البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

من يكون الرئيس التونسي الجديد؟

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 2206



انطلقت يوم الثاني من أيلول/ سبتمبر 2019؛ الحملة الانتخابية الرسمية لانتخاب رئيس جديد لتونس، خلفا للسيد الباجي قائد السبسي الذي توفي يوم 25 تموز/ يوليو 2019، قبل انتهاء عهدته القانونية. ويتقدم للمنافسة على المنصب 26 اسما بعد استيفاء الآجال القانونية للترشيح والاعتراض القانوني. وتشرف على الانتخابات هيئة مستقلة منتخبة من قبل البرلمان. وتدوم الحملة 14 يوما كاملة، يعقبها يوم الصمت الانتخابي يوم الرابع عشر من هذا الشهر، ثم يكون الانتخاب في الدورة الأولى يوم الخامس عشر.

وتذهب جل التوقعات إلى أن المنافسة ستكون شديدة جدا، ولا بد من دور ثان، فلا أحد رجح مرور مرشح من الدور الأول. وسينظم الدور الثاني بعد أن تجرى الانتخابات التشريعية في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول/ أكتوبر، لتتم العودة إلى الدور الثاني ونعرف الرئيس القادم.

التونسيون متشائمون

ينطلق المتفائلون من المقارنة بين الوضع السياسي التونسي وبقية الأقطار العربية، فيرون تونس تبني ديمقراطيتها خطوة إثر خطوة، ويدعون إلى الصبر على المرحلة حتى تنضج وتكتمل عملية البناء.. أما المتشائمون فيرون تكالب النخبة على المغانم ومسارعتها إلى حوز مكان في الضوء من أجل المصلحة الشخصية.. هكذا تتوزع الآراء والمواقف والمشاعر بين تفاؤل حذر وتشاؤم مفرط..

المتفائلون والمتشائمون كلاهما على حق. فالتجربة تتقدم ببطء، ولكن ثمن تقدمها مكلف جدا. فالبلد موشك على انهيار اقتصادي، ولا يمكن للرئيس مهما كانت عبقريته أن ينقذها بضربة سيف عبقرية. لقد كانت سنوات الباجي وحكوماته عجافا، ووصل الوضع الاقتصادي إلى الحضيض. ونُذر استمرار الأزمة أوضح من بشائر الخلاص.

عاهة الانتقال الديمقراطي في تونس لا تزال فاعلة. إنها منظومة الحكم القديمة التي أحاطت بالرئيس الباجي والتفت على المؤسسات وفرضت ممارستها المافيوزية، وهي تتقدم شريكا في الانتخابات ولها حظوظ أوفر في الفوز. ولا يمكن لعاقل أن يطمئن إلى تفاؤل المحسوبين على الثورة، فهم في العمق يمارسون دعاية تبشيرية منقطعة عن الواقع.

وفي أكثر الاحتمالات تفاؤلا سيخاض دور ثان بين نصير للثورة ومرشح من مرشحي المنظومة الفاسدة، بحيث قد (بل هو احتمال قوي جدا) نجد أنفسنا في حالة مطابقة لسنة 2014 التي خسر فيها مرشح الثورة، الدكتور المرزوقي، في مواجهة الباجي قائد السبسي، رئيس السنوات العجاف. وهي السنوات التي كان جميع المرشحين يحللونها وينتهون إلى ضرورة التحالف ضد مرشحيها، ولكن لم يتقدم أحد إلى موقف الوسط الذي يجمع الفرقاء على كلمة سواء.

سقوط فكرة المرشح التوافقي

في سنة 2017، أي قبل سنتين من الاستحقاق الانتخابي الجاري، اقترح زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي فكرة الاتفاق على مرشح توافقي يلتف حوله جميع أنصار الثورة، فيكون رئيسا من الدور الأول، ولكن المقترح سقط قبل أن يتبلور أو يتم النقاش حوله، وقد أسقطه موقفان:

أولهما يبني دوما على سوء النية في حركة النهضة وتكتيكاتها، إذ رأى أن المقترح حيلة منها للاتفاق على شخص السيد كمال مرجان (وزير بن علي)، حينها كان حزب النداء وحزب النهضة في انسجام ومودة، وبالتالي سيكون مرشحهما هو الفائز.

وثانيهما لا يخلو من وجاهة ديمقراطية، فالتوافق المسبق مهما كان المرشح هو مصادرة لحق الناس في الاختيار وغمط للديمقراطية الناشئة، ولا بد من فسح المجال للجميع، ويكون رأي الشعب وحده محددا في الاختيار.

وقد انتهينا إلى هذه النقطة، ولكن بمرشحين كثر بينهم اتفاق كبير في الخطاب وقدرة كبيرة على تشتيت التصويت، بما يهدد بسقوط كل المرشحين المحسوبين على الثورة في مواجهة مرشح المنظومة.

سوء النية السياسي مفيد في مسائل كثيرة، وكما يقول التونسيون في أمثالهم: ما من قط يصطاد لوجه الله، ولكن الإفراط في سوء الظن مجلبة للشتات الانتخابي المنذر بتقهقر الثورة أمام المنظومة خطوة أخرى، وهو احتمال أرجحه؛ فصف الثورة فقير والمنظومة بلا أخلاق سياسية، وهي بصدد شراء الشارع بملاليم قليلة بعد أن تم تجويعه واتهام الثورة بنشر الجوع والفوضى.

الغموض سيد الموقف في يوم انطلاق الحملة

يعتبر البعض أن الغموض واستحالة توقع الفوز في ذاته مكسب ديمقراطي يجبر الجميع على الجري واللهاث وراء الناخب. ويحلم البعض بمرشح مثالي فلا يجدونه، فالخصال الحميدة موزعة بين مرشحين كثر، والجميع يقول ليت كذا كان كذا.

العقل الاستشرافي الجبار للدكتور المرزوقي، وفصاحة السيد عبد الفتاح مورو وقدرته التفاوضية، وشباب محمد عبو وأناقته، وعلوم القانون في رأس قيس سعيد، والخبرة الاقتصادية وإدارة الأموال للسيد إلياس الفخفاخ (بقية المرشحين 22 هم أولاد المنظومة).. ليت كل هذه الخصال اجتمعت في واحد، ولكن الأماني الرومانسية تنتهي في بيت المتنبي "ما كل ما يتمنى المرء يدركه". ويذهب أنصار المرشحين إلى ممارسة الدعاية القانونية، وننتظر يوم الانتخاب وقلوبنا على أيدينا؛ أن نجد رئيسنا القادم من قلب منظومة الفساد والاستبداد التي لا تؤمن بالثورة ولا بالديمقراطية.

لكل من ذكرت أعلاه حظوظ في الفوز بنسب تصويت محترمة، ولكن حظوظهم تفسد على كل واحد منهم الفوز بشكل حاسم. ولا يبدو أنهم يفكرون في اتفاق اللحظة الأخيرة، أي بتصويت مفيد للثورة، بما يبقي حظ المنظومة كاملا في دخول الدور الثاني، علما أننا نرى المنظومة الفاسدة، وبرغم فرقتها وشتاتها في بداية الحملة، أقرب إلى مثل هذا الاتفاق؛ كما فعلت سنة 2014 فضمت كل منافسي الباجي خلفه بصافرة مجهولة، بما حسم الصراع لصالحه في اليوم الأخير، وحينها لن يجد أنصار الثورة معزين في خيبتهم.

للمنظومة رأس سياسي يفكر لها؛ لا نراه بوضوح ولكننا نستشعر سلطته الكامنة، وقد يكون التشتيت الحالي جزءا من استراتيجية كسر الأمل في اللحظة الأخيرة، إذ سيصفر لهذه المنظومة بالاتفاق المفيد ليجهز على أنصار الثورة في لحظة لا يكون لهم فيها أي رأي أمام تجمع يحترف المناورة الخبيثة.

لقد ذهبت دعوات كثيرة صادقة للتجميع وراء الثورة سدى، واصطدمت بنزوع زعاماتي ونرجسي أربك القدرة على التفاؤل بالمستقبل. ونظن، وكثير من الظن ليس إثما، أن فرصة تقدم الثورة تتعثر بفعل المتحمسين لها في لحظة حسم تقتضي المناورة الذكية. وها نحن في يوم انطلاق الحملة نعض أصابعنا خوفا وندعو، ولم يبق لنا إلا الدعاء الصادق، أن لا ينزل رماة أُحد من جبلهم فينكشف ظهر الثورة لفرسان الغدر.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات، الإنتخابات الرئاسية، الإنتخابات التشريعية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-09-2019   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله زيدان، عبد الله الفقير، خالد الجاف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحـي قاره بيبـان، عمار غيلوفي، وائل بنجدو، سيد السباعي، رحاب اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، طلال قسومي، مجدى داود، محمود فاروق سيد شعبان، إياد محمود حسين ، فهمي شراب، د- هاني ابوالفتوح، عزيز العرباوي، عراق المطيري، أحمد بوادي، أبو سمية، العادل السمعلي، عبد الغني مزوز، علي الكاش، ماهر عدنان قنديل، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، محمد يحي، ضحى عبد الرحمن، محمد الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، د - عادل رضا، مصطفي زهران، صلاح المختار، سلام الشماع، منجي باكير، محمد الياسين، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رمضان حينوني، الهيثم زعفان، صباح الموسوي ، د - مصطفى فهمي، الناصر الرقيق، سامح لطف الله، د. أحمد محمد سليمان، الهادي المثلوثي، كريم فارق، محمود طرشوبي، رافد العزاوي، د. خالد الطراولي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. عبد الآله المالكي، حسن الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، يزيد بن الحسين، إسراء أبو رمان، نادية سعد، سامر أبو رمان ، رافع القارصي، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، محمد العيادي، صلاح الحريري، حاتم الصولي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محرر "بوابتي"، رشيد السيد أحمد، محمد شمام ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بنيعيش، سليمان أحمد أبو ستة، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العراقي، أشرف إبراهيم حجاج، علي عبد العال، د. عادل محمد عايش الأسطل، عواطف منصور، حسن عثمان، فتحي العابد، سلوى المغربي، محمد أحمد عزوز، د. طارق عبد الحليم، صفاء العربي، مراد قميزة، أنس الشابي، أحمد ملحم، فتحي الزغل، د. أحمد بشير، كريم السليتي، سعود السبعاني، ياسين أحمد، د - شاكر الحوكي ، حميدة الطيلوش، محمود سلطان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- جابر قميحة، د - محمد بن موسى الشريف ، رضا الدبّابي، خبَّاب بن مروان الحمد، مصطفى منيغ، تونسي، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، إيمى الأشقر، جاسم الرصيف، فوزي مسعود ، صالح النعامي ، د. صلاح عودة الله ، د - المنجي الكعبي، د- محمد رحال، د- محمود علي عريقات، سفيان عبد الكافي، د - صالح المازقي، يحيي البوليني، د - الضاوي خوالدية،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة