البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

وسيط غير طاهر

كاتب المقال د. عادل محمد عايش الأسطل - فلسطين    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4067


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


عشية رحلة الرئيس الفلسطيني "أبومازن" إلى واشنطن تلبيةً لدعوة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" كان استعد فيها جهده، لمواجهة الضغوطات المكثفة التي لا يجد "أوباما" مشقة في الإعلان عنها على مسامعه وأمام عينيه، بسبب أن الأمور باتت مكشوفة للقاصي والداني ومن كل جانب. وهذه المواجهة غلبت عليها طوابع مختلفة عن ذي قبل، فهي كما يبدو لم تستند إلى اللاءات المعتادة أو الرفض والممانعة للخلاص منها، وإنما بخلق طلبات وتكريس مطالبات فلسطينية أخرى، يتوجب على الرئيس "أوباما" أن يواجهها ويُجيب عليها أيضاً، بقدر ما هو مطلوب من الفلسطينيين أن يقبلوا به بصدد أيّة تسوية، كي لا يُجبرون على فقد توازنهم في بيئة سياسية دراماتيكية تبتعد شيئاً فشيئاً عن العملية السياسية، وفي ظل احتمالات أن تنشأ أوضاع قد لا ترغب الأطراف في رؤيتها تتفاعل نحو العنف لغياب تلك الأجوبة.

تلك الضغوطات والمطالبات المضادة، ستؤدى إلى فشل عالي النسبة للرحلة، أو تُعلن عن نصف الفشل على الأقل، وإن كانت هناك دواعٍ وإمارات واضحة، تدعو إلى استقبال الفشل بكامله، حتى قبل أن تبدأ تلك الرحلة، وإن برزت أصوات تقول بأنها تلمس نجاحات. وحتى نكون قريبين من الدقّة أكثر باتجاه ما نعتقد به، يجدر بنا بيان السبب الذي يجعل اللقاء غير مجدياً.

منذ دخول الولايات المتحدة على خط القضية الفلسطينيّة، كانت تكمن جذور نهجها في معارضة أيّة نقاشات مع الفلسطينيين حتى أواخر الثمانينات من القرن الماضي حينما جنح الفلسطينيون إلى السلام، من خلال تبنّي منظمة التحرير رسمياً خيار حل الدولتين في عام 1988، ومع التطورات السياسية المتلاحقة أظهرت قبولاً –معيناً- لاعتماد أيّة مفاوضات سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين على قرار 242، والذي يدعو إلى إقرار مبادي سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وفي أوقات لاحقة استنادها إلى ما تمخض عن مؤتمر مدريد 1991، واتفاقات أوسلو عام 1993، والتي أنتجت تفاهمات أساسها، حل القضية الفلسطينية على أساس حدود 67 في صيغة معدلة مع تبادل للأراضي، من خلال مفاوضات مباشرة، لتمهيد قيام دولة فلسطينية بعد خمس سنوات أي في العام 1999، برعاية أمريكية - كوسيط نزيه - على المفاوضات وأيضاً كمورد مُعتمد للضمانات والحوافز.

ولكن بعد كل ما تقدم، لم يعد هذا ممكناً، ولم يعد ذا صلة بما هو واقع الآن، كأساس يمكن أن يتم فيه التقدم نحو حل عادل وشامل. فالإدارة الأمريكية ليست بحاجة لأحد أن ينبهها إلى السياسة الإسرائيلية (فكراً وممارسة)، فالسياسة الإسرائيلية تلقى خلال كل ساعة دفعات دراماتيكية متتالية وصلت إلى حدود لا يمكن معها تصور أن تكون هناك حلول.

خلال السنوات الأخيرة وصلت السياسة الإسرائيلية وخاصة مع استلام حزب الليكود اليميني مقاليد الحكم – مع عدم التقليل من سياسة اليسار- إلى التنكر لأيّة استحقاقات تم التوصل إليها باعتبارها غير قابلة للتنفيذ، على الرغم من أنها لم تكن ذات قيمة، وبالمقابل، فقد عملت على تنشيط الأعمال الاستيطانية ومواصلتها بالليل والنهار، وتعهدت بأنها لن تسمح بإخلاء كل المستوطنات، ولا حتى تلك الجاثمة في قلب الأراضي والمدن الفلسطينية. وتم مؤخراً إلحاق مواصلة السيطرة على غور الأردن، لفترة زمنية قد تستغرق بضعة عقود أو إلى ما لا نهاية. ومع ذلك لا زالت القيادة الفلسطينية تعتقد بإمكانية التوصل إلى السلام.

كانت رغبة "أبومازن" في لقاء "أوباما" من منطلق هذا المعتقد، بالرغم من علمه، بأن "أوباما" يميل كل الميل في كل مرة وأعضاء إدارته أيضاً وخاصة "جون كيري" إلى الجانب الإسرائيلي، وهم شديدو الحرص في الوقت ذاته، من اجتناب أيّة تدخلات لجهات دولية أخرى للضغوط عليهم أو مضايقتهم نتيجةً لهذا الميل.

ربما حصلت الولايات المتحدة في أوقات سابقة لا سيما في الأيام الأولى لولادة العملية السياسية على لقب (وسيطة ومحفزة) بعد أن فرضت نفسها كجزءٍ من مشهد المفاوضات ونجحت إلى حدٍ كبير، في كسب ثقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بالإضافة إلى ثقة بعض الدول العربية –المعتدلة- وحصولها على الضوء الأخضر لإيجاد تسوية، بل ومساهمة تلك الدول في الضغط المباشر وغير المباشر على الفلسطينيين، وإن بقبول المقترحات الأمريكية على الأقل.

لكن كانت هناك أخطاء مهمّة وكثيرة ارتكبتها واشنطن وخاصة إدارة "أوباما" وسواء بالنسبة لتلك العلاقة الفوق حميمية الموجهة للإسرائيليين - بغض النظر عن اضطرابات هنا أو هناك، بسبب أنها لا ترق يأن تكون مقياساً يُقاس عليها- أو السياسة المرتبكة باتجاه الربيع العربي أو بالنسبة لانقلابها نحو اللين في سياستها المتبعة ضد الجمهورية الإيرانية، ساهمت جميعها في الذهاب إلى سحب الثقة شبه المطلقة من قِبل تلك الدول وخاصةً تلك التي يسوؤها التقارب مع إيران نووية.

وبرغم ذلك، وبسبب قوة النَفَس الإسرائيلي الحار الذي رجح بالرضى العربي، اضطر "أوباما" في هذه الأثناء، ليطلب بصوت عالٍ من ضيفة – أبو مازن- بضرورة المجازفة واتخاذ قرارات جريئة، وأقلها التخلي عن القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، بسبب أن من يتخلّى عن صفد، لا يُعجزه التخلي عن القدس. والتخلي عن حق العودة، بسبب أن من يوافق للكثرة الفلسطينية بالتوطين في كندا وأستراليا، فإنه لا يضرّه الموافقة على إلحاق البقية الباقية، وأيضاً الاعتراف بيهودية الدولة، بسبب أن الذي يُطالب بوطن قومي فلسطيني، فلا تفرِق لديه إذا ما كان مستعداً لفعل ذلك. وعلى أيّة حال فإن الإدارة الأمريكية وسواء الحالية – إدارة أوباما- أو اللاحقة مستقبلاً، لن تقوم بتغيير الكثير من استراتيجيتها التي مارستها منذ الأزل بشأن الفلسطينيين والقضية الفلسطينية بشكلٍ عام، بسبب أن تلك الاستراتيجية، لم تتلقَ بسببها أيّة متاعب تُذكر لا من الفلسطينيين أنفسهم ولا من الجانب العربي، بل وما زالت تتلقَ المزيد من القبول والاستحسان، وأمّا بالنسبة إلى مطالبات الرئاسة الفلسطينية، فستظل لدى "أوباما" وكأن لم يسمع بها من قبل، كونه وسيط غير طاهر.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فلسطين، الفلسطينيون، محمود عباس، الوساطة، المفاوضات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-03-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  كيف نتواطأ على الكذب ؟
  البحرين تتكلم العبرية
  نصر محفوف بالمخاطر
  سنوات حالكة على القدس
  عباس يتوعّد بسلاح معطوب
  حماس، ما بين التهدئة والمصالحة
  الأمل الإسرائيلي يصدح في فضاء الخليج
  واشنطن: فرصة للابتزاز ..
  الهجرة اليهودية، سياسة الاستفزاز
  ثورة 25 يناير، قطعة مشاهدة
  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية، صوت قوي وإرادة مُتهالكة
  عن 70 عاماً، الأونروا تحت التفكيك!
  دوافع الاستيطان ومحاسنه
  مطالب فاسدة، تُعاود اقتحام المصالحة الفلسطينية
  الفلسطينيون تحت صدمتين
  "نتانياهو" وصفقة القرن .. السكوت علامة الرضا
  حماس .. مرحلة التحصّن بالأمنيات
  دعاية تقول الحقيقة
  الولايات المتحدة.. الزمان الذي تضعُف فيه !
  سياسيون وإعلاميون فلسطينيون، ما بين وطنيين ومأجورين
  القرار 2334، انتصار للأحلام وحسب
  سحب المشروع المصري، صدمة وتساؤل
  المبادرة الفرنسية، والمصير الغامض
  دماء سوريا، تثير شفقة الإسرائيليين
  البؤر الاستيطانيّة العشوائية، في عين اليقين
  "نتانياهو" يعيش نظرية الضربة الاستباقية
  "أبومازن" – "مشعل"، غزل مُتبادل في فضاءات حرّة
  "نتانياهو"، حياة جديدة في اللحظات الأخيرة
  السّفارة الأمريكيّة في الطريق إلى القدس
  ترامب، "السيسي" أول المهنّئين و"نتانياهو" أول المدعوّين

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. عادل محمد عايش الأسطل، د - مصطفى فهمي، رافع القارصي، الناصر الرقيق، محمد شمام ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود فاروق سيد شعبان، د - المنجي الكعبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - محمد بنيعيش، ياسين أحمد، سامح لطف الله، رضا الدبّابي، كريم السليتي، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، عبد الغني مزوز، أحمد بوادي، د. أحمد محمد سليمان، عبد الله الفقير، د- محمد رحال، د- جابر قميحة، رمضان حينوني، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، نادية سعد، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، تونسي، فتحي الزغل، د - الضاوي خوالدية، خالد الجاف ، محمد أحمد عزوز، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافد العزاوي، حاتم الصولي، سفيان عبد الكافي، علي عبد العال، جاسم الرصيف، محمد الياسين، خبَّاب بن مروان الحمد، صباح الموسوي ، كريم فارق، سعود السبعاني، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، الهيثم زعفان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مصطفى منيغ، د- هاني ابوالفتوح، مصطفي زهران، حميدة الطيلوش، عمار غيلوفي، ضحى عبد الرحمن، محمود طرشوبي، الهادي المثلوثي، إياد محمود حسين ، د. عبد الآله المالكي، أ.د. مصطفى رجب، العادل السمعلي، ماهر عدنان قنديل، رحاب اسعد بيوض التميمي، د - شاكر الحوكي ، محمد يحي، إيمى الأشقر، سلوى المغربي، فوزي مسعود ، مراد قميزة، صفاء العربي، عزيز العرباوي، حسن الطرابلسي، عراق المطيري، صفاء العراقي، فتحي العابد، المولدي الفرجاني، أشرف إبراهيم حجاج، محمد الطرابلسي، سلام الشماع، إسراء أبو رمان، صلاح المختار، عبد الله زيدان، طلال قسومي، سليمان أحمد أبو ستة، علي الكاش، أبو سمية، د- محمود علي عريقات، صالح النعامي ، أحمد النعيمي، صلاح الحريري، مجدى داود، محمد عمر غرس الله، أحمد ملحم، عمر غازي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محرر "بوابتي"، أنس الشابي، رشيد السيد أحمد، عواطف منصور، د.محمد فتحي عبد العال، حسن عثمان، د. صلاح عودة الله ، د. خالد الطراولي ، منجي باكير، د - عادل رضا، سامر أبو رمان ، فهمي شراب، د - صالح المازقي، فتحـي قاره بيبـان، وائل بنجدو، سيد السباعي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الرزاق قيراط ، د. أحمد بشير،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة