محاربو الهوية يقررون مستقبل تونس: نموذج هيئة تحقيق أهداف الثورة
فوزي مسعود
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 12763
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إنه لأمر غريب فعلا ما يحصل بتونس، لايكفي أن يقع السكوت على من جاهر بمحاربة الإسلام، بل إنه يقع تعيين هؤلاء كأوصياء على مستقبل تونس، من خلال لجان ستقرر القوانين والتشريعات المستقبلية.
إنه لأمر يثير التساؤلات حقا، حيث لايكفي أن يغض الطرف عمن سخر وقته وجهده فأنشأ الجمعيات المسفهة للإسلام والرافضة له، وتحالف لأجل ذلك مع أطراف أجنبية مولته تارة ومنحته الجوائز تارة أخرى، لايكفي ذلك بل يقع مجازات هؤلاء بتعيينهم أعضاء ب"الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة" (1)، بل وإنه يقع منحهم صلاحيات أكثر من أي طرف تونسي آخر، حيث تساوي قوة تمثيل جمعية النساء الديموقراطيات لوحدها قوة جمعية القضاة والهيئة الوطنية للمحامين ونقابة الصحافيين و الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة مجتمعين كلهم، حيث مثلت النساء الديموقراطيات أربع مرات مرة كجمعية وثلاث مرات من خلال بند الشخصيات الوطنية، بل وتوجد جمعية نسوية أخرى مشابهة لها ممثلة أيضا.
ولو عدّدنا الرموز المعروفة برفضها للإسلام ومحاربتها له، فإنها تكاد تتجاوز النصف من عديد اللجنة المعنية، فبالإضافة للنساء الديموقراطيات، فإن هذه اللجنة تحوي ثلة أخرى خطيرة من الرموز اليسارية المتطرفة التي عرفت بمحاربتها للإسلام بتونس، كل من منصبه، أساتذة جامعيون، عاملون بالفن والأدب كما يقولون، منظمات مدنية وغيرها.
إن مايقع بتونس مثير لحد الشبهة، أن يقع تتبع ومحاسبة مسئولي النظام السابق، بحيث لم يسلم الوزراء وحزب التجمع نفسه، ويقع طردهم من مسؤولياتهم، ويحالون على المحاكم، في حين لايقع مجرد المساس بشراذم كانت أشد الأطراف أذية للتونسيين، وأكثرهم تحالفا مع النظام السابق، بل إن هؤلاء يعلى من شأنهم، بل إنهم ليجازون فيعينون كأوصياء على مستقبل تونس.
إذا كان مسؤولو النظام السابق يحاسبون لسرقتهم الأموال، فلماذا لايحاسب من سرق عقيدة البلاد فأعد الدراسات وأنتج الأفلام لضربها، أو استغل منصبه الجامعي للتشكيك في الإسلام؟ فأيها أخطر أن يقع سرقة أموال التونسيين أم يقع سرقة عقيدتهم ولغتهم؟ فضلا على أن يصور هؤلاء كقدوات لها الحق أن تقرر مستقبل تونس.
إذا كان مسئولو النظام السابق يحاسبون لأنهم أضروا بالتونسيين، فلماذا لايحاسب بالمثل من جاهر بدعم إرهاب النظام السابق ضد التونسيين، أولم يقف هؤلاء مع تنكيل بن علي بالآلاف لأن ذلك يدعم أفكارهم. فكيف يعتبر هؤلاء رغم ذلك شخصيات وطنية طبيعية لها الحق بتحديد مستقبل تونس؟
لماذا لايحاسب من كان الذراع الفكري لبن علي والمنظر لإرهابه ضد الآلاف من الأبرياء من النساء والشباب بل والأطفال، أولم يطالب "نساء ديموقراطيات" من النظام البائد أن يشدد عمليات الاقتلاع الثقافي، حيث قالت إحداهن في ما معناه: إن نجاح الحرب الأمنية ضد الإسلاميين لا يكفي، بل يجب أن تستتبعها حرب ضد أفكارهم. فكيف يستدعى هؤلاء رغم ذلك كأطراف طبيعية لوضع أسس التشريع لتونس المستقبل؟
أليس هؤلاء شركاء في جرائم قتل وتشريد الآلاف من التونسيين؟ أليس هؤلاء شركاء من حيث أنهم محرضون بل ومبررون لعمليات الإرهاب تلك؟ فكيف يستدعون رغم ذلك كأطراف طبيعية لمراقبة مستقبل تونس؟ فليستدعى السرياطي إذن لهذه اللجنة.
إذا كانت الشعوب السوية ومنهم التونسيون تحرم التعامل مع الأجنبي ضد بلدانها، وتعتبر من يفعل ذلك خائنا وتصدر الأحكام العالية ضده، فلماذا يستثنى من يتعامل مع الأطراف الأجنبية لضرب عقيدة التونسيين، فيعد الدراسات المحاربة للإسلام الممولة من أطراف الأجنبية، وينتج الأفلام المحاربة لثقافة التونسيين الممولة من منظمات وسفارات أجنبية، ويحورون البرامج التعليمية بحيث يقع إلحاقها بفرنسا؟ فضلا على أن يصور هؤلاء كشخصيات وطنية لها الحق أن تكون مستأمنة على التشريع لمستقبل تونس.
إذا كان لسبب ما يصعب في الوقت الحالي محاكمة هؤلاء المتعدين على هوية التونسيين، أولم يكن من الأليق على الأقل أن لايقع دعوتهم أساسا، لأن دعوتهم استفزاز للتونسيين.
إذا كان لسبب ما يصعب في الوقت الحالي محاسبة من أجرم في حق الإسلام وحاربه، أولم يكن من دواعي احترام هذا الشعب الأبي، أن لا يقع الالتفات لهؤلاء، فضلا على أن يقع دعوتهم لأي لجنة، فضلا على أن يمثلوا كأقوى طرف.
على التونسيين أن يحددوا الخطوط الحمر
التونسيون أثبتوا للعالم أنهم قدوة إذ اقتلعوا أعتى الانظمة المتسلطة، وليس يفهم كيف يعجز هؤلاء التونسيون أمام بقايا ذلك النظام، ممثلة في أذرعه الثقافية والفكرية؟
التونسيون قرروا أن من أخطأ في حقهم زمن النظام السابق، فإن مكانه يجب أن يكون غرفات التحقيق وعنابر السجون، لم يستثنى من ذلك كبار الوزراء، ولا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من سجله ملوث بجرائم أين منها سرقة مال أو اعتداء على شخص؟ لا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من حرض على ضرب وتشريد الآلاف من التونسيين لأنهم يخالفونه الفكر؟ لا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من عمل لسنوات مع أطراف أجنبية لمحاربة الإسلام؟ لايفهم كيف يستثنى من هذا المصير من تلقى الأموال الأجنبية لإنتاج الأفلام المشبوهة المدمرة لهوية البلاد؟ لا يفهم كيف يستثنى من هذا المصير من استغل منصبه العلمي بالجامعات لفرض رؤيته الفكرية المحاربة للإسلام، بل وإنهم ليعينون كقيّمين على مستقبل تونس؟
على التونسيين أن يحددوا خطوطهم الحمر في وجه عصابات الإلحاق الثقافي، على التونسيين أن تكون خطوطهم الحمراء هي هويتهم ممثلة في دينهم ولغتهم.
على التونسيين أن يبرهنوا فعلا أن من يتجاوز خطوطهم الحمر، فإن مصيره التدمير المعنوي السياسي والجمعياتي، ولن يكون هذا التحذير فعالا إلا بإنجاز ذلك التهديد واقعا.
على التونسيين أن يحركوا قواهم ضد هؤلاء، يجب أن تفعّل خطب الجمعة نصرة لدين الله في تونس، يجب أن تنظم المسيرات المكثفة ضد هؤلاء، يجب أن تطلق مواقع الويب وأن تؤسس الجمعيات في هذا الاتجاه، يجب أن يقع الانتفاض ضد وسائل الإعلام التونسية المشبوهة المخترقة من قبل هذه الشراذم، كما يجب أن تقدم قضايا ضد هؤلاء لإجرامهم في حق التونسيين وتحالفهم مع النظام السابق.
يجب أن نجعل حياة من يفكر في التجرؤ على استبعاد الإسلام من تونس، جحيما، فضلا على أن يجاهر بذلك، فضلا على أن يقع تقديم هؤلاء على العموم كشخصيات وطنية.
--------------
(1) – من حيث الصيغة، هذه اللجنة لاشرعية لها، إذ بأي حق يعطي احدهم لنفسه تكوين اللجان واختيار الأعضاء، ولماذا اختار هؤلاء دون غيرهم.
ثم إن الغريب أن حزب العمال الشيوعي اعترض على هذه اللجنة من حيث طريقة تكوينها، بينما حركة النهضة الإسلامية لم تعترض لا من حيث طريقة التكوين ولامبدئيا بما أن جل عناصرها متطرفون يساريون.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
20-04-2011 / 19:24:41 فوزي
دعك من العموميات
الاخ مريد ابن رشد السلام عليكم
لا تغضب اني لم ارد على مداخلاتك المتهجمة على ما اكتب، لاني اراك تتحدث عن امور خارج موضوع المقالات المعنية، مما يحيل كلامك لحشو لايكاد يخرج عن الكلام النمطي الذي لامعنى له، لعلك تقوم بالرد من دون ان تقرأ، اقول ذلك لاني أجلّك ان تكون قد قرات ولم تفهم، خاصة وأنك مريد لابن رشد كما تقول.
وعلى ذكر ابن رشد، فإني لا أفهم كيف يكون أحدهم مريدا لابن رشد، أنا أفهم ان تكون مريدا لشيخ طريقة صوفية مثلا، ولكن مريدا لابن رشد هذا امر أعجز حقيقة أن أستوعبه، وسأكون سعيدا إن أنت فهمتني كيف يكون ذلك.
ثم أني لا أكاد اراك حصلت من ارتباطك بابن رشد شيئا إلا أن يكون التهجم، صحيح ان ابن رشد كان سليط اللسان تجاه من ينتقد، وانظر كتاب تهافت التهافت وتهجماته ضد الغزالي التي تتجاوز النقد العلمي، ولكن مقابل ذلك فإن ابن رشد عَلَم في امور النظر العقلي، وهو مالا اجده عندك فيما اقرأ، ولعلك لن تبلغ بعد هذا الجانب لدى ابن رشد، واكتفيت بتحصيل صفة التهجم لديه، ولعلي أكون مخطئا في حكمي فتكذب أنت ذلك بمداخلات عميقة في صلب الموضوع، عوض العموميات والتهجمات النمطية.
20-04-2011 / 16:57:12 مريد ابن رشد
انا اولا احد
هذا هو الخطاب السلفي يعيش كعادته في غواهب العوالم السحيقة .انه ينبع من عقلية لا تفهم قيم الانسانية وسيرورة المجتمعات عبر التاريخ .لا يفقه شيئا عن المشترك الانساني عن قيم الحريات والمواطنة واحترام الاخر لا ينظر الا لنفسه وما عداها فهو هباء منثور.يعيش حالة الفصام بين العقل والواقع"معزة ولو طارت".يحتكر فهم الاسلام وقراءته الجامدة الصنمية ويتجه بالقول لنا"ما اريكم الا ما ارى "وذاهب في مخيلته انه يهدينا الىسبيل الرشاد بفهمه ذاك.
هذا الفهم لانه لا يفقه طبيعة البشر في الاختلاف والتمايز تجده يكيل التهم للمخالف بالمناور والعميل وداعي التغريب والمتامر والخطير على الامة ...وذلك بتعلة حماية عقيدة الامة كما ترائ له ذلك.
يا رجل خذ مثالا يكشف مدى تبسيطك للامور وتسطيحك لتعقيدات الاجتماع البشري.كيف ستحكم بقناعاتك التي حدثت بها نفسك ثم نفوسنا في دولة كلبنان والعراق(دعك من تونس حاليا).هل ستنص في الدستور على ان الاسلام والمذهب السني هو عقيدة الشعب اللبناني او العراقي او حتى المصري والباقي اهل ذمة اي مواطنون درجة ثانية .او ملحدون يجب محقهم من الوجود.هل يقول بهذا عاقل يحمل فكرا مسؤولاوضميرا انسانيا حيا.
مشكلتك انك لا تدرك المشكلات"problematiques" وتداعيات تجاهلها الكارثية المدمرة للتعايش الاجتماعي وشواهد ذلك تحف بك من كل جهة..
افهم ان النقاش يدور داخل مجلس تحقيق اهداف الثورة بين قوىسياسية تروم ارساء منظومة قانونية تكون بمثابة ميثاق يكفل التعايش واحترام الاختلاف بين البشر داخل بلدهم فلا اقصاء لاحد مهما كانت قناعاته لا تكفير ولارمي بالزندقة(هذه المصطلحات القروسطية)وطب خاطرا انا شخصيا متاكد من التنصيص على الهوية العربية والاسلامية لبلدنا الحبيب تونس ولا احد يعطينا دروسا في ذلك او يحتكر النطق باسم هويتنا وتونس مسلمة منفتحة على قيم الحداثة واحترام اغلى شيئ عند البشر الا وهو الحرية جوهر الكرامة الانسانية ولكن لن تكون ابدا طلبانية او صومالية ومن ارادها كذالك فهو كمن يحرث في البحر ويبذر فوق الصخر
مريد ابن رشد-تونس-
20-04-2011 / 19:24:41 فوزي