البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

العجفاء ذات الجلود حين تتعرى، دلالة الجرأة وغياب الرد

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 1307


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


انتشرت صورة مستفزة لامرأة عجفاء متعرية، وتبين أنها من أولئك اللواتي يأتين الانحرافات الأخلاقية بزعم الفن، وهي في ذلك مثلها مثل عموم نبت الزقوم الذي زرعته منظومة فرنسا منذ عقود ورعته فلما استوى واستغلظ وآتي أكله سلمته أجهزة التشكيل الذهني بتونس فاستحوذوا على هياكل المستوى الثقافي فانتهبوها بينهم و أغرقوا دور الثقافة بعموم من يماثلهم وصدوا من ليس منهم من أن يطأها أو أن يطال حقه الذي يفترض أن يناله كتونسي من تمويلات أعماله أو طباعة كتبه، وأصبحت المهرجانات بؤر انحرافات لا تكاد تعرض فنا إلا لماما

ولما اطمأنت فرنسا على نبتها و أنه استقل في فاعليته عنها ونافسها في ما تريده بل وتفوق، إذ نبت الزقوم هذا يكره الإسلام كما تكرهه فرنسا أو يزيد وهو يكره لغة تونس العربية كما تكرهها فرنسا أو يزبد، فلما كان ذلك تركت فرنسا هؤلاء دوننا يتجرؤون ويحتقرون، فيتبولون علينا كل حين من دون رد منا، نحن أولاء فارغي الأفواه، المبهوتين، كأنما نساق للموت من شدة سكوننا، الذين نكاد ننازع الجماد في سلبيتنا ولا نكاد نرتقي لبعض الحيوانات إذ تنتفض دفعا للعدوان وصونا للحرمة

وهذه المرأة العجفاء تقبل على انحرافاتها باطمئنان لافت ولكنه اطمثنان الواثق من غياب من ينازعها أمرها ويسائلها عن سقطاتها

سنبحث في ما يلي دلالة هذه الجرأة، ودلالة غياب الردود

دلالة الجرأة

كيف لامرأة تتعرى باطمئنان وتروج لذلك في مجتمع يفترض أنه مسلم

1- يستعمل مفهوم الفن كأداة لتمرير الانحرافات الأخلاقية المستفزة، فالفن بهذا المعنى وعاء وظيفي تستعمله منظومة فرنسا لتمرير مشاريعها الاقتلاعية المغالبة للتونسيين

2- تتحرك منظومة فرنسا تحت غطاء مغالطات تتفرع من زعم فاسد يقول بتجانس المجال المفاهيمي (1) للتونسيين عموما، وينتج عن ذلك أن معاني المفاهيم متجانسة، أي أن مفهوم الفن مثلا له نفس المعاني لدى كل الناس، ولما كانت منظومة فرنسا هي من تملك وتتحكم في أدوات تشكيل الأذهان من تعليم وإعلام وثقافة، فإنها تريد أن تقول للتونسيين أن تحديداتها هي لمعاني الفن مقبولة من التونسيين، فيصبح التعري والانحرافات الأخلاقية التي تراها منظومة فرنسا فنا، فنا أيضا لدى التونسيين يلزمنا قبوله

وهذا منهج شنيع نتيجته ما نعرفه من تفكك اجتماعي وترهل أخلاقي مؤسف، أساسه القبول بأن منظومة فرنسا التي تحكم تونس هي وباقي التونسيين سواء وان ما تقرره يقبله التونسيون، وهذا افتراض غير صحيح

منظومة فرنسا غير باقي التونسيين، منظومة فرنسا كيان غريب أنشأته عدوتنا فرنسا ورعته ونما وتفرغ لخدمتها وخدمة مشروع الإلحاق بها، وهو كيان خياني كان يفترض تفكيكه بعيد خروج الجنود الفرنسيين لا تقويته، ولما حدث أننا عجزنا للأسف ولم نفكك منظومة فرنسا فعلى الأقل أن نكون واعين بأنها كيان غريب عن التونسيين مفاهيمها غير مفاهيمنا وواجبنا السعي للتخلص منها وتفكيكها في المستوى اللامادي أي تحرير أدوات تشكيل الأذهان التونسية منهم أي التعليم والإعلام والثقافة

وعليه فما تنتجه منظومة فرنسا من اللاماديات يجب الابتعاد عنه والتحذير منه لا الإقبال عليه، أي أن المنتوجات الفنية والإعلامية وبرامج التعليم كلها يجب رفضها ما دامت تحت إشراف منظومة فرنسا

3- كنت برهنت من قبل (2) أن الموجودات اللامادية أساسا لا يصح عقلا تعريفها، وإنما ما يحصل أن عمليات ضبطها تحكمات ومصادرات مفهومية لا تصح إلا داخل حقل مفاهيمي واحد متجانس أي أن معاني المفاهيم تدور في حقل تعريفات واحد

هذا يعني أن مفهوم الفن لا قيمة له إلا داخل حقل مفاهيمي متجانس، ولما كانت تونس يشقها حقلان مفاهيميان كبيران احدهما حقل مفاهيمي لمنظومة فرنسا ثم حقل مفاهيمي آخر يقابله ويغالبه، كان معنى ذلك أن الفن لا يمكن أن يكون ذا معاني متجانسة لدى كل التونسيين، وبدقة أكبر فإن الفن كما تفهمه منظومة فرنسا ليس الفن كما يفهمه بقية التونسيين، بل ولايجب أن يكون نفسه

وعليه فإن المجال الفني بتونس يحب أن يقع تحريره من أيدي منظومة فرنسا الغريبة عنا إن كنا تريد أن نستهلك فنا يدور في مجالنا المفاهيمي و إلا كنا تبعا للغير في بلدنا

غياب الرد

1- هناك ردود تقول بلوم المرأة تلك عن إسرافها أي هو لوم في مستوى مقدار الفعل وليس طبيعة الفعل واتجاهه

الحسم في الردود يجب أن يكون حول المواقف من الحقل المفاهيمي الذي تتحرك منه، فإن أنت كنت تعتبر ما تقوم به تلك المرأة فنا فأنت في صف منظومة فرنسا وأداة اقتلاع للتونسيين، وإلا فالأمر محسوم أنها نبت زقوم يجب صدها، لأننا نحن مشكلتنا ليس في تعري تلك المرأة في تلك الصورة تحديدا، لأنها أساسا صورة خائبة، وإنما الإشكال في أبعاد فعل التعري، أنه أنطلق من احتقار ومغالبة للمجال المفاهيمي للتونسيين، لا يهمنا بعدها إن تعرت قليلا أو كثيرا كما يرى لائموها المتجانسون فكريا معها

2- غياب الرد لدى المفترضين أنهم ينتمون للحقل المفاهيمي المستهدف من منظومة فرنسا، أي عامة التونسيين، سببه كما أرى أنه تشويش ذهني يقع لهم في مستوى المفاهيم، وذلك نتيجة القصف الذهني الذي تعرضوا له طيلة عقود، جعلهم يقبلون أن تحكمهم منظومة فرنسا وتأثر فيهم ويقبلون ما تروجه وتقرره من مفاهيم بل و يتخلون عن مفاهيمهم ويستبدلونها بمفاهيم أتباع فرنسا ومنها مفهوم الفن

إذن القصف الذهني المتصل لعقود انتج عجزا عن الفعل وهو ما نعيشه ونرى نتيجته حد أن يرتع هؤلاء مطمئنين في احتقارهم لنا

3- في مستوى غياب الردود، نجد السلطات القضائية، إذ كان يفترض أن تحال هذه المرأة على قطب مكافحة الإرهاب، لأن ما فعلته تحريض على الإرهاب، حيث أنها اعتدت على هوية التونسيين وعملت على إشاعة الفاحشة بينهم، وهذا يؤكد ادعاءات الجماعات المسلحة التي تقول أنها تحمل السلاح لأن الإسلام يحارب بتونس، وهي بتعريها واشاعتها الفاحشة تؤكد أقوال حاملي السلاح حيث أنها تحارب الإسلام ولا احد منعها أو أوقفها بالقانون، فهي كمن يصب الماء في طواحينهم، وبهذا فهي تقف بصفهم وتشجعهم موضوعيا وضمنيا

ثم إن هذا التفسير يحب أن يستعمل لإيقاف والإحالة على قطب الإرهاب كل أولئك الذين حولوا المهرجانات لعلب ليلية من خلال حفلات التعري والاعتداء على الذوق إذ هم بصدد تأكيد قول أن الإسلام يحارب في تونس

--------
(1) لفهم مصطلح المجال المفاهيمي، ينظر للمقالات التي شرحت فيها ذلك، وتتناول الفرز العقدي، من مثل مقال: الفرز العقدي واسترجاع المجال المفاهيمي: في فهم أسباب هواننا أمام منظومة فرنسا (3)
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=10209

(2) ينظر لمقال: التحكم في التعريفات كأداة لضبط المعاني وصناعة الفرد التابع: نموذج تعريف الفن
https://myportail.com/articles_myportail.php?id=10292


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

منظومة فرنسا، الفن، التغريب، الالحاق،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-09-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد اسعد بيوض التميمي، كريم فارق، د - المنجي الكعبي، د. أحمد بشير، أشرف إبراهيم حجاج، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، الهيثم زعفان، تونسي، صباح الموسوي ، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلوى المغربي، مصطفي زهران، رحاب اسعد بيوض التميمي، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صالح النعامي ، محمد أحمد عزوز، الناصر الرقيق، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أنس الشابي، رافع القارصي، مراد قميزة، يزيد بن الحسين، محمود طرشوبي، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، محمد شمام ، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، أحمد الحباسي، عمر غازي، صفاء العربي، وائل بنجدو، حميدة الطيلوش، صلاح الحريري، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- هاني ابوالفتوح، سعود السبعاني، محمد الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، محرر "بوابتي"، كريم السليتي، د- محمد رحال، الهادي المثلوثي، د.محمد فتحي عبد العال، سيد السباعي، فوزي مسعود ، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، نادية سعد، محمد الياسين، عزيز العرباوي، ياسين أحمد، محمد عمر غرس الله، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد محمد سليمان، منجي باكير، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود فاروق سيد شعبان، عراق المطيري، إيمى الأشقر، عبد الله زيدان، عبد الله الفقير، خالد الجاف ، د - شاكر الحوكي ، فتحي الزغل، رمضان حينوني، حاتم الصولي، عبد الغني مزوز، د- محمود علي عريقات، أبو سمية، فتحي العابد، د - محمد بن موسى الشريف ، د - الضاوي خوالدية، علي الكاش، عبد الرزاق قيراط ، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، مجدى داود، د. عبد الآله المالكي، يحيي البوليني، عمار غيلوفي، حسن الطرابلسي، صفاء العراقي، أحمد النعيمي، فهمي شراب، محمود سلطان، عواطف منصور، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بنيعيش، أ.د. مصطفى رجب، د - مصطفى فهمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، جاسم الرصيف، د. صلاح عودة الله ، طلال قسومي، محمد يحي، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، علي عبد العال، د - عادل رضا، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سليمان أحمد أبو ستة، مصطفى منيغ، د- جابر قميحة، خبَّاب بن مروان الحمد، سلام الشماع، العادل السمعلي، صلاح المختار، المولدي الفرجاني،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء