البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات محرر بوابتي

الشجعان الجدد بتونس

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 10228


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أحدثت الثورة التونسية صدمة كبيرة في صف الذين كانوا أدوات النظامين السابقين، سواء أولئك الذين مثلوا الآليات التعبوية في حزب بن علي أو أولئك الذين لعبوا دور المسوق له من خلال المجالات الثقافية والتعليمية والإعلامية.

وتفاقمت الصدمة لدى هؤلاء حينما اثبت التونسيون رفضهم النهائي لهم من خلال الانتخابات، وتمثل ذلك في نسب النتائج التي نادرا ما جاوزت الصفر فاصل، بحيث أن هؤلاء الفلول المرعوبة وجدوا أنفسهم في واقع جديد يتطلب منهم استنبات صفات جديدة رغم أنها ليست بالأصيلة لديهم، ومنها قيم المبدئية والشجاعة.

ولما كان هؤلاء حين رفضهم للواقع الجديد، ممن يمارس سلوكا غريبا عنه ما ألفه في نفسه وما عرفه الناس عنه، كانت مواقف الشجعان الجدد تبدو طريفة أكثر منها جدية، ولعله كان يجدر ترك هؤلاء ماضون في تحركاتهم لولا أنهم أحيانا يسرفون في تنطعهم، فيجاوزون المدى حد إحداث الأذى، مثلهم في ذلك مثل ذلك الذي يحدثه الصبيان في عبثهم ولهوهم.

ومما ساعد الشجعان الجدد على التكاثر أن اتخاذ المواقف لم يعد يتطلب الآن دفع الأثمان، فأن تكون شجاعا الآن لا يلزمه إلا سب الحكومة التي لن ترد على ذلك، أو المشاركة في مظاهرة لن يقع تتبع المشاركين فيها، ولذلك فإن الثورة من خلال مناخ الحرية الذي أشاعته هي التي ساعدت هؤلاء على الارتقاء بشخصياتهم وإخراجها من مهاوي الحضيض التي يعيشها جل هؤلاء الفلول، من خلال إعطائهم فرصة التحلي بزي الشجاعة والمبدئية عموما، وهي قيم جديدة ما كان لهؤلاء الشراذم المنبتين أيتام بن علي وعبيد فرنسا معرفة سابقة بها، فحق على هؤلاء أن يشكروا الثورة لا أن يتنادوا لتعطيلها.

ومن المفارقات أن الذي يجمع الشجعان الجدد أنهم مجموعة من العاجزين بكل المقاييس، فهم قد أطبقوا على الخور من كل جنباته، فتاريخيا فإن هؤلاء ماعرفهم الناس إلا مغلقي الأفواه زمن بن علي، يكاد الجبن يشلهم عن الحركة، إذ ما سمع الناس لهؤلاء الشجعان الجدد أي صدى تحرك ضد بن علي، بل إن منهم من كان أداته المباشرة لتكريس تسلطه على التونسيين، ومنهم من اهترئت أكفه من التصفيق وبحّ صوته من التزمير وكلت أصابعه من كتابة المقالات المشيدة ببن علي، ومنهم من حول الهياكل التي يشرف عليها كاتحاد الشغل لخدمة النظام وتمجيده.
وهؤلاء كلهم عجّز لأنهم فشلوا في إقناع التونسيين بأفكارهم ومشاريعهم، فكان أن وقع رفضهم ولفضهم.
وهؤلاء عجّز أخيرا لأنهم لا يستطيعون أو لعلهم لا يريدون أن يعيدوا النظر في الواقع الجديد، فيتخلوا عن أوهامهم، فينسوا أمجادهم المسلوبة حينما كانوا متحالفين مع بن علي، هؤلاء لا يريدون أن يعرفوا ويتيقنوا أن وجود بورقيبة ومن بعده بن علي كان خطآ تاريخيا مرت به تونس في ظروف مشبوهة لن يسمح التونسيون بإعادتها، هؤلاء لا يريدون أن يفهموا أن التبعية لفرنسا والتغريب الفكري والثقافي الذي فرضته علينا كانت حقبة كالحة كوجوههم هم، لن يسمح التونسيون بتواصلها، فهؤلاء إذن عجّز لعجزهم عن فهم هذه الحقائق البديهية لدى عموم التونسيين.

أما عن طرافات هؤلاء فهي حينما يتنادون لتسيير المظاهرات رفضا لاختيارات التونسيين أو حينما يهددون بالانتفاضات والعصيان المدني.

أما الأولى فنموذجها تحول اتحاد الشغل لمأوى للعاجزين الفاشلين، لا يزيد عن تلك المآوي التي تحوي كبار السن ممن ضاقت عليهم السبل ورفضهم أبنائهم، إلا بكون الإتحاد هذا يحوي عاجزين على مستوى الفعل الاجتماعي وليس عاجزين على المستوى البدني، مما جعل اتحاد الشغل هذا يمثل مأوى للعاجزين من صنف متميز.

وأما الثانية فهي تهديد عصابات اليسار المبثوثين في جنبات جل الهياكل الثقافية و النقابية التي عششوا فيها بحكم خلو المجال لهم طيلة تحالفهم ع بن علي، تهديدهم كل مرة بالعصيان المدني، وقد بدأ هذه التهديدات ذلك الذي يقدم على انه شاعر وهو أصيل منطقة سيدي بوزيد، وختمها أحدهم من جهة الرديف.

لست أريد الإطالة في القول أن تهديدات هؤلاء وعدمها سواء، ولكني لا أنكر حقيقة أن تهديد كبير مرتادي الحانات تبدو لي غريبة حقا بل وطريفة، فلسبب ما فإني أتذكر رعاة المواشي بسيدي بوزيد –وإن كان هو دونهم في الأخلاق- كلما لاح لي وجه وهيئة ذلك الذي يهدد بثورة شعبية ضد فوز الإسلاميين، ولسبب ما يبدو لي ذلك الهيكل البشري جديرا أن يرافق قطعان المواشي ثم يسابق اليرابيع ويصطاد الأرانب البرية المنتشرة في سهول سيدي بوزيد، أكثر من جدارته في الحديث عن الثورة والعصيان المدني.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإنتخابات، الإتحاد العام اللتونسي للشغل، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-02-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صفاء العربي، أشرف إبراهيم حجاج، يحيي البوليني، د - عادل رضا، محمد الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، د - شاكر الحوكي ، صالح النعامي ، سامح لطف الله، أ.د. مصطفى رجب، محمود فاروق سيد شعبان، أحمد النعيمي، حسن الطرابلسي، عبد الرزاق قيراط ، محمد اسعد بيوض التميمي، تونسي، د- محمود علي عريقات، طلال قسومي، د - محمد بن موسى الشريف ، صلاح المختار، حاتم الصولي، علي عبد العال، أحمد بوادي، إيمى الأشقر، رشيد السيد أحمد، يزيد بن الحسين، سيد السباعي، أبو سمية، صفاء العراقي، سليمان أحمد أبو ستة، د - مصطفى فهمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، وائل بنجدو، كريم السليتي، العادل السمعلي، عمار غيلوفي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسني إبراهيم عبد العظيم، سامر أبو رمان ، إياد محمود حسين ، د - محمد بنيعيش، عبد الغني مزوز، ياسين أحمد، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محرر "بوابتي"، عراق المطيري، علي الكاش، د- محمد رحال، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد ملحم، محمد شمام ، د. عبد الآله المالكي، كريم فارق، د - صالح المازقي، أنس الشابي، سعود السبعاني، أحمد الحباسي، محمد الياسين، د. أحمد بشير، مراد قميزة، صلاح الحريري، محمود سلطان، عبد الله الفقير، مصطفي زهران، نادية سعد، الهادي المثلوثي، رافع القارصي، د - المنجي الكعبي، رافد العزاوي، فوزي مسعود ، خالد الجاف ، حسن عثمان، سلوى المغربي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - الضاوي خوالدية، د. مصطفى يوسف اللداوي، خبَّاب بن مروان الحمد، عزيز العرباوي، د. صلاح عودة الله ، محمد عمر غرس الله، د. خالد الطراولي ، د.محمد فتحي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، رحاب اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، فتحي العابد، عواطف منصور، المولدي الفرجاني، منجي باكير، رمضان حينوني، فتحي الزغل، رضا الدبّابي، صباح الموسوي ، محمد يحي، جاسم الرصيف، الهيثم زعفان، ضحى عبد الرحمن، عبد الله زيدان، د- جابر قميحة، عمر غازي، الناصر الرقيق، محمد العيادي، إسراء أبو رمان، د- هاني ابوالفتوح، حميدة الطيلوش، محمود طرشوبي، مجدى داود، فهمي شراب، سفيان عبد الكافي، مصطفى منيغ، محمد أحمد عزوز، سلام الشماع، د. أحمد محمد سليمان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء