البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

العاهل المغربي في مواجهة أعداء السيادة الوطنية

كاتب المقال سعيد توبير - المغرب    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3792 Fouad.1843@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


إن أجمل ما قرأنا وتأثرتنا به، في مراحل التكوين الجامعي هو نظرية “التحدي والإستجابة” لصاحبها “آرنولد توينبي 1889 – 1975م”، على اساس ان هذه النظرية قد نشأت في موسوعته التاريخية المُعنونَة بـ “دراسة للتاريخ” الواقعة في إثني عشر مجلَّدا، حيث أنفق توينبي واحد وأربعين عاماً في تأليفها، و التي من خلالها يُـفسّر توينبي نشوء الحضارات الأولى، أو كما يسمِّيها “الحضارات المنقطعة” من خلال نظريّـته الشهيرة الخاصة بـ “التحدي والإستجابة”، والتي استلهمَها من عِلم النفس السلوكي، وعلى وجه الخصوص من “كارل يونغ 1875 – 1961م” الذي يقول أنَّ الفرد الذي يتعرض لصدمة قد يفقد توازنه لفترةٍ ما، ثم قد يستجيب لها بنوعين من الإستجابة:

إستجابة سلبية: النكوص إلى الماضي لاستعادته والتمسك به تعويضاً عن واقعه المُرّ، فيصبح إنطوائيّاً
إستجابة إيجابية: تَـقَـبُّـل الصدمة والإعتراف بها، ثم مُحاولة التغلُّب عليها، فيكون في هذه الحالة إنبساطيّاً.

و الواقع الصريح هو ان الاستجابة الثانية، هي التي يمكن ان تنطبق على رد فعل العاهل المغربي، الملك محمد السادس كنوع من التحدي لارادة المس بالوحدة الترابية للمملكة و محاولات خدش السيادة الوطنية، لاسيما في السنة الماضية، قبيل اصدار الامم المتحدة لقرار، مخلفا صدمة مدوية في المغرب، وهو القرار اللاتاريخي و القاضي بتأييد مطلب جبهة البوليساريو والجزائر في توسيع صلاحيات المينورسو، لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء المغربية، انها الصدمة التي هزت كيان الأمة المغربية في هويتها التاريخية و السياسية. وقد كان للتحرك الملكي نحو الخارج دور حاسم في إنقاذ البلاد من تداعيات تبني مجلس الأمن للقرار، وقد ظهر للفاعلين الدوليين و المتآمرين اقليميا وزن العاهل المغربي لدى الدول العظمى، فهو إذا انتصار ملكي للوطن، وأيضا تحذير للدبلوماسية المغربية و الهيئات الحزبية والمدنية للعمل بشكل أكثر فعالية وعمق تجاه قضية الصحراء الوطنية.

و في هذا السياق الدقيق و الحساس فعلى الحكومة من الناحية التاريخية و المسؤولية السياسية، ان تجتهد اكثر في ايجاد فلسفة تواصل اجتماعي حقيقي و تعبئة وطنية شاملة. ومن جهة اعتبارهم ممثلي الامة، فانهم يمارسون السلطة من خلال تذبير الشأن العام، بقوة التمثيلية البرلمانية المفعمة بروح مقتضيات ديقراطية الدستور الجديد. ان يستلهموا احد دروس أفلاطون في السياسة، التي فهم من خلالها أن السلطة هي وحدها القادرة على لجم السلطة ومنعها من تجاوز الحدود في التعسف والبطش والظلم، وبالتالي فلا ينبغي أن نترك نزوات المدبرين للشأن العام أن تأخذ كل أبعادها وتقود إلى الاستبداد والكوارث، وإنما ينبغي تحجيمها أو لجمها عن طريق القوانين والتشريعات، كما رأى أفلاطون أنه حتى الديمقراطية يمكن أن تحمل في طياتها بذور الطغيان والتعصب والظلم إذا لم تقودها القوانين العادلة والحكيمة.

اما في هذه السنة فقد عادت الامم المتحدة الى عادتها القديمة، بحيث تضمن تقرير بان كي مون حول الصحراء إشارة أن الهدف النهائي يجب أن يكون هو إرساء مراقبة دائمة ومحايدة ومستقلة لحقوق الإنسان في الصحراء وتندوف”. غير ان بلاغ الديوان الملكي قد اكد على ضرورة الحفاظ على الآليات الحالية، من خلال دعوة العاهل المغربي في مكالمة هاتفية، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى ضرورة الاحتفاظ بمعايير التفاوض كما تم تحديدها من طرف مجلس الأمن، والحفاظ على الإطار والآليات الحالية لانخراط منظمة الأمم المتحدة، وتجنب المقاربات المنحازة، والخيارات المحفوفة بالمخاطر محذرا من أن أي ابتعاد عن هذا النهج سيكون بمثابة إجهاز على المسلسل الجاري ويتضمن مخاطر بالنسبة لمجمل انخراط الأمم المتحدة في هذا الملف.

اليوم استطاع المغرب، عبر الإجماع الوطني حول قضية الوحدة الترابية، قطع الطريق على أعداء هذه الوحدة ودفع خصومها للبحث عن حلول نشاز، خارج ما هو متعارف عليه في المنظومة الدولية من خلال "حل سياسي متوافق عليه"، وهو الحل الذي ترجمه المغرب على أرض الواقع بطرح مبادرة الحكم الذاتي الموسع في الأقاليم الجنوبية. وقد صنّف معهد بوتوماك للأبحاث السياسية المغرب على أنه منطقة حيوية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية سواء في مجال الطاقة أو بهدف ضرورة القضاء على التهديد الإرهابي الذي يهدّد الفرص الاقتصادية التي تتيحها المنطقة. يحمل التقارب الجديد بين الرباط وواشنطن رسائل واضحة للمعادلة الأميركية التي تبحث عن تحقيق التوازن الملموس للقوى الفاعلة في المنطقة. وهذا التوازن يتحقّق بالاعتماد على بلدان تعيش استقرارا سياسيا ومجتمعيّا وبها مؤسسات قوية وإمكانيات بشرية وأمنية تخوّل لها القيام بأدوار استراتيجية وعسكرية، خاصة في ملف محاربة الإرهاب في المنطقة الأفريقية .

و في هذا السياق لابد من تدبر دروس مكيافيل و نصائحه للامير ونصائح لسياسي فقد مواقعه ومناصبه في بلد تحكمه دويلات مدن صغيرة ضعيفة تفتقد إلى الوحدة ما جعلها هدفاً للغزاة والطامعين من القوى العظمى وقتها فرنسا وأسبانيا. بحيث كان ينطلق من موقف فلسفي مفاده أن الناس بطبيعتهم أشرار وخبثاء "ناكرو جميل، متقلِّبون، مراؤون ميّالون إلى تجنب الأخطار، شديدو الطمع وهم إلى جانبك طالما أنك تفيدهم" .. وهذا الموقف قد عززه من بعد ذلك توماس هوبز في القرن السابع عشر. وربما كان ميكافيللي متسقاً في ذلك مع الإرث الثقافي الروماني بمرجعيته اليونانية التي تتميز فيها الحياة الاجتماعية بطبقية حادة. ولذلك على الفاعلين السياسين و المدبرين للشأن العام الا يكونوا ضحية الحكم المسبق، عندما نعتقد ان السياسة فعل متاح للجميع، اليس هذا تصور خاطئ للسياسة؟ اليس هو الخلط ما بين المجتمع و الدولة ؟ فهل السياسة دائما هي تذبير الشأن العام؟ بلى، ففي نظر صاحب كتاب الجمهورية" فانه يتصور ان الاكفاء هم الذين عليهم التذبير و الحكم على اساس ان السياسة هي نوع من التضحية، التكوين و التربية. و على الحاكم ان يعلم الشعب، الجاهل بما ينفعه و يصلح له لانه ادرى بمعرفة الخير، العدالة و الديمقراطية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

المغرب، الصحراء الغربية، الوحدة الترابية، النزاعات الحدودية، السيادة الوطنية، العاهل المغربي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-05-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمود فاروق سيد شعبان، د. صلاح عودة الله ، حسن عثمان، عراق المطيري، رضا الدبّابي، محمود سلطان، د. خالد الطراولي ، سامر أبو رمان ، محمد عمر غرس الله، يحيي البوليني، سلوى المغربي، فهمي شراب، سلام الشماع، حسن الطرابلسي، ياسين أحمد، د. أحمد محمد سليمان، حميدة الطيلوش، سيد السباعي، أحمد الحباسي، علي الكاش، المولدي الفرجاني، رشيد السيد أحمد، صلاح الحريري، د- محمود علي عريقات، صالح النعامي ، العادل السمعلي، د. عبد الآله المالكي، عواطف منصور، د. مصطفى يوسف اللداوي، عمار غيلوفي، فتحـي قاره بيبـان، سامح لطف الله، فتحي الزغل، عبد الله زيدان، مصطفى منيغ، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد العيادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صفاء العربي، د. طارق عبد الحليم، محمد الياسين، كريم السليتي، سفيان عبد الكافي، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله الفقير، الناصر الرقيق، علي عبد العال، فوزي مسعود ، سعود السبعاني، عبد الغني مزوز، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل، جاسم الرصيف، د - مصطفى فهمي، سليمان أحمد أبو ستة، صباح الموسوي ، فتحي العابد، ضحى عبد الرحمن، منجي باكير، عزيز العرباوي، إياد محمود حسين ، عبد الرزاق قيراط ، أنس الشابي، صلاح المختار، نادية سعد، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، صفاء العراقي، وائل بنجدو، د. أحمد بشير، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمود طرشوبي، محمد أحمد عزوز، د. ضرغام عبد الله الدباغ، يزيد بن الحسين، أبو سمية، إيمى الأشقر، الهيثم زعفان، د- محمد رحال، أ.د. مصطفى رجب، إسراء أبو رمان، أحمد النعيمي، د- جابر قميحة، كريم فارق، رمضان حينوني، أشرف إبراهيم حجاج، محمد الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، رافد العزاوي، محمد يحي، د - عادل رضا، محرر "بوابتي"، طلال قسومي، الهادي المثلوثي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، د- هاني ابوالفتوح، د.محمد فتحي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، د - شاكر الحوكي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مجدى داود، رافع القارصي، تونسي، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عمر غازي، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، مراد قميزة،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة