في تكوّن المعنى (3): الاتفاق على المفهوم لايعني الاتفاق على معانيه: إبطال أساس القيم الكونية
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 597 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لايكفي القول عن موجود أو مفهوم أنه حق أو صواب، يجب تبيان وكشف معاني ذلك الحق والصواب، ثم النظر هل يبقى الحكم على المفهوم نفسه على معانيه أم لا
والارجح أن لايوافق كل الناس على ذلك الحق وذلك الصواب حينما يرون التفاصيل
لأن الناس تتفق في المفاهيم ولكنها تختلف في معاني تلك المفاهم
المفاهيم المتعلقة بالقيم في أغلبها أوعية إطلاقية تتجاوز صوابيتها اختلافات المجالات المفاهيمية فهي محل اتفاق مهما تعلق الامر بالخلفيات العقدية، بينما معاني تلك المفاهيم أي محتوياتها تتعلق بالدلالات التي يعطيها الناس لتلك المفاهيم
فالشرف والحرية والكرم مفاهيم يتفق كل الناس على سموها مهما اختلفت مجالاتهم المفاهيمية أي خلفياتهمم العقدية، لكن حينما تأخذ مفهوما معينا ليكن الحرية وتنظر في ضوابط استعمالاته وحدودها فإنها تختلف حسب الخلفيات العقدية
في الحالة الاولى أين يوجد اتفاق تعلق الأمر بالمفهوم أي الوعاء، وفي الحالة الثاني أين يوجد اختلاف تعلق الأمر بالمعنى أي بالمحتوى
لما كانت أفعال الناس تتحرك في المعاني لأن الفعل عملية انتاج معنى وليس انتاج مفهوم، كان تفسير ذلك أن البحث في الاشتراك بين الناس يكون في مستوى المعنى وليس المفهوم
ولما كانت معاني المفاهيم تختلف حسب المجالات المفاهيمية أي المرجعيات العقدية المؤطرة للواقع، كان ذلك مفاده أنه يكاد يستحيل الاشتراك في معاني المفاهيم وإن كان يمكن الاشتراك في المفاهيم كالصدق والحرية وغيرها
أي أنه يمكن الاشتراك في أوعية الألفاظ لكن لايمكن الاشتراك في محتويات تلك الأوعية
لذلك لايمكن القول بالاشتراك في القيم الكبرى كالحرية والشرف والصدق، بين مركزيات عقدية متغالبة، إلا أن يكون المقصود اشتراكا في المفهوم، لكن هذا القدر من الاشتراك لايحمل قيمة لأن الأفعال تاخذ جدارتها من المعاني وليس من المفهوم، بالتالي لايوجد ولايصح القول بالقيم الكونية المشتركة لانها غير موجودة