تأملات في الغيب (4): الحقيقة الكلية غير الحقيقة الجزئية (1=0.999)
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 605 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يفهم الغيب عادة أنه مجال لا يتعلق مباشرة بنا وأنه في عالم آخر أو عموما هو شيئى لايدرك
الأمر غير ذلك، الغيب مساحة تتحرك معنا في كل مجالات حياتنا أي أن الغيب لا ينقطع عنا في محوري الزمان والمكان
الغيب يؤطرنا وهو جزء من واقعنا، وليس أبعادا مستقلة عنا، وهذا ما سأبرهن عليه في ما يلي (*)
سأستعمل لذلك الغرض برهنة رياضية ستكون بسيطة حتى لغير العارفين بالرياضيات، يكفي أن تتبعوا الصورة المصاحبة، للفهم
1- حينما نأخذ مربعا طول ضلعه واحد، فإن مساحته واحد، هذا ما نعرفه وتقوله الرياضيات البسيطة
لكن الذين لهم فهم بدرجة ما في الرياضيات المتقدمة، يعرفون أننا حينما نتعمق ونريد احتساب مساحة المربع بطريقة هندسية، فإننا لن نستطيع الوصول لمساحة تساوي واحدا، هذا مستحيل عمليا
2- هندسيا مساحة المربع هي عبارة عن تقسيمات متساوية، ثم نأخذ نصف المربع، ثم نصف النصف الباقي أي الربع، ثم نصف الباقي أي الثمن وهكذا
حينما نحتسب هذه التقسيمات فإنها تعطينا جمع الكسور نصف مع ربع مع ثمن وهكذا دواليك، وهذه تعطينا 0.9999 ولن تصل لقيمة واحد إلا في صورة أكملنا التقسيم إلى ما لا نهاية له، وهذا نظريا ممكن، لكنه عمليا غير ممكن
فنصل في النهاية للمعادلة التالية: 1=0.9999
3 - يمكننا أن نقوم بعملية إقحام (interpolation) على الموجودات بالواقع، أي أن كل موجود يمكن أن يكون مضروبا بواحد وهذا لن يؤثر فيه، لأن الضرب هو تكرار عينات الموجود، وأقل الموجود هو ذاته أي الضرب بواحد، فيكون معنى ذلك أن القاعدة (1=0.9999) يمكننا تطبيقها على أي موجود من دون أن نفقد أي من خصائصه
4- نتيجة للسابق، فإن أي موجود يمكن تعريفه كتالي:
الموجود *1 = الموجود* 0.999
هذا يعني أن الموجود يساوي 0.999 من الموجود
أي أن الموجود له حقيقتان في الواقع، حقيقة كاملة هي الحقيقة الكلية وحقيقة جزئية تكون وجوبا أقل ومختلفة عن الحقيقة الكلية
-------------
ما يمكن استنتاجه من هذه البرهنة هو التالي:
1- الحقيقة لها وجهان، حقيقة الموجود كاملا في وضع غير التثبت وهي الحقيقة النظرية، مقابل حقيقة جزئية تفصيلية حينما نريد التدقيق في التفاصيل وتكون وجوبا غير الحقيقة الأولى وأقل منها
2- حينما نأخذ لحظة زمنية ما وفي مكان ما، فإن هناك جزءا من الحقيقة غير ممكن الوصول إليه وجوبا، ذلك المقدار من الحقيقة غير المدركة هو الغيب
3- الغيب رغم عدم إدراكنا له، فإنه واجب الوجود وهو في تعلق بحقيقة ذلك الموجود في بعده الكلي، وهو القدر من الحقيقة الذي لم ندركه بقياساتنا، لكنه موجود في مكان ما وزمان ما، ولصيق بوجودنا ويتحرك معنا في كل أبعادنا
4- الحقيقة في الواقع، لايمكن الوصول إليها عمليا ولا الإحاطة بها
------------
(*) ما قدمته من برهنة على الغيب في هذا المقال، على حد علمي، لم أسبق إليه