احمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3610
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا نريد اغضاب السيد محمد الغريانى الامين العام السابق للتجمع و رجل المهمات القذرة فى عهد الرئيس السابق زين العابدين بن على، لا نريد اغضاب حركة النهضة و الرجل يتمسح على أعتابها مقدما منذ فترة اخراجه من السجن و ‘ ترك سبيله ‘ على يد قضاء السيد نورالدين البحيرى ايات الولاء و العرفان و...الطاعة العمياء، فالرجل خدوم و كتوم و النهضة من أهم شروط انتدابها للمنتسبين اليها هى المبايعة على السمع و الطاعة تقريبا كما يحصل فى المافيا و ما يسمى بقانون الصمت ‘ la loi de l’omerta ’، قلنا لا نريد اغضاب أو تعكير مزاج المنتسب الجديد لحركة الاخوانجية التى بعلم الجميع أنها لا تدين لهذا الوطن بأى شيء بل أنها تعتبره سكنا لا وطنا و هى تفعل - بالشدة على العين - لهذا الغرض كل طرقها الملتوية الخفية منها و الظاهرة حتى تتغلغل فى جسده و تبطل مفعول كل شريان الحياة التى تنبض فيه و لعل الجميع لم ينس لحد الان ذلك الفيديو الشهير للشيخ الغنوشى حين تحدث عن أن المؤسستين الامنية و العسكرية ليستا مضمونتين و ناشد أتباعه الصبر حتى يتغير الحال من حال الى حال و يتمكن دهاءه و مكره من تحقيق المعجزة التى تجعله على مرمى حجر من تأسيس الخلافة السادسة بعد أن عجز أبو بكر البغدادى عن هذا الامر و بات طريدا فى صحارى الحدود العراقية السورية الايرانية.
يقول العارفون بتاريخ السيد محمد الغريانى أنه لا يخجل من نقل البندقية من هذا الكتف الى الكتف الاخر كما يقول المثل فالرجل متمرس فى فن الخداع و المراوغة و تبييض الاستبداد الى غير ذلك من أدوات السياسة القذرة التى مورست على هذا الشعب المطحون طيلة 23 سنة كاملة ، يقول العارفون أيضا أن محاولة الرجل الدخول الى عرين الاخوان ليس محاولة للرجوع الى واجهة المشهد السياسى فالرجل يعلم علم اليقين أنه بات ورقة محروقة لان الشعب قد كشف كل الاوراق و بات عليما بما حصل و بكل الذين شاركوا الحاكم السابق فى طغيانه و استبداده و لكنها محاولة يائسة ‘لمعاقبة ‘ الشعب التونسى الذى انتفض على حكم لا يزال الرجل يعتبره من الفترات المشرقة فى حياة التونسيين، انتفاضة أدت به للسجن حتى لو كان لفترة وجيزة شعر فيها كما يشعر كل الذين اسقطتهم الثورات من الكرسى فجأة بالغدر من شعب كان يظن أنه قد استسلم لقدره و رضى به وليا من بين اولياء كثيرين فيهم من زار السجن و فيهم من ناله عفو الشيخ مقابل بعض المليارات المكنوزة المنهوبة من جيوب هذا الشعب تولى قابض الجباية المكلف وزير العدل السابق استخلاصها فى الحين كما تم مع البغدادى المحمودى كما أكد ذلك محمد المرزوقى فى شهادته على العصر على قناة الجزيرة القطرية.
حين خرجت الجموع المحتشدة فى اعتصام الرحيل لإسقاط حركة الاخوان من الحكم خاصة بعد أن تبين أنها تتحمل وزر المسؤولية السياسية ان لم نقل الجزائية فى اغتيال الشهيدين شكرى بلعيد و محمد البراهمى كان ذلك تعبيرا واضحا على فشل مشروع حكم الاخوان الذى كان شعاره يقول فى البداية ‘ الاخوان هم الحل ‘ ليصبح بعد حكم 3 سنوات من الرعب الارهابى و الرعونة السياسية ’ الاخوان هم المشكلة ‘. إذن، المسألة فى هذا الاختيار لا تتعلق بمحاولة الانصهار فى مشروع سياسى مغر لان النهضة التى تم معاقبتها فى الانتخابات الماضية ورضيت أن تكون تابعا فى حكومة النداء حتى لا تتم محاسبة وزراءها على تقصيرهم و خيانتهم للأمانة و شبهات الفساد و التورط فى مساندة الارهاب و تسفير الارهابيين لجبهات القتال فى سوريا و العراق و ليبيا بينت أنها لا تملك مشروعا مغريا للمستقبل و أن هذا الشعب الذى اكتشف حقيقتها و لو بكثير من التأخير بالنسبية للبعض لم يعد مستعدا ‘لتلطيخ ‘ يده بالحبر الازرق من أجل حركة بات الجميع يتحدثون عن مشاركتها فى تمويل و تدريب و تسفير الارهابيين و من أجل حركة راهنت على دول مثل قطر أو تركيا باتت تعانى اليوم من ارتداد سياستها الفاشلة فى سوريا سواء على محيطها الامنى أو مشاريعها الاقتصادية أو نظرة المجتمع الدولى اليها كدول رعاية للإرهاب، يعنى بالعربى الفصيح أن محمد الغريانى لم يأت للنهضة من أجل مشروع بل من أجل مقايضة خزانه الذهنى الانتخابى التجمعى القديم مقابل عدم نبش ماضيه المفلس و تاريخه المليء بالخيانة لاستحقاقات الشعب التونسى.
يتصور السيد محمد الغريانى ان السياسة لها مفاهيم ثابتة فى الحياة و أنه يملك كل هذه المفاهيم التى تؤهله لاستعادة دور ضاع منه فجأة و لكنه يتناسى فى كل الاحوال أن قواعد اللعبة السياسية متغيرة و حمقاء أحيانا و التراكمات التاريخية و الاحداث المسجلة فى ذاكرة الشعوب تجعلها ترفض تلقائيا العودة الى الوراء حتى لا تجد نفسها فى نفس المستنقع السابق بل و أمام نفس الشخوص الذين كانوا جزءا من ذلك المستنقع، لقد تجاهل الرجل انه كان فى كل خطبه أمام شباب التجمع يحرض على النهضة و على كل ما تمثله الحركة من مشروع تكفيرى يريد اسقاط مفهوم الدولة ليبقى السؤال اليوم هل تحولت النهضة من كائن كريه الى معبد و هل تحول قتلة شهيد باب سويقة عمارة السلطانى الى قديسين بل كيف يمكن للشعب أن يفهم اليوم كيف يملك محمد الغريانى وجهان بنفس القبح المنافق، وجه يرى فى النهضة الشر الذى لا بد للدولة أن تقتلعه من التربة التونسية و وجه حالى يرى فى النهضة مشروع المستقبل و اليد التى يجب عدم تركها ممدودة حتى لا تعود حليمة الى عادتها القديمة، لكن كيف يمكن أن نقبل بموقف الغريانى و هو يقف اجلالا للإرهابى محرز بودقة قاتل ما يزيد عن 18 سائحا أجنبيا و عملة تونسيين فى تفجيرات النزل الساحلية التونسية جاعلا منه ضحية للنظام السابق و هو الذى لا يزال فكره المتطرف يدمر عقول الشباب و يدفعهم للمحرقة السورية أو للجبال ليبقوا سيوفا ارهابية مسلطة على رقاب الابرياء التونسيين.
ربما عاد الغريانى لتمكين النهضة من مفتاح ما يسمى بالماكينة الحزبية للتجمع المنحل كما يقول فى تصريح لجريدة الصباح بتاريخ 28/4/2016 لانه لا يزال على قناعة تامة بان آلة التجمع المنحل موجودة و متجذرة ، هذا دليل آخر على أن السياحة الحزبية بعد أن كانت تحوم حول المقابل المالى كما حصل مع بعض نواب مجلس الشعب باتت اليوم بالنسبة للغريانى تتعلق بما هو أهم و هو الخزان الانتخابى للتجمع المنحل و بالأدق برموز ماكينته الانتخابية و هذا دليل آخر على فشل النهضة فى عملية الاستقطاب بعد سقوطها المريع من الحكم و تآكل رصيدها الانتخابى الذى لم يعد ير فى الشيخ الغنوشى الا تاجرا سياسيا من أجل المناصب و الجاه، يعنى أن النهضة اليوم و بعد أن كانت تبحث بكل الطرق على اجتثاث كل ‘أثر ‘ للتجمع باتت تنبش الاطلال لتستعيد ماكينته الانتخابية القادرة حسب رأى محمد الغريانى على تمكينها أسرار الفوز الانتخابى السهل و الوقوف ندا فى وجه الدكاكين الحزبية الاخرى، ليبرز السؤال مرة أخرى هل تحولت النهضة الى كوكتال يجمع كل الملل و النحل بعد أن كانت ناديا منغلقا على الاسلاميين الظلاميين الخاضعين لمبدأ السمع و الطاعة أم أن النهضة تبحث اليوم عن قارب نجاة بعد أن أيقنت أنها قد خسرت كل شيء بعد حكم 3 سنوات من الارهاب و الترهيب.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: