البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

الدّيمقراطية والبانديّـــة

كاتب المقال فتحي الزّغـــــل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5667


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يتابعُ الشعب التّونسيُّ بكلّ أطيافه و اتّجاهاته السّياسيّة، ما آلت إليه الأوضاع في بلده... من حوارٍ اصطبَغَ بصفة الوطني و هو منها براء، و من عمليّات قتلٍ أصبحت تحدُثُ بين الفينة و الأخرى بين ظهرانيه، تُصنَّف في خانة الإرهاب، و من محلّلين اقتصاديين و جهابذة سياسيين نَكَّبوا في شاشاتهم كالفطر دون غراسةٍ، يتنافسون فيما بينهم على مدى تنويم النّاس و إيهامهم بأنّهم الفقراءُ المعدِمونَ في ظلّ الحكومة التي انتخبوها خطاً ذات 23 أكتوبر، و أنّهم سيبقون على تلك الشاكلة، لا سوق لهم يضمن طَحينَهم ودَقيقَهُم إلى أن يعودوا إلى صوابهم، أينما كانوا في تراب وطنهم، ما دامت هي تحكمهم دونهم. و أنّهم - و ما داموا تحت وصايتها - فهم قد ولّوا وجوههم شطر قنبلةٍ أو سلاحٍ، يُصوّبُه عليهم منذ طردهم المخلوعَ، أشباحٌ من مخلوقات غريبة دخلت بلادهم عبر نَفَسِها وهوائها، و هي تتكاثر كلّ يوم و كلّ ساعة.

كما يُتابع الشّعب المسكينُ ما آلت إليه أصواتُه في الانتخابات الأخيرة الّتي كان بفخر بها أمام غيره من الشّعوب، فقد بدأت عمليّاتُ سرقتها منذ الأيّام الأولى لأعمالِ مجلسه التّأسيسيِّ، بقفزِ عديد النّواب الّذين انتخبَهم على أساس برامج أحزابٍ و قوائمَ مُحدّدةٍ، من حزبٍ إلى حزبٍ، و من تيّار إلى تيّارٍ، دَيدَنُهم في ذلك العرض و الطّلبُ. مثل ما يتابع كذلك بدعةَ الحوار الوطني، الذي لا يزال العديدون مستغربُون من رعاية تلك المنظّمات الأربعة له، لأنّها مصنفة ثوريّا من المنظّمات و المؤسّسات التي خدمت المخلوع و مجَّدته و طبّلت له أيّما تطبيل.

كما يتابعُ الشّعبُ كيف سحب هذا الحوارُ و منظّمُوهُ و المشاركونَ فيه البساطَ من المجلس التّأسيسي الذي انتخبَه و أعطاه صوتَه ليكون أعلى سلطةٍ شرعيّة، و أعلى هرم تنظيميّ سياسيّ في البلاد، لتُؤخذ كلّ قراراته فيه و تحت قبّته. ليصير الطّبخ في بيت الحوار هذا، بأيدِ أطراف عديدة و عديدةٍ، لم ينتخبْها عندما عرضت عليه نفسَها و برامجَها. بل يتابعُ هذا الشّعب جيِّدًا كيف آلت القراراتُ و تعطيل القرارت، إلى تلك الجهات الّتي لا تملك من الشّرعية الشّعبية قطميرا.

كما يتابع الشّعب كيف يموتُ اغتيالًا، فردٌ من أفراده أو جنديٌّ من جنوده أو شرطيّ من شرطته، بعمليّات تعكس القسوة و اللاّانسانيّة، في كلّ مرّةٍ يُصرُّ أهل الأغلبية في الانتخابات الأخيرة على رأيٍ، أو أصرّوا على رفض مقترح لهؤلاء الأقليّة. هذه الأقليّةُ التي تابع الشّعبُ كيف نظمّت حملاتٌ و حملات، موضوعها عدم استعمال هاتين المفردتين و أقصدُ "الأغلبيّة" و "الأقليّة". حتى صدّقتها قوى الأغلبيّة ذاتُها، فما بالك به المسكين؟ و تابعَ كيف ضَخُّوا مكانهما مفردةً جديدة ِسمها "التّوافُق" أقلقوا مسمعَهُ بها، لينتهُوا تحت مظلّتها، إلى تنفيذ كلّ مخطّطاتهم. فصار من يُمثّل نفسَه نِدًّا لمن يمثِل الآلاف أو مئات الآلاف.

كما يُتابعُ الشّعبُ أولائِك الذين أعطاهم ثقتَهَم في يومٍ انتخابيّ كبير، ينبطحون و يتنازلون و يتراجعون و يتردّدون... في لعبة كرٍّ و فرٍّ مع من بدأ بالاستئذان للمبيت ليلةً، و انتهى باحتلال البيت كلّه، و قريبا سيطرُد أهلَه منه. و الله أعلمُ هل سيرمي بهم إلى الشّارع، أم سيزُجُّ بهم في السّجونِ في عمليّة سياسيّة تكتيكيّة، أعتبرُها سابقةً من نوعها في ما أعرف من السّياسة. لا يلحظ المتابعُ نتيجة يوميّة لها، لكن وعندما يُحيِّن كل النّتائج في آن واحدٍ بعد أسبوع أو بعد شهرٍ،يتفاجأ بعظَم التّغييرِ، و انقلاب البوصلة التي لم يكن يلحظها في يومها.

كما يتابعُ الشّعب كيف صار في الحوار من يتكلّم باسم الثّورة، و هو الذي كان يتقاضى من المخلوع مالًا ليُلمِّع له صورتَه في الخارج و في الدّاخل عندما كان بعض الشعبِ يشكو من مرض الغباء.
كما يتابع الشّعب كيف صار في الحوار من يصيح بأهداف الثّورة، و هو الذي أطرد الثّوار من أمام ساحاته قبل هروب المخلوع.
كما يتابع الشّعب كيف صار في الحوار من يرعاه، و هو الّذي كان يُمضي على صكوك التّبرع لدعايات المخلوع و زوجته.
كما يتابعُ الشّعبُ كيف صار في الحوار من يتشدّق بالثّورية، و هو الذي اصطفّ مع حكومة إنقاذِ المخلوع عند خلعه.

و مثل ما يتابعُ الشّعب كلَّ هذه الحقائق و الأهوال الّتي تُصيِّرُ الشّبابَ شيبًا... فإنّ عديدَ القوى الدّولية و الإقليميّة التي ليس لها مصلحةٌ في نجاح الثورةِ و إفرازاتها الشّعبية، تتابِعها معها لحظةً بلحظةٍ، و تتدخّل في مجرايات الأمور فيها. بل أجزم أن رجوعَ الأصفارِ إلى خانة الآلاف لم يكن ليقع لولاها.

لكنّي أتساءل في آخر هذا النّقل المباشر لمقابلة في دقيقتها الأخيرة، ألغى الحكم فيها كلّ أهداف المنتصرِ. هل سيُتابع الشّعبُ كيف تُسرَق ثورته؟ و يكتفي بأجر القيام بها عندما خرج يومًا للشّوارع؟ أم إنّه اقتنع فعلا بأنّ ما يقع يخدم ثورته؟ أو أنّه سينفجر في يومٍ قادِمٍ... سيبدأ التّأريخ الحقيقي للثّورة منهُ لكامل مستقبله؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، النهضة، جبهة الإنقاذ، حمة الهمامي، الباجي قايد السبسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-11-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
يزيد بن الحسين، د - صالح المازقي، إسراء أبو رمان، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد يحي، رافد العزاوي، أنس الشابي، رضا الدبّابي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. طارق عبد الحليم، د. عبد الآله المالكي، سامح لطف الله، خالد الجاف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسن عثمان، عمر غازي، منجي باكير، صالح النعامي ، أحمد الحباسي، محمد عمر غرس الله، سامر أبو رمان ، رمضان حينوني، صلاح الحريري، سيد السباعي، د - الضاوي خوالدية، نادية سعد، إيمى الأشقر، سفيان عبد الكافي، العادل السمعلي، فتحي الزغل، حسني إبراهيم عبد العظيم، أبو سمية، يحيي البوليني، الهادي المثلوثي، د - عادل رضا، أشرف إبراهيم حجاج، عزيز العرباوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عواطف منصور، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، حسن الطرابلسي، صلاح المختار، رحاب اسعد بيوض التميمي، رافع القارصي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الطرابلسي، مراد قميزة، د. أحمد بشير، سعود السبعاني، أ.د. مصطفى رجب، محمد شمام ، إياد محمود حسين ، أحمد بوادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، مصطفي زهران، د- محمود علي عريقات، محرر "بوابتي"، عمار غيلوفي، مجدى داود، فوزي مسعود ، خبَّاب بن مروان الحمد، الهيثم زعفان، عبد الرزاق قيراط ، رشيد السيد أحمد، تونسي، الناصر الرقيق، وائل بنجدو، المولدي الفرجاني، أحمد ملحم، جاسم الرصيف، د - شاكر الحوكي ، صفاء العراقي، محمد أحمد عزوز، حاتم الصولي، فتحي العابد، سلوى المغربي، د. خالد الطراولي ، فهمي شراب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الغني مزوز، محمود طرشوبي، د - مصطفى فهمي، عبد الله الفقير، ماهر عدنان قنديل، ضحى عبد الرحمن، حميدة الطيلوش، د- هاني ابوالفتوح، صباح الموسوي ، سلام الشماع، كريم فارق، د- جابر قميحة، د - محمد بنيعيش، محمد العيادي، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، كريم السليتي، مصطفى منيغ، سليمان أحمد أبو ستة، ياسين أحمد، د. صلاح عودة الله ، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله زيدان، محمود فاروق سيد شعبان، عراق المطيري، علي الكاش، علي عبد العال، طلال قسومي، د.محمد فتحي عبد العال، أحمد النعيمي، د- محمد رحال، محمود سلطان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء