البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

نور الدين الخادمي يسأل المفتي: نموذج للسطحية الفكرية

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5104


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


نقلت مواقع إخبارية أن نور الدين الخادمي وهو مختص في علوم الإسلام ومقرب من حركة "النهضة"، دعا مفتي الجمهورية التونسية ل"إصدار فتوى وإبداء رأي تخصصي واضح في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة"، وهو موقف خطير لما سأوضحه في ما يلي بتناول العوامل الثلاثة: المفتي كوظيفة داخل منظومة حاكمة، ثم المفتي في إطار زماني ومكاني معين ثم منظومة الحكم التي يتحرك ضمنها المفتي.

كمدخل ورجوعا لكلام الخادمي، فإنه يحسن التذكير أنه ما أهلكنا إلا مثل هذه المواقف التي تؤكد غياب العمق الفكري حين تناول مشاكلنا في تونس، وهي أنها في حقيقتها تفاصيل لمواجهة أعمق وأشمل تدور حول محور عقدي إيديولوجي مع ممثلي محتل غربي ولّى ولكن ترك بقاياه تحكمنا، وليس صراعا سياسيا تقنيا، وأن يكون شخصية بوزن أحدهم يفترض أنه مختص، بهذا القدر من التشويش الذهني، ذلك يفسر تنامي فاعلية بقايا فرنسا رغم أقليتهم ونجاحهم في تشكيل المجالات الفكرية والإعلامية والثقافية والقانونية حسب تصوراتهم، مقابل غياب الفاعلية للشق المتحكم في مسار الثورة: "النهضة" والمتحلقين حولها ومنهم الخادمي هذا.

أن يطلب الخادمي من المفتي رأيا، ذلك يفترض أن المفتي مرجعية عقدية في مفهومها النظري وفي شخصية المفتي واقعا، وقبل ذلك أن منظومة الحكم التي أختارته، لا عداء لها مع الاسلام وإعتماده مرجعا وحكما في الواقع.

كل هذه الفرضيات التي أنطلق منها الخادمي غير سليمة وهي تمضي بين الفساد وغياب الدقة

أولا، لأن أمر الإفتاء كوظيفة في الكيانات السياسية منذ عهد بني أمية حرّف نحو منصب سياسي جعل للتحكم في مجال التدين داخل التجمعات البشرية وتوجيهه بما يضمن عدم مغالبته لمشاريع المتحكمين في الواقع، ثم العمل على تسطيح والتلاعب بمفاهيم الدين لينتهي أداة دعائية تضاف لأدوات التحكم في تشكيل ذهنيات الناس كالإعلام والثقافة والتعليم، إذن لا يمكن للمفتي الوظيفي أي المفتي العامل تحت سلطة حاكمة، لا يمكنه مطلقا أن ينتج موقفا حرا، باعتبار تعارض المصالح إذ هو مجرد موظف لدى سلطة يتحرك بما يرضيها لأن وجوده مشتق من وجود السلطة، فهو يستعمل الإسلام ويطوعه لخدمة الواقع، وليس كما هو مفترض يستعمل الإسلام لتقييم وتقويم الواقع، نحن إزاء مرجعية الواقع وليس مرجعية الفكرة، فلسفيا هذا تغليب لنموذج أصالة الواقع على أصالة الفكرة التي يعتمدها الإسلام، هذا كلام يصح في كل من شغل منصب مفتي أو رجل دين يدور في فلك السلطة، واذكروا إن شئتم حديثا الطاهر والفاضل بن عاشور ومعهم جملة "علماء" الزيتونة وخدمتهم فرنسا وتكريسهم الواقع زمن البايات ثم زمن بورقيبة، فضلا على هياكل المختصين في علوم الدين بكل البلدان الاسلامية وبالأخص السعودية

ثانيا، المفتي في حالتنا هنا تحديدا سجل ضده أنه تحرك بما غالب الإسلام و حارب الملتزمين به، ويكفي لتأكيد ذلك أن نعرف أنه كان إحدى أدوات بن علي وشراذم اليسار التي تحالفت معه، كان المفتي هذا عونا لهم، يشرع لهم بالقول تارة وبالسكوت والقبول الضمني لمواقفهم المحاربة لله ولأنصاره تارة أخرى، هذا أيضا كلام ينطبق على كل المتحدثين بعلوم الإسلام وكانوا موظفين تحت أمر السلطة الحاكمة، وليس المفتي فقط

ثالثا، المنظومة الحاكمة تونس حاليا، من حيث التشريعات الموجدة لها والضابطة لمجالاتها، لا علاقة لها بالإسلام إلا علاقة الشكل بما أستحفظ على إستحياء في بعض نصوص متفرقة بين الدستور وتشريعات ثانية ما دون ذلك بصيغ غير حاسمة ومترددة، تنازعها نصوص أخرى تنفي الإسلام وتستبعده وتسفهه، بعضها موجود بالدستور ذاته، وهو الوضع الذي أوجد جرأة على الإسلام وأهله في تونس بما لم يوجد لا في عهد بورقيبة ولا في عهد بن علي ولا حتى في عهد المحتل الفرنسي، حتى غدا التونسي إذا أراد أن يعيش إسلامه كما طلب منه ربه، عليه أن يستعد لمحن تقارب محن أولى العزم، بفعل ترهيب إعلامي يصوره متطرفا تارة وتكفيريا أخرى، وقد ينتهي به الحال للإيقاف المطول بحكم قوانين قدّت على عجل بعد الثورة تسمى مرة قانون التكفير وأخرى قانون الإرهاب، وحتى أضحت شعائر الإسلام غريبة يسفه الملتزمون بها ويضيق العسس عليهم، أولئك الذين يجعلون رزقهم الوشاية بأنصار الإسلام الملتزمين به

إذا عرفنا كل هذه المقدمات، ثبت أن موقف الخادمي الذي يسأل المفتي أن يستنقذ الإسلام من اعتداءات المعتدين، عمل فاسد لاقيمة له، وهو بعد ذلك فعل يكرس الواقع الموجود مما يقوي مجمل تنظيمات الباطل والفاعيلن بها، إذ لاينازعهم أسباب فاعليتهم، ولا يوضح خطرهم ولا يبين للناس كيفية مواجهتهم، فهو موقف سلبي خطير، سببه الرئيس أنه فعل لا ينطلق من فهم للأبعاد الفكرية لطبيعة صراعنا مع بقايا المحتل الفرنسي، من حيث اننا إزاء ممثلين محليين لعدو عقدي خارجي، مالم ننظر للمسالة من هذه الزاوية، فإننا نواصل تدعيم أعداء تونس ممثلي الغرب ببلادنا


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، نور الدين الخادمي، مفتي تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 21-06-2018  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  22-06-2018 / 09:11:39   حسين العبيدي
تعليق عن مقال نور الدين الخادمي يسأل المفتي


أظن أن إستدعاء الخادمي للمفتي للإدلاء برأيه بخصوص تقرير لجنة الحريات هو من قبيل تحميل كل مسؤول مسؤوليته وإلا فالخادمي يعلم جيدا وهو الذي انخرط بالحكم أن المفتي أداة من أدوات الحكومة التي لم تكن يوما تدافع عن الإسلام والخادمي نفسه تمت إقالته لما لم تستطع الحكومة ومن ورائها اللوبيات أن تجعله أداة من أدواتها
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صفاء العربي، المولدي الفرجاني، فتحـي قاره بيبـان، محمد عمر غرس الله، محمد شمام ، كريم السليتي، محمود طرشوبي، عبد الله زيدان، رضا الدبّابي، سامح لطف الله، العادل السمعلي، ياسين أحمد، رافع القارصي، فتحي الزغل، عمار غيلوفي، إيمى الأشقر، فتحي العابد، محمود فاروق سيد شعبان، رافد العزاوي، حاتم الصولي، تونسي، ماهر عدنان قنديل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد اسعد بيوض التميمي، منجي باكير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رمضان حينوني، حسني إبراهيم عبد العظيم، جاسم الرصيف، د - محمد بنيعيش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمود علي عريقات، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، محمود سلطان، د. صلاح عودة الله ، صلاح الحريري، د - شاكر الحوكي ، د- جابر قميحة، محمد العيادي، صلاح المختار، عزيز العرباوي، محمد الياسين، د- محمد رحال، أ.د. مصطفى رجب، سلوى المغربي، إسراء أبو رمان، د - الضاوي خوالدية، صباح الموسوي ، ضحى عبد الرحمن، محرر "بوابتي"، د - محمد بن موسى الشريف ، أنس الشابي، مجدى داود، د - عادل رضا، علي عبد العال، عبد الغني مزوز، أحمد النعيمي، أحمد الحباسي، أشرف إبراهيم حجاج، نادية سعد، مصطفي زهران، سعود السبعاني، وائل بنجدو، صفاء العراقي، خالد الجاف ، د.محمد فتحي عبد العال، خبَّاب بن مروان الحمد، يحيي البوليني، كريم فارق، د. طارق عبد الحليم، د - المنجي الكعبي، الهادي المثلوثي، أحمد ملحم، الهيثم زعفان، د. خالد الطراولي ، سليمان أحمد أبو ستة، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - مصطفى فهمي، سلام الشماع، محمد يحي، د. عبد الآله المالكي، الناصر الرقيق، د- هاني ابوالفتوح، عبد الرزاق قيراط ، عراق المطيري، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بوادي، د. أحمد بشير، فهمي شراب، د - صالح المازقي، محمد أحمد عزوز، سامر أبو رمان ، مراد قميزة، عمر غازي، سيد السباعي، رشيد السيد أحمد، طلال قسومي، فوزي مسعود ، إياد محمود حسين ، سفيان عبد الكافي، محمد الطرابلسي، حميدة الطيلوش، حسن عثمان، عواطف منصور، علي الكاش، أبو سمية، صالح النعامي ، د. مصطفى يوسف اللداوي، يزيد بن الحسين، مصطفى منيغ، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن الطرابلسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء