دسترة الحقوق هل هو خوف من المستقبل أم مزايدات سياسية لا أكثر؟
الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8261
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قالت إحدى الناشطات الحقوقيات أنها تدافع و بشدة عن موضوع حقوق الحيوان لذلك فهي تنادي بدسترتها، و ذلك حرصا منها على ضمان حقوق هذه المخلوقات و عدم تعرضها لأي نوع من التهديدات من قبل الإنسان الباحث دائما عن سعادته على حساب الأخرين و من ضمنهم الحيوانات.
و قد أقدمت هذه الناشطة بعد عرضها لشريط فيديو مصور على شبكات التواصل الإجتماعي يظهر مساندتها المطلقة لحقوق الحيوانات في العيش الكريم، أقدمت على إصطحاب كلبها و التوجه به نحو كلية الأداب بمنوبة التي أصبحت مزارا للباحثين عن الحرية كما يقال، أين حظيت بإستقبال حاشد في محاولة منها لحشد رأي عام مدافع و متبني لهذه القضية، و للإشارة فإن كلية الأداب بمنوبة كانت قد منعت في وقت سابق على البعض من بني البشر الذين قيل أنهم تهديد للحريات، و هاهي اليوم تستقبل الكلاب.
إذن قد تبدو هذه المبادرة طبيعية خصوصا إذا ما علمنا أن الثورة التونسية قد أعطت للجميع جرعة زائدة من الحرية لم تعرفها حتى أعتى الديمقراطيات العريقة، و بناء عليه فإن البحث على دسترة الحقوق أصبح الشغل الشاغل للجميع و هو أعلى سقف في مطالب الحرية، فالنساء مثلا طالبن و لازلن بضرورة الحفاظ على مجلة الأحوال الشخصية و إن لزم الامر جعلها قانونا أساسيا و ساميا بحيث لا يمكن تنقيحه من قبل أي من الحكومات و لا البرلمانات القادمة، كما أنهن بصدد الضغط المتواصل على القوى السياسية من أجل دسترة حقوق المرأة رافعين شعار " الله يعيش النساء.
من جهة أخرى نجد الأقليات الدينية و العرقية الذين بدأت أصواتهم ترتفع بمساندة بعض أصحاب النوايا الحسنة من منظمات المجتمع المدني، منادين بضرورة ضمان حقوقهم بإعتبارهم مواطنين و يجب ضمان عيش كريم لهم من خلال التنصيص على ذلك صراحة في الدستور الجديد.
كما أن دعاة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني ما فتؤوا يؤكدون على وجوب تضمن الدستور المرتقب لفصل ينص و بصفة واضحة لا لبس فيها على تجريم الطبيع أو من يدعو له و ذلك وفاء لدماء الشهداء و إلتزاما بقضية الأمة المركزية ألا و هي القضية الفلسطينية.
و بطبيعة الحال كانت الشريعة و دسترتها موضوع جدل و نقاش لأيام وأسابيع و كادت تعصف بالنسيج المجتمعي خاصة بعد الإستقطاب الثنائي و إحتدام الصراع بين شقين مؤيد و مناهض لتضمين الدستور الشريعة كمصدر وحيد للتشريع و لو لا حكمة بعض الرجال ( و هنا أقصد الجنسين ) الذين لم يجانبوا الصواب و أتخذوا الموقف الضروري في الوقت المناسب و جنبوا البلاد فتنة كانت ستعصف بها و بثورتها لا قدر الله.
و أمام هذا الزخم و الحراك في المجتمع الذي ينادي فيه الكل بضمان حقوقه أطلت علينا فئة ما بين الجنسين منادية هي أيضا بضمان حقها في التواجد في المجتمع و بضرورة منحها حقوقها السليبة و لم ينقص هؤلاء إلا أن يقولوا أنهم شاركوا في الثورة لذلك لابد لهم من الحصول على صحتهم من هذه الثورة.
و إلى حد الأن لا نعلم من من الفئات التي ستطل علينا أيضا مطالبة بضمان حقوقها و دسترتها ربما الأيام القادمة قد يشهد شارع الحبيب بورقيبة أو غيره من شوارع الجمهورية و ساحاتها مظاهرة لعبدة الشياطين مثلا إحتجاجا على عدم إحترام حقهم في عبادة إبليس و ضرورة الكف عن الإساءة المتعمدة من قبل المؤمنين بالله لشيطاينهم أو أبالستهم أو نرى أيضا وقفة إحتجاجية لبقايا التجمعيين و من لف لفهم منددين بتهميشهم و بعدم إعتبارهم كأقلية منتهكة الحقوق في مجتمع ثوري أقصاهم و لذا لابد من إنصافهم و رفع الظلم عنهم و ذلك بدسترة حقهم في السرقة و نهب مقدرات الدولة.
ربما يكون هذا الخوف المبالغ فيه من الجميع طبيعيا خصوصا و أن عود الثورة لازال طريا و الخوف من ردة نحو الوراء واردة فتهديدات قوى الجذب إلى الوراء لزالت قائمة لذلك يسعى الجميع لضمان حقه في أعلى و أرفع الوثائق في الدولة و هو الدستور لكن ربما يكون ذلك أيضا من باب المزايدة السياسية من قبل البعض الذين وجدوا في هذه المطالبات خير طريق للظهور بمظهر المدافع عن الحقوق و الحريات.
مسكين هذا الدستور الجديد كم يجب عليه أن يشتمل من الفصول حتى يرضى الجميع لذلك أعتقد جازما أنه لا يمكن أن يكون جامعا لكل شيء فهو ليس بقرأن ليكون شاملا كاملا و إنما سيكون بمثابة فصول واضحة الدلالة و المعنى تأتي بشكل مجمل ثم نترك التفصيل في للنصوص التكميلية في باقي المجلات القانونية و هذه هي عادة الدساتير في كل دول العالم إذ أنه لو سرنا على نهج تضمين الدستور لكل شيء و بالتفصيل لتحصلنا على مجلد و ليس على دستور و كما قيل قديما خير الكلام ما قل و دل .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: