كريستيان فراي/ ترجمة د. ضرغام الدباغ - ألمانيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1183
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اندلعت في أيلول / 1965 الحرب الثانية بين الهند والباكستان من أجل كشمير. ولكن حتى الآن تحتفل القوتان النوويتان بالذكرى السنوية، وتتبادل الدوليتان الخطابات التقليدية.
بعد أن أجتاح في شهر آب / 1965 عشرات الآلاف من محاربي القبائل الباكستانيون، الجزء الهندي من كشمير، أعلنت الهند بتاريخ 6 / أيلول الحرب على البلد الجار (الباكستان).
وأخذت القوات النظامية الهندية تتقدم بسرعة، وكان هدفها الأول مدينة لاهور الباكستانية، عاصمة البنجاب وثاني أكبر المدن في باكستان.
وسرعان ما تدخل في القتال القوات النظامية الباكستانية، وفي حين أن القيادة الباكستانية اعتمدت على معداتها الأمريكية الحديثة، كان اعتماد القوات الهندية يتركز على التفوق العدد في عدد الجنود.
وكان الجانبان يعانيان من مشاكل الإمداد والتموين، فكان عليهم الاستعانة بحيوانات الحمل (البغال) في إيصال العتاد والذخيرة إلى الجبهة. وبالإضافة إلى المشاكل اللوجستية، كانت القوى العظمى والأمم المتحدة تحث الجانبان على وقف إطلاق النار. التي صدر في 23 / أيلول / 1965.
ولكن حتى بعد صدور قارا وقف إطلاق النار تواصل القتال بهجمات المدفعية، والقوة الجوية على خط الحدود، مما تسبب في مصرع 3 ألاف جندي باكستاني، وفي الجانب الهندي تسبب بمصرع 4 ألاف جندي.
على الأوراق، كانت خطة هاري سينغ مناسبة. إذ أعتمد مهراجا المدينة (مدينة كشمير / الهيملايا) على عامل الوقت والحكمة وضبط النفس مع جيرانه. وعندما منحت بريطانيا الاستقلال لمستعمرتها الهند عام 1947، نعمت الإمارات في (المدن) بالحرية، سواء كانت هندية أو باكستانية. وهاري سينغ (مهراجا كشمير) أراد الاستقلال في دولة. وخيل له في حساباته وجدود كشمير بين الهند والباكستان، والصين وأفغانستان مناسبا له ويتح له تحقيق هدفه هذا.(1)
ولكن حسابات هاري سينغ لم تكن مطابقة للوقائع على الأرض. ففي مطلع القرن التاسع عشر. في مطلع القرن التاسع عشر أستولى السيخ على كشمير. خسروا الحرب ضد البريطانيين ، واستولت عائلة هندوسية على السلطة في المقاطعة (كشمير)، التي رسمياً كانت تحت حماية لندن. وكانت معظم رعايا هاري سينغ في الشمال من المسلمين، في حين كان الهندوس يقطنون الجنوب. وفي القتال على الأرث البريطاني، الذي كانت واجهاته دينية مما شكل نقطة انطلاق لها طابع الإشكالية.
وسرعان ما شرع محاربوا القبائل الباكستانيون المسلمون، بحرب عصابات ضد المهراجا. الذي وجد نفسه في نهاية المطاف مرغماً أن يتخلى عن خططه الطموحة، وأن يناشد الهند بطلب الدعم العسكري. ولذلك أعلن في تشرين الأول / أكتوبر / 1947 اتحاده مع الهند. ومنذ لك الحين أحصى المؤرخون خمسة حروب بين الهند والباكستان، وكانت فيها قضية امتلاك كشمير الدور الرئيسي.
وتظهر الاحتفالات بمناسبة الذكرى الخمسون للحرب الكشميرية الثانية (1965) هذه المشكلة بين البلدين الذين أصبحا في غضون السنوات من القوى النووية في شبه القارة، يمكن أن تثير النزاعات المسلحة في أي وقت، إذ ينسب كلا الجانبان الانتصار في المعركة. ويتهم كل بلد الطرف الآخر بأنه البادئ والمتسبب بنزاعات الحدود التي تسفر عن أعداد كبيرة من القتلى، وقبل أسبوع واحد فقط (أواخر آب / 1915)، قتل إثنا عشر مدنياً.
في شهر آب / 1965، أطلق رئيس جمهورية الباكستان الجنرال أيوب خان عملية " جبل طارق. " Operation Gibraltar ". وبعد ذلك كان هناك عشرات الآلاف من رجال القبائل المسلمين، يستعدون للدخول إلى الجزء الهندي من كشمير ليحرضوا ويساعدوا أخوانهم بالدين للأنتفاضة. وكانت باكستان تتلقى الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تتلقى الأسلحة الحديثة منها، أكثر من الهند التي كانت مدعومة من الاتحاد السوفيتي. وكانت الهند قد خاضت حرباً في جبال الهيملايا ضد الصين، وخسرتها. ومن وجهة النظر الباكستانية، رأت أنها الفرصة المناسبة قد حلت بعد وفاة مؤسس الدولة غاندي، ورئيس الوزراء جواهر لال نهرو عام 1964، وبوفاتهما خسرت السياسة الهندية قادة مهمين تولوا القيادة لفترة طويلة.
لكن رد فعل الهند كان سريعاً، إذ أعلنت الحرب على جارتها (الباكستان) في 6 / أيلول / . وبسرعة فاجأت القوات النظامية الحدود وتقدمت صوب لاهور عاصمة البنجاب (القريبة من الحدود). وأستغرق القتال عدة أسابيع، ويتحدث المراقبون عن 300 قتيل في الجانب الهندي، ونحو 4000 ألاف في الجانب الباكستاني.
وفي 22 / أيلول / 1965 ، أتفق الطرفان على وقرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار. كما بعد الهدنة الأولى عام 1947، لم يكن هناك سلم حقيقي. ففي عام 1948 وخط الهدنة (وقف إطلاق النار)، والمعروف بأسم خط المراقبة (LOC)، لا يزال حتى يومنا غير معترف به رسميا من الدولتان كخط حدود معترف به.
المعركة الأبدية من أجل كشمير
في 28 / آب، قامت الهند بالاحتفال بمناسبة 50 عاماً على الحرب الكشميرية الثانية بعض عسكري كبير في نيودلهي. وقام الرئيس الهندي براناب المكرجي بتحية قواته المنتصرة، وفي باكستان كذلك أطلق على هذا اليوم " يوم الدفاع " (Defense Day) وأعتبر يوم للأنتصار. وفي هذا اليوم 6 / أيلول / 1965 أعلنت الهند الحرب على الباكستان.
وفي صيف عام 2015 ، أحرقت الأعلام الهندية في العديد من المدن الباكستانية. وفي الهند بدأت الاحتفالات بمناسبة العيد الذهبي للحرب، ففي 28 / آب استولت القوات الهندية على ممر حاجي بير. واستغرقت الاحتفالات طيلة شهر كامل، أما الباكستان فتحتفل بيوم 6 / أيلول / بوصفة (يوم الدفاع) وهو اليوم الذي اجتازت فيه القوات الهندية الحدود مع الباكستان.
ووفقاً لخبراء عسكريون هنود، أن الهند تفوقت وانتصرت في تلك المعركة، ويقول الكاتب الهندي سوبهاش كابيلا " إنها لم تكن معركة، بل نصراً مذهلاً. كانت هناك بعض حالات من الجمود التكتيكية (تعبوية)، ولكن بصفة عامة، كان للهند اليد الطولى (التفوق)، الذي نشر مؤخراً (1015) كتاباً عن تلك الحرب.
ويقول سوبهاوش كابيلا، وهو الباحث والعضو في مجموعة المحللين في معهد جنوب آسيا الهندي، أن الهند كانت هي المعتدية، ولكن كلتا الدولتان لم يحققا شيئ من أهدافهما " وحاولت باكستان من خلال التحريض على أنلاع ثورة في كشمير وفشلت، وحاولت غزوها بالقوة المسلحة وفشلت أيضاً ".
ومن وجهة نظر السياسي الباكستاني جوهر أيوب خان، وهو نجل الرئيس الباكستاني السابق الجنرال أيوب خان، قال في مجلة أوتو لوك" Outlook " أن بلاده كانت المتفوقة " باكستان كانت دولة صغيرة وجيشها صغير، ولكنها استطاعت إيقاف تقدم الجيش الهندي". والصدامات على الحدود بين الدولتين هو أمر مألوف ومتكرر، ويوقع الخسائر البشرية.
الصراع من أجل كشمير، لا يتعلق فقط بالتفسير التاريخي، بل هو إشكالية متواصلة ومتكررة. يتجدد بصورة متواصلة. وباكستان تحرض على انتفاضات يقوم بها المسلمون في الأقليم، وهي التي كلفت حتى الآن أرواح نحو 45,000 نسمة. بل أن حكومة نيودلهي (الهندية) تتهم باكستان بأنها وراء العمليات والضربات التي تجري على الأراضي الهندية. ودعم الهجمات الإرهابية كتلك التي حدثت في مدينة مومبي عام 2008.
ولكن باكستان تنفي ضلوعها في هذه الهجمات، وتركد أنها من أعمال جماعات مناضلة من أجل حرية أقليم كشمير ونيلة الحكم الذاتي. وتسعى حكومة إسلام آباد (الباكستانية) إلى لفت أنتباه الرأي العام الدولي للمسألة الكشميرية، وتأمل أن تحضى المسألة بدعم دولي.
ويكتب خالد رحمان مدير معهد الدراسات الإسلامية في مجلة ويك (Week)، :" أنه وبفضل القدرات النووية لكلا البلدين، أنخفض الأحتمال بنشوب حرب ثالثة بين البلدين بدرجة ملحوظة، ولكن السلام أبضاً هو أيضا أمر غير محتمل ".