البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

رمضان والتقارب الروحي أكثر

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1928


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يجدنا رمضان المعظم في هذا العام في تباعد اجتماعي مفروض علينا من دولتنا، التي تضع في مقدمة أولوياتها صحة المواطن، حتى أن بعض المتكلمين باسمها نسوا أنهم في دولة إسلامية وأن حرمة الدين التي يولي الدستور التنصيص عليها، توجب عليهم مخاطبة المؤمنين بمقتضاها. ومن مقتضيات هذه الحرمة أن لا نولي الظهر لعباداتنا بدعوى منع تفشي الفيروس ثم نعود اليها بعد انقضائه.

وهم مطمئنون الى أنه لا مواطن في بلدنا بإمكانه أن يتجرأ على تحميل الدولة أو وزير منها مسؤولية تقصيره في غلق الحدود دون الفيروس لأول علمه بظهوره، لا المزيد من استقبال السياح الجدد والوفود القادمة من هنا وهناك هرباً من الفيروس في بلادها.

وهم مطمئنون أكثر الى أن ألفاظهم الموحية في إجراءاتهم المعلنة وقراراتهم المتخذة يمكن أن يرفضها أحد أو يدعو الى العصيان الجماعي عليها باسم الدين. لاعتقادهم بأن الدين منذ أن وضعت شؤونه في دولة الجمهورية تحت سلطة الدولة للتحكم فيه بمقاييس ما يناسب رجالاتها لا رجالاته، على ما يباعد بين ثقافة كل منهم وتربيته وعلمه بالدين وعمله به.

فقد رأينا دور المفتي في أول تعيينه بالدولة بعد الاستقلال ورأينا إصلاحات مست أهم مقومات الحياة الإسلامية من تعليم ووقف وقضاء، التي استشهد الأحرار من أجل الدفاع عنها بوجه الاستعمار التي كان يستهدفها بسياساته الظالمة والباطشة.

ورأينا الانتفاضات باسم الدين التي قامت أهمها بالقيروان، لإعادة الاعتبار لعبادة الصيام، حين ضيق الحاكم على القائمين به لأسباب اقتصادية. وكأن العبادات هي لله والحال أنه تعالى غني عنها وإنما للقائمين بها. فعباداتنا الخمس كلها اجتماعية اقتصادية وصحية لخير الفرد والمجموعة. غير أن أكثر الناس لأسباب من التربية والتعليم الديني أصبحوا لا يدركون أبعادها والحكمة منها.

فالشهادتان للأذان للاجتماع للصلوات بالمساجد ومنها صلاة الجمعة وصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء وغيرها. والاجتماع البشري فيها جميعها من أجل التنافس على الخير والنهي عن الفحشاء والمنكر واستجلاب الخير واستنزال الرحمة على البشر والتواصي بالحق وعمل الصالحات. والصلاة وهي أم العبادات لدورها الاجتماعي، حتى أنها مفضلة جماعة، لتمتين علاقة الفرد بغيره اجتماعياً. والمساجد وما كان لها من دور في ربط اللحمة بين المصلين في كل المناسبات المفرحة والمترحة.

فكيف تُغلق اليوم من أجل العدوى بالفيروس فيها؟ وكان الأولى غلق الفيروس دون دخوله لها بكل الوسائل الوقائية، حتى لا نستبدل الغلق في وجه الفيروس بغلق المسجد في وجه المصلين، ونقول هذه إجراءات وزارة الشؤون الدينية، أو هذا رأي سماحة المفتي. وما رأيْنا في السابق دولة إسلامية يرعى شؤونها الحاكم دون العالم بالدين والفقيه بشؤون العبادات الدينية، خاصة وتنصب السلطة فيها رجالاً لها (أو نساء) لا على أساس ديني ولا شرعي ولا ثقافي أو اجتماعي فيه رائحة الدين، أو للدين فيه الكلمة العليا اعتباراً لدستورها.

فقد كان رئيس الجمهورية يمر انتخابه بعد نظر لجنة في ترشيحه للرئاسة إذا ما كان يطابق شرط الدين. من أبرز أعضائها المفتي. فأسقط نظام الزين بن علي كل وجود للمفتي تدريجياً من هذه اللجنة.

وتعطل دخول الإسلام على يديه للطالبين الى أن تنقضي العدوى بالفيروس! ولم يخطر بباله أن كل المصالح لا ينبغي أن تتعطل لهذا السبب. وهناك العمل عن البعد والإدارة عن بعد وما إلى ذلك من اجتماعات وندوات ومؤتمرات. فكيف من أجل الدخول للدين يؤجل الدخول للمقبلين عليه بدل تأجيل أوراق الطلب أو اقتضاءات شهادات المفتي عن طريق المراسلة الإلكترونية؟

وقس على ذلك الحج والزكاة، وما يمثلانه من تضامن وتعارف وتناصر وتعاون وتلبية للاحتياجات وصدقات للفقراء والمساكين وقيام بشؤون المسلمين سلماً وحرباً.

فكل هذه العبادات ضيقت مؤسسات الدولة الحديثة التي أوكلت لهيئات تابعة لها تصريفها والقيام على شؤونها، بينما كانت للمجتمع المدني قبل ذلك مهمة إدارتها، مثلما تدار حديثاً كثير من المؤسسات التعليمية والقضائية والصحية والاقتصادية والمالية بصورة حرة، خصوصية، لا علاقة للدولة بها منعاً لحصول العدوى منها اليها بالفساد والرشوة والتحايل واستغلال النفوذ.

فكلنا ثقة في مستقبل دولتنا بعد عبور الكورونا عليها، كيف سيكون حالها مع ديننا وإذا ما كان ستتحسن ظروفه وتحترم مقتضياته، لأننا كدنا قبلها أن تخرج شؤوننا الدينية عن كل مطابقة بينها وبين الدين في حقيقته، كوازع على الخيرات ومنقذ للثروات ومبطل للعادات السيئة التي تركبت على مجتمعنا بسبب إهمال التربية به والاعتماد عليه في سياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية. وسنعرف أكثر حزماً لمقاومة الفساد والموبقات إذا ما تدرجنا بعد الكورونا في حرمة العبادات لإصلاح أوضاعنا الفاسدة بسبب ابتعادنا عن الدين الصحيح. وحتى لا تبقى المراءاة بالدين هي الدين. ويصبح التقارب الروحي أقوى بيننا، حتى في الأزمة بالتباعد الاجتماعي.

-----------------------
تونس في ٣٠ شعبان ١٤٤١ ه‍‍‍
٢٣ أفريل ٢٠٢٠ م


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

شهر رمضان، العبادات،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-04-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، وائل بنجدو، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله الفقير، ماهر عدنان قنديل، د - شاكر الحوكي ، محمد عمر غرس الله، الهيثم زعفان، سامح لطف الله، منجي باكير، نادية سعد، صباح الموسوي ، رمضان حينوني، حسن عثمان، سيد السباعي، أحمد بوادي، عزيز العرباوي، د - مصطفى فهمي، فتحـي قاره بيبـان، فهمي شراب، محمود فاروق سيد شعبان، جاسم الرصيف، محمد اسعد بيوض التميمي، مراد قميزة، محمود سلطان، رافد العزاوي، أ.د. مصطفى رجب، صفاء العربي، علي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، عبد الغني مزوز، د - محمد بنيعيش، د- محمد رحال، د- جابر قميحة، أحمد النعيمي، صفاء العراقي، صالح النعامي ، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، فوزي مسعود ، رشيد السيد أحمد، يحيي البوليني، د.محمد فتحي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، تونسي، الناصر الرقيق، فتحي العابد، مجدى داود، أحمد الحباسي، سلوى المغربي، محمد يحي، إيمى الأشقر، صلاح المختار، عبد الله زيدان، المولدي الفرجاني، سلام الشماع، سليمان أحمد أبو ستة، د- محمود علي عريقات، رحاب اسعد بيوض التميمي، عراق المطيري، أحمد ملحم، د. صلاح عودة الله ، د- هاني ابوالفتوح، د. مصطفى يوسف اللداوي، ضحى عبد الرحمن، كريم فارق، خالد الجاف ، مصطفى منيغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. عادل محمد عايش الأسطل، كريم السليتي، فتحي الزغل، إسراء أبو رمان، أنس الشابي، الهادي المثلوثي، د. طارق عبد الحليم، د - الضاوي خوالدية، محمد العيادي، د - عادل رضا، حسني إبراهيم عبد العظيم، سامر أبو رمان ، أشرف إبراهيم حجاج، حاتم الصولي، رافع القارصي، حميدة الطيلوش، د - صالح المازقي، محمد الطرابلسي، يزيد بن الحسين، عمار غيلوفي، العادل السمعلي، طلال قسومي، عبد الرزاق قيراط ، محمد شمام ، إياد محمود حسين ، محرر "بوابتي"، رضا الدبّابي، أبو سمية، د. خالد الطراولي ، مصطفي زهران، سعود السبعاني، سفيان عبد الكافي، د. أحمد محمد سليمان، د - المنجي الكعبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ياسين أحمد، علي الكاش، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، محمد الياسين، د. أحمد بشير، عواطف منصور،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة