الإعلام الدحلاني في الموعد أيضا.. عودة للاستثمار في الارهاب مجددا
توفيق الخالدي - تونس المشاهدات: 2806
شهدت العاصمة تونس الإثنين 29 أكتوبر الجاري إقدام إنتحارية على تفجير نفسها بالقرب من دورية أمنية قارّة في عمليّة إرهابيّة أدّت إلى جرح 15 أمنيا و5 مدنيين دون حدوث إصابات خطيرة حسب المعطيات التي أوردتها وزارة الداخليّة التي إنطلقت في تحقيقاتها بشكل مباشر للكشف عن خلفيات العملية وتفاصيلها.
رغم أن رمزيّة المكان والزمان تؤكّد مجدّدا أنّ المستهدف هو بالأساس تونس وتجربتها الديمقراطيّة الناشئة في إطار ماتسمّيه الجماعات المتطرّفة بإستراتيجيات “الإنهاك”، وبالرغم من النجاحات التي حققتها تونس في دحر الإرهابيين وتوجيه ضربات قاسية لهذه العصابات، إلاّأنّ هذه الهجمات الغادرة تعيد إلى الواجهة في كلّ مرّة عناوين أزمة وصراعات النخبة، في الوقت الذي وتحتاج فيه البلاد والشعب برمته أكثر من أي وقت آخر للوحدة الوطنية والتحلّي بروح المسؤوليّة.
مع كلّ عمليّة إرهابية غادرة تستهدف تونس وشعبها وتجربتها الديمقراطيّة الناشئة تبرز إلى السطح خطابات مؤدلجة لإستثمار هذه الظروف العصيبة في معارك سياسيّة موجّهة بالأساس ضدّ حركة النهضة رغم أنّها أكبر المتضرّرين من هذه العمليات وأوّل من يصدر البيانات والمواقف المندّدة بوقوعها وبدعوة التونسيين جميعا للوقوف خلف الأمن والجيش التونسيين في حربهم ضدّ هذه العصابات.
مجدّدا عادت نفس الخطابات ونصبت المحاكمات الإيديولوجيّة والإعلاميّة وجاء بعض من إختفوا عن المشهد لفترة مطوّلة لـ”يثبتوا وجودهم” عبر إستثمار رخيص في الدم الذي تدفع تونس برمّتها ومؤسساتها الحاملة للسلاح خصوصا ضريبته باهضة.
إستهداف النهضة
رغم أنها الحزب الأكثر شعبية بحسب ما كشفته آخر إنتخابات إنتظمت في البلاد والحزب صاحب الكتلة البرلمانية الأبرز تحت قبة مجلس النواب، وكذلك الحزب الأكثر ضمانا للإستقرار بحسب مواقف وتحاليل ودراسات داخلية وخارجيّة، إلاّ أنّ حركة النهضة التي يعتبرها العالم صمّام أمان ضدّ الإرهاب والفوضى، وهي الطرف السياسي الوحيد الذي نجح في الحفاظ على تماسكه، في خضم الصراعات التي عصفت بما حواه من قوى، ويعده المراقبون اليوم على راس عوامل الاستقرار السياسي بالبلاد.
الجبهة الشعبية التي أكّد عضو مجلس أمنائها زهير حمدي أنها في صراع مع حركة النهضة طالب عمّار عمروسيّة نائبها بمجلس الشعب الترويكا عموما والنهضة خصوصا بالإعتذار وبتحمّل مسؤولية العمليات الإرهابية التي تعرّضت لها البلاد، وهو موقف لم يكن بعيداعن ما ردّدته النائب عن كتلة نداء تونس فاطمة المسدّي التي إستبقت معطيات وزارية الداخلية بالحديث عن وجود علاقة بين الإنتحاريّة والحركة.
لم يكتف المستثمرون في العملية الإرهابية الجبانة بذلك في محاولاتهم إستهداف حركة النهضة بل ذهب بعضهم إلى تلفيق تهمة إنتماء الإنتحاريّة للإتحاد العام التونسي للطلبة في محاولة لإيجاد رابط “مزوّر” يمكن تسويقه بين النهضة والعملية الإرهابية الأخيرة.
إعلام محمد دحلان في الموعد
محاولات شيطنة وإستهداف حركة النهضة بعد كلّ عملية إرهابية غادرة تستهدف تونس وتجربتها الناشئة لا تقتصر على بعض المواقف المؤدلجة في الداخل، بل تكون أكثر قسوة وشراسة من أذرع خارجيّة باتت معلومة الخلفيات والأهداف ومفضوحة الغايات، على غرار وسائل الإعلام الناطقة باسم نظم معادية للثورات العربيّة.
قناة “الغد” الإماراتيّة، التي يشغل محمد دحلان منصب عضو في مجلس إدارتها، شاركت رابطا لخبر يحاول مصارعة اللغة العربيّة لإجبارها على النطق بغير ما في الخبر من معطيات، رابط مموّل بعنوان يستهدف حركة النهضة بشكل مباشر وبصورة لتفجير إرهابي في العراق قبل سنوات.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فالقناة ذاتها فتحت نافذة مباشرة لدعوة ضيوف من تونس ومن خارجها أعلنوا بوضوح إتهام حركة النهضة، وذهب بعضهم إلى حد القول بأن البلاد “فاشلة” وأنها لن تنظم إنتخابات تشريعية ورئاسية سنة 2019.
ليس جديدا على الإعلام المضاد للثورات العربيّة مواقفه المعادية لتونس أو لحركة النهضة ولم يقف الأمر عند قناة “الغد”، فقنوات تلفزية وصحف أخرى قد تعاملت مع العملية الإرهابية الغادرة بنفس الطريقة أيضا.
ماذا بعد؟
رغم محاولات إستهدافها المتكرّرة إلاّ أنّ القضاء التونسي لم يدن النهضة بأي عمل إرهابي في الوقت الذي يشيد فيه كلّ العالم بالأدوار التي لعبتها الحركة في الحفاظ على مسار الإنتقال الديمقراطي الذي تشهده البلاد أمّا داخليا فتؤكّد المحطّات الكبرى سياسيا وإنتخابيا وغيرها أن حركة النهضة الحزب الأكثر صلابة والأكثر ضمانا للإستقرار في البلاد.
من ناحية أخرى تمثّل حركة النهضة المتطوّرة والمنفتحة صدّا منيعا أمام التطرّف في ظلّ ما شهدته من تطوّر في السنوات الأخيرة عجز منافسوها في بعض الأحيان عن مجاراته، وهو ما ساهم بشكل بارز في عدم تمكّن الجماعات المتطرّفة من إيجاد حاضنة شعبيّة على تراب البلاد.
رغم ذلك فإنّ فشل كثيرين في عزل حركة النهضة عن عمقها الشعبي وفي هزمها إنتخابيا حوّلهم بشكل من الأشكال إلى سجناء سرديات إيديولوجية مغلقة تجد في العمليات الإرهابية التي تستهدف إسقاط السقف على الجميع فرصة للشيطنة والتشويه وكيل الإتّهامات جزافا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: