البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الإعلام التونسي في أدوار التضليل والتعتيم: نموذج زيارة "الإسرائيليين" لتونس

كاتب المقال بوابتي   
 المشاهدات: 11865


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يصاب البعض من التونسيين أحيانا بالاستغراب الشديد من درجة الموات التي تشهدها الساحة الإعلامية التونسية، كلما تعلق الأمر بقضية مبدئية، فرغم مرور العديد من المناسبات والذكريات وتواليها والتي يمكن للواحدة منها أن تستنهض الأموات من قبورهم، تفاجئ في المقابل بسكون رهيب يبديه الإعلام التونسي.

ولك أن تذكر مناسبات عديدة في هذا المجال، كمرور ذكرى سقوط العراق تحت الاحتلال، والمناسبات المتكررة لزيارة "الإسرائيليين" لتونس، أو المناسبات التطبيعية الأخرى التي يبديها تونسيون (مغنين أو ممثلين)، أو المسابقات المشبوهة التي تعقد دوريا ببلادنا (النسخ المتكررة من "ستار أكاديمي" أو تلك الاحتفالات الضخمة لرموز الانحراف والسفاهة التي حدثت من قبل ببلادنا والتي كان رموزها أمثلة الفسق والمجون العالمي ك"مايكل جاكسون" وغيره الكثير..).

كما إن مقارنة بسيطة مع المواقف التي يظهرها الإعلام بالدول العربية الأخرى، تجاه قضايا كالتي تمر بنا أو حتى دونها خطورة و أهمية، تكشف لنا مدى "التعري الإعلامي" والسبات العميق الذي يميز المشهد لدينا بتونس.


زيارة "الإسرائيليين" لتونس

وإذا استثنينا الصمت والتجاهل الذي أبدته بعض وسائل الإعلام التونسية لموضوع زيارة "الإسرائيليين" لتونس والذي يبقى ممكنا تصنيفه على انه مساندة ضمنية -وان كان بدرجة خفيفة- لعمليات التطبيع، فان الأخطر هو تلك المواقف الإعلامية التي استعملت أساليب أكثر وضوحا في وقوفها مع هذه الزيارات وان كان الأمر ارتكز على طرق ملتوية لتمريرها.

ترتكز أساليب وسائل الإعلام التونسية المريبة هذه، والتي أكثر من تبناها وسائل الإعلام الحكومية وبعض من وسائل الإعلام الخاصة أو وكالات الأنباء عن طريق مراسليها التونسيين، على الصمت والتجاهل لعين الموضوع (بحيث لا يقع التبني مباشرة لعمليات التطبيع مع الصهاينة)، ولكن يقع تناول مواضيع أخرى يعمل من خلالها على تمرير الموافقة على الفكرة الأصلية بطريقة غير مباشرة، ومثل هذه المواقف تعمل على تمرير الموضوع المستهجن ابتداء من خلال التلبيس على الناس وتشويش عناصر الفهم لديهم.

ويمكن توضيح ذلك بالعينات التي وقع استعمالها من طرف هذا الإعلام في تسويق وتمرير العمليات التطبيعية التي صاحبت زيارة "الإسرائيليين" الأخيرة لجزيرة جربة:

- التركيز على كون هناك مواطنين تونسيين كانوا من ضمن من شارك اليهود احتفالاتهم، وهذا الموقف الإعلامي يبرز التالي:

1. انتقائية كبيرة لعينات المواطنين، ففي مقابل الحديث عن شواذ تونسيين -جلهم من العجائز والشيوخ- شاركوا اليهود احتفالاتهم، لم يذكر هذا الإعلام الكثرة الباقية من المواطنين الذين يرفضون فكرة إقامة هؤلاء اليهود مثل تلك الاحتفالات، فضلا على أن يشاركوهم فيها.
2. يعمل هذا الإعلام على محاولة تسريب فكرة ضمنية مفادها ان الناس فرحون بمثل هذه الاحتفالات اليهودية
3. تتناول التقارير الصحفية التي أعدها هذا الإعلام المريب احتفالات اليهود بمعبدهم، وتتغاضى في المقابل على تناول سبب المشكلة التي من اجلها يرفض التونسيون مثل هذه الاحتفالات، وهو قدوم "الإسرائيليين" لتونس.
4. حاول هذا الإعلام تجميع اكثر ما يمكن من العناصر الموحية ان هناك إجماعا من كل شرائح التونسيين بالموافقة على هذه الاحتفالات اليهودية، ففضلا على بعض الشيوخ والعجائز من المواطنين التونسيين الذين كما ذُكر حضر بعضهم هذه الاحتفالات اليهودية، فقد ركز كذلك على حضور بعض السفهاء التونسيين ممن يسمون فنانين، هذه الاحتفالات.

- وإذا نظرنا لكل هذه العينات التي استعملتها بعض وسائل الإعلام التونسية كطريق منها لتمرير وتبرير عمليات التطبيع مع "الإسرائيليين"، فانه من حيث الأساليب التي استعملها يمكن ان نخرج بالتالي:
1. هناك تضليل: حيث وقع استعمال عناصر خبرية بطريقة جزئية لتضليل المتلقي، من ذلك التركيز بشدة على زعم مشاركة تونسيين اليهود احتفالاتهم، كمحاولة لمصادرة أي بوادر احتجاج ولو نفسي لدى المتلقي، وهو ما يعمل على توجيه مسارات التفكير الحر، ببعثرة عناصر الموضوع، وخاصة عنصره الأساسي والذي هو قدوم "الإسرائيليين" وذلك عن طريق تغييبه كلية.
2. هناك تعتيم: وهو أسلوب يعمل على إثارة قدر كبير من المعلومات التفصيلية والجزئيات التي تغرق المتلقي بحيث لا ينتبه للموضوع الذي يُعمل على تغييبه. ولما كان الإعلام التونسي المشبوه يعمل على التغطية على موضع زيارة "الإسرائيليين" لتونس، فقد حاول إغراق المتلقي بكم من التفاصيل الثانوية، بحيث لا يبقى هناك حيز لذكر أمور أخرى.
3. هناك تلاعب بالدين: حيث استعملت بعض وسائل الإعلام التونسية، أساليب أخرى لتمرير زيارة "الإسرائيليين" لتونس، ومن ثم تمرير المواقف التطبيعية، وذلك بإيرادها متونا دينية، تتحدث عن التسامح الإسلامي وكيف أن تونس بلد التسامح كما يؤمر الإسلام بزعمهم، ومثل هذه المواقف التبريرية المجتثة من سياقاتها تولاها صنف آخر أوتي قدرة على تحريف الكلم عن مواضعه، ووقاحة متميزة مكنته من التلاعب بالمفاهيم الشرعية الإسلامية لتمرير المواقف المتواطئة.
4. هناك عدم مسؤولية لدى بعض الصحفيين: أن يقوم كاتب بخيانة مسؤوليته الصحفية، عن طريق تبرير الانحرافات والعمل على تمرير الأعمال التطبيعية عوض مقاومتها، يمثل ولا شك عملا غير مسئول، كما انه موقف يؤشر على غياب الرادع الأخلاقي لدى الصحفي.


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-05-2008  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سامر أبو رمان ، الهيثم زعفان، محمد الياسين، محمود فاروق سيد شعبان، ضحى عبد الرحمن، أبو سمية، د. طارق عبد الحليم، سفيان عبد الكافي، سلوى المغربي، عواطف منصور، صباح الموسوي ، رافد العزاوي، إيمى الأشقر، سلام الشماع، طارق خفاجي، يحيي البوليني، أحمد الحباسي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - صالح المازقي، د- هاني ابوالفتوح، محمد علي العقربي، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، عزيز العرباوي، فتحي الزغل، علي عبد العال، خالد الجاف ، د. عبد الآله المالكي، بيلسان قيصر، حميدة الطيلوش، صلاح المختار، رمضان حينوني، صفاء العربي، د - مصطفى فهمي، فتحي العابد، فهمي شراب، د - عادل رضا، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، د. أحمد بشير، محمود طرشوبي، عمار غيلوفي، محمود سلطان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، عبد الرزاق قيراط ، كريم فارق، د- محمد رحال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الغني مزوز، مراد قميزة، إياد محمود حسين ، جاسم الرصيف، ماهر عدنان قنديل، سامح لطف الله، د- محمود علي عريقات، حسن الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، د.محمد فتحي عبد العال، وائل بنجدو، المولدي اليوسفي، كريم السليتي، محمد الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، طلال قسومي، د. أحمد محمد سليمان، علي الكاش، المولدي الفرجاني، د - محمد بن موسى الشريف ، رافع القارصي، محرر "بوابتي"، عراق المطيري، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. عادل محمد عايش الأسطل، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد ملحم، محمد شمام ، أحمد النعيمي، يزيد بن الحسين، فتحـي قاره بيبـان، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، د. خالد الطراولي ، منجي باكير، العادل السمعلي، أنس الشابي، د - محمد بنيعيش، عبد الله زيدان، د. صلاح عودة الله ، مصطفى منيغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، خبَّاب بن مروان الحمد، نادية سعد، الناصر الرقيق، سعود السبعاني، سليمان أحمد أبو ستة، صلاح الحريري، د. مصطفى يوسف اللداوي، مجدى داود، ياسين أحمد، محمد يحي، صالح النعامي ، الهادي المثلوثي، صفاء العراقي، عبد العزيز كحيل، إسراء أبو رمان، عبد الله الفقير، أحمد بوادي، محمد العيادي، رضا الدبّابي، د - شاكر الحوكي ، د- جابر قميحة، فوزي مسعود ، تونسي، سيد السباعي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء