المساحة الخاصة والمساحة العامة: اللباس حامل ثقافي وليس شأنا خاصا
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 890 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ما ان ندخل المجال العام، فإن مفهوم المجال الخاص ينتفي أو على الأقل يتقلص
1- السلوكيات والحالات التي يقصد بها الاتصال بالغير أو تبليغها له، ليست أمرا خاصا بحتا، وبعض ذاك اللباس والسلوك عموما، حينما تخرج من بيتك لن يعود شأنا خاصا متعلقا بك إلا في مستوى إيجاده
أولا لأن دخول مساحة مشتركة وهو المجال العام، ليست ملكا خاصا لأحد ولا يصح إدعاء أنها حصريا متعلقة بفرد معين
ثانيا الذي ينقل لباسه وسلوكياته للمجال العام، قصده الضمني أنه يريد الإتصال بالغير، ومحاولة الاقناع بالخلفية الفكرية والعقدية ثم الثقافية المنتجة لذلك السلوك واللباس، لأن المساحة العامة مجال لنشاط الثقافات وساحة اقناع بها ومغالبة مع منافسيها، وهي عمليات تتم ضمنيا، حيث أن اللباس له بُعد ثقافي (ولكن له أبعاد أخرى) وكل نشاط ثقافي يمثل حاملا دعائيا للاقناع بالخلفية العقدية المنتجة لتلك الثقافة
ثالثا الذي يتصل بالغير من خلال سلوكه ولباسه في المجال العام، عليه أن يتوقع تفاعلا بالقبول أو الرفض، وهو سيكون ردا على "حوار" بدأه هو حينما نقل لباسه من مساحته الخاصة للمساحة العامة
رابعا أن يكون صاحب السلوك أو اللباس اتصل بالغير وهو دلالة نقل اللباس للمجال العام، ودخل في تفاعل معه، معناه أنه لا يرفض مواقف الاخرين من حيث أنها آراء والدليل أنه يسعى لها، وإنما يرفضها ويقبلها من حيث محتواها
خامسا الذي يبتئس من مواقف الغير الرافضة لسلوكه الانحرافي أو لباسه المتهتك، هو لا يرفض "تدخل" الغير وإنما يرفض رأيهم غير المساند له، لأن نفس الشخص كان يسكت وقابلا برأي ذلك الغير حينما وافقوا سلوكه
ثبت إذن أن اللباس والسلوك الفردي عموما حينما يدخل المجال العام، يصبح شأنا يهم كل المتحركين في تلك المساحة، وأن الفرد ذاته صاحب اللباس يعرف هذه الحقيقة وقد كانت دافعا له للمنافسة بلباسه وسلوكه في المجال العام
وأن زعم أن اللباس والسلوك المتهتك عموما شأن خاص، هي حيلة ترفع حينما يكون الغير المتصل به رافضا لها
وبالنتيحة فإن قول: اللباس شأن خاص، كلام فاسد
2- لما كان المجال العام مساحة مشتركة، فإن من حق الفرد أن يرفض أي سلوك أو لباس داخل ذلك المجال، يرى هو أنه يمثل عدوانا ضده
رفض لباس الغير وسلوكياتهم، موقف له صوابية تعادل صوابية صاحب السلوك، إذ لما كانت المساحة مشتركة فإنه ليس بترجيح إيجاد الفعل بأقوى من ترجيح رفضه، لأن الأفعال من حيث أنها أفعال تحمل نفس القيمة الترجيحية، هذا من حيث المبدأ
3- واذا أضفنا مرجحا آخرا يعتمد على الخلفية العقدية المؤطرة للواقع أي المركزية الاسلامية وأولويتها لتأطير الواقع عوض المركزية الغربية، فإن السلوك واللباس حينما يكون حاملا لمعاني تدور في أفق المركزية الغربية وهو الحال مع اللباس والسلوكيات المتهتكة، يصبح الداعي لرفضه مدعوما بأرجحية صراع مركزيات عقدية وتبني إحدى طرفيها، ويتحول رفض اللباس المتهتك واجبا على الفرد وليس حقا، وهو سيكون بموقفه ذلك الرافض مقاوما للمركزية الغربية وتمظهراتها في المجال العام