم القوة بحيث يخرجون من جحورهم ويُعلون أصواتهم مهددين البلاد وكل من دعم الثورة.
هؤلاء الذين كان يفترض فيهم أن يصمتوا وأن يلازموا جحورهم وبؤرهم الموبوءة، وأن يكون أقصى ما يمكن أن يتكلموا به هو حمد الله أن أبقاهم التونسيون أحياء إذ لم ينصبوا لهم المشانق أو يقطعوا رؤوسهم أو يخرّبوا أجسادهم بالرصاص، هؤلاء الغربان أصبحوا يكوّنون الأحزاب ويتهددون التونسيين ويسخرون من ثورتهم.
هذا الحزب المكوّن من سقط المتاع من المنخنقة والمتردية والنطيحة، ومن أراذل الناس ومن مطرودي مختلف الأحزاب والتنظيمات، أصبح يتطاول على من قضى عمره مناضلا وما عرف للهزل واللهو وقتا، بل وإنهم ليتصدّرون لإعطاء الدروس في الوطنية والنضالية.
هذا الحزب الذي يعج بمناضلي الحانات وحرفاء العلب الليلية، يريد الإعلام البنفسجي أن يقنعنا أنه قادر وجدير أن يتحدث في المبادئ ومصالح التونسيين.
هذا الحزب الذي باركه رجال الأعمال سرقة أموال التونسيين، يريد إعلام بن علي أن يقنعنا أنه يمكنه أن يبني مستقبلا مشرقا لتونس، ولم يقل لنا هؤلاء كيف لمن ما عهدناه إلا هدّاما أن يكون بنّاء، ومن ما عهدناه إلا خائنا أن يكون أمينا ومن ما عهدناه إلا نذلا أن يكون رفيعا ومن ما عهدنا إلا لئيما أن يكون كريما.
هذا الحزب الذي زرعت أسسه وخطط تكوينه في الغرف المغلقة بالسفارات الأجنبية ومراكز البحث الغربية، يريد أتباعه أن يقنعونا أنهم قادرون على بناء دولة ذات سيادة، ونسوا أن العبد يبقى عبدا وليس بإمكان العبد أن يجاوز سيده مهما علا.
هذا الحزب الذي يمثل البكائين المتحدين، أولئك الفزعين من مقصلة المحاسبة التي تقترب من رؤوسهم، الخائفين من ذهاب امتيازاتهم المشبوهة والمشفقين من تدهور أحوالهم المادية، يريد السذج من أتباعه أن يقنعونا انه يعمل لمصلحة التونسيين وأن لا غرض شخصي لهم في مساعيهم.
هذا الحزب الذي يعج بنبت السّحت الذي زرع بذوره سيئ الذكر منذ بدايات الاستقلال، ممن لا يرتضي للنموذج المجتمعي الغربي بديلا وممن يعمل بكل همة لفرضه على التونسيين، يريد الإعلام العلماني أن يقنعنا انه يسعى للمحافظة على الهوية العربية الإسلامية، ولكنهم يتفننون بكل مهارة في إخفاء حقيقة أن أحد أهم دوافع رعبهم من الثورة هو الخشية أن يتحرر التونسيون من رباط الإرهاب الفكري والثقافي التي كبلوا بها منذ الاستقلال، نبت السحت هؤلاء يخافون أن تبلغ درجة تحرر التونسيين حد المطالبة بإعادة النظر في كل الأغلال الفكرية والثقافية التي فرضها سيئ الذكر عليهم، وهو ما يهدد النموذج المجتمعي الغربي العفن الذي تعيش فيه الطفيليات المنبتة حملة مشعل الإلحاق بالثقافة الغربية.
على انه وإن كان يمكن تفهم أن يعمل الفاسدون المفسدون أعداء الثورة من قيادات ومنخرطي حزب "نداء تونس" وغيرهم على تنظيم أنفسهم في هياكل للحفاظ على مصالحهم شأنهم في ذلك شان عصابات الجريمة المنظمة، إلا انه يبقى عسيرا على الفهم كيف يعجز التونسيون وهم الذين تخلصوا من رأس الفساد، كيف تقعد بهم الهمّة والفعل على التخلص من هذه الطفيليات التي كانت هي نفسها أدوات بن علي الإعلامية والثقافية والفكرية والسياسية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: