البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

غريزة الاسد

كاتب المقال د.محمد حاج بكري - تركيا / سورية    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3854


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


العيون نوافذ الروح ومن يتأمل عيني الأسد في مقابلته الأخيرة لا يخفى عليه بريق متوحش كان يخرج منهما مشوبا بطاقة هائلة من الحقد طاقة كان لمعانها كافيا بان يجعل من كلامه المعسول هباء منثورا

انها حقيقة الأسد حقد بدائي غريزة متوحشة ومزاج دموي لذلك كان يجهد كثيرا لتثبيت سحنته في هيئة بشرية وبالكاد كان يقاوم الظهور كحيوان مفترس والكف عن الاثير المتوحش الذي تدفق من عينيه دون جدوى فقد شوشت عليه تلك المخلوقات المارقة ما اعتاد عليه لعشرات السنين في جنة النسيان في هذه اللحظة من الغضب المدمر لا يليق بالاسد الا ان يتصرف كإله ممتن على مخلوقاته كان غضبه كبيرا لانه يتعجب لماذا يكرهونه كل هذا الكره وبين مشهدين متناقضين في ذات واحدة بدت نوافذ الروح اصدق تعبيرا من خطاب اللسان وكان لسان الروح يتقمص هيكل اله جريح لتنكشف ظاهرتان خطيرتان تعملان بطريقة عكسية طاقة سحرية طردية لقوة الشعب وارادته في مواجهة طاقة عكسية متوحشة للمتسلط المستبد من اجل البقاء في السلطة بأي ثمن وخلال العمل الطردي والعكسي للظاهرتين يمكننا رصد حقيقة كبرى تتجلى للعيان مع انهيار كل الأقنعة عن وجه الأسد وذلك ان احساسه بالسلطة المطلقة في سوريا وهو بالنسبة له جزء من معطيات الطبيعة كطلوع الشمس وتدفق الهواء والماء فكيف له بمثل هذا الإحساس الاصغاء الى تلك الملايين من الجراثيم ان ذلك التدفق الجاف للكلمات العقيمة عبر أداء مسرحي نزق ومتعجرف كان يختزن حمولة معنوية نقيضة للألفاظ حمولة تفيض بأقذع أنواع التحقير والاذلال عبر الجدل الواضح بين عينه ولسانه وهي حقيقة مؤلمة تضعنا امام مسافة هائلة في نفس الأسد عن كل القيم السياسية التي يتشدق بها فهو لا يسمع هياج الملايين المطالبة برحيله الا كما يسمع الفيل طنين البعوض انه نسخة صدئة لإله من العالم القديم في الأزمنة الحديثة ولكنه اذ يكشف عن مثل هذا الشعور الخطير واضحا وجليا بعد خفاء كان ينام تحت جلده لعشرات السنين يكشف عن ذلك العار التاريخي المخزي والمعبر عن الإهانة والاذلال كطريقة وحيدة لعلاقات القوة بين السلطة والشعب فالمعاني الجديدة التي يكتبها الشعب للحرية والكرامة والعدالة دلالات أخرى في قاموسه فالمظاهرات مؤامرة خارجية والحراك الشعبي السوري هو نتيجة استماع ضار للقنوات الفضائية الخارجية والديموقراطية ترف لا يستحقه السوريون وهكذا نجد ان المشهد برمته ليس صراع في سوريا بين الدكتاتور والشعب بل هو انكشاف وحراك بشع للأساطير التي تكمن في نفسه أيضا فقد انكشف قناعه المخزي امام ملايين البشر وعلى الهواء مباشرة وان قضايا الديموقراطية والحريات والحقوق التي هي من بديهيات العالم هي هنا في سورية الغاز عويصة مستحيلة على الفهم في عقل الأسد فضلا عن التطبيق انها الأفكار الطائفية المتخلفة للقرون الوسطة تبدو بأوضح صورها في مسألة السلطة .

وفي هذا الاعتبار فان ما يجعل تحقيق تلك المفاهيم خبزا يوميا للناس وللحياة في سورية هو فقط تضحيات وإصرار الشعب على الموت من اجل إشاعة هذه القيم وجعلها في متناول الناس ان الانتقال الديمقراطي في سورية مخاض عسير ليس فقط لسبب ان الماضي وما ينطوي عليه من رؤى وتصورات لمفاهيم السلطة والطاعة الذي ظل باستمرار الجدار الصلب خلف كل المظاهر الحداثية الخادعة لنا بل وكذلك بفعل استعصاء استراتيجي أجمعت عليه القوى الدولية لمنع هذه المنطقة من الدخول في مرحلة الحداثة السياسية وادراجها في استثناء من رياح التغيير خوفا على امن ورفاهية إسرائيل وهكذا فان ما يعرفه الأسد من علاقته بالقوة الدولية التي سوقت له القمع والقتل والتدمير بحجة الإرهاب غذى لديه تلك الغريزة السلطوية المستحكمة ورفعها الى مصاف جعلته يصدق ان سلطته على الشعب هي جزء من غريزة البقاء الطبيعي في الحياة مما يجعل حياته مساوية تماما لغريزته السلطوية
.
الا ان الثورة السورية تطرح افكارها بعيدا عن تلك المعادلات والموازنات الدولية التي جعلت من تاريخ سوريا السير بخطى السلحفاة فهذا شعب يريد ان يعيش ببساطة حياة قائمة على الحقوق والحريات والعدالة مثل كل شعوب العالم ومستعد للموت من اجل أهدافه .
هذه اللغة الجديدة والغريبة عن عقل الأسد المتحجر أصبحت بالنسبة له لغز عويصا فيما أصبحت لأمريكا والغرب حرجا أخلاقيا بالغ الحساسية لهذا يتعجب الأسد من أي موقف مع الثورة بدلا من الوقوف معه انها صناعة ثقيلة للتاريخ ينتجها الثوار في سوريا لكسر ذلك الاستثناء الذي جعلته الأنظمة الغربية نصابا مفروضا وبما ان حيازة الأسد للسلطة في نظره جزء من هبات الطبيعة فان ما يقتلع هذا الإحساس من نفسه لا بد ان يكون زلزالا سوريا يشبه زلزال الطبيعة كما يحدث في سورية الان .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سوريا، الحرب الأهلية بسوريا، النظام السوري، بشار الأسد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-09-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، د. صلاح عودة الله ، د- محمود علي عريقات، تونسي، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد بشير، ياسين أحمد، نادية سعد، علي عبد العال، مصطفي زهران، د - مصطفى فهمي، صلاح الحريري، صالح النعامي ، سلوى المغربي، الناصر الرقيق، ضحى عبد الرحمن، عواطف منصور، محمد عمر غرس الله، د.محمد فتحي عبد العال، د - شاكر الحوكي ، جاسم الرصيف، كريم فارق، عمار غيلوفي، إياد محمود حسين ، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، أحمد الحباسي، محمود سلطان، رضا الدبّابي، عبد الله الفقير، رافع القارصي، فهمي شراب، سليمان أحمد أبو ستة، د - الضاوي خوالدية، وائل بنجدو، مصطفى منيغ، سيد السباعي، مجدى داود، محمد الطرابلسي، حسن الطرابلسي، د. أحمد محمد سليمان، د. خالد الطراولي ، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، د. عبد الآله المالكي، صباح الموسوي ، د- جابر قميحة، عبد الرزاق قيراط ، كريم السليتي، حميدة الطيلوش، محرر "بوابتي"، مراد قميزة، د - عادل رضا، فتحي العابد، صفاء العراقي، محمد أحمد عزوز، محمد شمام ، د- محمد رحال، أحمد النعيمي، يحيي البوليني، أحمد بوادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سفيان عبد الكافي، صفاء العربي، أحمد ملحم، فوزي مسعود ، علي الكاش، محمد يحي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحي الزغل، أبو سمية، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسن عثمان، د. طارق عبد الحليم، رحاب اسعد بيوض التميمي، يزيد بن الحسين، صلاح المختار، د - محمد بنيعيش، محمود فاروق سيد شعبان، رشيد السيد أحمد، محمد الياسين، د - صالح المازقي، عبد الغني مزوز، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود طرشوبي، حاتم الصولي، إيمى الأشقر، عبد الله زيدان، سلام الشماع، طلال قسومي، الهيثم زعفان، عراق المطيري، أ.د. مصطفى رجب، محمد اسعد بيوض التميمي، رافد العزاوي، د. عادل محمد عايش الأسطل، عمر غازي، عزيز العرباوي، حسني إبراهيم عبد العظيم، العادل السمعلي، سامح لطف الله، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، خالد الجاف ، منجي باكير، رمضان حينوني، د - المنجي الكعبي، الهادي المثلوثي، المولدي الفرجاني،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة