البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مناسك شارل أبيدو

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3553


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لم تكن الهجمة الأوروبية الممنهجة ضد الإسلام والمسلمين في شأن محاربتهما هكذا، بل كانت نتيجة تنامي الخوف منذ شعورها باستيطان الإسلام لديها، والذي من شأنه أسلمة شعوبها، بناءً على صدور تقارير عِدة خلال السنوات الفائتة تؤكّد ذلك الشعور، ولذلك فقد دأبت حكوماتها في تأليف الخطط وتكوين الأحلاف لمكافحة الإسلام والمسلمين، باعتباره ظاهرة تؤرق مضاجعها، فعلاوة على التضييق عليهم من خلال إجراءات خاصة، تحِد من نشاطاتهم الدينية، برغم ما تُنادي به في جولات (حوار الأديان) والتي لا تهدف من ورائها إلاّ محو الإسلام أو تجديده بما يتواءم مع مصالحها على الأقل، والتي أنتجت المزيد من الاحتقان والكراهية بين الشعوب، وأتاحت عبر قوانين مُواربة لمؤسساتها الإعلامية، أن تنشط كما يحلو لها باتجاه العرب والمسلمين، بدون حفلها باحترامهم ولا بمراعاة حقوقهم، بزعم الإبداع الثقافي والحرية الفكرية والصحفيّة، وبالتالي تسجيل المزيد من العنف والحوادث الدموية فيما بينها، وهذا ما حدث بالفعل ضد صحيفة (شارل أبيدو) الفرنسية، عندما قامت عن عمدٍ وتحدٍ واضحين، بنشر رسومات مسيئة للنبي سيد العالمين "محمد صلى الله عليه وسلم" برغم الهجومات التي حدثت ضدها منذ عام 2006، لقاء إعادة ما نشرته زميلتها الدنماركية (يولاندس بوستن) من رسومات مسيئة للنبي محمد (ص) وتلك التي جرى تنفيذها خلال العام الماضي، والتحذيرات المتتالية التي قالت بأنه محظورٌ عليها المس بالدين الإسلامي والنبي محمد (ص)، وهو الأمر- في نظر المهاجمين على الأقل- الذي استوجب هجومهم على مقر الصحيفة، وقتل المتسببين بالإقدام على ذلك الفعل، ومن بينهم مديرها "شارب" وثلاثة من رسّامي الإساءة، بعدما لم يجد القاتلون من يغارون ضدها بوسيلة أو بأخرى لنصرة دينهم ونبيّهم، وهذا لا يعني تبريراً بالضرورة أو موافقتنا على الطريقة التي تم اتباعها.

لم يكن مُلفتاً الغضب الذي أبدته الجمهورية الفرنسية، بسبب أن الحادثة على أراضيها وتستهدف مواطنيها، لكن الذي كان ملفتاً أكثر، وبحرارة زائدة عن الحد، هو هرولة قادة العرب والمسلمين إلى ركوب الريح للمشاركة في التظاهرة التي أقامها الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" وأداء مناسكها على أصولها، دعماً لـسياسة "هولاند" واحتجاجاً على الإرهاب، وكأنهم يرفلون بأثواب السعادة في بلدانهم، أو هم الذين لا يقمعون الحريات بها، في جوٍ من الموت والدمار والجوع والشقاء.

على أي حال، ولست بالضرورة أن أقف مع أو ضد الذين رحّبوا بمشاركة العرب في التظاهرة، فإن ذهابهم إليها وبُكائهم أثناءها، لم يشفع لهم جميعاً، بسبب علم الفرنسيين بأن مجيئهم هو بمعزل عن شعوبهم، ولأن مسؤولية قمع الإرهاب تقع على عاتقهم، ومن ناحيةٍ أخرى، بسبب وضوح "هولاند" نفسه من أنه لا ينبغي تقييد حرية التعبير، وأنه أن الأوان لبدء الحرب ضد الإرهاب والاسلام المتطرف، حيث ماثلت دعوته تماماً، دعوة الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر، بعبارة (من ليس معي فهو ضدّي)، كما لم تكنفِ المؤسسات الإعلامية ولا الصحيفة المكلومة ذاتها، بعدم احترامهم ولا بالاعتذار لهم على الأقل، على قيامها بنشر إساءاتها المريضة، بل قامت بتحدٍ آخر لهم، من خلال نشر صورٍ مسيئة جديدة، الذي تعهّد بها الرسام "لويز" تحت عنوان (كل شيء مغفور) استخفافاً بهم وبالمسلمين بعامّة. وإمعاناً في التحدّي والمواجهة، قضت بأنها ستضاعف إلى مئات المرات عدد نسخها المطبوعة لتصل إلى 3 ملايين نسخة سيتم توزيعها على أكثر من 30 بلداً، وبأكثر من 20 لغةً وبضمنها اللغة العربية، حيث أثبتت بذلك بأنها أكثر عدائية وإصراراً على تسخين الأمور، لأجل أن يسود الشارع الغربي موجة من انعدام التسامح في مواجهة الإسلام والمسلمين، دونما أيّة صلة، لا بالفكر ولا بالحريّة الصحفية ولا باحترام مشاعر المسلمين، سيما وأن الكل يعلم بأن المساس بالدين، هو من الكبائر التي لا يمكن السكوت عليها.

وإذا كان تبرير جرائم الإساءة للإسلام بالاعتداء على المسيحية وأنبياءها، فهذا شأنهم وحدهم، وكذا اليهودية والبوذية والهندوسية وغيرها، فهذا شأن من تخصهم، وأمّا الدين الإسلامي، والنبي محمد(ص) فهو شأننا ولا يحق لأحد الاقتراب من قدسيتهما، فالغضب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لدى المسلمين لا يؤدي بشكل عام إلى الثورة، بقدر ما يثور ضد أيّة جهة تتعمّد المس بديننا القويم ومعتقداتنا الأصيلة، وهم على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل إسلامهم الذي ارتضوه، فما الذي يمكن أن يتوقعه أيّهم، ليس في أوروبا وحسب، بل في آسيا، أفريقيا، وأيضاً الولايات المتحدة، سوى التعبير وبوسائل مختلفة، فكما لديهم محاذير وعلينا احترامها، بسبب آدابنا وأخلاقنا ومعتقداتها الدينية، التي تحتم علينا الاعتراف بالكتب وبالكتابيين والإيمان بالرسل والأنبياء أجمعين، فإن لدينا محاذير أشد صرامةً يجب عليهم أيضاً احترامها.

وحشيّة النظرة الغربيّة تجاه المسلمين، من الأيديولوجيا المتعالية، المدعومة بمنهاجية الجنس الأبيض دينياً وإعلامياً، التي ترى أن الحريّة تكمن في الاعتداء على الأديان كافة وبلا حدود، تتلاشى تماماً عندما تُذكر الساميّة، بسبب الحدود اليهودية التي وضعتها أمام مناخرها، احتراماً لها بالدرجة الأولى، وخشية أن تجلب الشر لنفسها بدرجة ثانية.

إن القيم التي تُحاول الدول الغربيّة من خلال مؤسساتها الحاكمة والإعلامية، غرسها في ذاتنا وعلى مراحل حياتنا، والمرتكزة على نعومة ممارساتها وبهرجة سلوكياتها، هي مرفوضة بالمطلق، لعدم استساغتها أو قبولها، لأننا جُبلنا على الفطرة القويمة التي فطرنا الله عليها وحسبنا هي، وإن كانت تلك الدول ترغب في المحافظة على أشكال العلاقات المتكافئة مع العرب والمسلمين، فعليها قبول محاذيرهم، ومن ثمّ ربط كِلابها.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

شارلي هبدو، فرنسا، العمليات الارهابية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-01-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رضا الدبّابي، سلوى المغربي، أحمد الحباسي، علي الكاش، صباح الموسوي ، يزيد بن الحسين، نادية سعد، جاسم الرصيف، سامر أبو رمان ، فتحي الزغل، إياد محمود حسين ، د- محمود علي عريقات، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد بوادي، د - محمد بن موسى الشريف ، محرر "بوابتي"، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، مصطفى منيغ، محمد أحمد عزوز، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إسراء أبو رمان، محمد الطرابلسي، ضحى عبد الرحمن، عبد الله الفقير، د. صلاح عودة الله ، أشرف إبراهيم حجاج، د. عادل محمد عايش الأسطل، فوزي مسعود ، فتحـي قاره بيبـان، تونسي، د - شاكر الحوكي ، سعود السبعاني، حسن الطرابلسي، أنس الشابي، محمد شمام ، صلاح المختار، صفاء العراقي، أحمد ملحم، سليمان أحمد أبو ستة، د - عادل رضا، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. أحمد محمد سليمان، د. طارق عبد الحليم، محمد عمر غرس الله، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، طلال قسومي، د. أحمد بشير، عبد الرزاق قيراط ، الهادي المثلوثي، ياسين أحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمد رحال، د - المنجي الكعبي، وائل بنجدو، منجي باكير، كريم السليتي، صالح النعامي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، صفاء العربي، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- جابر قميحة، رافد العزاوي، محمد يحي، حميدة الطيلوش، سفيان عبد الكافي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صلاح الحريري، يحيي البوليني، الهيثم زعفان، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي العابد، مصطفي زهران، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، عواطف منصور، كريم فارق، حسني إبراهيم عبد العظيم، أبو سمية، محمود فاروق سيد شعبان، رمضان حينوني، مراد قميزة، خالد الجاف ، أحمد النعيمي، عزيز العرباوي، عمار غيلوفي، د - مصطفى فهمي، أ.د. مصطفى رجب، د- هاني ابوالفتوح، رافع القارصي، د. عبد الآله المالكي، إيمى الأشقر، عمر غازي، عراق المطيري، محمد الياسين، محمد العيادي، محمود طرشوبي، ماهر عدنان قنديل، محمود سلطان، المولدي الفرجاني، د - صالح المازقي، علي عبد العال، فهمي شراب، عبد الغني مزوز، سلام الشماع، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، حسن عثمان، عبد الله زيدان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة