البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لمحات (19): حديث حول الإنتخابات

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2068


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هذه الانتخابات التي نعيشها، من يَعرف سابقاتها التي عشناها في عهد ما قبل التعددية السياسية وقيام هيئة عليا مستقلة لإدارتها من الألف الى الياء، يلمس تقدماً كبيراً حققناه في مجال الشعارات التي كان يرفعها حكامنا السابقون منذ الاستقلال، من ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان، ولا يكادون يطبقون منها حرفاً، لأسباب كثيرة مبررة غالباً، منها تعويد الشعب تدريجياً على التعامل مع هذه المفاهيم الجديدة كما أصبحت تمارس في الدول المتقدمة، بدون إفراط ولا تفريط، لأن وضع الشيء الطيب في غير موضعه قد ينقلب الى ضده. ولذلك كانت نتائج ٩٩ فاصلة ٩٩ بالمائة في انتخاب الرئيس، لا تثير الا قليلاً من الناس أو معارضة إن وجدت للقدح فيها. ولما كنا في نظام الحزب الواحد كانت المعارضة لا يسمع لها صوت ولا تُنظَر لها طعون في المحاكم إلا صورياً.

وكان الصوت المسموع والمردد في الإعلام هو حياد الإدارة والشفافية والنزاهة، التي تضمنها كلها الدولة عن طريق تسخير كافة أجهزتها ودواليبها ومؤسساتها.

وبعد الثورة تقرر أن تستقل العملية الانتخابية بهيئة مستقلة للانتخابات والاستفتاء، تعضدها هيئة مستقلة كذلك للإعلام السمعي والبصري، لتضافر كل الجهود عبرهما من أجل تسيير العملية الانتخابية بكافة مراحلها دون تدخل من أجهزة الدولة أو دواليبها كالسابق.

ولذلك كنت أحد من تصور أن كلمة الرئيس المؤقت للجمهورية التي أعلن عن إلقائها عشية الجمعة والشعب يستعد للاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية ستكون تقليدية، تهاني وتمنيات بالعام الجديد للشعب التونسي والأمة العربية الإسلامية في سائر الأرض، ودعوات لوقف الحروب فيها وانتصار المقاومة في الأراضي المحتلة لاستعادة القدس وفلسطين.

فإذا الانتخابات الرئاسية، ومهمة الرئيس المؤقت في إنجازها في الوقت المحدد، هي كل كلمته التي ألقاها، خشية مما سماه "إشاعات وأقاويل" تمس بأجهزة الأمن والقضاء في سياق الأحداث التي واكبت الحملة الانتخابية للتشكيك في مصداقية الدولة، وشدد على وجوب التزام كل الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية بدورها في ظل حياد الإدارة ومعايير المنافسة والشفافية والنزاهة التي يضمنها الدستور، والاحتكام الى صناديق الاقتراع لانتخاب الرئيس الجديد، عملاً بالتداول على السلطة، والأهم كما قال تجديد الثقة في مصداقية الدولة، مكتفياً بوصف التداول على السلطة بالمهم. دون أن يعني في تقديرنا فصل المهم عن الأهم.

ويظهر أن إيقاف أحد المترشحين في السجن هو الذي عناه بأن الحملة الانتخابية بدأت قبل أوانها وسببت هذا اللغط الإعلامي الكبير الذي خشاه أن يثير تشويشاً على سير العملية الانتخابية، الى حد تشكيك بعض الناس في انتهائها بخير وربما توقفها. وكأنه أراد تطمين الجميع وحتى أصدقاءنا بالخارج الذين أشار الى انشغالهم بما يحدث وتساؤلاتهم: "يا هل ترى هذه الانتخابات باش تم، وباش تم بصفة شفافة؟".

وذكّر بصفته الساهر على الدستور مندداً "بالألسن الخبيثة" التي وراء هذا التشكيك.

وتنويهه، بأن نجاح هذه الانتخابات مرتبط بوعي الناخبين "وبحسن اختيارهم لمن سيتولى قيادة تونس في السنوات المقبلة "، يوحي بأن بين المترشحين مَن ينبغي أن يرقي وعي الشعب وحسن اختيار الناخبين الى قلة أهليته لتولي قيادة تونس، وبالتالي عدم التصويت له. وهذه مجازفة كلامية مع احترامي لسيادته، لأن اختيار المواطن لمن يصوت له لا يتوقف على درجة معينة للوعي عنده، أو لحسن الاختيار أو سوئه، فالصندوق وحده هو الفيصل، لأن المنصب والكرسي لواحد لا لأكثر، وإلا فكلهم - عند كل من ينتصر لمرشحه - أهلٌ للحكم.

وهم على اختلاف مشاربهم، ليسوا في مقام من يذَكّرون بواجباتهم وهم مبوبون للحكم من رئيس مؤقت مطالب فقط بإنجاز الانتخابات الرئاسية المبكرة في آجالها الدستورية، مع التمسك بالحياد التام، بعدم التدخل في مجرياتها، لوجود هيئات مستقلة وقضاء مستقل كذلك لمعالجعة كل أحداثها وحوادثها، وإن بنسبة من الرضى لا ترقى الى وجود محكمة دستورية وظروف عادية.

قلتُ ليسوا في مقام من يُذَكّرون "بصيانة مكاسب تونس التي تحققت ودعم الخيارات التي أكدها الدستور"، كما قال. فمن برامج بعض الأحزاب ورؤسائها أن يراجعوا الدستور وينقحوه ربما في جوهره، لعرضه على الاستفتاء، وليس يُثنيهم عن ذلك سوى إرادة الشعب عبر التصويت الحر النزيه.

وكما تباحث سيادته مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء، لضبط روزنامة الانتخابات الرئاسية المبكرة بالاقتراح على مجلس النواب لتعديل القانون الانتخابي حتى تظهر نتيجة التصويت قبل يوم من نهاية عهدته المؤقتة على رأس الدولة، دون التأخير ولو بيوم واحد، لتسليم مشعل الرئاسة للرئيس الجديد المنتخب انتخاباً شعبياً ديمقراطياً عن طريق الاقتراع السري، فإن صلاحيات الرئيس الجديد ستكون أوسع لاقتراح تعديل جذري في ذلك القانون الأساسي لهيئة الانتخابات، بحيث يعالج الاختلالات التي تبين، من خلال هذه الانتخابات المبكرة الأولى من نوعها، العجز عن التوقي منها حتى لا تُحدث التشويش والحيرة والتشكيك فتؤثر بدورها على النتائج.

حتى لا أعود الى القول كما قلت في السابق عن بعض الانتخابات التي عشتها إن نتائج الانتخابات هي إحدى ثلاث، نتائج رسمية ونتائج معارضة ونتائج حقيقية طي الصندوق. وتبقى هذه النتائج متضاربة فيما بينها الى أن تستقر الديمقراطية على نحو صحيح.

--------------
تونس في ٢ سبتمبر ٢٠١٩


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات، الإنتخابات الرئاسية، الإنتخابات التشريعية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-09-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس
  تطبيق نظرية الإعجاز على الشعر
  مباحثاتي مع المستشرق الانجليزي بوزوورث

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رحاب اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد بوادي، د - الضاوي خوالدية، سامر أبو رمان ، أنس الشابي، كريم السليتي، سفيان عبد الكافي، د. أحمد محمد سليمان، أشرف إبراهيم حجاج، سلام الشماع، محمود فاروق سيد شعبان، ياسين أحمد، عمر غازي، حميدة الطيلوش، ضحى عبد الرحمن، صباح الموسوي ، سلوى المغربي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحـي قاره بيبـان، محمد يحي، رضا الدبّابي، يزيد بن الحسين، إياد محمود حسين ، منجي باكير، أبو سمية، إيمى الأشقر، العادل السمعلي، وائل بنجدو، حسن عثمان، نادية سعد، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الرزاق قيراط ، ماهر عدنان قنديل، كريم فارق، رمضان حينوني، أحمد ملحم، حسن الطرابلسي، محمد العيادي، الهيثم زعفان، محمد شمام ، فوزي مسعود ، صفاء العربي، فتحي العابد، حاتم الصولي، د - شاكر الحوكي ، إسراء أبو رمان، محمد الطرابلسي، الناصر الرقيق، فتحي الزغل، أ.د. مصطفى رجب، سعود السبعاني، عبد الغني مزوز، عبد الله الفقير، محمود سلطان، د - مصطفى فهمي، صفاء العراقي، رافد العزاوي، محرر "بوابتي"، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. أحمد بشير، د. صلاح عودة الله ، المولدي الفرجاني، د. عبد الآله المالكي، رافع القارصي، عزيز العرباوي، الهادي المثلوثي، جاسم الرصيف، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمود طرشوبي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رشيد السيد أحمد، علي عبد العال، عراق المطيري، مجدى داود، د. خالد الطراولي ، د- محمود علي عريقات، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمد رحال، يحيي البوليني، د - صالح المازقي، مراد قميزة، د. مصطفى يوسف اللداوي، عواطف منصور، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد أحمد عزوز، د - عادل رضا، عبد الله زيدان، مصطفي زهران، د- جابر قميحة، علي الكاش، أحمد النعيمي، سيد السباعي، د- هاني ابوالفتوح، تونسي، صالح النعامي ، سامح لطف الله، صلاح المختار، طلال قسومي، خالد الجاف ، صلاح الحريري، د - المنجي الكعبي، محمد عمر غرس الله، أحمد الحباسي، مصطفى منيغ، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، عمار غيلوفي، حسني إبراهيم عبد العظيم، سليمان أحمد أبو ستة، فهمي شراب، د. طارق عبد الحليم، محمد الياسين، د - محمد بنيعيش،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة