البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

سياسة الأزمات والديون

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1833


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بجب أن يشكر المسيو ماكرون، رئيس جمهورية فرنسا على إسقاط ديون بلاده على من سماهم جيرانه الأفارقة، في هذه الأزمة بالكورونا التي تعم الجميع دون تمييز، اعتقاداً منه كما قال بأن الربح دونهم غير ممكن.

إذ من موقعه في قمة اتحاد الدول الأوروبية، التي لم يستثنها الوباء الوافد من الصين، فكّر في جيرانه خارج الاتحاد ليشملهم بالذكر في خطابه الأخير، دون الأول حتى حين عرض فيه لجهود أطباء بلاده وعلمائه وباحثيه ونظراؤهم الأوروبيين لاكتشاف الدواء لهذا الفيروس. فقد نسي جيرانه الإفريقيين الذين يعكف علماؤهم وباحثوهم في دولته نفسها وفي دول الاتحاد وفي أوطانهم أصلاً على ذلك أيضاً.

ولكنه فكر في هذه المرة في حكومات بلدانهم التي تتطلع الى المساعدة والدعم من الخارج لتلبية احتياجاتها لمقاومة تفشي هذا الفيروس القاتل، والذي تؤكد الآراء، آراء العارفين أن دولهم لا ناقة لهم فيه ولا جمل، بل مأتاه على الأرجح الصين المتقدمة جداً في المخابر والأصنعة والأدوية والعلاجات.

وواجب الشكر منهم قبل غيرهم على هذا القرار الجريء، الكبير الذي اتخذه كالمنة منه لا استجابة لمطالبات الكثيرين من زعمائهم به. ودون رجوع الى مجلس نواب أو غيره من هياكل بلاده، لأنه ربما كان يحتاج الى نقاش طويل ومجاذبات ليظفر بمثله ويُحسب له في سياساته الإفريقية المتعثرة منذ مدة بسبب ما يسميه الإرهاب الإسلامي.

واجب الشكر هذا، سيكون بطعم الدول التي ستعتبر نفسها مشمولة به، أو ربما مستثناة منه ولكنها تتخوف من تبعاته عليها وعلى جيرانها. وسيختلف ترحيبها به بمواقف شعوبها وهيئاته التمثيلية في الحكم أو في المعارضة، إذا ما كانت الأزمة بالفيروس وظروف الطوارئ بسببها ستمنعهم كذلك من كل تعبير حر أو تظاهر أو حراك.

لأن الأزمات كانت تُخلق وتُختَلق لمثل هذه التهافتات من الدول، وما تحدثه تلك الأزمات من انقلابات في موازين القوى فيما بينها. ولما كان لب النفوذ هو المال. فمن يقرض أكثر له اليد الطولى على غيره، وربما يصبح كالكريم الجواد يستدين على ذمته ويعطي.


وكل الدول التي كافحت من أجل استعادة سيادتها حقاً لا لفظاً بعد أن أوقعتها المديونة الفاسدة في حكم غيرها، أصبحت تتوقى من سياسات الهيمنة التي ترفع الشعارات وتخالفها وتعطي الوعود ولا تحققها. ومحنة أكثرها اليوم بالديون محنة عظيمة، فقد تخلدت بذمتها بسبب حكومات سابقة فيها، كان ولاؤها للجهات المقرضة أكثر من ولائها لشعوبها، فما جنت إلا الفساد في الأموال والأعمال والأخلاق. وتجد تصامماً عن مطالباتها اليوم بإسقاط ديونها الموروثة عن أنظمة استبدادية غاشمة، كانت تزكيها الدول المانحة وتغطي على مخالفاتها للحقوق والحريات. طبعاً لمصلحة نفسها وعملائها.

وهناك فرق بين أن تسقط ديونك على غيرك وبين أن تصطاد أزماته، وبدلاً من أن تساعده بمالك ساعده بماله لديك، تعويضاً عن انتهابك لثرواته عقوداً حتى بعد الاستقلال. وقد كانت قروضك المبذولة خدمة لسياساتك واقتصادياتك وثقافتك في الحقيقة! ولو كنت سرحت أمواله المهربة لديك وتركت القضاء يكشف عن تواطئ جميع الأطراف من جانبك المورطة، لفعلت خيراً.

فكم مضى على مطالبات ثورة الربيع العربي كما تسميها بهذه الأموال التي لم تلق كثير من الأطراف الأجنبية السمع لها، لتبقى تحاصرنا بديون جديدة، حتى جاءت هذه الأزمة بالوباء ولم يعد لها أمل في خلاص الدين أو إعادة جدولته كما يقال، مع العجز عن الإقراض من جديد، فتحتم رفع شعار إلغاء الديون، خدمة لاستراتيجيات ما بعد الكورونا، لفرض نظام دولي جديد، قد لا يختلف عن سابقه إذا لم نحتط له بسياسات أكثر عدلاً وإنصافاً وأحفظ للحقوق والقيم والاعتقادات.

حتى لا تبقى قارتنا ميدانا للاختبارات الذرية كما حدث في السابق والتجارب الدوائية والتمييز العنصري حتى داخل المستشفيات بوباء هذه الكورونا، كما تفوه بذلك بعض الرسميين الفرنسيين في التعامل مع هذه الازمة، الى حد الاعتذار لاحقاً من كبير أعوان الشرطة بباريس على تصريح له فاضح بأن المصابين بالفيروس في غرف الإنعاش بالمستشفيات سببه إهمالهم تطبيق إجراءات الحجر.

وقمة تونس للفركوفونية المقررة لهذا العام ستكون المحك لمواقف الدول المنضمة أحياناً بعضها عن غير رغبة شعوبها لهذه المنظمة من العرض الفرنسي كما نظن بغير طعم العدوى بفيروس الكورونا.

تونس في ١٥ أفريل ٢٠٢٠


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فرنسا، كورونا، إفريقيا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 16-04-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود طرشوبي، فهمي شراب، أحمد النعيمي، مجدى داود، محمد الياسين، علي عبد العال، أحمد ملحم، د - الضاوي خوالدية، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - عادل رضا، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحـي قاره بيبـان، د. خالد الطراولي ، رضا الدبّابي، د- محمود علي عريقات، حاتم الصولي، عواطف منصور، صلاح المختار، كريم السليتي، د- محمد رحال، ماهر عدنان قنديل، أشرف إبراهيم حجاج، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، سليمان أحمد أبو ستة، علي الكاش، يزيد بن الحسين، كريم فارق، د. عبد الآله المالكي، د. أحمد محمد سليمان، إياد محمود حسين ، د - مصطفى فهمي، أحمد بوادي، عبد الله الفقير، فتحي العابد، منجي باكير، أنس الشابي، ضحى عبد الرحمن، سفيان عبد الكافي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود سلطان، صفاء العربي، يحيي البوليني، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح الحريري، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العراقي، عبد الرزاق قيراط ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمر غازي، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، الهيثم زعفان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد الحباسي، طلال قسومي، عراق المطيري، سلام الشماع، العادل السمعلي، حسني إبراهيم عبد العظيم، مصطفي زهران، د. صلاح عودة الله ، د- جابر قميحة، عمار غيلوفي، حميدة الطيلوش، صالح النعامي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، نادية سعد، محرر "بوابتي"، د - صالح المازقي، سامح لطف الله، سيد السباعي، د.محمد فتحي عبد العال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سلوى المغربي، مصطفى منيغ، د - محمد بنيعيش، رشيد السيد أحمد، رافع القارصي، مراد قميزة، د. طارق عبد الحليم، عبد الله زيدان، سامر أبو رمان ، د. أحمد بشير، الهادي المثلوثي، عبد الغني مزوز، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، أبو سمية، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، عزيز العرباوي، حسن عثمان، إسراء أبو رمان، د - شاكر الحوكي ، د - المنجي الكعبي، وائل بنجدو، ياسين أحمد، أ.د. مصطفى رجب، د- هاني ابوالفتوح، المولدي الفرجاني، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد أحمد عزوز، تونسي، محمد يحي، فتحي الزغل، فوزي مسعود ، جاسم الرصيف، خالد الجاف ، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، محمد شمام ، محمد عمر غرس الله، إيمى الأشقر،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة