البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

يحدث في تونس

كاتب المقال فتحي العابد - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7663


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا شك أن مايقع في تونس بعد يوم 23 أكتوبر موعد انتخاب المجلس التأسيسي،له تميز خاص دون البلدان العربية الأخرى التي جرت في عروقها دماء الثورة..وقد قلنا في مقال سابق أن ما جرى في تونس من ثورة حتى ذلك الموعد يمكن توصيفها بالظاهرة الغير مسبوقة في التاريخ عموما.

كانت في تونس غضبة كبرى ليس فقط على قوات الأمن والشرطة لما مارسته من قمع وقتل طيلة ثلاثة عقود، بل كذلك حجم واتساع التحرك الشعبي وقوة المواجهة بين الشعب وأجهزة الأمن ، ما جرى خلال شهر فاق كل التوقعات ولا نعتقد أن أحدا يزعم بأنه كان يتوقع صيرورة الأمور إلى ما صارت إليه. ولأن الأمور سارت بهذه الوتيرة السريعة فإن غالبية التحليلات والتعليقات في تلك الفترة أتسمت بالإنفعالية والعاطفة أكثر مما هي ناتجة عن دراسات معمقة..وعليه فإنه من الصعب الحكم بأن المشهد الذي جرى في تونس حتى موعد الإنتخابات سيتكرر بنفس الشكل ولو في دولة عربية وحيدة.

ولكن،بقدر ماكانت وتيرة الثورة ومن ورائها الإحتجاجات والإعتصامات ناجحة وناجعة، بقدر ما أثارت التحركات والإحتجاجات بعد انتخاب المجلس التاسيسي حفيظة الغيورين، والخائفين على المسار الديموقراطي في تونس ومشروع الدولة الفتية، الذين يعتقدون أن مثل هاته الإعتصامات، وقطع الطريق، وتعطيل الحياة العامة عند الناس، إنما هي تحركها وتدفعها أياد لاتريد خيرا لتونس ولشعبها، محاولة فرض رأيها على الأغلبية حتى في مداولات المجلس التاسيسي، فهي لاتشارك في الإصلاحات اللازمة في هاته المرحلة، بل ترفضها.. ولو سالت آنشتاين عن هذه النزعة "المعيزية"(من المثل الشعبي معزة ولو طارت)، فسيجزم لك أنّ أغلب هؤولاء لا وظيفة لهم في المرحلة التأسيسية، إلا منع التفكير في تجاوز المتناقضات وإدارة الأضداد.. معرقلين بذلك كل خطوات الحكومة ولهم منهجيتهم في المعارضةولم يلتزموا بوزنهم السياسى الذى نتج عن الإنتخابات، معتقدين أنهناك جهاتأجنبية محفزة،وأصحاب مصالح، مما قد يدفعهم لحرف الثورة عن وجهتها وإغراقها في متاهات لا تحمد عقباها لاقدر الله..

لا أريد تهويلا أو تخويفا، وإنما تذكير وتحفيز لأبناء الشعب التونسي وكفاءاته السياسية والثقافية التي هي أهلا لمعرفة مصلحته وكيفية لملمة الأوراق التي تبعثرت.. وترشيد الثورة واستمراريتها.

فهم ما يجري في تونس اليوم لا يحتاج لوقت طويل، وستكشف لنا الأيام المقبلة من يقف وراء تعطيل الحياة العامة في البلاد، فالشعب التونسي ليس الأفقر في العالم العربي، وقد أسأنا بأنفسنا لأنفسنا برفض الإنتظار لهاته المطالب الملحة والمشروعة،بتعطيل سير القطارات، وغلق المصانع، والتسبب في إحالة مواطنين آخرين على البطالة الإجبارية، والإضرار بالإقتصاد الوطني.هل يعلمون هؤلاء أن الإقتصاد التونسي يخسر كل شهر مايزيد على 208 مليون دولار بسبب هاته الإعتصامات، أي خسارة 35 ألف موطن شغل في الشهر تقريبا. بل مايقع الآن إنما هو محاولة انقلاب على الشرعية،وعناصر هذا الإنقلاب هم اليسار الذين خسروا الإنتخابات، وبالتالى حينما يفقد أصحاب (00,00) السيطرة على دواليب في الدولة كانوا يعتقدون أنها ملك خاص لهم، يحاولون استعادتها بتعطيل مجريات الحياة في تونس، والثورات عادة تقوم بمحاكمات والتخلص من بقايا النظام السابق، أو مراقبتها وإخضاعها للقانون. لكن نحن فى تونس لم نقم بهذا إلى حد اليوم، رغم معرفتنا بأخطار الثورة المضادة وكيفية مواجهتها، للدفاع عن ثورتنا بكل الوسائل القانونية والسلمية..

بعض قرارات هاته الإعتصامات العشوائية التي لم يعترف بها حتى الإتحاد العام التونسي للشغل،تحتاج لتبصر هادئ بعيدا عن الأحكام المسبقة، وبعيدا عن الإسقاطات النابعة من الرغبوية والتشوقات، لقد انتظرنا أكثر من عقدين ولانستطيع انتظار بعض الأيام لكي تستقر الحكومة وتأخذ طريقها في إتمام ماوعدت به، وبعدها نحاسبها ونقيلها إن لزم الأمر. . أقولها بصراحة أن هاته الإعتصامات محاولة من أعداء البلاد لشلّ حركتها.. والسؤال المطروح الذي يواجهنا الآن هو:فتلك المدحية التي كتبناها في شعبنا ووصفناه فيها ببلوغه أعلى درجات الوعي، التي مهدت له سبيل الإطاحة بالنظام المخلوع..وانتقادنا بل رفضنا لذلك التفسير الذي يصفها بثورة الجياعسابقة لأوانها.. وهل كان الشعب واعيابالفعل، أم جائعا؟

إذا كانت الإجابة الأولى هي الصحيحة فهي مقدمة تفضي إلى نتيجة خاطئة، وهي أن الإعتصامات تؤكد أن الوعي لدينا مازل يعيش مرحلة طفولة.. وإذا كانت الإجابة الثانية أسأنا للثورة في نظري..

الأمر الآخر الذي لم يخدم أهداف الثورة في بلادنا هو الإعلام اللاوطني المسيطر عليه اليسار. فـ"الترويكا" التلفزية إلى حد اليوم تخدم ضد التيار، أو ضد ما مات من أجله الشعب، فالقناة التي سمت نفسها بعد الثورة "الوطنية"وأنا أشك في وطنية من يحرضون من خلالها على تعطيل الحياة العامة. في هاته القناة نفس المذيعة التي كانت في ديسمبر 2010 تصف المخلوع بحامي الحمى والدين وراعي الديمقراطية، وتتهم الثوار بالعصابات الملثمة والمخربة، تعود في نفس اليوم في 2011 لتصف حكومة الثورة بحكومة الشعارات.. ونسمةالتونسية أو مايطلق عليها رواد الفايس بوك "نقمة الصهيونية"، تقود حملة لتلميع صورة اليسار والقيادات المنتظرة للتكتل الجديد، أو ما يسمى بالأحزاب الوسطيّة، كي لايقال يسارية أو حداثية أو علمانيةبعد وعيهم بمدى حساسية التونسي من هاته العبارات..

والمشهد الآخر الذي أثار حفيظة أصحاب "الثقب" هو ذاك التوافق الذى حصل بين العلمانيين المعتدلين والإسلاميين المتنورين، وهي صيغة فريدة تختص بها التجربة التونسية، وهذه التجربة ستعطي تونس ما تريده من استقرار ورخاء إن نجحت بحول الله.
سيكون عاما صعبا علينا في تونس على كل الواجهات وخاصة منها الواجهة الإجتماعية والإقتصادية، نحن نبني من جديد.
صبرا آل تونس فإن غدكم خير من حاضركم إن شاء الله
صعب على الحكومة الجديدة في ضل الإعلام المضاد لها أن تشهر منتوجها، وهي التي لاتمتلك سوى بعض الصفحات في الفايس بوك والتي تقابلها صفحات مضادة.. فحين لبس منصف المرزوقي البرنس ودعى لمقاطعة الأعياد الغربية، قالوابأنه لم يكن أكثر من شاهد عيان لمشيخة قطر و"كومبارس" لفيصل القاسم يستدعيه متى يشاء ليملأ به الفراغ في برنامجه الإتجاه المعاكس... وحين صلى رئيس الحكومة في جامع الزيتونة مع المواطنين دون موكب أو بروتكولاتقالوا تقليد الصحابة ليس جائزا.. وحين قدم للوزارة وزير التعليم العالي بعد تعيينه في شاحنته "الإيزيزي" ورفضه سيارة "المرسيدس" قالوا تواضع حتى "تشلك".. وحين شوهد وزير الفلاحة يجنى الزيتون بيديه بعد توليه المنصب اتهموه بالإستعراض والدمغجة وتسويق منتوجه.. وووو كثير..

أقول قد يجد البعض في حديثنا هذا بعض التراجعات وخيبة أمل أحيانا، لكن الخطوة الأولى بدأت ولا يمكن أبدا الرجوع للوراء، ونحن دخلنا المنعطف التاريخى الذى سيؤدى شيئا فشيئا لنهوضنا وحريتنا الكاملة، فلا تهنوا وتتراجعوا.. استمروا في التضحية وتقديم المصلحة


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، اليسار المتطرف، وسائل الإعلام،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-01-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بن عبد المحسن العساف ، أشرف إبراهيم حجاج، صفاء العربي، محمد الياسين، سامح لطف الله، عمار غيلوفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن الطرابلسي، عواطف منصور، إيمى الأشقر، د. خالد الطراولي ، أحمد النعيمي، د - محمد بنيعيش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حميدة الطيلوش، أحمد ملحم، صالح النعامي ، رمضان حينوني، مصطفى منيغ، المولدي الفرجاني، صفاء العراقي، ضحى عبد الرحمن، عراق المطيري، حاتم الصولي، علي عبد العال، فتحي العابد، أبو سمية، محرر "بوابتي"، د. أحمد محمد سليمان، سليمان أحمد أبو ستة، مراد قميزة، سعود السبعاني، فهمي شراب، فتحـي قاره بيبـان، ياسين أحمد، أنس الشابي، سلام الشماع، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، نادية سعد، أحمد الحباسي، محمد الطرابلسي، حسن عثمان، د- محمد رحال، محمود فاروق سيد شعبان، تونسي، محمود طرشوبي، سفيان عبد الكافي، رافد العزاوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد أحمد عزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بن موسى الشريف ، د - شاكر الحوكي ، طلال قسومي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد يحي، فوزي مسعود ، كريم السليتي، د. أحمد بشير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بوادي، الناصر الرقيق، سامر أبو رمان ، د. عادل محمد عايش الأسطل، صلاح المختار، عبد الله زيدان، خبَّاب بن مروان الحمد، خالد الجاف ، إياد محمود حسين ، محمد عمر غرس الله، ماهر عدنان قنديل، يزيد بن الحسين، محمد اسعد بيوض التميمي، رشيد السيد أحمد، وائل بنجدو، عبد الله الفقير، عمر غازي، محمد شمام ، سيد السباعي، د- هاني ابوالفتوح، رافع القارصي، د- جابر قميحة، علي الكاش، د - المنجي الكعبي، صلاح الحريري، د- محمود علي عريقات، العادل السمعلي، إسراء أبو رمان، الهادي المثلوثي، مصطفي زهران، عزيز العرباوي، د - عادل رضا، فتحي الزغل، يحيي البوليني، كريم فارق، محمد العيادي، رضا الدبّابي، مجدى داود، أ.د. مصطفى رجب، سلوى المغربي، د - صالح المازقي، د. صلاح عودة الله ، عبد الرزاق قيراط ، الهيثم زعفان، د. طارق عبد الحليم، صباح الموسوي ، محمود سلطان، د. عبد الآله المالكي، د - الضاوي خوالدية، منجي باكير، د - مصطفى فهمي، عبد الغني مزوز، جاسم الرصيف،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء