البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

إنهم يعدلون الوزارة

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3111



السادة كبار البلد وحكامه الميامين وعقوله المفكرة يعدلون الوزارة، وسنحتفل بالحكومة الجديدة بعد العيد. فرحتنا مضاعفة بلا شك، وعيدنا عيدان. لكن عيدان أخرى (تندب) في نواظرنا هذه الحكومة ليست حكومتنا نحن، إنها حكومتهم. إنهم لا يسألونا ماذا نريد، ولا يسألون أنفسهم لماذا فشلوا في الاختيارات حتى اضطروا للتعديل، ولماذا يريدون أن نزكي ما لم نستشر فيه.

باختصار، لماذا يستغبوننا كأننا أطفال غير رشداء يضحك عليهم قبل النوم بقصص الجنيات الجميلة. لقد هرمنا حتى فهمنا الحكومات، ولكن الحكومات لم ترنا نهرم، هي فقط ترانا نتهدم على دواخلنا، فتزيد في دفعنا إلى الإحباط الأقصى. حكومة جديدة في الطريق، وسنحتفل لنتوهم البقاء، فالوهم سلاح أخير لثورة مغدورة.

يرسلون الإشاعات

أسلوبهم قديم أيضا من جنس تفكيرهم. لديهم أبواق إعلامية (مؤسسات وأشخاص)، وصارت لديهم مواقع وصفحات في السوشيال ميديا، ويرسلون التسريبات. والشعب الكريم (نحن الأغبياء) نتفاعل نعترض وننقد، ونحسب أن لنا رأيا يطاع. ولكن ما هي اقتراحاتهم المسربة؟ إنهم وزراء بن علي يرمون إلينا بالأسماء، وينتظرون ردة فعلنا، هل نقبل أم نصمت. والحقيقة أننا غير فاعلين في الحالتين؛ لأننا اعترضنا سابقا على أسماء، ووجدناها في رأس الحكومة. مثل وزير الخارجية الحالي الذي وضعه بن علي سفيرا في الكيان الصهيوني لقد قمنا نضج ضده فصار وزير سيادة. يبدو أن المغزى الوحيد للتسريبات هو استعمال ردة الفعل الشعبية لإقناع المتزاحمين على أبواب الحكومة بأن أسماءهم غير مرغوبة شعبيا. إنها حيلة لتنظيم صفوف طالبي الكراسي وليست استجابة لرأي عام شعبي يستجيب للنقاش الديمقراطي.

إنهم لا يشرحون لنا رغم وسائلهم لماذا احتاجوا إلى التعديل بعد سنة؟ في مثل هذه الصائفة منذ سنة كنا نتساءل لماذا أسقطوا حكومة الحبيب الصيد؟ ولماذا جاؤوا بالشاهد. قالوا حكومة وحدة وطنية نوسع بها قاعدة الثقة حول الحكومة. لكن الحكومة لم تنل حتى ثقة الأحزاب التي تكونها. الاختيارات خاطئة بشكل جعلهم يقصون منها البعض لأخطاء قاتلة فيضطرون إلى التعديل وهل سيجدون الآن الشخص المناسب لسد الشغورات؟ مخزنهم مقفر إلا من كوادر دولة بن علي التي خربت الدولة والجميع يعرف ولكنهم يتمادون مستغفلين شعبا مل اللعب.

سنسميها حكومة تصريف الرواتب

وثيقة قرطاج كانت أرضية بناء حكومة الشاهد لكن لا شيء من مبادئ الوثيقة (وكانت مسقطة على المرحلة ونزلت بلا مقدمات إلا هوى الرئيس وكواليس القصر واستعملت كذريعة لإقصاء الحبيب الصيد). لم يكن الإشكال رغم ذلك في النص الذي اجتمعوا عليه أحزابا ومنظمات فليس أسهل من كتابة إعلان مبادئ بقلم رومنسي. الإشكال كان في البرنامج الحقيقي الذي يحتاجه البلد ولم تستوعبه وثيقة قرطاج.

كانت الثورة قد طرحت إشكاليات كبرى كالتدرج نحو إنهاء المديونية بالخروج التدريجي من نمط الاقتصاد القائم على التصدير إلى اقتصاد قائم على الإنتاج أولا بما يقتضيه ذلك من تجميع الموارد الوطنية كالطاقة لكن هذه الملفات ليست تحت سيطرة الحكومة فيما يبدو لذلك وجدناها مثل سابقتها تسارع إلى التداين لتغطية رواتب الموظفين بما يجعلها حكومة تصريف رواتب وانتظار الكارثة. عندما يصبح البلد عاجزا عن رد ديونه التي يكون موظفوه قد التهموها ويطلبون المزيد.

كانت الثورة قد وضعت رغم كل العوائق دستورا مجمعا عليه ولكن تطبيق الدستور معلق بلا محكمة دستورية ولا برنامج حقيقي لتطبيق الباب السابع منه المتعلق بالحكم المحلي. والحكومات المتعاقبة هربت من ذلك وكنا نود أن يكون هذا التعديل يتم لسد هذه الثغرات في تطبيق الدستور (بوضع نصوص متوافقة مع روحه) ولكن حتى اللحظة نحن نتابع التسريبات حول الوزراء الجدد لسد شغورات الحكومة لا غير أما شغورات الدستور فليست على الجدول.

والسؤال الذي لا تجيب عليه الحكومة ولا المتربصون بالكراسي، إذا لم يكن عندك برنامج عمل تختار له الكفاءات على ضوء الحاجات المطلوبة فيكون الرجل المناسب في المهمة المناسبة فعلى أي أساس إذن تقدر كفاءة الذين سينفذون. وحتى لو وقعت على كفاءة ما ووضعتها في غير سياق برنامج فماذا ستفعل؟

النقابة تحكم في الحكومة

تجربة النقابة مع الحكومة صارت مرجعا في سيطرة الفرع على الأصل أو في سيطرة التابع على سيده. فالحاكم الحقيقي الذي تخشاه الحكومة والرئيس هو النقابة. والنقابة تعرف وتفتخر وتصيح في الشوارع (الاتحاد أكبر قوة في البلاد). وذات يوم تم تعيين وزير ولم تستشر النقابة فصرخت قيادتها لماذا لم تستشيرونا ثم في وقت لاحق اختصمت النقابة مع وزير فجمدت المدرسة التونسية حتى تمت إقالته من منصبه وهي الآن بصدد فرض وزيرها الذي ستكون مهمته الخضوع للنقابة وتلبية مطالبها بما في ذلك منع صدور القانون الأساسي لرجال التعليم وهو القانون الذي يحدد مهام جميع الأطراف في العملية التربوية ويحرم النقابة من وسيلة الضغط الأكبر لديها على الكادر التعليمي وهي الترقيات والنقل المهنية بين المناطق.

حكومة تخشى النقابات كيف يمكنها أن تحكم؟ إنها تثبت عجزها كل يوم أمام رأي عام متربص وملول، وغير قادر على منحها غفلة رقابية عساها تفلح. وإذا كانت مفاوضات التعديل الحالي متعثرة فلأن الاتحاد لم يبد رأيه بعد أو لعله يعترض ليفرض.

إن عجز الحكومات المتعاقبة منذ الثورة أمام مكونات الساحة السياسية (الحزبية) والمجتمع المدني (والحقيقة هو مجتمع سياسي بامتياز) كما فقرها البرامجي وغياب خطة موجهة يجعل هذا التعديل الذي يعلن الآن نوعا من تحريك البيادق للإيهام بالحركة في رقعة ميتة. حكومة المجاملات الحزبية لن تفلح في اختيار الكفاءات اللازمة لإدارة البلد والكفاءات بلا برنامج وخطة عمل ستكون عاجزة وعجز الحكومة بالنتيجة يفتح باب الابتزاز من الداخل والخارج.

حكومة تصريف الرواتب في الطريق إلى الإجهاز على الدولة.

آخر الوقائع التي سأوردها هنا ستدل على طبيعة الحكومة القادمة وعلى مصير الحكومة والبلد. منذ أيام قليلة لاحقت بارجة عسكرية تونسية مركب صيد تونسي كان يمارس صيد الأعماق الممنوع بقانون العطلة البيئية فما كان من صاحبه إلا أن وجه مركبه مباشرة في خاصرة البارجة العسكرية وصدمها فألحق بها أضرارا بالغة فاعتقل، وهو إجراء قانوني، فقامت منطقته بالاحتجاج وغلق الطرق فما كان من الحكومة والجيش إلا أن أعفته وأطلقت سراحه خوفا من الشارع وهي أول عملية تراخ تمس مؤسسة الجيش بشكل مباشر.

هذه الحكومة لن تكون قادرة إلا على إزعاج المدونين الصغار. أما حيتان الجريمة والاعتداء على الملك العام والمؤسسات، فهي أعجز من محاسبتهم، وكل تراخ يعلمه الشارع حتى الأمي منه، فيزداد جرأة على القانون وعلى مؤسسات الدولة. وقد ضربت الحكومة نفسها في مقتل بفشل برنامجها لمقاومة الفساد؛ إذ تبين انه مسرحية موجهة لانتقاء بعض المهربين؛ لتخلو الساحة لحيتان التوريد المقنن.

ندخل خريفا مضطربا، وعودة مدرسية بلا برنامج واضح، وموسم جفاف يهدد الأخضر واليابس، ما لم تقع معجزة في الشهرين القادمين. لكن، ندخل بوزراء جدد سيمكثون شهورا عدة يتعرفون على مكاتبهم، ثم يعلن تعديل وزاري؛ لترضية قائمة الممسكين الآن بباب القصر يتوسلون منصبا. وسنكتب عما تبقى من الدولة. سيكون لدينا بلد فيها أكبر عدد من الوزراء السابقين، ولكن ليس لدينا حكومة قوية.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، حركة النهضة، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 30-08-2017   موقع: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. أحمد محمد سليمان، فوزي مسعود ، عزيز العرباوي، أشرف إبراهيم حجاج، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، أحمد ملحم، محمد أحمد عزوز، أحمد بوادي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رضا الدبّابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الهيثم زعفان، د.محمد فتحي عبد العال، عمر غازي، محمود سلطان، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- هاني ابوالفتوح، محمود طرشوبي، جاسم الرصيف، د - الضاوي خوالدية، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، محمد الياسين، أبو سمية، الناصر الرقيق، د- جابر قميحة، سلام الشماع، تونسي، محمد اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، مصطفي زهران، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد بشير، د - مصطفى فهمي، عراق المطيري، إسراء أبو رمان، فهمي شراب، حسن الطرابلسي، مجدى داود، يزيد بن الحسين، سعود السبعاني، ماهر عدنان قنديل، نادية سعد، سيد السباعي، د - شاكر الحوكي ، سليمان أحمد أبو ستة، محمد يحي، كريم فارق، رافع القارصي، رشيد السيد أحمد، وائل بنجدو، صالح النعامي ، صفاء العراقي، صباح الموسوي ، صلاح الحريري، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، محمود فاروق سيد شعبان، خبَّاب بن مروان الحمد، فتحي الزغل، إيمى الأشقر، د. صلاح عودة الله ، سفيان عبد الكافي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، علي الكاش، فتحـي قاره بيبـان، عبد الغني مزوز، الهادي المثلوثي، منجي باكير، د - محمد بن موسى الشريف ، د - صالح المازقي، عواطف منصور، مراد قميزة، د - عادل رضا، عمار غيلوفي، طلال قسومي، د. خالد الطراولي ، صلاح المختار، سامح لطف الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد الطرابلسي، مصطفى منيغ، خالد الجاف ، د - محمد بنيعيش، عبد الله زيدان، إياد محمود حسين ، د- محمود علي عريقات، رمضان حينوني، العادل السمعلي، حسن عثمان، ضحى عبد الرحمن، د- محمد رحال، رافد العزاوي، يحيي البوليني، محرر "بوابتي"، صفاء العربي، سلوى المغربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الله الفقير، سامر أبو رمان ، محمد العيادي، د. عبد الآله المالكي، حميدة الطيلوش، أ.د. مصطفى رجب، أحمد الحباسي، فتحي العابد، علي عبد العال، عبد الرزاق قيراط ، محمد عمر غرس الله، كريم السليتي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. طارق عبد الحليم، أحمد النعيمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة