فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 84 محور: المفكر التابع
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
انظروا الصورة المصاحبة وهذا "الشيخ الدكتور" ماذا يكتب، عجبا، أهذا كلام يُقال (تَوّة هذا كْلامْ يِتْڨالْ)
لذلك قلت كم من مرة أن هؤلاء المشتغلين بالإسلاميات يجب أن يتم إبعادهم من أن يتحدثوا في أمور الناس، لانهم عمليا يغالبون الإسلام ويقدمون خدمة لأعدائه
ويكون ذلك أولا بتبيان فساد التصور الذي يجعل أمثال هؤلاء المختصين في الإسلاميات، عكّازا يتم الاعتماد عليه في حياتنا، وتوضيح فساد الفكرة القائلة أن المسلم لا يمكنه أن يتحرك ولا يصح إسلامه الا باستشارة أحدهم من هؤلاء
هذا كله كلام غالط، وإنما فكرة وجود هؤلاء هو نتيجة مسار انحرافي عبر قرون قصده التحكم في الاسلام وضبط مجال وسقف فاعليته من خلال جعل ذلك بيد أشخاص واسطة يسمون علماء وكل هذا تزيّد في الإسلام وانحراف عنه، وتضيق سعته
---------
منهجيا فكرة الفتاوي لا قيمة لها خارج التفاصيل لذلك لا تصح الفتاوي إلا في التعيينات أي الأحكام القضائية أو العينات المتفق على تأطيرها
ماعدا ذلك لايصح التحكم في الشأن العام من خلال الفتوى، ولا تصح الفتوي التي تتناول مثلا الإنتخابات أو غيرها من مسائل الواقع العامة، فإن قال أحد هؤلاء رأيا، فليفعل، لكن لا يقولنّ لنا إنها فتوى فيضفي على رأيه ثقلا دينيا
لايصح ذلك، أولا لان هذا يعني مصادرة لإرادات الناس وافتراض أنهم قصّر، وثانيا فإن الفتوى تصرف بَعدي يلاحق الأفعال، ولا يمكن بالتالي للفتوى أن تخدم فعل نشر الإسلام ولا أسلمة الواقع كما يعتقد أصحاب الفتاوي وأنصارهم، سبب ذلك أن تأطير الواقع لايكون بملاحقة الأفعال وإنما بالتأثير في تأسيساتها بداية وهذا يحصل بالتحكم في المجال القبلي للفعل
لذلك من يريد أن يغير الواقع لا يكون ذلك من خلال الفعل البعدي مثلما يحصل بالفتاوي، وإنما يحصل من خلال التأثير القبلي أي عن طريق التحكم والتأثير في منظومات التشكيل الذهني
نتيجة هذا الفهم، فإن تغيير الواقع بأفق إسلامي يكون بإحياء فكرة أن الإسلام مركزية عقدية وليس مجالا ثقافيا شعائريا فقط كما يحصل الآن
حينما يكون الاسلام مركزية عقدية، ذلك يعني أن المجال المفاهيمي للواقع سيكون متفرعا من الاسلام وتصوراته كلها، ولن توجد تفصيلات خارج تأطير الإسلام، وهذا بعض معاني مفهوم المركزية العقدية (*)
و المركزية العقدية لا تكون بالتحكم المباشر والفتاوي، وإنما تكون بجعل الإسلام مجالا مفاهيميا تلقائيا يعيشه الناس، ويحصل هذا حينما تتغذى منظومات التشكيل الذهني من المجال المفاهيمي الإسلامي
ساعتها ستكون أفعال الناس في كل المستويات منضبطة بالضرورة بالاسلام، لكن بأقدار وأفهام مختلفة، وإن أخطأ هؤلاء فستكون أخطاء اجتهادية، وهكذا تتطور الممارسة الإسلامية لأن الإسلام يصبح أفقا يؤطر التصور والفعل، أي يتوازى مع إنتاج الفعل، وليس كما يحصل الآن حيث تترك المركزية الغربية ومنظوماتها تنتج الفعل وتؤثر في الناس، نترك كل ذلك ثم نأتي لاحقا نحاسب الفرد أن أفعل ولا تفعل، وهي ستكون بالضرورة فتاوي لاأثر يذكر لها أصلا لانها تنظر في النتيجة
المجتمع الإسلامي المتحرك في أفق مركزية عقدية إسلامية لا يجب أن يوجد فيه مشتغلون بالإسلاميات ولا لقب "الشيخ الدكتور"، لأن الطبيب والمهندس وعامل الحقل والمصنع، كل من هؤلاء يمكنه أن ينتج رأيا في الإسلام مادام يعيشه وليس في حاجة للفتاوى
علينا أن ندرك أن فكرة وجود هؤلاء المشتغلين بالإسلاميات نشأت من مسار انحرافي لحق الإسلام، حرفه من فكرة المركزية العقدية فضيقه نحو جعله ممارسات شعائرية شكلية ثقافية، القصد منها التحكم في فاعلية الإسلام من تحرك أفقي يمثل مواقف الناس التي تعيش الإسلام وتنتج المواقف، لنشاط عمودي يعكس واقعا يغيب عنه التأطير الإسلامي وإنما يوظف الاسلام عن طريقة مجموعة تحترف الحديث فيه، بينما الإسلام ليس اختصاصا، الإسلام نمط حياة ومركزية عقدية
------
لمن أراد التعمق في هذه المفاهيم، فلينظر كتابي: "المركزية العقدية والمجال المفاهيمي"، أو ليشاهد لقاءات فكرية مصورة بقناتي يوتيوب