(132) تعدد الزوجات في ميزان الأخلاق
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
يؤكِّد الشيخ (مصطفى صبري) - آخِر شيخٍ للإسلام، وآخِر مُفْتٍ لآخِر دولةٍ للخلافة الإسلاميَّة - أنَّ موضوع (المرأة) هو أعظم ما تفتَرِقُ به الحضارة الإسلاميَّة عن الحضارة الغربيَّة، وأنَّ موضوع (تعدُّد الزوجات) كان ولا يزال أوَّل ما ينتَقِدُ به الغربيون الإسلام، رغم أنَّ أُدَباءَهم يقولون: "في الإسلام يمكن للرجل أنْ يفترش أربع نسوة، أمَّا في الغرب فإنَّ الرجل يفترشُ ما شاء له من النساء".

ويعتبرُ المتأثِّرون بالثقافة الغربيَّة من المسلمين أنَّ تعدُّد الزوجات هو أبرز نِقاط الضعف في الإسلام، وهو ما يدفَعُهم إلى القول: إنَّه (أي: تعدُّد الزوجات) ليس بضروريٍّ في الإسلام، وإنَّ جوازَه محاطٌ بشروط تجعَلُه مستحيلَ الوقوع؛ ولذلك نجدُهم قد رتَّبوا قياسًا منطقيًّا مُؤلَّفًا من مقدِّمتين كلتاهما مأخوذة من كتاب الله - عزَّ وجلَّ - في قوله: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء: 3]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النساء: 129]، وكلا القولين في سورة النساء، وبمقتضى هذا القياس ألغوا الجواز الشرعي المعروف في تلك المسألة، المأخوذ هو الآخَر من كتاب الله - تعالى - متَّصلاً بالقول الأول ممَّا قبله؛ وهو قوله - تعالى -: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ﴾ [النساء: 3]، وهو معمولٌ به منذ صدْر الإسلام إلى يومنا هذا.

إنَّ هذا الموقف هو في حقيقته انهزاميَّةٌ من هؤلاء المثقَّفين في الدِّفاع عن دِينهم؛ فالاعتراف بجواز تعدُّد الزوجات ضروريٌّ للمسلم، وأنَّ الشُّروط الخاصَّة بالتعدُّد لا تجعله مستحيلاً، وإلا كان تشريعُه عَبَثًا ولغوًا، وكان من المستحيل على صَحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنْ يُمارِسوه.

ويستندُ الشيخ مصطفى صبري في بيان رأيه أنَّ البديل عن تعدُّد الزوجات ليس إلا الزنا، إلى ما يأتي:
أ...