أنس الشابي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3669
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
عقدت هيئة بن سدرين جلسة خصّصتها لتزوير الانتخابات وتزييف الإرادة الشعبية في إطار الحملة الممنهجة التي تشنها لتشويه دولة الاستقلال، وقد استعانت لتنفيذ مهمّتها ببعض الأسماء والذوات دفعت دفعا إلى إشعار السامع بتزوير الانتخابات جميعها بدون استثناء وفق ما رأت الهيئة ومن يقف وراءها، ولأن هدف من نظم هذه الجلسة لم يكن البحث عن الحقيقة بل اتهام النظام السابق سارع إلى التلفيق والتعميم والترميق في تخليط عجيب فمن ناحية الشهود نجد أن أعلاهم رتبة في دولة الاستقلال السيّد إدريس قيقة انحصر جهده في الردّ على المرحوم محمد المزالي والدفاع عن نفسه ممّا سمّي "تزوير الانتخابات" باتهام هذا الأخير بأنه لم يكن واعيا بأن الظروف لا تسمح بما خطط له وأراد تنفيذه، السيد الشاذلي النفاتي نأى بنفسه وبوزارته عن ذلك، محمد الغرياني شهادته مقدوح فيها لأنه صاحب غرض ومنفعة في الإساءة إلى النظام السابق أما بقية الذين تم جلبهم لتأثيث هذه الجلسة فأحدهم محكوم بجرائم تخلّ بالشرف وبعضهم مما سمى معارضة أعادوا تكرار روايات طالما شاركت أنا بنفسي في صنعها وترويجها لتشويه النظام لمّا شاركت في الانتخابات التشريعية لسنة 1981 مع الرفاق في الحزب الشيوعي، ورغم أن شهادة هؤلاء مقدوح فيها فإن الأصل في مثل هذه الجلسات أن يتم مسبقا ضبط المصطلحات المستعملة حتى لا تضيع الحقائق والأحداث في ثنايا الألفاظ الملتبسة المعاني.
قامت هذه الجلسة وخطاب ساسة ما بعد يوم البرويطة على القول بأن النظام السابق في فصليه انتهج سياسة تزوير الانتخابات لإقصاء المعارضات، هذه الجملة تقوم على مصطلح فاسد وخَرِبٍ هو تزوير الانتخابات إذ يقتضي الإقرار بوجود التزوير وجود مضمون يتمّ تغييره وتبديله والتصرّف فيه على غير وجهه الصحيح، يعلم الجميع أن الدول التي تحرّرت من الاستعمار منذ منتصف القرن الماضي حكمتها الأحزاب التي قادت الحركة الوطنية وإن لجأ بعضها إلى الانتخاب فلمجرد الإيهام بأن هذا النظام أو ذاك دخل الحداثة السياسية من بابها الواسع فلم تكن الانتخابات ذات أهمية لا في إضفاء شرعية على النظام ولا في قياس مدى شعبية السلطة ولهذا السبب كانت الانتخابات في الدول المشار إليها وظيفة تؤديها الإدارة بمعزل عن الناس الذين لا يشاركون فيها وإن شارك البعض فلحاجة ما، هكذا هي الانتخابات في تونس كذلك وهو ما أشار إليه أحد الشهود، الأمر الذي يعني أنه ليس هنالك نتائج حقيقية للانتخابات حتى يتم تزويرها وتغييرها وإبدالها لصالح السلطة القائمة فعن أي تزوير تتحدثون وليس هنالك شيء مزوَّرٌ أو قابل للتزوير؟ وهل هنالك أصلا نتائج غير النتائج المعلن عنها حتى يصح القول بوجود تزوير؟ هكذا هم الفاشلون من هواة السياسة يتصوّرون أمورا لا وجود لها في الواقع ويبنون عليها ما يتوهّمون وجوده، يذكر زكي نجيب في منطقه الوضعي أن هنالك ألفاظا من كثرة ترديدها على الألسن يذهب في ظن المرء أنها حاملة لمعان مضبوطة والحال أنها شبيهة بالصك بدون رصيد رائجة بين الناس كل واحد يفهمها بشكل مغاير للآخر ولكنها بلا قيمة معرفية أو واقعية في السوق تماما كما هو مصطلح تزوير الانتخابات لمّا يطلق على هذه الممارسة السياسية للنظام السابق.
عرفت بلادنا تزويرا انتخابيا فاضحا لا شبهة في وقوعه سيبقى معرّة على جبين من صنعوه أبد الدهر وهو الذي حدث بعد انتخابات 2014، في تلك الفترة وبعد الفشل الفظيع لحكم فرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في مونبليزير ظهر حزب النداء الذي قام متعهّدا بتنفيذ هدف واحد ووحيد وهو إخراج الفرع من الحكم ومعالجة ما أفسد ولهذا السبب تمكن من حصد الأغلبية في مجلس باردو والرئاسية في قرطاج بجمع ما يفوق المليون و700 ألف صوت، هذه النتيجة صُرِّح بها ولم يعترض عليها أحد ومفادها أن أغلبية المصوّتين سلموا الحكم للنداء لتنفيذ النقاط التي على أساسها تم انتخابه إلا أن هذا الحزب غدَرَ بناخبيه وخانهم إذ ارتمى في حضن الخصم الانتخابي وسلمه أصوات من انتخبوه للتصرّف فيها وهو ما نشاهد نتائجه الكارثية اليوم، ترى أي وجه للمقارنة بين انتخابات لم يشارك فيها الشعب وتم توجيه نتائجها في ظرف تاريخي لم تكن شرعية الحكم فيه مستندة إلى الصناديق وانتخابات جاءت بعد ما يقال ثورة وديمقراطية وغيره من ساقط القول وإن لم يغيّروا نتائجها الحسابية إلا أنهم ارتكبوا ما هو أشد وأنكى حيث انحرفوا بمضامينها وأهدافها إلى غير ما صوّت له المنتخبون ليصبح برنامجها السياسي الذي يستهدف الحفاظ على الدولة المدنية والدفاع عن مكتسباتها برنامجا قائما على التحالف مع الخصوم وتتم التنازلات إلى الحد الذي أصبح فيه الحزب الذي انتخبناه تابعا لمن قرر الشعب إخراجه من الحكم.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: