في تكون المعنى (1): معاني المفاهيم تأتي من سلطة الموجودات وليس من تعريفاتها الأولية فقط
فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 710 محور: مقالات في المعنى
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نتصور أن معاني المفاهيم محددة ذاتيا بتعريفات أولية، الحقيقة أن الأمر أكثر من ذلك، المعاني في الواقع تتغير معانيها من خلال سلطات تنتج المعاني وتغيرها على حسب فهمها ومصلحتها
من يحدد معاني مفهوم الحلال والحرام مثلا، رغم وضوح تلك المعاني في تعريفها الأولي، إنه الشيخ والإمام وذو النسب النبوي والتابعي والصحابي، سلطتهم التي يملكونها لدى الناس هي التي تنشىء المعاني ويقوم بترجيحات تكون أحيانا معارضة للمعنى التأسيسي الأولي للمفهوم
من يحدد معنى صوابية فعل سياسي ما، إنه الزعيم والمناضل، حيث تصبح سلطته المعنوية لدى الأنصار ومنتسبي الحزب، قوة تفسر المفاهيم وتعطيها المعاني رغم أنها قد تكون مجانبة للتعريف اللغوي وأنها تؤدي لنتائج سيئة واقعا
إذن قوة السلطة منتجة المعنى أكبر من سلطة المعنى الأولي
من يقول بأن ذلك فن أو لا، إنه الفنان الكبير والملحن العبقري الذي يقرر معنى الفعل الفني، رغم أنك أنت قد لاترى ذلك وأن التقييم أساسا نسبي، فيصبح ذوقه سلطة تنشىء معنى مرجعيا
وتصبح ملزما باعتبار لوحة "الموناليزا" عملا عبقريا ويصبح متذوفها ذا ذوق رفيع، فتسكت عن رفض كل تلك الأراء إن كنت لاترى ذلك، لأنه لن يلتفت لك في رأيك هذا، وسبب ذلك أن من له سلطة انشاء المعنى الفني حسم على غير رأيك
من يقيم أن تلك الممارسة تحضّر أو تخلف، إنه الفرد الغربي المنتمي للمركزية الغربية عموما، حيث تصبح سلطته التي اكتسبها لدى ضحايا عمليات الإلحاق الذهني مرجعا وقوة ترجيح لصوابية الفعل، فيصبح الغربي بسلطته أداة تجعله يقرر معاني المفاهيم، وتتصبح سلوكياته وانحرافاته مرجحا لقبول السلوكيات الفاسدة من منظورنا نحن
إذن قوة سلطة الموجود هي التي تحدد معاني الموجودات الأخرى، لكنه تدخل في المعنى من حيث التغيير وليس من حيث الايجاد، لأن تلك السلطة قصدها من ذلك التأثير توظيف الواقع لمصلحتها وهذا يكون من خلال المتعارف عليه من مفاهيم فتسعى لتحريف معانيها
ثم إن تغيير المعاني من أثر السلطة تلك يكون على حسب الفهم الذاتي لتلك السلطة وتقديرها والاقرار بها كسلطة محددة للمعاني
أي أن السلطة تؤثر في المعاني تأثيرا غير موضوعي وإنما هو تأثير ذاتي لايلزم الا الفرد او المُقِر بتلك السلطة، عكس تغيير المعاني الذي يطرأ من خلال الفعل الواعي من جهات علمية مثلا تقوم بالتعريفات في شكل منشورات مرجعية