البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

السياحة في تونس.. قطاع يستنزف مقدّرات البلاد بدون مردوديّة عالية

كاتب المقال شمس الدين النقاز - تونس   
 المشاهدات: 2281



تزامنا مع اقتراب مداخيل قطاع السياحة في المملكة الأردنية لـ5 مليارات دولار عام 2018، تخطّت تونس تلك الدولة المطلّة على البحر الأبيض المتوسّط والتي تتمتع بجمال طبيعي مبهر، حاجز المليار دولار من المداخيل السياحية بصعوبة بالغة، ما يفتح المجال للتساؤل عن أسباب تدنّي المداخيل السياحية رغم الإجراءات الحكومية الاستثنائية السنوية لفائدة "مافيا" قطاع السياحة التي أصبحت تتحكّم وتؤثّر في اقتصاد البلاد.

أول أمس الاثنين، كشفت وزارة السياحة الأردنية أن عائدات قطاع السياحة في البلاد تجاوزت 4.8 مليار دولار منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر نوفمبر الماضي، لافتة إلى زيادة نسبة زيارات المجموعات السياحية خلال الفترة المذكورة مقارنة بالسابق بنحو 40.1%، مشيرة إلى بلوغ نسبة الارتفاع في أعداد سياح المبيت الإجمالي لشهر نوفمبر الماضي، بـ9.4%، بعدد زوار (298.333) سائح مقارنة بـ (272.654) سائح للفترة ذاتها من عام 2017.

ليست الأردن البلد العربي الوحيد الذي تفوّق على تونس في إيراداته السياحية، فمصر والمغرب كذلك، فاتا تونس بأشواط كبيرة من خلال تجاوز مداخيل السياحة لكل منهما 7 مليارات دولار، وفق الأرقام الرسمية، ما يؤكد الفجوة الهائلة بين تونس ومنافسيها فيما يتعلّق بمداخيل القطاع السياحي مقارنة بعدد السياح الوافدين على كل دولة.

أواخر العام الماضي، توقع وزير السياحة المغربي، محمد ساجد، أن تستقبل بلاده نحو 11.8 مليون سائح خلال 2018، وتحقيق إيرادات تبلغ 7.2 مليارات دولار، في وقت أكدت فيه الأرقام المصرية الرسمية أن إيرادات السياحة شهدت ارتفاعًا كبيرًا هي الأخرى من 4.4 مليار دولار للعام المالي 2017 إلى 9.8 مليار دولار خلال العام المالي 2018.

على الصعيد التونسي، بلغ عدد السياح الوافدين على تونس حتى نهاية الشهر الماضي، نحو 7.7 مليون سائح، على أمل ارتفاع العدد الإجمالي لنحو 8 ملايين سائح، نهاية هذا العام، وفّروا إيرادات بنحو 3.7 مليار دينار تونسي (نحو 1.2 مليار دولار) هذا العام، وهو رقم ضئيل جدا بالنظر إلى عدد السياح الوافدين على البلاد من جهة، وإذا ما تم مقارنته بإيرادات دول أخرى لطالما كان المسؤولون التونسيون يفاخرون أنفسهم بأن تونس قد سبقتهم أشواطا كبيرة في تطور سياحتها وجودتها.

منذ أكثر من عقدين من الزمن، لم تنجح السياحة التونسية في افتكاك مكانها كوجهة سياحية مثالية ومتكاملة للسائح الغربي والعربي في نفس الوقت، بل لم تنجح في تطوير نفسها وتحسين جودة فنادقها ومعاملة طواقمها لحرفائها خلال موسم الذروة، فالسياحة فتونس تقتصر على البحر والشاطئ، ولا تتجاوزها في أقصى الحالات إلى لزيارة بعض المعالم التاريخية التي ساهمت اللامبالاة وعدم تهيئتها لتآكلها وخرابها، رغم أن المسؤولين والمثقفين يتفاخرون بأن تونس بلد 3000 سنة حضارة.

يلحظ المتأمل في تصريحات المسؤولين التونسيين انبهارا كبيرا بتحسّن مردودية القطاع السياحي وبلوغها أرقاما "مطمئنة" خاصة بعد الهجوم الإرهابي الذي ضرب أحد النزل بمدينة سوسة السياحية في شهر يوليو 2015، متناسين أن مصر هي الأخرى، وتلقت السياحة المصرية ضربة قاصمة عند تفجير طائرة ركاب روسية في سيناء أواخر أكتوبر تشرين الأول 2015 ومقتل جميع ركابها، لكنها سرعان ما نهضت من جديد وعادت لتحقق إيرادات كبيرة من السياح الوافدين على البلاد.

قد لا يعرف القارئ العربي، أن الإجراءات الاستثنائية التي قامت بها الحكومة التونسية صيف 2015، لفائدة النزل، وتمتيعهم بإعفاءات ضريبية كبّدت خسائر بملايين الدولارات لميزانية الدولة، لم تساهم في إنقاذ القطاع السياحي وتحسّنه، بقدر ما أسفرت عن تفاخر "المافيا" التي تسيطر على القطاع، بأنها تتحكّم في الدولة، العاجزة بدورها عن مساءلة أصحاب النزل ووكالات الأسفار المعروفة عن أسباب التباين الواضح بين عدد السياح ومداخيل القطاع السياحي وسرّ إبقاء جزء كبير من الإيرادات بالعملة الصعبة خارج البلاد.

يقول مراقبون، إن السياحة التونسية لم تستطع تطوير خطواتها الأولى وخططها التي بدأت بها النشاط السياحي، فظلّت تعتمد على الترفيه الشاطئي والفندقة مما خلق مفاهيم خاطئة لدى المسؤولين اختزلت السياحة في النزل، وهو ما يعتبر خلطا وخطأ فادحا، لأن القطاع تحكمه عديد التفاصيل، بدأ بالنقل والنظافة والفضاءات الترفيهية والبنى التحتيّة وغيرها من النشاطات المرتبطة بالقطاع والتي تمثّل الأرضية الحقيقيّة لنجاح الموسم السياحي.

في دولة تتمتّع بتاريخ زاخر ومنشئات تاريخية باهرة على غرار قصر الجم والمسارح الأثرية والقصور التاريخية، فشل المسؤولون التونسيون في الترويج للسياحة الثقافية أيّما فشل، بينما تكشف أرقام وزارة السياحة الأردنية أن عدد زوار المواقع الأثرية الرئيسية خلال شهر نوفمبر الماضي وحدة، شهد ارتفاعا ملحوظا من جميع الجنسيات العربية والأجنبية والمقيمين، حيث بلغ عدد زوار البترا 100.210 ألف زائر بنسبة ارتفاع 32.9% وفي جرش 33.789 ألف زائر بنسبة ارتفاع وصلت إلى 46.3% وفي وادي رم 30.468 ألف زائر بنسبة ارتفاع 50.3% وفي كنيسة مادبا الخارطة 45.200 بنسبة ارتفاع 53.7%، فيما بلغ عدد زوار جبل نيبو 65.323 ألف زائر بنسبة ارتفاع وصلت إلى 159.8% وفي موقع المغطس 17 ألف زائر بنسبة ارتفاع وصلت 23.7 %.

إن مقالا واحدا لا يكفي للحديث عن سبب تراجع إيرادات القطاع السياحي في تونس مقارنة بنظرائها من الدول العربية، لأن الإشكال اليوم لا يتمثّل في استنزاف أصحاب النزل ووكالات الأسفار المتحكّمة في السوق لمقدّرات البلاد فقط، بل أيضا بالمشاكل الجوهرية والسياسة الحكومية الخاطئة التي تواصل انتهاجها الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، ولعلّنا نبسط ذلك في مقال قادم، قد يكشف للقارئ هول ما يحدث في بلد يزخر بكنوز سياحية فريدة يأبى كثيرون إلا أن يتواصل دفنها حتى لا تغضب "المافيا"، التي يطول الحديث عنها هي الأخرى.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، السياحة، المنوال الإقتصادي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 21-12-2018   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مجدى داود، رشيد السيد أحمد، سلوى المغربي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عزيز العرباوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهيثم زعفان، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد العيادي، سليمان أحمد أبو ستة، خالد الجاف ، علي عبد العال، ياسين أحمد، د - عادل رضا، عبد الله زيدان، د - مصطفى فهمي، د - محمد بنيعيش، أحمد النعيمي، سفيان عبد الكافي، وائل بنجدو، حسن عثمان، الناصر الرقيق، عراق المطيري، عبد الرزاق قيراط ، صلاح الحريري، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، رافد العزاوي، محرر "بوابتي"، إيمى الأشقر، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صالح النعامي ، مراد قميزة، حميدة الطيلوش، د - شاكر الحوكي ، المولدي الفرجاني، د. خالد الطراولي ، كريم السليتي، عبد الغني مزوز، د - صالح المازقي، عمر غازي، د. أحمد بشير، سلام الشماع، العادل السمعلي، رضا الدبّابي، محمد عمر غرس الله، د. أحمد محمد سليمان، فتحي العابد، رافع القارصي، إياد محمود حسين ، محمد شمام ، منجي باكير، صلاح المختار، أبو سمية، محمود سلطان، أنس الشابي، فوزي مسعود ، محمد اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، د- جابر قميحة، صفاء العربي، سامر أبو رمان ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. طارق عبد الحليم، حسن الطرابلسي، جاسم الرصيف، د. صلاح عودة الله ، د- محمود علي عريقات، مصطفى منيغ، أحمد بوادي، د. مصطفى يوسف اللداوي، ماهر عدنان قنديل، أحمد ملحم، أ.د. مصطفى رجب، عمار غيلوفي، تونسي، محمود فاروق سيد شعبان، صفاء العراقي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد أحمد عزوز، د - الضاوي خوالدية، إسراء أبو رمان، مصطفي زهران، سامح لطف الله، يزيد بن الحسين، محمد الطرابلسي، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الله الفقير، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، د. عبد الآله المالكي، د- محمد رحال، الهادي المثلوثي، فتحي الزغل، عواطف منصور، طلال قسومي، محمد الياسين، محمد يحي، أحمد الحباسي، فهمي شراب، د- هاني ابوالفتوح، د - المنجي الكعبي، أشرف إبراهيم حجاج، صباح الموسوي ، رمضان حينوني، علي الكاش، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سعود السبعاني، كريم فارق، حسني إبراهيم عبد العظيم، سيد السباعي، محمود طرشوبي، ضحى عبد الرحمن، يحيي البوليني،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة