البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من أعلام المعاصرة المثقف الكبير الأستاذ مصطفى الفيلالي

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2430


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الموت لا يغيّب الحي ولكن يخلّده بأعماله، وممن أعماله لا تموت فقيدنا العزيز، بل فقيد الوطن ومَفْخرة أبنائه الأستاذ مصطفي الفيلالي، الذي هو أكثر من أستاذ وقائد وقدوة في كل مجال من مجالات حياته، النضالية والنقابية والإدارية والسياسية والنيابية والحزبية؛ وفي غير ما سوى ذلك من مجالات الإبداع الفكري والثقافي والفلسفي والديني.

رجل رؤية وإصلاح واستشراف، حتى لكان أحد القلائل، لا تغادرهم خطة أو يغادرونها - أو وظيفة أو مهمة أو رسالة - إلا وهو عالي الهمة كبير النفس، غير طَموع أو طموح في تكريم أو تشريف غير مستوجب أو مستحق؛ وإلا وهو لم يترك فيها بصمته القوية وكلمته النافذة، وكلمته الناقدة كذلك، وأسلوبه المتفرد.

عاصر القبائل والعروش في أوْجها شهامة ووحدة كلمة، ونَفرة ونُصرة واستبسالاً من أجل الوطن ومجده، والدين وعزته، والرجولة وبيض أياديها؛ وعاصر الدولة الحديثة، تحت بسطة القائد الأوحد الموحِّد لقريبها وبعيدها، مغمورها ومهجورها، حضَرها وباديها، وكأنه أراد أن يبني من ورائه أمة واحدة موحدة، تكون كذلك الجزء الذي لا يتجزأ لوحدة المغرب العربي الكبير المأمول ثم للوحدة العربية الإسلامية. ولم يُعجزه حُلمه، وهو الذي يعلم أن الدول لا تُبني بعمر الأنسان القصير ولكن بأعمار الأجيال من عمر البشر، فمضى يُعدِّي على سلبيات المواقف ومخلفات العُقد وصعوبات الظروف بالكتابة والحوار والمحاضرة والتحرك لدفع الهمم وإثارة العزائم، من أجل التمسك بالعروة الوثقى، التي لم يكن ليَفلت حبلها من يده، ككل مؤمن بمستقبل بلاده تحت غير نير الذلّ والتعبية للعادي والمعتدي على ذاتيتها القومية والدينية المخلّدة.

فبقي مصطفى الفيلالي هو هو، الجديد المتجدد مع كل جديد يَجدّ، وكأنه يريد الأول أن يأخذ الأحداثَ على براءتها الأولى ليصنع منها ما صنعه الفاتحون الأولون من مجد لأوطانهم. وظل ثابتاً على عروبته لغة وثقافة وانتماء وعلى دينه عقيدة واجتهاداً، حين كرمه الله بالمسؤوليات الأولى في بناء دولتها الوطنية بعد الاستقلال، ثم في أزماتها بالحداثة والمعاصرة ومواكبة الأمم علماً وتقنية وصناعة؛ ولا تجده إلا مقداماً في الخطوات الأولى للتصحيح والإصلاح والبناء دون التهديم، مثلَ فِعله الحثيث مع الثورة في أقسى ظروفها استقراراً، كأحد شيوخ الحكمة ومراجع النظر والتدبير.

وإذا قلنا إنه، من الأول ملأ صدره بالقرآن الكريم وتربى على فضائل المنشأ في صميم جلاص وأعاليها، مَحتد العراقة والفروسية والكرم والشرف، ثم أخذته الرحلة للعاصمة، من بلدته البعيدة في أعالي شراحيل سيدي علي بن نصر الله، بلدة القرآن والأولياء الصالحين والكدح وبناء الهمم العالية، للتعليم الوطني الحديث العصري من صادقية خير الدين وخلدونية الزيتونة، ما تقَوّم به عُودُه قبل أن تؤهله مواهبه الخارقة على أقرانه للالتحاق بجامعة السربون لنيل الاختصاص في الآداب والعلوم الإنسانية، وفي مقدمتها علوم بلاده العربية وحضارته الإسلامية وما خلفته من آثار على تقدم العلوم الاجتماعية والاقتصادية في فرنسا وفي سائر أوروبا منذ أيام القيروان والأندلس وبلرم وغيرها. وجعلته ينافس فيها أقرانه الفرنسيين في ألزم ما ألزمهم من أسرار تقدّمهم في الحريات وفي جماليات الكون والحياة وفي الديمقراطية واكتساب ناصية العلوم والمعارف.

فلم يكن هذا الزاد ليخطئه في سائر حياته خطيباً مصقعاً ومحاضراً لبقاً ومحللاً اقتصادياً واجتماعياً ومسؤولاً سياسياً ونقابياً ورجل دولة معتبر. وأكثر من ستين عاماً عطاء بعد شبابه الأول وهو على رأس المسؤوليات، لا يخطئ الباحثُ إذا لم يجد عطاء متفرداً في كل سنوات مصطفى الفيلالي الواحدة تلو الأخرى، الى آخر أيامه كيعسوب النحل يعالج خلايا ما بعد الثورة ليستقر على حال تكون للدولة فيها وللمجتمع الغلبة على مشاكل التخلف والنمو.

إن الموت يخلد الأحياء بقدر ما تخلدهم أعمالهم.

تونس في ٢١ جانفي ٢٠١٩


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصطفى الفيلالي، تونس، النقابيون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-01-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس
  تطبيق نظرية الإعجاز على الشعر
  مباحثاتي مع المستشرق الانجليزي بوزوورث

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - المنجي الكعبي، فهمي شراب، صلاح المختار، المولدي الفرجاني، رشيد السيد أحمد، أنس الشابي، مجدى داود، رضا الدبّابي، رافع القارصي، عبد الله زيدان، العادل السمعلي، رافد العزاوي، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، د. أحمد محمد سليمان، أحمد النعيمي، د - صالح المازقي، جاسم الرصيف، سامر أبو رمان ، حاتم الصولي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فتحي الزغل، محرر "بوابتي"، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، فتحـي قاره بيبـان، سامح لطف الله، عبد الرزاق قيراط ، الهادي المثلوثي، حسني إبراهيم عبد العظيم، عواطف منصور، عمر غازي، د - مصطفى فهمي، محمود طرشوبي، سليمان أحمد أبو ستة، عزيز العرباوي، محمد عمر غرس الله، منجي باكير، د- هاني ابوالفتوح، محمود سلطان، د- جابر قميحة، ماهر عدنان قنديل، صباح الموسوي ، محمد شمام ، الهيثم زعفان، صفاء العربي، د. أحمد بشير، عراق المطيري، كريم السليتي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، محمد يحي، د. عبد الآله المالكي، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد ملحم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عمار غيلوفي، د. خالد الطراولي ، علي الكاش، ياسين أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، صالح النعامي ، مراد قميزة، يحيي البوليني، د - شاكر الحوكي ، إياد محمود حسين ، محمد الياسين، أحمد بوادي، د.محمد فتحي عبد العال، سلوى المغربي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الناصر الرقيق، فوزي مسعود ، محمود فاروق سيد شعبان، د - الضاوي خوالدية، سيد السباعي، أبو سمية، عبد الله الفقير، د- محمود علي عريقات، حسن عثمان، محمد أحمد عزوز، أحمد الحباسي، محمد اسعد بيوض التميمي، د. صلاح عودة الله ، صلاح الحريري، طلال قسومي، حميدة الطيلوش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، وائل بنجدو، حسن الطرابلسي، رمضان حينوني، مصطفي زهران، د - محمد بنيعيش، نادية سعد، خبَّاب بن مروان الحمد، إيمى الأشقر، سلام الشماع، محمد الطرابلسي، عبد الغني مزوز، كريم فارق، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد العيادي، د - عادل رضا، أ.د. مصطفى رجب، تونسي، سفيان عبد الكافي، أشرف إبراهيم حجاج، علي عبد العال، فتحي العابد، د. طارق عبد الحليم، ضحى عبد الرحمن، يزيد بن الحسين، سعود السبعاني، د- محمد رحال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة