البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الخلط بين الواقع والصواب

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6255


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من ضمن أسباب الانحطاط لدينا يوجد عامل الخلط بين الواقع والصواب، أي أن هناك تصور يقوم على افتراض أن كل ما هو واقع فهو صواب.
قد يكون هذا التصور لدى البعض مباشرا وواضحا، ولكنه أحيانا أخرى ضمنيا فقط، وفي كل الحالات لا يتم تتبع الواقع ونقده باعتباره مصنفا صحيحا أي صوابا.

لا أريد الإطالة في الرد على فساد هذا الخلط المنهجي، يكفي لذلك القول أن الصواب هو ما يجب ان يكون نسبة لمرجعية حكم أما الواقع فإنه ما هو كائن كمحاولة لفهم تلك المرجعية، والمسافة بينهما هي المسافة بين النظري وبين التطبيقي، بين المبدأ في أصوله وبين المبدأ المنزل، بين ما هو بالقوة وما هو بالفعل كما يقول الفلاسفة.

إذا أردنا التعمق، فإن الفرق قد يكون معرفيا فلسفيا، فيصبح مقابلة بين من يعتمد على المبادئ كخلفية وبين من يعتمد على الواقع كمرجع، أي مقابلة بين أصالة المجردات من فكر وعقل وبين أصالة الواقع المادي، بين نظرية المعرفة الإسلامية وبين نظرية المعرفة الغربية الواقعية المادية.

يمكن ملاحظة هذا الخلط في الاستعمالات العادية، حيث يقول بعضهم في معرض الكلام: الحقيقة أن ذلك الأمر هو كذا وكذا عوض أن يقول: الواقع أن ذلك الأمر هو كذا وكذا، والعكس بالعكس، لاستواء الحقيقة بالواقع لديه.

تتفاقم نتائج الخلط هذا حينما ننظر لبعض عينات ممارساتها، إذ يصبح كل متحكم بالواقع مقبولا وتتناسى فضاعاته.

فسيئ الذكر مثلا وقع تناسي انه مؤسس تبعية تونس للغرب والمسؤول عن مجمل ما نعيشه من مآسي من ضمنها التفكك المجتمعي والتبعية الذهنية لعموم التونسيين للغرب وضعف حس الانتماء الحضاري وكره الذات لدى التونسيين وغياب المساهمة العلمية والتقنية لتونس باعتبار أن المسلوب حضاريا في تونس لن يمكنه إلا أن يكون عاجزا ذهنيا، أكبر أمانيه أن يدرس في فرنسا ويشتغل بها ويستحيل لديه أن يجاوز فرنسا بإنجاز او غيره، فكيف يمكنه ان يفكر في صناعة سيارة مثلا أو غيرها، هذا غير ممكن لدى تلك العقليات المسلوبة التابعة.

ثم تمّ تناسي كل أفاعيل سيئ الذكر تلك، بل وتم الاتفاق بين اغلب الفاعلين المتحكمين بالواقع الآن الذين يمثل اغلبهم ضحاياه، اتفقوا انه يجب المحافظة على انجازات سيئ الذكر تلك، مما يعني انه تم ضمنيا اعتبار ان الواقع صواب، وأن صوابية الواقع المفترضة ألغت صوابية الأفكار والمبادئ التي تحكم على الواقع ذلك بالفساد.

مثل آخر، لو رجعنا لنماذج من تاريخينا الإسلامي، يمكن أن نجد عينات أخرى للخلط بين الواقع و الصوابية، فحكام بني أمية قتلة الناس يتغاضى عن أفاعيلهم ويستعاض عنها باعتبار واقعهم صوابا ومرجعا، أي أن صوابية الواقع غلبت صوابية المبدأ الذي يحتم الحكم عليهم كمجرمين، فضلا على أن يكونوا قدوات يعلى من شأنهم بل منهم من تروى عنه الأحاديث النبوية.

مثل آخر، فعموم من نعرف من علماء بل ومؤسسي مذاهب، كانوا مجرد فقهاء سلطان متواطئين مع الحكام وساكتين عن الحق، ولكنه تم تاريخيا الإعلاء من شأنهم لمصلحة الحكام في ذلك، وتم بالمقابل التغاضي عن سقطاتهم، وانتهى بنا الحال أن اعتبرناهم فعلا قدوات كما اعتبرهم المتحكمون في ذلك الواقع من قبل، أي انه تم تغليب صوابية الواقع على صوابية المبدأ الذي يحتم أن نرفض كون أولئك هم قدوات فضلا على أن يرووا الأحاديث فضلا على أن يكونوا مؤسسي مذاهب


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الخلط، الواقع، الصواب، التاريخ الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-04-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد النعيمي، د. أحمد محمد سليمان، العادل السمعلي، علي عبد العال، الهادي المثلوثي، د.محمد فتحي عبد العال، د- محمود علي عريقات، أحمد ملحم، صفاء العربي، عراق المطيري، د - محمد بنيعيش، عبد الغني مزوز، د. طارق عبد الحليم، محمد شمام ، أحمد الحباسي، سيد السباعي، مجدى داود، إيمى الأشقر، د - مصطفى فهمي، رافد العزاوي، رافع القارصي، د - الضاوي خوالدية، حميدة الطيلوش، أبو سمية، فتحـي قاره بيبـان، محمد عمر غرس الله، كريم السليتي، الناصر الرقيق، سلام الشماع، سفيان عبد الكافي، جاسم الرصيف، صفاء العراقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صلاح المختار، تونسي، عمار غيلوفي، د- محمد رحال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - المنجي الكعبي، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، حاتم الصولي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صالح النعامي ، منجي باكير، حسن عثمان، إسراء أبو رمان، محمد أحمد عزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد الياسين، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، طلال قسومي، كريم فارق، فتحي العابد، مصطفى منيغ، سامح لطف الله، سليمان أحمد أبو ستة، محمود طرشوبي، فوزي مسعود ، المولدي الفرجاني، يزيد بن الحسين، د. خالد الطراولي ، ضحى عبد الرحمن، فتحي الزغل، مراد قميزة، د. عبد الآله المالكي، محمد الطرابلسي، عواطف منصور، سلوى المغربي، مصطفي زهران، د. مصطفى يوسف اللداوي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، فهمي شراب، يحيي البوليني، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود سلطان، وائل بنجدو، رشيد السيد أحمد، سعود السبعاني، عبد الرزاق قيراط ، الهيثم زعفان، ياسين أحمد، أحمد بوادي، محرر "بوابتي"، عزيز العرباوي، سامر أبو رمان ، رمضان حينوني، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد يحي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- جابر قميحة، د - شاكر الحوكي ، صباح الموسوي ، إياد محمود حسين ، صلاح الحريري، رضا الدبّابي، د. أحمد بشير، د- هاني ابوالفتوح، محمد العيادي، عبد الله زيدان، حسن الطرابلسي، د - عادل رضا، علي الكاش، أنس الشابي، نادية سعد، ماهر عدنان قنديل، د - صالح المازقي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء