عزيز العرباوي - المغرب
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5996 Azizelarbaoui017@gmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الوقفة العقلية التي يمكننا أن نطالب بها الآن من الصراع المذهبي هي وقفة تتقيد بالروابط التي تجعل من الأسباب المتباينة في هذا الصراع حلقات متردية تؤدي في النهاية الى نتيجة صعبة التقبل، سواء كانت تلك الأسباب مقبولة أو غير مقبولة عند من أراد أن يخلق هذا الصراع أو يساعد في ظهوره بين المسلمين. وأما الوقفة العاطفية المليئة بالمشاعر الإنسانية فهي التي تؤثر على خلق الظروف الملائمة لعلاج المشاكل التي قد تنجم عن هذا الصراع المختلف، هذا الصراع الذي صاحبه توجه خطير بغض النظر عن الأخوة الإسلامية والوحدة الدينية التي تجمع كل المسلمين.
ويندر أن تجد بين هؤلاء المتصارعين من له إخلاص إلى العقل والتعقل، لا يأتمر إلا بتوجيهه ونصائحه، كالذي يقال عن العديد من الفلاسفة منهم "سقراط" الذي كان عقلا صرفا وبحتا، فما يراه العقل هو نفسه العلم بحقائق الأشياء، ومن ذا الذي يرفض أن يعامل الأشياء على حقائقها؟ ومن ثمة جاءت فكرته القائلة بأن "العلم والفضيلة شيء واحد "(سقراط). ذلك ما يمكن أن نتصوره، قياسا على كلام سقراط، أن يكون الواقع الإسلامي، لأن ما يراه العقل هو نفسه ما تميل إليه العاطفة عندما تكون موجهة.
وللإدراك السليم في مواجهة المشكلات المذهبية الواقعة في بلاد المسلمبن، ليس كله قياس سقراطي، بل إن منه ما هو أقرب إلى عفوية المراهق في فهمه، ومنه ما هو ممزوج بالنفاق الواضح. على أن طريق العقل الذي يمكننا أن ندعو إلى تبرير وجوده واستحضاره في النقاش والحوار المذهبي، ولنا بعد ذلك أن نقيم على ذلك الحق ما استطعنا من مواجهة قوية، ولا بد، أن يكون في حصاد الحوار الإسلامي كل صنوف الفهم السليم في مختلف التوجهات الفكرية في هذا الحوار الحضاري.
فالفرق بعيد بين مذهبين صادف فيهما المسلمون مشاكل عديدة، ولندعي أن كلا من هذين المذهبين قد أخذ الجهل بمبادئهما ينتشر بينهم. فالمذهبية هنا في رأي معتنقي كل مذهب هو منتهى الإيمان والاعتقاد الصحيح، ومن السهل على خيالهم أن يتصور أن هذا الاعتقاد الصحيح نور سماوي، فيظهر في تصرفاته وأقواله وأفعاله وتقريراته ومعتقداته ما يوضح بجلاء هذه الفكرة المعتمدة هنا، وعلى هذا النحو يتصاعد الايمان المطلق، أو تظهر صور الاعتقاد في كل الأحاسيس والمشاعر. لكن قوة الإيمان هذه لا تأتي من فراغ فكري أو ثقافي صرف. فهذه القوة توقد شرارة عظيمة من الاقتناع والثقة في الفكر الرائج، والفكر هنا في تأويل المفكرين ورجال الدين هو روح هذا الاعتقاد.
ومن ثم فإن الرأي عند رجال الدين هؤلاء هو أن يكون التفكير المنطقي في التعاطي مع الحوار الإسلامي ومن خلاله الحوارالمذهبي يتبدى في عقلية المسلم بما يشبه تقعيد القواعد. وبعبارة أخرى، يكون هذا التفكير بتبني الفكر المذهبي لذاته لا لدلالاته التأويلية التي قد تنتج العديد من النتائج غير المحمودة والمقبولة في الواقع.
إن هذا التحضير لمنطق العقل الذي نراه قد بلغ عند أغلب أهل المذاهب الإسلامية المتصارعة خللا منطقيا واضح المعالم، يستدعي إلى أذهاننا موقفا يظهر فيه الاستحضار المنطقي لأحكام غير متسرعة تجعلنا ندفن تراثا إسلاميا مليئا بالعديد من الأمور التي سرت العقلية العربية والإسلامية وجعلتها مرتبة متقدمة في سلم الإنسانية. لكن ما يمكن أن يجمع عليه العديد من المعتدلين في هذا الدين الحنيف هو أن المسار المرسوم من طرف العديد من الأطراف المختلفة داخل كل مذهب إسلامي على حدة. والزعم السابق الذي أعلنته حول التراث الإسلامي كان يغلب عليه طابع الاقتناع المسبق الذي يحدس الحقيقة حدسا صريحا، يصل إلى الحكم الخاص الذي يستحضر تحليلا مستفيضا لعناصره أو إقامة البرهان على صوابه، ويبقى للقارىء الحرية الصريحة في الحكم على هذا الادعاء.
تقليب صفحات الفكر المذهبي التي تحوي الكثير من الاختلالات الفكرية والدينية التي أسس لها السلف الصالح في كل مذهب على حدة بمعنى : أين يبدأ الفكر المذهبي دون خروجه عن المسلمات الدينية التي أتى بها رسول الأمة؟ وأين ينتهي هذا الفكر ليترك مباديء مذهب آخر ويبتعد عن الانجرار الى خلق تدخل سافر في حق المذهب الآخر؟ إننا هنا نسلم بتعددية المذاهب واختلاف رؤاها الفكرية والاعتقادية وسيرورة أهدافها المحددة، لكن ما يمكننا الاعتراض عليه هنا هو ذاك التدخل السافر في قناعات معتنقي أي مذهب، إما بإعادة صياغة عقولهم البسيطة للتحول نحو اعتناق مذهب آخر غير المذهب الذي ولدوا على فطرته وعاشوا على منهاجه كما وجدوا آباءهم وأجدادهم عليه. فالموقع الذي يحتله كل مذهب إسلامي يمنحه ثقة أهله، ويمكن لهذا الموقع أن يتغير ويعرف بعض التعديل في مناهجه العامة حتى يتسنى له البقاء ضمن المكان المخصص لكل صاحب عقل سليم ومعتدل..
وسبيلنا الآن إلى الانتقال مع الأفكار المعتدلة والعقلانية إلى المرحلة الثانية، التي هي مرحلة التفكير العقلي الذي نجد قوامه في تقعيد القواعد المعمول بها، ورد الاعتبار لمسألة الحوار المذهبي والتعايش والتقريب دون خلق منغصات وأمور قد تثير نعرة مذهبية تقضي على حياتنا المشتركة.
إن للمنهج الذي يميز الحوار المذهبي مما سواه خصائص كثيرة، لعل أولها وأهمها استحضار العقل في هذا الموقع، والتماس الدفع بالاعتدال من الأقوال، شريطة أن يكون على حذر شديد وعلى دقة صارمة بعيدا عن البحث المتسرع عن أخطاء وتجاوزات الخصم وكل الاختلافات الفكرية والمنهجية لهذا المذهب أو ذاك. وبهذا يمكننا أن نتمكن من تطبيق هذا الحوار على أرض الواقع فينطبق، ويصبح أداة هادية للمسلمين في حياتهم المستقبلية دون صراع أخوي ملعون الى يوم الدين...
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
28-07-2009 / 12:38:42 مريد ابن رشد
ما احوجنا الى مثل هذا الخطاب في التعقل
ما اشد حاجتنا وما اوكدها الى مثل هذا الخطاب في الدعوة الى التعقل وانتهاج الحكمة في التعاطي مع ما استشكل من الامور خصوصا ما تعلق منها بالاوضاع المتردية للعالم العربي والاسلامي .انه لمؤسف حقا ان تجد من يرفض هذا التمشي العقلاني المتبصرفيجيبك احدهم(ابو سمية) عندما تدعوه الى استعمال العقل ببساطة متناهية بالقول وهل رايتني افكر بيدي او برجلي جاهلا الفرق بين مصطلح العقل و مصطلح الدماغ.(والخطاب من عنوانه) وتجده يرفض اطلاقا مثله مثل عبد الحفيظ الحمامي انطلاقا من فكر ضيق تكفيري الدعوة الى التقارب المذهبي وتجاوز الخلافات خادمين -وامثالهم -بذلك مخططات الاستعمار الامريكي والصهيوني في زرع وتعميق الفتنة والاقتتال بين افراد المجتمع الواحد وما ينجر عن ذلك من الحروب الاهلية واسالة الدماء وقتل الابرياءوتهجير المدنيين من ديارهم اطفالا وشيوخا ونساء ليعم الخراب والدمار وضنك الحياة في كل مكان (وبئس الحصاد)معتقدين في ذلك ان مخالفيهم في الاعتقاد "سيثوبون الى رشدهم ويرتدوا عن بغيهم"
لست ادري كيف يفكر مثل هؤلاء.الا يسمعون بشيئ اسمه التعايش وحقن الدماء وحرمة النفس البشرية.الا يشاهدون حصاد مثل فكرهم على الفضائيات(العراق الصومال..) الم يرجعوا الى سيرة الرسول-ص- وموقفه من اقتراح بعض الصحابة بقتل المنافقين فابى معللا ذلك بالقول كي لا يقال ان محمدا يقتل اصحابه.اليس في ذلك تعقلا وحكمة وتبصرا بواقع الامور واشكالياتها دعانا اليه القران والسنة الم يكن في ذلك حقن للدماء ودرء للفتنة بالرغم من يقينه عن طريق الوحي بنفاقهم بل واضمارهم السوء وتربصهم باذاية الرسول ودعوته ...افلا يعتبرون .
28-07-2009 / 12:38:42 مريد ابن رشد