إعلامنا الفاشل وقضايانا الاجتماعية
سوسن مسعود
قضية "المراهقة المتأخرة" أو "أزمة منتصف العمر" عند الرجل، دائمًا ما تثيرها وسائل الإعلام العربية العلمانية، سواء عبر صفحات الجرائد والمجلات، أو من خلال البرامج الإذاعية، وأخيرًا على شاشات القنوات التليفزيونية والفضائية التي باتت بلا حصر، وبلا مادة جيدة تملأ هذه الخريطة الواسعة من البرامج.

ولا ننكر أن هذا الإعلام العربي استطاع أن يؤثر في قطاعات واسعة من شعوبنا العربية، خاصة الطبقات العمالية والقروية، التي أصبحت تتعامل مع ما يقذفه هذا الإعلام على أنه حقائق لا يمكن ردها.

وكان السبب الرئيسي لهذا التأثير الواسع؛ هو أنه لعقود طويلة وممتدة لم يكن متاحًا أمام الناس إلا هذا الإعلام الحكومي الذي تملكه الدولة وتتحكم فيه، قبل أن يفتح الله لنا أبواب الرحمة والانعتاق من هذا الإعلام الأحادي إلى آفاق الفضائيات التي انحاز بعضها إلى الحرية والتعددية الأخلاقية الحقة، وحرروا المشاهد العربي من أسر الإعلام الحكومي المفروض عليهم.

لنعد مرة أخرى إلى قضية "المراهقة المتأخرة" التي يعشق الإعلام العربي إثارتها والتأكيد عليها، وهذه من الأمور التي تثير العجب ليس لغرابتها ولكن لاتساقها مع ما يقدمه هذا الإعلام السطحي من معالجات علمانية منحازة وموجهة.

فالنتيجة الطبيعية للغرس العلماني عبر الدراما في الأفلام والمسلسلات ومن خلال البرامج، والذي يتحدث عن الخيانات الزوجية، وحرية إقامة العلاقات بين الجنسين، والذي يدعو إلى الحياة المفتوحة بلا أية قيود، والذي يروج للاختلاط الكامل بين الجنسين في كل مكان، والذي يدعم دعمًا كاملًا سفور المرأة وتبرجها وعريها، والذي يحارب الإسلام والشريعة والأخلاق حربًا لا هوادة فيها، من الطبيعي أن تكون ثمرته في الناس هي مراهقة الرجال على عكس طبائع الأشياء؛ ومن شأنه أن يؤدي لما هو أسوأ من ذلك بين الناشئة والصغار والكبار، ذكورًا وإناثًا.

الجزاء من جنس العمل، والثمرة نتاج طبيعي للغرس، فمن يغرس فاكهة طيبة ستكون الثمرة فاكهة طيبة، ومن يغرس حنظلًا ستكون الثمرة مرة علقمًا، ولو كان...