يستحيل جمع الناس على معاني واحدة وإن اجتمعوا حول المفهوم
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 785 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لايختلف الناس في الأحداث من حيث وقوعها وإنما يختلفون في مايتعلق بها
يختلف الناس في من يقف وراء الحدث وفي من ينتفع به وفي أي اتجاه يسير إليه
هم يتفقون في وقوع الحدث، لأنه الجانب المادي الذي تطاله إدراكات سائر البشر، ولكن لما ننتقل لمتعلقات الفعل فإن الاختلاف يحصل لأنه مشتق من مستويات إدراك تعتمد على أدوات لامادية للفهم والتقييم
والناس يختلفون حتى في أمور الدين فهم لايتفقون من مسائله إلا في كون الدين أمر جدي يجب احترامه والانضباط به، ماعدا ذلك فإنهم يتنازعون ويذهبون في اتجاهات متضاربة لتأويل الدين وفهمه
سبب ذلك أن الناس ليسوا على مستوى واحد في خلفياتهم الفكرية وقدراتهم للفهم واستيعاب الواقع
وتفسير ذلك أن الناس لاتجتمع إلا في مستوى هيكل المفهوم واللفظ، أما المحتوى فهم لايجتمعون عليه، فهو اتفاق في المفهوم واختلاف في المعنى
لذلك سيتواصل الاختلاف في كل شيئ، ويصبح جمع الناس على أمر واحد ورأي واحد وتصور واحد عبثا أو يقرب للعبث
ويصبح جمع الناس على المحبة والخير وعموم ذلك الكلام الفضفاض عبثا لأنها دعوات ستلقى الاستجابة لامحالة لكنها حين تنزل واقعا فستجدها مصاديقا وتنزيلات لا رابط ولا تقارب بينها، حيث كل يفسر المفهوم بطريقته
لانهم سيتفقون كلهم في تلك الدعوات لكنهم سيختلفون في دلالاتها، فكل منهم سيفهم الخير بطريقته والشر بطريقته
لذلك فإن دعوات جمع الناس على أمر واحد مسعى لا قيمة له (يصر أحد السياسيين دائما على التوافق وعلى جمع كل التونسيين مع بعضهم)، وإنما كل من له مشروع عليه أن يمضي في تنزيله والاقناع به من دون أن يكون مهموما بجمع كل الناس حوله، لأنهم لن يجتمعوا، وان بدا له ذلك فهو مجرد وهم حيث أنه اجتماع في المفهوم وليس في المعنى