فوزي مسعود - تونس المشاهدات: 674 محور: إسلام العقيدة
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لماذا يكذب أحدهم، لأن لديه مصلحة
طيب ولماذا يرفض طرف آخر كذبه، لأن له مصلحة في صدقه أي في عدم كذبه
إذن استهجان الكذب بحسب داعي الحاجة للصدق كلام غير سليم أو بالدقة غير كافي، لأن الطرفين لهما مصلحة في موقفهما، أحدهما في الكذب والآخر في الصدق، والذي من ملصحته الكذب لا يحل الداعي للصدق المفترض حاجته
ولا يوجد مبرر منطقي لترجيح مصلحة طرف على آخر، أي بأي ترجيح منطقي نأخذ بمصلحة أحدهما ونرفض الأخرى
تمسك كل طرف بموقفه يؤكد أن الصدق والكذب ليست أمور بديهية ضرورية (بمعنى الضرورة العقلية)، لأنها لو كانت كذلك لاتفق طرفا الكذب والصدق عليها من دون اختلاف
ثم إن صفات الكذب والصدق ليست صفات موضوعية أصيلة في الموجود لأنها لو كانت كذلك لكان تغيرها يعني تغيرا للموجود موضوع الكذب والصدق، ولكن مانلاحظه أن النقاش يدور حول أمر خارجه، إذ هو موجود كامل والصدق و الكذب مجرد تعلق به ولاحق عليه زمنيا
إذن من أين تأتي مفاهيم الكذب والصدق، إنها تأتي من مجال مفهومي متفق على وجوده نسبيا بحكم الحاجة إليه، وهذا الذي يسمى الأخلاق
الأخلاق إذن مجال تجريدي لازم لملىء فراغات تتركها العلاقات المنطقية التي لاتستحيب لحل الخلافات الحادثة في حالة تعارض المواقف ببن الناس
الأخلاق أتت لتصلح الخلل بحيث تقوم بترجيحات لأحد طرفي التنازع، مما ينتهي بحل الاشكال المنطقي الذي تعطل بتعادل الترجيحات المنطقية التي حدثت حينما انتفت إمكانية الانحياز لأحد الطرفين لتعادل المصلحة في موقف كل منهما
إذن الأخلاق ذات وظيفة اجتماعية لتنظيم العلاقات، فهي بمثابة العقد الضمني بين الناس داخل مجموعات بشرية
ثم إن الأخلاق بهذا المعنى تؤدي وظيفة تعديل وإصلاح لغيرها، فالأخلاق أداة لإصلاح عجز لدى الاليات المنطقية في التعامل مع الوضعية الناشئة في تعامل الناس، ودليل ذلك أنه وقع الاحتياج للأخلاق من خلال إيجاد مفاهيم الكذب والصدق، ولو كان للمنطق قواعد من عنده لحل الاشكال ابتداء، لما احتجنا للأخلاق
اذن الأخلاق أمر لازم الوجود ولزومها يأتي من أهميتها لاكمال بناء قواعد التعامل التي تبقى مختلة لو اكتفينا بالقواعد المنطقية المبنية على الأوليات العقلية التي انتهت لتعادل ترجيحات المصلحة بين طرفي الكذب والصدق
فالاخلاق ذات وجود أصيل لازم للوجود البشري المنظم، وليست مسألة اختيارية
إذن الاخلاق أمر سابق عن وجود الدين، هذا يعني أن الاخلاق غير الدين، لكنهما يشتركان في مجال الضبط وهو تحديدا تقرير قواعد الترجيحات بين الناس اي إعطاء الاولويات في حالات تعارض مصالح الناس