البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

موت وخراب ديار

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3522


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


صورة مثيرة للأسى والخجل في ذات الوقت، صورة ذلك الطفل السوري الرضيع "إيلان كردي" وهو مُلقىً ميّتاً غرقًاً، عندما كانت عائلته تُحاول الإبحار من منطقة (بودروم) في تركيا باتجاه إحدى دول المجموعة الأوروبية، على أثر آلاف العوائل السورية الهاربة من ويلات الحرب ودمارها، أملاً في بدء حياةٍ مختلفة، تلمّ من خلالها جراحها، وترقّع بها مستقبلها.

فبينما تلقّى من لديه حفنة من ضمير، صدمة من جرّاء رؤيته لتلك الصورة، باعتبارها ليست إلا تأكيدًا جديدًا على المعاناة التي يخوضها اللاجئون – على اختلافهم - الذين يُحاولون الهرب من ويل الحرب في بلادهم المشحونة بالدماء والثبور، فإن من هم أغلظ أكباداً من الإبل، لم تُثرهم تلك الصورة لا من قريب ولا من بعيد.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ويُسارعون في الوصول إلى أبعد نقطة منها وكل ما يقع على شاكلتها، كي لا تُسجل أذهانهم صوراً، تنغّص عليهم حياتهم، وتحول دون رفاهيتهم، وكأنهم لا تربطهم بهم أيّ علاقة، ولا يشتركون في شيءٍ ما، وكأنّهم لا يتحدثون عن حياةٍ واحدة ولا عن مصيرٍ واحد.

لم يكن الطفل "كردي" بمفرده الذي قضى، ففي كل ساعة هناك موت لأنفس كثيرة وفي ظروف قاسية ومشابهة، فقبل أيّامٍ قليلة عثرت الشرطة النمساويّة، على شاحنة مكتظة بالموتى السوريين، وكانت هذه الصورة واحدة من جملة الصور المؤلمة، والتي تعتبر من الدلائل القاطعة على هول المعاناة التي يعانيها ملايين اللاجئين العرب والسوريين بخاصة، الذين يُحاولون الهرب من مناطق النزاع، وبأي ثمن وبرغم معرفتهم جيّداً بويلات المغادرة.

وعلى صعيد متصل، فقد شاهد الكل الصورة الأخرى، والتي لا تقل كثيراً عن مآسي الموت ورائحة المصائب، وهي ازدحام محطة قطارات (بودابست) المركزية بآلاف المهاجرين التائهين والهائمين على وجوههم، بعد أن حاولوا إلقاء أنفسهم وأطفالهم وأمتعتهم الهزيلة، داخل عربات القطارات، طلباً في مواصلة السفر إلى مناطق تقبل بوجودهم ولو إلى حين، وهم يحملون قصصهم ومآسيهم التي لا يستمع إليها أحد وخاصة ممن هم مسؤولون عنهم.

كانت اضطرت كل من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، خلال الأيام القليلة الماضية، إلى التوقيع على وثيقة خاصة، تهدف إلى توزيعٍ عادلٍ لهؤلاء اللاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي، وذلك وفق ضوابط معينة، تضع في حسبانها من أن تدفقهم على هذه الشاكلة، قد يهدد بتقويض أسس المسيحية في القارة الأوروبية، وخاصة في ضوء انتظار وصول المزيد منهم إليها، قد تصل أعدادهم إلى مئات الألاف، برغم اعتمادها إجراءات قانونية وعملية تهدف إلى عرقلة وصولهم..

وإن كانت تهدف إلى مصالحها، وفي غياب عربي مُطلق منذ بواكير المأساة، فقد أعلنت إسرائيل -على طريقتها- عن استعدادها لمساعدة مهاجرين عرب، لادّعائها بأنها رائدة في الاخلاق والإنسانية، برغم أن الكل غير متأكد من صحة ذلك الادّعاء، لكنها اختارت ذلك السلوك للتأكيد بأنها لا تستطيع التحرر من اتخاذ موقف أخلاقي بخصوص هذا الشأن من ناحية، ولكونه نافعاً بدرجة عالية أمام المجتمع الدولي من ناحية أخرى.

وكانت قدّمت من قبل مساعدات إنسانية مالية وصحيّة، وأبدت استعداداُ أعلى بشأن تقديم مساعدات أكبر والتي- قد- تصل إلى تقديم مساعدات خاصة باستقبال مهاجرين سوريين (أكراد ودروز) على الأقل، وذلك تلبية لنداءات جهات رسميّة وشخصيّة إسرائيلية، بأن على إسرائيل استيعاب اللاجئين السوريين، ومنحهم الحماية اللازمة، - كونها دولة إنسانية - ولها سابقة في هذا المجال، حيث قام رئيس الوزراء السابق "مناحيم بيغين" باستيعاب لاجئين من فيتنام في إسرائيل أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات الماضية.

لا يجب تحت أي حال، أن نطالب الدولً الأخرى بتحمل مسؤولياتها بفتح حدودها وتوفير ملاذٍ آمنٍ لهؤلاء المشردين، بسبب أننا أحق بتحمل كاملٍ المسؤولية، باتجاه وضع حدٍ ليس لمواجهة المآسي والتغطية عليها وحسب، وإنما بوضع نهاية للآلة المُقيتة المنتجة لها، وهي الصراعات الذاتية والتي لا تزال مشتعلة حتى هذه الأثناء، باعتبارها هي الموت والتشرد وخراب الديار من الأساس، ويجدر بنا الإشارة إلى أن تلك الصراعات، تحول دون حصول أكثر من 13 مليون طفل عربي من تلقي التعليم، الذي يعتبر القاعدة الأهم في حياة الأمم وتطورها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إيلان كردي، الطفل السوري، مأساة اللاجئين، سوريا، المهاجرون السوريون، الهجرة عبر البحار،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-09-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، سامر أبو رمان ، حسن عثمان، د - محمد بنيعيش، عواطف منصور، كريم فارق، صفاء العربي، د - المنجي الكعبي، فتحي الزغل، أبو سمية، محمود طرشوبي، علي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، مجدى داود، طلال قسومي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بوادي، محمد العيادي، الناصر الرقيق، صفاء العراقي، عبد الغني مزوز، ماهر عدنان قنديل، صلاح الحريري، محمد الياسين، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، الهادي المثلوثي، د- جابر قميحة، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله زيدان، د. عبد الآله المالكي، عبد الله الفقير، محرر "بوابتي"، أ.د. مصطفى رجب، يحيي البوليني، سليمان أحمد أبو ستة، المولدي الفرجاني، محمد شمام ، نادية سعد، سلام الشماع، فهمي شراب، إيمى الأشقر، د. أحمد محمد سليمان، رافد العزاوي، أحمد النعيمي، محمد اسعد بيوض التميمي، د. خالد الطراولي ، د - الضاوي خوالدية، سامح لطف الله، عراق المطيري، كريم السليتي، رحاب اسعد بيوض التميمي، رضا الدبّابي، د.محمد فتحي عبد العال، رمضان حينوني، سفيان عبد الكافي، ضحى عبد الرحمن، فتحي العابد، د - مصطفى فهمي، فوزي مسعود ، أشرف إبراهيم حجاج، صلاح المختار، محمد أحمد عزوز، سيد السباعي، محمود فاروق سيد شعبان، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إياد محمود حسين ، حميدة الطيلوش، د- محمد رحال، حسني إبراهيم عبد العظيم، منجي باكير، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، عمار غيلوفي، مصطفى منيغ، رشيد السيد أحمد، ياسين أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. طارق عبد الحليم، الهيثم زعفان، سلوى المغربي، مراد قميزة، أنس الشابي، د- محمود علي عريقات، محمود سلطان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحـي قاره بيبـان، رافع القارصي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد الطرابلسي، عزيز العرباوي، العادل السمعلي، وائل بنجدو، عمر غازي، يزيد بن الحسين، أحمد ملحم، خالد الجاف ، د. أحمد بشير، حسن الطرابلسي، صباح الموسوي ، د - عادل رضا، أحمد الحباسي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. صلاح عودة الله ، علي الكاش، محمد يحي، تونسي، مصطفي زهران، جاسم الرصيف، حاتم الصولي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة