البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حفتر في تونس: استعراض اماراتي مسلح في قرطاج

كاتب المقال طارق الكحلاوي - تونس   
 المشاهدات: 3041



كانت زيارة المشير خليفة حفتر الى تونس اول الاسبوع الاولى من نوعها. فهي ليست اول زيارة لتونس لكنها اول زيارة "رسمية"، بمعزل عن انه لا يحمل اساسا اي صفة يمكن وصفها بـ"الرسمية"، اثر صعود نجمه كزعيم تحالف كتائب مسلحة تمثل عمليا منطقة "برقة" او الشرق الليبي. تأتي أهمية الزيارة ايضا في سياق تكثف المفاوضات السياسية لحل الصراع العسكري الاهلي الليبي.

وكان يمكن ان تمر الزيارة في شكل باهت خاصة ان مصادر موثوقة نقلت لي انها في الاصل لم تكن للسلطات التونسية بل للقاء سفير دولة كبرى في تونس قبل ان تطلب الرئاسة التونسية توفير وقت اضافي ليتم ادراج لقاء بين الرئيس التونسي السبسي وحفتر. وهو ما كان. بيد ان ما اثار الغبار الان حولها بل والتنديد هو نشر مساعدي حفتر عقب الزيارة فيديو للمرافقة الامنية بل والعسكرية للمشير الليبي في زيارته الى تونس، وهو امر غير مسبوق. الفيديو الدعائي بدى مهتما باظهار استعراض مسلح في مجالات سيادية تونسية من المطار الرسمي الرئاسي في العوينة (في ضواحي العاصمة تونس) بل والى قصر قرطاج.

الرسالة تبدو متعددة الاوجه من مشهد الدعاية السطحية لمشير يبحث عن صورة "الزعيم" الى افتضاض بكارة "هيبة الدولة" للسبسي مرورا، وهذا الاهم، باستعراض مسلح لقوات تمولها بالاساس دولة الامارات، التي تناصب العداء للتجربة الديمقراطية التونسية.

لا يكن المشير حفتر احتراما كبيرا لتونس والتونسيين. كان قد عبر عن ذلك بشكل علني في اطار حوار تلفزي في شهر نوفمبر 2011 في احد القنوات الليبية. حفتر الذي ظهر في الحوار بلباسه العسكري كاملا، بما في ذلك النياشين الكثيرة التي اسندها اليها العقيد معمر القذافي قبل ان يقوم بخيانته ويتم اعتقاله من قبل الجيش التشادي ويفر الى الولايات المتحدة، قال كلاما جارحا ضد تنس والتونسيين لا يمكن نسيبانه بسهولة.

تصريحات حفتر اعتبرت ان تونس والتونسيين "فقراء" وانهم يطمعون في ليبيا وانهم "اعداء لها" ويجب التصدي لهم بجيش قوي. كان ذلك عندما كان السبسي، الرئيس الحالي، لايزال في السلطة قبل تسليم مقاليد الحكم لحكومة الترويكا، ولم تقم الخارجية التونسية انذاك باي رد على التصريحات المهينة.

في زيارته الاخيرة وفي الكلمة التي القاها في قصر قرطاج بالذات اثر لقائه بالسبسي انهى تصريحه باشارة مهينة، اذ قال بالحرف ليصف قبوله لقاء السبسي "ليس لدينا وقت الحقيقة، لكن تونس عزيزة". بمعنى اخر كأن الرجل "تفضل" علينا بلقاء رسمي. وهذا للاسف صحيح فمثلما اشرت اعلاه لم تكن الزيارة اصلا مبرمجة للقاء السلطات التونسية بل سفير دولة كبرى، وتم في هذا السياق تأمين مرور للمشير الليبي لقصر قرطاج، اي كمحطة جانبية قبل سفره لايطاليا حيث التقى وزير الخارجية الايطالي. من الواضح ان دفتر مواعيد حفتر تحت ضغط عال في اطار المفاوضات المكثفة الحالية، لكن هل كان من الضروري الاشارة الى عدم اتساع وقته للقاء الرئيس التونسي لولا انه لا يستطيع اخفاء مشاعره تجاه تونس والتونسيين.

بيد ان القشة التي قصمت الظهر، خاصة في ظل عدم انتباه الاعلام التونسي لقرصة حفتر للرئيس التونسي هو الفيديو الذي نشره مساعدوه حول المرافقة الامنية والعسكرية. الفيديو الذي نشته "شعبة الاعلام الحربي" التابعة لحفتر هو من النوع الدعائي البدائي ويعرض في بدايته صور كتيبة مسلحة من الملثمين يصعدون طائرة عسكرية ويرددون شعارات حماسية ويجلسون بين سيارات استكشاف لاسلكي وسيارات مصفحة. اثر ذلك ينقل الفيديو وصول الطائرة العسكرية مع الطائرة الخاصة التي اقلت حفتر لمطار العوينة الرئاسي التونسي واستقباله رسميا من قبل مدير ديوان السبسي ومستشاره العسكري. ثم ينقل نزول الملثمين الى المطار. وينقل اثر ذلك صورا للسيارات والمرافقة الامنية في قصر قرطاج.

الفيديو غير المسبوق في ذاته رسالة تروج لحفتر لكن ايضا تشير ضمنيا الى عدم ثقته في الحماية الامنية التونسية. وهنا توجد عدد من المشاكل الواضح.

بداية ليس من التقاليد البروتوكولية في زيارة رسميين فما بالك في شخص لا يحمل اي صفة رسمية ان يقع تهميش الحماية الامنية التونسية وايضا سيارات المراسيم التونسية وهي مصفحة. ومثلما اشار عدنان منصر مدير ديوان الرئيس المرزوقي سابقا: "هذه فضيحة حقيقية لرئاسة الجمهورية، وتجاوز للأعراف ليس له أي مبرر، وخرق لتقاليد الأمن الرئاسي، وهو ما لم يتم حتى بمناسبة زيارة هيلاري كلينتون لقصر قرطاج في 2013، حيث طُلب من الأمن الرئاسي تطبيق ما تعود تطبيقه، ودون أية استثناءات. ما أفهمه أن "الضيف" الليبي كانت له اشتراطات أمنية، وأن الرئاسة قبلتها. هيبة الدولة السبسية ليست بضاعة قابلة للتصدير فيما يبدو".

من الواضح في المقابل ان المسالة لا تتعلق فقط بجانب بروتوكولي امني شكلي وتتجاوز حفتر اصلا وتتعلق بتوجيه رسالة دعائية علنية من قبل طرف ممول من الامارات بان تونس مكان غير آمن وانها قواتها الحاملة للسلاح لا تستحق الثقة. الفيديو امعان في الاهانة وتعبير عن حجم الاحتقار الذي يكنه هؤلاء للتجربة الديمقراطية التونسية، وعن مستوى الاذلال الذي يقبل به السبسي بدون تحقيق اي نتائج ديبلوماسية نوعية في المقابل.

للتذكير حفتر ليس في الوقت الراهن في القوة التي كان يتمتع بها في السابق. اذ تحيل عديد المؤشرات على ان تحالف الشرق الذي يمثله وخاصة القبائل الكبرى التي لا ينتمى اليها التي توافقت عليه فقط للضرورة بصدد سحب غطائها له خاصة اثر اهانته لقيادات عسكرية كبيرة (اهمها مهدي البرغثي) تنتمي الى هذه القبائل بداعي "اتصالها بالارهابيين" سابقا، قبل ان يتصل هو ذاته في اطار المفاوضات الحالية بذات "الارهابيين" في سياق المفاوضات الرسمية الحالية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، بقايا فرنسا، خليفة حفتر، ليبيا، السبسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-09-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الهادي المثلوثي، أحمد بوادي، عبد الله الفقير، فتحـي قاره بيبـان، صلاح الحريري، حسن عثمان، ضحى عبد الرحمن، د - عادل رضا، محمد اسعد بيوض التميمي، علي الكاش، مجدى داود، عراق المطيري، د - صالح المازقي، صفاء العربي، حاتم الصولي، وائل بنجدو، سليمان أحمد أبو ستة، محمد عمر غرس الله، عواطف منصور، مصطفى منيغ، محرر "بوابتي"، صباح الموسوي ، علي عبد العال، مصطفي زهران، يزيد بن الحسين، جاسم الرصيف، محمود طرشوبي، د. أحمد محمد سليمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد بشير، سامر أبو رمان ، محمد الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، إياد محمود حسين ، رافع القارصي، رمضان حينوني، عمار غيلوفي، أبو سمية، حميدة الطيلوش، د - محمد بنيعيش، فهمي شراب، د- محمد رحال، عمر غازي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الناصر الرقيق، محمد أحمد عزوز، عبد الله زيدان، د.محمد فتحي عبد العال، د. صلاح عودة الله ، مراد قميزة، د- جابر قميحة، تونسي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد ملحم، عبد الرزاق قيراط ، فوزي مسعود ، خالد الجاف ، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، كريم السليتي، د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، سفيان عبد الكافي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عبد الآله المالكي، طلال قسومي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رافد العزاوي، حسن الطرابلسي، د - الضاوي خوالدية، أحمد بن عبد المحسن العساف ، العادل السمعلي، سلام الشماع، رشيد السيد أحمد، أحمد الحباسي، د - محمد بن موسى الشريف ، صالح النعامي ، كريم فارق، د. مصطفى يوسف اللداوي، سيد السباعي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. خالد الطراولي ، محمود سلطان، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، محمود فاروق سيد شعبان، د- محمود علي عريقات، رضا الدبّابي، د - المنجي الكعبي، سلوى المغربي، عزيز العرباوي، إيمى الأشقر، منجي باكير، الهيثم زعفان، فتحي العابد، د. طارق عبد الحليم، أشرف إبراهيم حجاج، ماهر عدنان قنديل، صلاح المختار، يحيي البوليني، أ.د. مصطفى رجب، محمد يحي، محمد الياسين، محمد شمام ، نادية سعد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، أحمد النعيمي، د - مصطفى فهمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سامح لطف الله، سعود السبعاني، فتحي الزغل، عبد الغني مزوز،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة