البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

السلفيون في تونس: بين التكتيك العلماني والبعد عن القيادات

كاتب المقال عمّار عبيدي   
 المشاهدات: 7437



لا يختلف عاقلان مطّلعان على المشهد التونسي اليوم على أنّ كل الأعين مفتوحة أشدّ ما يمكن ومسلّطة كالظلّ على التيّار السلفي تصطاد هفواته... وإن لم توجد فهي تخلقها وتصنع الحدث، ويكفي أن تتابع أحداثا وقعت هنا وهناك لتدرك أن هذا التيار يسير على حبل فوق فوّهة التكتيك العلماني، لضربه أولا، ثمّ التفرّغ بعد ذلك لحركة النهضة.

كما لا يمكن لعاقل أيضا أن ينكر أن التيار أفصح عن « برنامجه» المستقبلي في تونس، من خلال تصريحات القيادات المتكررة، بأن تونس أرض دعوة بالنسبة للسلفيين. ولعل ما طالب به أبو عياض (سيف الله بن حسين) من أن يترك الساسة والإعلاميون المتحاملون أفراد التيار، كي يتواصلوا مع الشعب التونسي، حين قال: « خلّوا بيننا وبين شعبنا »، هو خير دليل على نيّة التيار التوجه مباشرة بالدعوة للمواطن التونسي، دون فرض ذلك بالسلاح، إلا أن تلك الدعوات تمت مواجهتها بكلمة واضحة « التهديد» ثم « التهديد» ...

التجريم ثمّ التجريم


وتأبى أطراف عديدة إلا أن تسير في الاتجاه المخالف، لهذا النسق السلفي، السلمي من خلال رصد التحركات السلفية وتجريمها، استفزازا وتحريضا، فوقفة السلفيين أمام سفارة أمريكا فتحت بابا من الهجوم على التيّار شتما وسبّا. وهنا لا يستوعب عاقل لماذا يهاجَم السلفيون في وقفة من أجل كتاب الله الذّي حرق في أفغانستان من طرف الاحتلال الأمريكي، حتى أن وقفتهم في شارع الحبيب بورقيبة جلبت لهم ذات المصير، من سب وشتم ومطالبة بالمحاسبة، من أجل تصريحات حول قتل اليهود، أو من أجل تعليق راية العقاب فوق الساعة الكبيرة وسط العاصمة التونسية.

لعل سيل التهم والإشاعات الذي يلاحق التيار لا يحصى ولا يعد، ولعل أبرزه تهمة إهانة علم تونس عندما أقدم شاب بصفة فردية بوضع علم الخلافة فوق علم تونس، والحال أنّ العلم دنّس ألف مرّة من طرف الذّين طلبوا تدّخل فرنسا في بلدهم لأن النهضة فازت، ومن الذّين فرّوا إلى الجزائر وتنكّروا لتونس بسبب بطونهم، ومن الذين رفعوا علم الاستقلال الرديّف من ولاية قفصة عن الجمهورية التونسية، ومن الذّين زاروا السفارات الأوروبية في تونس ليسقطوا الحكومة فأسقطتهم المخابرات التركية متلبسين في هذه السفارات، لكن الجميع تذّكر الوطنية على حين غرّة عندما تعلّق الأمر بالطرف الأضعف إعلاميا ألا هو الطرف السلفي .. عندها تذكّر الجميع الوطنية، وعزفوا على وتر التهديد السلفي.

في الحقيقة هذه الاستراتيجية التي انتهجها الطرف العلماني في تونس، أملا في ضرب «عصفورين بحجر واحد»؛ أوّلهما: الوقيعة بين السلطة الإسلامية الممثلّة في حركة النهضة والسلفيين وبالتالي سجنهم فرادى وجماعات كما فعل بن علي، وثانيهما: نزع تلك الصورة عن حركة النهضة التي ارتبطت بالإسلام في أوساط العامة لتخسر هذه الحركة أهم سبب جعلها تكسب الانتخابات وهو صورة الحزب الذي يمثّل الإسلام.

ولعل ما لا يستطيع أحد تفسيره هو انخراط بعض رموز الحركة الحاكمة اليوم في تونس في دائرة الوعيد للتيار السلفي، ولعل أقرب تفسير لتصريحات مثل التي «جادت» بها قريحة وزير الداخلية الإسلامي حول قرب المواجهة مع التيار السلفي، وقرب عزله وسجن أفراده، هو ما أشرنا إليه سابقا من انخراط النهضة في ما سمّي الحرب العالمية على الإرهاب، التي أطلقتها أمريكا، وانخرطت فيها الدكتاتوريات العربية، طلبا للبقاء في السلطة. ولعل الفشل النسبي لحركة النهضة في الاستجابة لمتطلبات الثورة هو السبب في انسياقها وراء نمط التفكير الذي أخذ الدكتاتوريات إلى الهاوية، وهو كسب العلاقة مع الغرب، للبقاء في السلطة في مقابل هرسلة الإسلاميين المتمسّكين بمبدأ الحاكمية.

المشاكل ستتواصل


للأسف نقول إنّ مشاكل التيّار السلفي ستتواصل لأسباب عديدة لعلّ أبرزها ما أسلفناه من استراتيجية علمانية محورها الأساس الإطاحة بالسلفيين، عاجلا أو آجلا، قبل التفرغ للنهضة وعزلها، ولعل السبب الأبرز في تواصل الهجوم على التيار ينطلق من داخل التيّار نفسه وهو « الشطحات» اللامسؤولة من بعض الأفراد الذّين تأخذهم نشوة المظاهرات، ويتناسون لدقائق بأنّ ألف كاميرا هنا وهناك تترصدّ الزلّة، صغيرة أو كبيرة، وإن لم توجد فهي تخلقها، ولعلّ ما قامت به القناة الرئيسية « تونس 7»، في الوقفة المطالبة بتطبيق الشريعة، خير دليل على ما أسلفنا، فلقد تركت عدسة القناة المظاهرة، ولم تتحدث عنها، بل ترصدت وراء الفخ الذي نصب للسلفيين، المتمثّل في تظاهرة مسرحية، تزامنت مع الوقفة، لتصطاد صيدا ثمينا، وهو تلاسن بين مشاركين في التظاهرتين، لتتحدث على أن السلفيين « خطر» على تونس، والسلفيون يقعون في مثل هذه الأفخاخ، جهلا أو تقصيرا، وذلك سيعمّق معاناة التيار، إن لم يلتزم بأوامر قيادته، ويتخلى عن عنتريات، قد يتحمّل وزرها مستقبل دعوتهم في تونس.

أبو عياض وتشكلّ الشخصية القيادية


بدا المشهد السلفي إلى حدود السنة الأولى بعد الثورة متفتّتا، لا يلتزم برؤية واضحة، إلى غاية ما يمكن أن يطلق عليه بيان تاريخي للسلفية في تونس ألا وهي الكلمة التّي قالها أبو عياض في جامع الفتح، منذ أشهر، والتّي وردت في طيّاتها نقاطا مهمّة كشفت عن شخصيّة جديدة لأبي عياض التونسي الذّي بدا ملمّا بالواقع التونسي، بل قد لا نبالغ لو قلنا أنّه أحدث انقلابا واضحا في خطاب التيّار السلفي. فجمع ما هو مطلوب في مقوّمات الخطاب الإسلامي الحقيقي في رسائل، أوّلها كان لأفراد التيّار حين خاطبهم بمنطق الواعظ، حاثّا إيّاهم على الرجوع للعبادات والتمسّك بالقرآن، والخطاب الثاني كان للحكومة التّي طالبها في جملة: « خلّو بيننا وبين شعبنا»، ثمّ خاطب الإعلام أيضا لتهافت الإعلاميين على قادة التيّار من أجل أخذ تصريحات وتحقيق « صفقات إعلامية رابحة».
ولعلّنا إنْ حلّلنا معالم الخطاب لما اكتفينا مما أظهرته الرسائل، لكلّ الأطراف، من قدرة نوعية لدى الرجل في تمثّل الخطاب الإسلامي الرابط بين الواقع والمأمول، كما أنها أظهرت أيضا قدرة أبي عياض على كسب احترام أغلب القواعد.

بقيّة القيادات ..


لا يوجد جدل بين السلفيين، كما في خارج التيّار، لدى الأوسط المطّلعة على أنّ الشيخ الخطيب الإدريسي قيمة علمية ثابتة، لكن الرجل لأسباب عديدة لا يستطيع أن يكون قيادة للتيّار السلفي، بل من المرجّح أن يبقى ذلك المرجع العلمي، الذّي لا يستطيع حتّى أبو عياض أن يتخلّى عنه، لذلك لا يمكن القول بأن الشيخ الإدريسي هو القيادة السياسية إن صحّ التعبير للسلفية.
ومن جهة أخرى بدأ نجم أبو أيّوب التونسي بالأفول والانسحاب بهدوء من محاولات القيادة، ربّما يقينا منه بأنّ المجال بات مفتوحا أكثر لأبي عياض لقيادة المرحلة.

القواعد تائهة..


قد يكون الحديث عن أبي عياض لقيادة التيار السلفي واردا بالنظر إلى وضوح الأفكار والرؤيا لديه، لكن « المخيف» ليست القيادة بل افراد التيار وعدم الانصياع الى توجيهات القيادة التّي تتصرف برصانة أكبر وحرفية سياسية استطاعت سكب الماء على ما أشعله الإعلام من نار في مناسبات كثيرة.
العناصر السلفية مطالبة بالالتفاف وراء هذه القيادة التي بدأت في تشكيل معالم واضحة للعمل الدعوي في تونس غايته دولة اسلامية، ومنهجه لا يتعارض أبدا مع متطّلبات مرحلة شائكة ومفصلية، تتطلّب الدقّة كالعملية القيصرية، فهل ستستجيب القواعد؟


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، السلفية، أبو عياض،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-04-2012   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد النعيمي، محمود سلطان، تونسي، أبو سمية، جاسم الرصيف، د- محمود علي عريقات، علي الكاش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد أحمد عزوز، د - المنجي الكعبي، أ.د. مصطفى رجب، مصطفى منيغ، رافع القارصي، أحمد بوادي، الهادي المثلوثي، سليمان أحمد أبو ستة، عمر غازي، د- هاني ابوالفتوح، فتحي الزغل، حسن عثمان، محمد العيادي، حميدة الطيلوش، حاتم الصولي، كريم السليتي، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الله الفقير، عبد الرزاق قيراط ، مصطفي زهران، د. عادل محمد عايش الأسطل، عزيز العرباوي، عراق المطيري، صلاح المختار، سلوى المغربي، محمود فاروق سيد شعبان، خبَّاب بن مروان الحمد، مراد قميزة، فتحي العابد، محرر "بوابتي"، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد اسعد بيوض التميمي، سفيان عبد الكافي، د. أحمد محمد سليمان، صفاء العربي، د - صالح المازقي، د - محمد بنيعيش، ياسين أحمد، د - مصطفى فهمي، د- محمد رحال، سامح لطف الله، محمد الطرابلسي، أحمد الحباسي، عبد الله زيدان، عبد الغني مزوز، يحيي البوليني، رضا الدبّابي، أنس الشابي، صباح الموسوي ، خالد الجاف ، د - شاكر الحوكي ، د. صلاح عودة الله ، د - الضاوي خوالدية، محمد شمام ، المولدي الفرجاني، د- جابر قميحة، الناصر الرقيق، صفاء العراقي، رافد العزاوي، محمد يحي، الهيثم زعفان، رمضان حينوني، د. خالد الطراولي ، د - عادل رضا، أحمد ملحم، محمد عمر غرس الله، عواطف منصور، حسن الطرابلسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، ضحى عبد الرحمن، محمد الياسين، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، يزيد بن الحسين، محمود طرشوبي، فوزي مسعود ، رشيد السيد أحمد، د. طارق عبد الحليم، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، سلام الشماع، د. عبد الآله المالكي، إسراء أبو رمان، إيمى الأشقر، طلال قسومي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صلاح الحريري، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سعود السبعاني، د. أحمد بشير، فهمي شراب، د.محمد فتحي عبد العال، د. مصطفى يوسف اللداوي، سيد السباعي، نادية سعد، إياد محمود حسين ، وائل بنجدو، كريم فارق، العادل السمعلي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عمار غيلوفي، مجدى داود، علي عبد العال، سامر أبو رمان ، صالح النعامي ،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة