البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أبناء السياسة وأبناء النسب

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2524


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تتوسّع دائرة التأثير في الأحداث التي أصبح يمارسها الرئيس باطّراد، بعد القطيعة الشهيرة المعلنة بينه، كرئيس للجمهورية، وبين حزب "النهضة"، ولم تعد تربط علاقته التوافقية معها في المسائل السياسية التي تقوم محلّ تفاهم بينه وبينها تطبيقاً لاتفاق باريس المنتهي بإرادة من رئيسها في أكتوبر الماضي، إثر خلافه معه على استمرار حكومة من هو بمثابة ابنه في السياسة، يوسف الشاهد.

و آخر هذه الأحداث، بعد إثارة القضايا العدلية النائمة طيلة المرحلة السابقة وعلى رأسها الاغتيالات المتهمة قيادات من النهضة بالوقوف وراءها أو تحمّل المسؤولية عنها في مدتها من الحكم المباشر في المرحلة الماضية، قضية العفو الخاص على من كان بمثابة الناطق الرسمي لحزبه "النداء" والمستشار السياسي لابنه المدير التنفيذي له حافظ قايد السبسي، والمقصود به الإعلامي البارز برهان بسيس، المُفرَج عنه أخيراً من السجن بسنتين في قضية تقاضي أموال دون وجه حق من إحدى المؤسسات في عهد المخلوع.

ويدلّ ظهور اسم العجمي الوريمي، أحد أبرز قيادات النهضة في آخر لائحة المشكورين على سعيهم للإفراج عنه، أن الحركة تبادرتْ الى احتواء الموقف إزاء القضايا الأمنية المتهمة بها، المعروضة على عناية الرئيس لعله يشملها بعفوه الخاص لاعتبارات إنسانية مشابهة، أو من منطلق تقديره للمصلحة العامة وحسن سير دواليب الدولة، دعماً للأمن والاستقرار، فحرّكت هذا القيادي القديم والنائب بمجلس نواب الشعب المعروف بحسه السياسي المرهف وتقييسه للأمور بمثقال الذرة الذي يَرَه.. لتكون للحركة اليد على من يدخل السجن ومن يخرج منه.

والأخذُ بهذا العفو الرئاسي الخاص من صلاحيات الرئيس الدستورية هو أمر غير مناقش فيه خارج الدستور وفي غير مناسبات تعديله.

وكأنما الأحداث تدفع، بعد حسم القطيعة مع "النهضة"، نحو تقديم تنازلات جديدة لتأمين مستقبلها، وتمهّد لتجديد توافقها مع الرئيس عشية الانتخابات القادمة، بعد تجاوز قضية الشاهد بشكل من الأشكال مُرْض للجميع، واستدراج جماعات النواب الغاضبين او المنفلتين من التزامات أحزابهم لتمرير مشاريع القوانين التي تتطلب أغلبية كافية للتصديق عليها.

فأمامها قدْرٌ من التنازلات السياسية والتشريعية، لتمرير المقترحات القانونية المرتقبة، من أجل انتخاب رئيس لهيئة الانتخابات وتسديد الشغور الحاصل بها وتعديل قانونها، وكذلك بشأن مشاريع قوانين تأسيسية أخرى بقيتْ معلّقة منذ ما قبل القطيعة.

حتى إذا وجدتْ الرئاسة أن الظروف قد توفّرت لإعادة الوصل مع حركة النهضة مجدداً بعد التعديل في مواقفها المبدئية يكون حزب "نداء تونس" قد استعاد عافيته وقاعدته الانتخابية لمواجهة المنافسة مع "النهضة" في الانتخابات القادمة، على آفاق الهدنة الاجتماعية بينه وبين سائر الأحزاب، حتى تبقى هذه الحركة في ظل التحديات الداخلية والخارجية كالمحكوم عليها في المعارضة أو كالرديف للحزب الأول، توفيراً لمناخ أفضل للموزانة بين السلطات في الدولة المدنية، لإنعاش المبادرة الاقتصادية وتحقيق الرخاء المنشود في ظل العولمة.

وكأنّ قليلاً من الميكيافيلية في السياسة لم يعد يُخجل أحداً، وكلّ محترف للسياسية مطلوب منه للنجاح أن يكون كالمعدن الصلب يقطع الزجاج دون أن يَكْسره، ليَسلَم من تهديد القضاء الثوري أو الانتقالي - كما يقال - أو السياسي إذا جاز الخلط، وإنْ كرِه بعض الناس مثل هذا المذهب.

لقد كان المتنبي عندما يمدح كافوراً أو سيف الدولة إنما كان يمدح الأوّل، لا بفضل ما فيه ولكن بفضل ما يَرتجيه فيه من خصال الأمير القائد والفاتح العظيم، وعندما كان يمدح الثاني إنما كان يمدحه بما يَستنْهضه الى ما هو أروع مما حققه من فتوحات وأمجاد للأمة وللإسلام ولدولته في منافسةٍ للملوك والقياصرة وعظماء الفاتحين. وإنما لم يكن يَكذب أو يُنافق وإنما كان يَصْدُق بالمبالغة ويثِق بتأثير الشعر وتخليد الذكر وإشاعة الأفضل والخير.

وقس على ذلك كبار الإعلاميين في عصور عظماء الملوك والسلاطين، كهيكل في عهد عبد الناصر وبو الأعراس في عهد بورقيبة، ومن استطاع أن يضاهيهم كالقديدي في عهد مزالي وبسيس في عهد الزين، والآن.

وهؤلاء رجالات استثنائيون لم يكن الملوك والرؤساء ليستغنوْا عنهم في حلّهم وترحالهم كالعلماء والوجهاء، كما كان الشأن مع ابن خلدون مع بعض ملوك زمانه، حتى أنه اغْتبطَهم به تيمورلنك الفاتح الكبير لمّا غزا الشرق ووصل دمشق، فأراده ان يكون في حاشيته فاعتذر له باعتذار رقيق بحاله عند صاحب مصر وأهداه مركوبه، وكان قبل ذلك عند دخوله عليه قدّم له مصفحاً جليلاً اشتراه من سوق دمشق، فقبّله الفاتح واقفاً ورفعه فوق رأسه.

ومن هنا جاء إعْتاب الكُتّاب والشعراء والعلماء على وقَعاتهم أو زلاتهم نحو الحكام، حتى ذهَب المثَل بالعالِم يُضرب في الآفاق:« قيل للحكيم: من أحقّ الناس بالرحمة؟ قال: عالمٌ لا يجوز عليه حُكم جاهل!». ولهذا المثَل نظيرُه عند اليونان، فإن سقراط حكمتْ عليه المحكمة التي لم تقرأ سوى نص الدعوى عليه بأنه امتَهَن طبقة الديمقراطية، فكان الحكم بالإعدام، ولكنه قضى بالسم في سجنه انتقاماً لنفسه وتفضيلاً لقيمة الأخلاق على الحياة.

فالرئيس أحرص من كل أحد سواه على تنفيذ الأكثرِ من الممكنِ من وعوده الانتخابية المحسوبة عليه قبل انتهاء رئاسيته الأولى، إن لم يكن دعماً لشعبيته على الأصل في الأشياء، يكنْ تزكية لترشيحه بتوافق بين الأحزاب من جديد لخلافة نفسه تقديراً له ووفاء، لتجنيب البلاد كالأوّل من فتنة التنازع على الحكم بين المتهافتين الكثيرين من رؤساء الأحزاب تحت وطأة التدخلات الأجنبية وفي ظل هشاشة الدولة وبيع الذمة لكثير من المتصيّدين.

تونس في ١٢ ديسمير ٢٠١٨


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات، السياسة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 13-12-2018  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس
  تطبيق نظرية الإعجاز على الشعر
  مباحثاتي مع المستشرق الانجليزي بوزوورث

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فوزي مسعود ، د- جابر قميحة، خالد الجاف ، د - محمد بنيعيش، حسن الطرابلسي، عراق المطيري، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الرزاق قيراط ، عبد الله زيدان، جاسم الرصيف، رشيد السيد أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، منجي باكير، مجدى داود، محرر "بوابتي"، د.محمد فتحي عبد العال، صلاح المختار، أبو سمية، كريم فارق، رضا الدبّابي، عبد الله الفقير، علي الكاش، أحمد بوادي، مراد قميزة، فتحـي قاره بيبـان، أحمد ملحم، عزيز العرباوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، فتحي العابد، الهادي المثلوثي، مصطفي زهران، د. أحمد بشير، رافد العزاوي، أحمد الحباسي، تونسي، محمد العيادي، إيمى الأشقر، سيد السباعي، فهمي شراب، سفيان عبد الكافي، د. طارق عبد الحليم، سعود السبعاني، كريم السليتي، د - عادل رضا، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد الياسين، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العراقي، حميدة الطيلوش، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - مصطفى فهمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد أحمد عزوز، د - شاكر الحوكي ، أ.د. مصطفى رجب، محمد يحي، محمد الطرابلسي، رمضان حينوني، محمود طرشوبي، وائل بنجدو، سامر أبو رمان ، ماهر عدنان قنديل، إياد محمود حسين ، د. أحمد محمد سليمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، الناصر الرقيق، يزيد بن الحسين، أنس الشابي، نادية سعد، د. صلاح عودة الله ، إسراء أبو رمان، صلاح الحريري، العادل السمعلي، صباح الموسوي ، د- محمد رحال، عبد الغني مزوز، سليمان أحمد أبو ستة، محمد اسعد بيوض التميمي، صفاء العربي، محمود فاروق سيد شعبان، د - الضاوي خوالدية، مصطفى منيغ، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، يحيي البوليني، صالح النعامي ، محمد عمر غرس الله، عواطف منصور، سلوى المغربي، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، أحمد النعيمي، رافع القارصي، د. خالد الطراولي ، محمود سلطان، سامح لطف الله، ضحى عبد الرحمن، المولدي الفرجاني، حسن عثمان، فتحي الزغل، عمر غازي، محمد شمام ، طلال قسومي، د- هاني ابوالفتوح، د - محمد بن موسى الشريف ، علي عبد العال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمار غيلوفي، د- محمود علي عريقات، د. عبد الآله المالكي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة