رافع القارصي - تونس/ ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7477
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عندما اصطفت الجماهير المهمشة و الفقيرة في المدن و الأرياف و القرى منذ الساعات الأولى لفجر يوم 23 أكتوبر 2011 تنتظر دورها للإدلاء بصوتها في أول تجربة انتخابية ديمقراطية ليس فى تونس فقط وإنما تقريبا فى كامل المنطقة العربية .
كانت أحلام أهلنا و عامة الناخبين تعانق السماء وكان المخيال العام الشعبى يتبختر بخيلاء بين أكثر من لا : لا خوف بعد اليوم لا قمع بعد اليوم لا رصاص يقتل أولادنا بعد اليوم لا تعذيب بعد اليوم لا تدخل فى شؤوننا الداخلية بعد اليوم لا عودة لوجوه عصابة حزب الدستور بعد اليوم لا فقر لاحرمان بعد اليوم سنأكل حتى الشبع و نثأر من رغيف الخبز من طلوع الشمس إلى مغيبها مع الصغار بلا تعب ولا خجل ولا ذل و لا وجع .
كانت هذه اللاءات المقدّسة تؤثث أحلام الكبار و الصغار الشباب و الشيوخ الرجال و النساء كيف لا و أجيال من المجاهدين إنتظرت هذه اللحظة التأسيسة لعقود بعد أن سرقت أحلام جيل معركة الإستقلال الأول على على يد دولة العنف فى نسختها البورقيبية ثم أحلام كل معارك الإستقلال الثانى التى إنخرطت فيها النخب السياسية و النقابية و الطلابية و الشبابية على يد دولة المافيا فى نسختها النوفمبرية البائدة .
وبعد تتالى الخيبات و الهزائم و النكبات قيّض الله لشعبنا جيلا "إستشهاديا مدنيا " إختار الشهادة واقفا كنخيل الجنوب فوق إسمنت الشوارع بدل الموت بين كهوف الجبال وآمن بأنّ أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر إرتفعت قاماته فوق الأحزاب حتى غدت رغم ضجيجها كأئنات مجهرية لا ترى أمام شجاعة أصغر شبل من أشباله فى أبعد قرية من قرى الوطن الجريح .
تمكن هذا الجيل الإستثنائى وفى أقل من شهر من إخراج السياسة من مكاتب الأحزاب وصالونات المترفين و قذف بها فى الشارع و الساحات و الميادين فآختلطت بها حجارة الفقراء و تعطرت دفاترها بغبار شوارع اليتامى و المحرومين و عانقت شعاراتها سواعد المستضعفين و البطالين ولمّا تطهرت أجندتها من مشاريع التسوية مع الطاغية و توضأت بياناتها بدماء الشهداء عندها أذن ربى بسقوط صنم السابع من نوفمبر تحت وقع " زهير " الأمعاء الخاوية وغبار الأرجل الحافية.. . فكانت ملحمة شعب عظيم و بداية لنهضة أمة عظيمة فطوبى طوبى لسادتنا الشهداء .
وبعد أن فرغ شعبنا من الجهاد الأصغر قرّر بعد معركة الحسم الإنتخابى تسليم أمانة الوطن و الثورة و الشهداء لتدشين مرحلة الجهاد الأكبر إلى أحزاب ثلاث مؤتمر و نهضة وتكتل بعد أن سمع من قادتها قسم و وعد و وعيد وعهد على تطهير الدولة من أزلام النظام وخدّام آلهة السابع وكل العبيد .
وتوالت الأيّام و الأسابيع ثمّ جاء الدور على الأشهر لتمر فوق رؤوسنا كالسهام النارية حالقة من عقولنا الآمال و الأحلام .
فهذا جسد الوطن الذى سلمناه لحكومة الشرعية سليما من جينات RCD „ المسرطنة „ بعد أن فرضنا على كل الآفاعى النوفمبرية العودة إلى جحورها وملازمة الحيطة و الحذر و السرية تحت وقع صيحات „ الشعب يريد إسقاط النظام „ و شعار „ لا رجوع لا حرية للعصابة الدستورية „ حتى أنّ الروايات المتواترة تحدثت عن حالة من الخوف و الفزع إجتاحت كل الفاسدين و الجلاّدين من صبّابة و مخبرين بعد الثورة إضطر الكثيرين منهم لمغادرة البلاد خيفة وخفية أو الإنتشار فى أماكن جديدة لا يعرفهم فيها أحد .
ذاك الجسد الطاهر و المتعطّر بجراح و دماء الشهداء حوّلته جماعة الترويكا إلى ساحة لتفريخ كائنات جرثومية تنهل جميعها من الصنم البورقيبى و النوفمبرى بالتنسيق مع مجموعات اليسار الإنتهازى تجمعت جميعها تحت خيمة " النفايات السياسية " نداء تونس فإذا رؤوس الفساد تطل من جديد وإذا بقامات الجلادين والقتلة و المفسدين تعيد الإنتشار فى أجهزة الدولة و المجتمع وتجاهر بتحدى الثوّار وسط تحليق كثيف لطيران الكفاءة و المصلحة و التوافق …. ؟ أبعد هذه الخيانة من خيانة ؟؟؟؟ أبعد هذا السقوط القيمى و الأخلاقى من سقوط ؟؟؟؟
تسلمتم وطنا أقسم شعبه برب الوجود على أن « التجمع « لن يعود فإذا بكم تعيدونهم فرادى و جماعات مرة بإسم التوافق و مرة بإسم الكفاءة العلمية و مرة بإسم التحوط من ظلم الشرفاء منهم نعم الشرفاء منهم ومرة بإسم القياس الفاسد على المقولة النبوية «من دخل بيت أبى سفيان فهو آمن و تنسونا أنّه صلى الله عليه وسلم أمر يوم فتح مكة بتنفيذ القصاص العادل على كبار المفسدين و جلاّدة قريش ولو تعلقوا بستار الكعبة الشريفة …
الويل لكم من غضبة شعب أوكل لكم مهمة مأسسة ثورته و حمّلكم بكل طيبة و ثقة أمانة دماء الشهداء ولكنّكم وعدتم و أخلفتم وعاهدتم و نكثتم و تقدمتم ثم أدبرتم ثم عندما حوصرتم بوعودكم الإنتخابية وبعصابات أحزاب التجمع التى رخصتم لها فى التآمر على الثورة إمتشقتم
" حرف السين " سلاحا نوفمبريا لتدافعوا به عن أنفسكم و لتمطروا آذاننا بكل أنواع مقذوفات التسويف فمن سنبيع قصور الدكتاتور و سنجعل عائداتها المالية فى خدمة الفقراء و المحتاجين إلى سنعمل على إسترجاع الأموال المهرّبة و سنقوم على جلب الدكتاتور و معاونية إلى ساحات المحاكم مرورا بسنقوم بتطهير الأمن و القضاء و الإعلام ثم كان آخر منتوج أنتجته مصانع مقذوفاتكم التسويفية سنقوم بتقديم كل المفسدين إلى القضاء و سيكون المدعو سامى الفهرى أول قطع الدومينو التى ستلتحق بها قطع أخرى حتى نطّهر مؤسسات الدولة منها جميعا ؟؟؟؟؟
هكذا جنى حرف « السين « على أحلام شعبنا و آمال ثوّاره ولكن صبرا يا تجّار الكلام { الترويكا } و يا لصوص الوطن { نداء تونس} لا يخدعنّكم " حرف السين " فمازلت لغة الضاد تحتضن حرف « الياء « الذى زلزل عرش الطاغية وتحول إلى أغنية عربية تحمل عنوان " الشعب يريد " مطلع لسمفونية الأحرار من توقيع و ألحان الشعب التونسى الذى مازال يرابط داخل حدود الوطن فآنتظروا صحوته القادمة .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: