البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

في الأحزاب: لا مناص من الانسلاخ لحسن التنظّم

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5753


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بعد الأخذ من كل شيء بطرف لتشكيل نواته الأولى بأوسع تمثيل سياسي يدخل "النداء" غداة مرحلته الأولى التي تكللت بالنجاح في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة مرحلة التهيكل، بما يعنى انضباط أفراده وقياداته لنظام أساسي متين وبنية قوية تصمد للأحداث والهزات التي تعرفها الأحزاب جميعها في مسيرتها نحو الحكم.

وها هو هذه الأيام، وربما منذ تولّده كحركة تطمح الى الظهور كحزب مهيمن على المناخ السياسي لما بعد الثورة في تونس، يدخل هذا الطور من حياته التي نعتقد أنها ستدوم ما دامت الظروف السياسية في تونس تحتضنها، بنفس القدر التي رعتها به في أوله.

ومن الطبيعي أن تتناثر أجزاؤه التي كانت مجتمعة في الأول على أهداف قريبة وتتخذ مواقعها الصحيحة في الأحزاب السياسية ذات الإيديولوجيات الأنسب لتوجهاتها الحقيقية، أو تؤسس لنفسها أحزاباً جديدة. ولا يبقى ينضوي تحت لوائه إلا من أراد مؤسسه الأول أو مؤسسوه الأوائل أن يصوغوه لاحتواء أضخم كتلة اجتماعية توحد تونس نحو أهدافه ومبادئه المعلنة في برنامجه الاقتصادي والاجتماعي وفي ولوائحه ومؤتمراته.

وفي الأحزاب: لا مناص من الانسلاخ لحسن التنظم. وكل ضجيج أو صخب، ما لم يتخط الحدود الحمر كما يقولون، يبقى من شؤون الأحزاب الحميمة طالما لم يخرج عن دائرة فضاءاتها ومنتدياتها ومؤتمراتها. ولا تثريب فيه على أحد، لأنه من لزوميات الحياة الحزبية مثله مثل التمثيل البرلماني؛ يتسع للشغب والعنف اللفظي، وقد يتجاوز ذلك في بعض تقاليد البرلمانات العريقة، بل وتحَصّنه تنظيماتها ولوائحها.

وفي حال تفكك الكتلة البرلمانية للنداء - ولعلها تفككت بعد - تصبح كل الفرائض الدستورية قائمة لإعادة الاستقرار للحياة العامة، والسياسية منها بالخصوص، بسبب هذا الشرخ الحاصل في حزبها. ومهما تكن القراءة لأزمة الثقة في الحكومة؛ هل تكون تزعزعت داخل المجلس أو لا؟ فإنها في حقيقة الأمر والواقع قد تزعزعت حتى قبل ذلك للأداء المتعثر لها في الأسابيع الأخيرة.

وكل الدواعي تدعو الى أن يستبق السيد رئيس الحكومة الى التفكير جدياً لعرض ثقته من جديد على البرلمان، إن لم يكن بوسعه أن يُقدم على الاستقالة من باب قراءة المشهد الحزبي المتهشم النوافذ خلفه، والذي كان يسنده، وحتى بكل هشاشة قبل ذلك.
إلا أن يكون العناد أو معاكسة التيار هو سيد الموقف في الأزمة السياسية العامة التي نعيشها بالحد الأقصى بعد الانتخابات الأخيرة، اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً.

كما للرئيس أن يبادر الى تخفيف الضرر من تزعزع الثقة بالمؤسسات الدستورية في عمومها، بسبب هذا الانشطار في حزبه الذي غادره يخوض تجربة مؤتمره التأسيسي المؤجل دونه بعد انفصاله عنه بسبب ارتقائه الى سدة الرئاسة، أن يبادر الى رأب الصدع بالدعوة الى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. فقد تكون المناسبة الذهبية لاقتضاء الأغلبية الحزبية لحزبه كما كان يأمله من خلال الانتخابات التشريعية السابقة، والذي لم ينلها لطبيعة النظام الانتخابي النسبي الذي اعتمدته سياساته القصيرة المدى قبل ذلك، للهاجس الذي كان لديه، أو لدى الطبقة الحاكمة يومها، لمنع انفراد حزب بعينه من نيل ذلك الامتياز.

وما دام قد تحصل له الوصول للرئاسة، فليدْع لتنقيح النظام الانتخابي ليفتح الطريق للفوز بالأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية المقبلة للحزب الذي يختاره الشعب. ونؤسس بذلك لنظام برلماني شبه رئاسي، تتداول فيه الأغلبية المطلقة على الحكم، أفضل من التداول للتحالفات الهشة في نظام انتخابي رقيق الحواشي سريع الانكسار، لا يقيم وزناً لنظام الأفراد.

فلكل نظام خصائصه ولا يمكن استنساخ نظام بتنقيح طبيعته الخاصة، إما بإقحام ما ليس منه فيه، أو بحذف ما هو جوهري منه فيه. فذلك مولّد للأزمات. فخذ مثلاً انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب عندنا للمدة النيابية كاملة! فهذا، لو كان جرى العمل فيه بالتقليد القديم لمجالسنا النيابية السابقة منذ الاستقلال، أي بانتخاب رئيس المجلس في افتتاح كل دورة، لما استعصت الأمور الى مثل ما وصل اليه نداء تونس صاحب أكثرية المقاعد في المجلس، ولكان لأزمة مروره الى حزب مهيكل ديمقراطياً ومنضبطة عناصره ترتيبياً ولكنا في غير عنق الجرة مثل اليوم.
وحتى حكومته، كان ينبغي أن تخضع بالكامل لطبيعة النظام البرلماني، وإن قيل له معدّل، القابلة لعدم استقرار الحكومات وتسارع انحلالها بعد شهور، دون أن تقع هزة في المجتمع أو تفقد الدولة السيطرة على سير دواليبها بشكل طبيعي.

فليّ أعناق الأنظمة لتطويعها لشراهة الحسابات الحزبية المحضة دون أن تكون هذه الأحزاب التي تقف وراءها مهيكلة حقيقة وديمقراطية حقيقة، يُدخل على اللعبة السياسية - ما دمنا نقول لعبة - كثيراً من الغش والاضطراب. وليس كل الأنظمة القائمة محصّنة من ذلك، وخاصة في مثل دولنا وبالأخص بعد الثورات.
تونس في ٣ نوفمبر ٢٠١٥


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، نداء تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-11-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. عبد الآله المالكي، نادية سعد، محرر "بوابتي"، عمر غازي، فوزي مسعود ، سلوى المغربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - محمد بنيعيش، عواطف منصور، سفيان عبد الكافي، الناصر الرقيق، رشيد السيد أحمد، كريم فارق، صلاح المختار، عبد الغني مزوز، فتحـي قاره بيبـان، رافد العزاوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، ياسين أحمد، د. صلاح عودة الله ، عمار غيلوفي، جاسم الرصيف، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، العادل السمعلي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فتحي العابد، د- محمود علي عريقات، د - المنجي الكعبي، خالد الجاف ، د - عادل رضا، أشرف إبراهيم حجاج، فتحي الزغل، منجي باكير، صفاء العراقي، د- محمد رحال، وائل بنجدو، رمضان حينوني، أنس الشابي، صالح النعامي ، محمد اسعد بيوض التميمي، سعود السبعاني، د- جابر قميحة، محمد يحي، د. طارق عبد الحليم، مصطفى منيغ، الهيثم زعفان، الهادي المثلوثي، محمد أحمد عزوز، صلاح الحريري، د - الضاوي خوالدية، خبَّاب بن مروان الحمد، سليمان أحمد أبو ستة، حسن الطرابلسي، أحمد النعيمي، أحمد ملحم، د - محمد بن موسى الشريف ، كريم السليتي، محمد شمام ، حميدة الطيلوش، د. ضرغام عبد الله الدباغ، علي عبد العال، محمد الياسين، تونسي، إيمى الأشقر، محمود طرشوبي، يحيي البوليني، عزيز العرباوي، محمد الطرابلسي، د. خالد الطراولي ، إياد محمود حسين ، حسن عثمان، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، مصطفي زهران، طلال قسومي، محمد عمر غرس الله، سامح لطف الله، أحمد بوادي، سامر أبو رمان ، أبو سمية، رحاب اسعد بيوض التميمي، مراد قميزة، أ.د. مصطفى رجب، محمود سلطان، علي الكاش، أحمد الحباسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العربي، المولدي الفرجاني، مجدى داود، عبد الرزاق قيراط ، د - صالح المازقي، ماهر عدنان قنديل، ضحى عبد الرحمن، رضا الدبّابي، محمد العيادي، يزيد بن الحسين، د- هاني ابوالفتوح، د - مصطفى فهمي، حاتم الصولي، سلام الشماع، محمود فاروق سيد شعبان، رافع القارصي، صباح الموسوي ، د - شاكر الحوكي ، إسراء أبو رمان، د. أحمد بشير، عراق المطيري، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد الله زيدان، سيد السباعي، د. أحمد محمد سليمان، فهمي شراب،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء