البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

الثرثرة الدستورية

كاتب المقال سفيان عبد الكافي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5465


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تعتبر اللغة العربية من أرقى اللغات في التعبير ومن أكثرها بلاغة، واعتنى العرب في مقالاتهم وكتاباتهم على الإختصار والبلاغة، بالقول القليل الذي يحتوي على المعاني عدة، وترجمت الحكمة في هذا الصدد حيث قالت العرب:" خير الكلام ما قل ودل..."

وليس هناك نص يستوجب هذه الحكمة وهذا التفعيل اللغوي كالنص الدستوري، الواجب أن يكون نصا عاما شاملا مختصرا وبليغا، ولكن "الثرثرة الدستورية" التي تعاني منها مسودة النص الحالي للدستور حالت دون التقدم والإنهاء، وقد يمتد امد الكتابة إلى ما لا نهاية إذا تواصلت هذه الثرثرة العقيمة، أو قد يأتي نصا ضعيفا تعتريه عاهة السفسطة التشريعية إن صح التعبير امام الاستسلام لنزعات الأحزاب والمنظمات كل منهم يريد ان يضيف نقطة أو فصل او صياغة، وهذا قد ينتج لنا دستورا مشوها لا طعم له ولا معنى.

لقد تناسى أعضاء المجلس التأسيسي ان هذا الدستور هو الأساس القانوني العام والشامل في بناء المجلات القانونية المفصلة لمعانيه والتي تتسم بالتعقيد والتفصيل والتحديد، وهذا يتطلب أخصائيين قانونيين للتعامل التعاقدي والعقابي وهذا ليس من شان العامة.

فمعرفة الدستور وفهمه هو فرض عين على العامة، اما معرف مجلات القانونية والتفصيلات هو فرض كفاية يقوم أهل القانون والإختصاص.

فالدستور يختلف عن المجلات القانونية بشموليته وعموميته التي يجب ان يعلمها ويعيها كل مواطن مهما كان مستواه وبامكانه استعابها وفهمها، فالدستور من الشعب وللشعب والقانون ومجلاته من القانونيين ولأهل القانون، وهذا التفصيل الذي نراه في مسودة الدستور يشكل نقطة ضعف أساسية، وجب تجاوزها لنحصل على دستور توافقي ومن ثم نفصل نقاطه دون الحاجة الى تغيير الدستور أن اردنا ان نغير نقطة قانونية فيه تعتبر فرعية لا تضر بالروح الدستورية العامة، خاصة وان التطور الحضاري السريع يجعل المجموعات البشرية في حاجة إلى تحيين موادها القانونية.

هناك دول متقدمة جدا في المجال الديمقراطي ودساتيرها لا تتعدى بعض الفصول، ولكن مجلاتها القانونية مفصلة ، لا تترك شاردة ولا واردة، فالدستور ينص على المبادئ الدستورية العامة من حقوق وواجبات ويكفي التنصيص على الكونية لتكون مرجعا عاما واساسيا.

وأما شكل الدولة ومنظومة الحكم عموما ومؤسساتها وإدارتها في عمومها نكتفي بالركائز العامة لها، اما إذا اردنا التعمق، نذكر بعض الهيئات المهمة في الرقابة وهذا نعتبره من باب الترف التشريعي الدستوري.
فنحن نقر مثلا بهيئة مستقلة للإنتخاب تشرف على العمليات الإنتخابية ولكن تشكلها ومهامها وسلطتها وتركيبتها نترك تفصيلها في المجلة الإنتخابية، ونقر بسلطات الرئيس عموما بكونها سلطات أمنية وتشريفية، وسلطات الحكومة الترتيبية، والسلطة النيابية التشريعية، وسلطة قضائية مستقلة تفصل بين السلط، والحديث عن كيفية التشكل والإجتماعات والهياكل كيف تمارس وكيف تعقد جلساتها وكيف يقع التصويت وغيرها من هذه المسائل ليس مجاله الدستور.

وأما مبدأ الإنتخاب فهو ثابث بعمومه وكونيته باعتباره انتخابا حرا ومباشرا وسريا وايجاد تفصيل اكثر في الدستور لا يضيف للقيم الدستورية شيئا.
إن الهياكل ومنظومات العمل تتغير بظهور دواع جديدة وتحديدها في الدستور يستوجب الإستفتاء إن اردنا تغييرها وهو خسارة في الوقت والمال وما يخلفه من تأخر او تناحر او يفوت علينا فرص التقدم والبناء لو لم يوافق على التغييرات.

كما ان الغوص في التفاصيل يزيد في اتساع هوة اللا وفاق ما بين الفصائل المشكلة للمجلس التاسيسي مما يحول دون اتمام الدستور.

لابد من القوى الوطنية ان تتفق على نقاط الثوابت في الركائز وتبتعد عن نقاط الخلاف في الثانويات فما يهمنا هو حصولنا على دستور مفهوم للعامة، ومعانيه واضحة، يستند إلى الكونية في المرجعية، ويحتوي على مجال تمططي شاسع في صنع القوانيين وراء الخطوط الحمراء التي يحددها الدستور ويمنع تجاوزها، مثل باب اجبارية التداول للسلطة وفترات الرئاسة وغيرها التي تمس جوهريا بالمنظومة الديمقراطية عند تجاوزها، فالتحديد والتنصيص على كل شيء سينقلب باثار سيئة على حكومات المستقبل في ممارسة حكمهم عندما يجدون الفسح التشريعية ضيقة وهو ما يؤسس لعدم الإستقرار السياسي وانهيار البناء التنموية ويدخل اضطربا على الإقتصاد العام.

انه من المهم ان تبقى مكونات المجتمع المدني قائمة وقوية، وهي وحدها القادرة على تفعيل القيم التي نطمح لدسترتها، فالكلمات في الدساتير لا سلطان لها بدون عين المجتمع المدني الرقيب، وكم من دساتير مثالية مكتوبة في بلدان عدة ولكن بقيت حبرا على ورق ولم تغادر اسطرها.

ولهذا تبقى الديمقراطية التشاركية هي خير امين على قيم الدساتير المكتوبة ولا قيمة لقانون او قيم دون العمل به ومراعاته وحمايته من التعدي بحرص جميع المواطنين مهما كان موقعهم .

ولهذا نرجو من نوابنا الكرام ان يبتعدوا على الثرثرة الدستورية ويرتفعوا بالنص الدستوري عن المزايدات لإعتبارات حزبية واديولوجية وينظرون دوما إلى ان هذا الدستور هو للشعب عامة ويجب ان يفهمه ويعيه كل فرد مهما كان مستواه، فليس كل الشعب من اهل القانون ومتضلع فيه ليقدموا في الدستور كل هذا التعقيد والتفصيل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الدستور، الدستور التونسي، مسودة الدستور،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-01-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - مصطفى فهمي، علي الكاش، تونسي، د - عادل رضا، مراد قميزة، ماهر عدنان قنديل، المولدي الفرجاني، د - محمد بن موسى الشريف ، ضحى عبد الرحمن، رضا الدبّابي، رشيد السيد أحمد، علي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، د - صالح المازقي، جاسم الرصيف، كريم فارق، الهادي المثلوثي، رافد العزاوي، حسن الطرابلسي، محمد الياسين، رافع القارصي، صلاح الحريري، فهمي شراب، فوزي مسعود ، د. عادل محمد عايش الأسطل، سلام الشماع، سفيان عبد الكافي، د- محمد رحال، العادل السمعلي، أبو سمية، صالح النعامي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، فتحي الزغل، نادية سعد، د- محمود علي عريقات، فتحـي قاره بيبـان، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد الطرابلسي، سامر أبو رمان ، سليمان أحمد أبو ستة، د- هاني ابوالفتوح، رمضان حينوني، د. طارق عبد الحليم، عمار غيلوفي، صباح الموسوي ، منجي باكير، محمود فاروق سيد شعبان، سعود السبعاني، د - محمد بنيعيش، يزيد بن الحسين، أحمد بوادي، أحمد ملحم، د - الضاوي خوالدية، سامح لطف الله، صلاح المختار، صفاء العراقي، محمد شمام ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله الفقير، محمود طرشوبي، محمد عمر غرس الله، د - المنجي الكعبي، الهيثم زعفان، د - شاكر الحوكي ، عبد الله زيدان، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد محمد سليمان، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الرزاق قيراط ، د- جابر قميحة، د. أحمد بشير، د. ضرغام عبد الله الدباغ، خالد الجاف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد العيادي، إياد محمود حسين ، عراق المطيري، د. عبد الآله المالكي، وائل بنجدو، سلوى المغربي، سيد السباعي، عمر غازي، محمد أحمد عزوز، كريم السليتي، حسن عثمان، محرر "بوابتي"، إسراء أبو رمان، مجدى داود، طلال قسومي، عواطف منصور، صفاء العربي، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، محمود سلطان، محمد يحي، أحمد النعيمي، مصطفى منيغ، الناصر الرقيق، أحمد الحباسي، عزيز العرباوي، أنس الشابي، فتحي العابد، أ.د. مصطفى رجب، د. خالد الطراولي ، عبد الغني مزوز، مصطفي زهران، يحيي البوليني، حميدة الطيلوش، د. صلاح عودة الله ، إيمى الأشقر، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حاتم الصولي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء