البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ماذا يعني تخفيض الإدارة الأمريكية مساعداتها لتونس؟

كاتب المقال محرر نون بوست   
 المشاهدات: 825



يبدو أن تفسيرات الرئيس التونسي قيس سعيد وتبريراته لما يقوم به منذ أشهر من جمع للسلطات لم يقنع الأمريكيين بعد، لذلك قررت الإدارة الأمريكية مواصلة ضغوطاتها على سعيد حتى يعود للمسار الديمقراطي والدستوري في تونس.

خفض المساعدات
آخر الخطوات الأمريكية للضغط على سعيد تمثلت في اقتراح إدارة الرئيس جو بايدن تخفيض المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لتونس بمقدار النصف تقريبًا، بحسب ما نشره موقع "المونيتور" الأمريكي، الجمعة.

ودعت الميزانية السنوية الأمريكية التي صدرت الأسبوع الماضي إلى تقديم 61 مليون دولار كمساعدات عسكرية وأمنية لتونس العام المقبل، عوضًا عن 112 مليون دولار المطلوبة لهذا العام، كما دعت الميزانية إلى خفض المساعدات الاقتصادية لوزارة الخارجية لتونس بمقدار 40 مليون دولار، أي ما يقارب 50% من طلب هذا العام.

ويأتي القرار الأمريكي في وقت تعاني فيه تونس أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ استقلال البلاد في خمسينيات القرن الماضي وعجز مالي كبير بلغ ما نسبته 8.3% من إجمالي الناتج المحلي نهاية سنة 2021، وتتوقع الحكومة حاليًّا عجزًا في الميزانية بقيمة 8.548 مليار دينار (3 مليارات دولار)، أي بنسبة 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2022.

تحتاج تونس لموارد بقيمة 19.9 مليار دينار (6.9 مليار دولار)، تتوزع بين 12.6 مليار دينار (4.39 مليار دولار) في شكل قروض خارجية، و7.3 مليار دينار (2.54 مليار دولار) اقتراض داخلي.

وتأمل الحكومة أن تحصل على قرض من صندوق النقد الدولي وبعض البنوك والدول الأخرى، رغم الشروط المجحفة، لكن مع وقف المساعدات المالية من واشنطن التي تعد من بين أهم المانحين الدوليين، ستتعقد المهمة أكثر.

وتعتبر الولايات المتحدة من بين أهم الدول المانحة التي دعمت التجربة التونسية في مراحلها الأولى بعد ثورة 2011، إذ خصصت واشنطن منذ سنة 2011 أكثر من 1.4 مليار دولار لدعم الانتقال الديمقراطي بتونس، وفق أرقام وإحصاءات رسمية نشرتها الإدارة الأمريكية في وقت سابق.

ويمثل الاقتراح الأمريكي إن تمت المصادقة عليه فعليًا وهو المتوقع، ضربة موجعة للاقتصاد التونسي ولنظام قيس سعيد، خاصة أن العديد من القوى الدولية والإقليمية ستحذو حذو الإدارة الأمريكية وتوقف مساعداتها الاقتصادية والعسكرية لتونس.

إذا تم سن هذه التخفيضات، فستعني أن حكومة سعيد ستخسر نحو 40 مليون دولار من المساعدات لشراء معدات عسكرية أمريكية بالإضافة إلى أكثر من 10 ملايين دولار من الأموال لدعم أعمال الشرطة ومكافحة المخدرات.

ويتطلب الاقتراح موافقة الكونغرس، رغم أن الإدارة تحتفظ ببعض السلطة لتجاوز القرار، ويسمح قانون الإنفاق العام لهذه السنة بمرونة الإدارة في صرف المساعدات المتبقية لهذا العام لتونس بناءً على تحسينات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ضغوطات أمريكية لعودة المسار الديمقراطي
يُفهم من اقتراح الإدارة الأمريكية خفض المساعدات لتونس وجود إرادة لدى واشنطن لتوسيع الضغوطات الممارسة على نظام قيس سعيد للعودة للمسار الديمقراطي في البلاد بعد استيلائه على كامل السلطات عقب انقلابه الدستوري ليلة 25 يوليو/تموز الماضي.

وقبل أيام قليلة أعربت الولايات المتحدة، عن قلقها بشأن "المسار الديمقراطي في تونس"، وأكدت على "أهمية إطلاق عملية إصلاح سياسي واقتصادي تشاركية يدلي فيها المجتمع المدني بصوته"، كما أكدت أن "القضاء المستقل أساسي لنظام ديمقراطي متماسك وسليم".

وشددت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، عُزرا زِيّا، في بيان على "ضرورة احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير وحرية النظم لجميع التونسيين، على النحو المنصوص عليه في الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، داعية إلى "إجراء انتخابات حرة ونزيهة في تونس".

ويعتبر هذا الأمر، تحولًا كبيرًا في الموقف الأمريكي من الأزمة التونسية، ففي البداية كان الموقف الرسمي أكثر حذرًا، فقد اكتفت الإدارة ببيانات دبلوماسية لا تعكس توجهًا محددًا، ممسكة العصا من المنتصف لا تميل إلى أي من أطراف الأزمة.

أثار هذا الموقف حينها الكثير من التساؤلات عن محددات إدارة بايدن في تعاطيها مع انقلاب قيس سعيد، لا سيما في ظل النفوذ الكبير الذي تتمتع به واشنطن في الداخل التونسي الذي يسمح لها باتخاذ موقف أكثر وضوحًا وصرامةً بعيدًا عن الدبلوماسية الباهتة.

وجاء تغير الموقف الأمريكي مما يحصل في تونس نتيجة خشية واشنطن من عودة تونس القهقرى في ظلّ إصرار سعيد على المضي قدمًا في تنزيل برنامجه الغامض على أرض الواقع، فقد حل البرلمان ويلاحق النواب الآن بتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة وحل المجلس الأعلى للقضاء ووضع محله مجلس معيّن على المقاس وجمد أغلب المؤسسات الدستورية في البلاد وهاجم الصحفيين والنشطاء وكل من يعارضه حتى ممن كان يناصره من قبل.

كما رفض قيس سعيد الجمعة الماضية الدعوات لإجراء انتخابات برلمانية جديدة في غضون ثلاثة أشهر، على الرغم من أن دستور البلاد لعام 2014 ينص على إجراء انتخابات سابقة لأوانها بعد حل البرلمان.

إلى جانب ذلك، تخشى الإدارة الأمريكية أن يُلقي الوضع غير المستقر في تونس بظلاله على ليبيا ويؤدي إلى إطالة عدم استقرار الوضع السياسي بها، في وقت تسعى فيه العديد من القوى الداخلية والخارجية إلى وضع حد للأزمة الليبية المتفاقمة منذ سنوات.

كما يرجع التغيير أيضًا إلى الخطاب الإعلامي والبحثي الأمريكي الداعم للديمقراطية التونسية والمحذر من عودة عقارب الساعة التونسية لما قبل 2011، فضلًا عن الأصوات السياسية لا سيما البرلمانية المطالبة بضرورة اتخاذ موقف جاد تجاه التغول البين على المسار الديمقراطي في تونس التي تعتبر إلى وقت قريب الاستثناء الديمقراطي الوحيد في المنطقة العربية.

ويأمل نواب أمريكيون في أن تستخدم بلادهم العديد من الأوراق الإستراتيجية للضغط على سعيد حتى تعود تونس لمسارها الديمقراطي، ومن بين الأوراق التي يمكن الاعتماد عليها ورقة المساعدات وأيضًا التعاون السياسي الذي يشمل كل المجالات، فضلًا عن التعاون العسكري.

وتعي الإدارة الأمريكية جيدًا خطورة الوضع في تونس، لذلك يُنتظر أن تتخذ مواقف أقوى للضغط على قيس سعيد حتى يرجع عن قرارته ويعمل على تنظيم انتخابات حرة وديمقراطية ويُرجع المؤسسات الدستورية لسالف عهدها.

كيف سيتعامل سعيد مع الوضع؟
يعتبر الموقف الأمريكي الأخير مهمًا للضغط على الرئيس التونسي، لكن بالنظر إلى سلوك قيس سعيد منذ توليه رئاسة البلاد في أكتوبر/تشرين الأول 2019 وانقلابه على الدستور ومؤسسات الدولة في يوليو/تموز الماضي، نرى أنه بالكاد سينظر لهذا الأمر.

من المستبعد جدًا أن يغير سعيد برنامجه أو أن يتوقف عن خطواته الرامية للاستحواذ على كل السلطات في تونس والتمهيد لنظام حكم يُفصّل كل تفاصيله بنفسه دون الرجوع إلى الشعب وإن كان يدعي استشارة التونسيين من خلال الاستشارة الإلكترونية التي طرحها في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي وامتدت حتى منتصف مارس/آذار وأثبتت فشلها.

يعني هذا أن المتضرر الأبرز من كل العقوبات على سعيد هو الشعب التونسي، ذلك أن سعيد أثبت أنه لا يبالي بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين وإنما همه الوحيد الآن، تكييف نظام الحكم على مقاسه وبما يلبي طموحاته.

في ظل إصرار سعيد على المضي قدمًا في برنامجه الغامض دون أن يلتفت قيد أنملة للضغوطات الخارجية والداخلية الممارسة عليه ودون النظر للمتاعب التي تسبب فيها للتونسيين نتيجة انقلابه الدستوري، من المنتظر أن تشهد تونس أزمات اقتصادية واجتماعية أكبر لها أن تجر البلاد نحو الإفلاس كحال لبنان.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

إنقلاب قيس سعيد، تونس، الإنقلاب في تونس، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-04-2022   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عواطف منصور، د - صالح المازقي، حميدة الطيلوش، وائل بنجدو، د.محمد فتحي عبد العال، أ.د. مصطفى رجب، رافع القارصي، أنس الشابي، جاسم الرصيف، صفاء العراقي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد يحي، الهيثم زعفان، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم السليتي، فتحي العابد، د. طارق عبد الحليم، عبد الله الفقير، حسن الطرابلسي، د - مصطفى فهمي، صفاء العربي، عبد الرزاق قيراط ، أحمد النعيمي، علي الكاش، يحيي البوليني، فتحي الزغل، الهادي المثلوثي، رمضان حينوني، علي عبد العال، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، فتحـي قاره بيبـان، عبد الله زيدان، د- محمد رحال، محمد الياسين، سامح لطف الله، صلاح المختار، كريم فارق، سلام الشماع، رضا الدبّابي، عزيز العرباوي، سامر أبو رمان ، أشرف إبراهيم حجاج، سيد السباعي، د. مصطفى يوسف اللداوي، عراق المطيري، إسراء أبو رمان، حسن عثمان، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد عمر غرس الله، أبو سمية، أحمد الحباسي، حاتم الصولي، ضحى عبد الرحمن، خبَّاب بن مروان الحمد، سفيان عبد الكافي، د - الضاوي خوالدية، تونسي، د. أحمد محمد سليمان، د- هاني ابوالفتوح، أحمد ملحم، مصطفى منيغ، عمار غيلوفي، مراد قميزة، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، الناصر الرقيق، رشيد السيد أحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، يزيد بن الحسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صالح النعامي ، د. صلاح عودة الله ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، نادية سعد، منجي باكير، عبد الغني مزوز، د. عبد الآله المالكي، طلال قسومي، إيمى الأشقر، محمود طرشوبي، صلاح الحريري، محمد العيادي، د - محمد بنيعيش، عمر غازي، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد بوادي، محمد الطرابلسي، مجدى داود، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - شاكر الحوكي ، صباح الموسوي ، د. خالد الطراولي ، المولدي الفرجاني، العادل السمعلي، محمود سلطان، فهمي شراب، محمد أحمد عزوز، د- جابر قميحة، د - المنجي الكعبي، سلوى المغربي، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، سعود السبعاني، د - عادل رضا، خالد الجاف ، د- محمود علي عريقات، رافد العزاوي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، د. أحمد بشير، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة