أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3794
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تدافعت الساعات الاخيرة لنكتشف فى نهاية الامر أنه لا حدود للؤم السعودى و لا حدود للؤم الامريكى الصهيونى لان ما حدث و سيحدث سيترك كثيرا من التداعيات و الارهاصات على الوضع العربى و سيساهم مرة أخرى فى مزيد تعميق الخلافات العربية – العربية و هذا فى نهاية الامر ما تبحث عنه الادارة الصهيونية الامريكية من وراء مشروع الفوضى الخلاقة الذى تعثر بعض الشيء لكن قطاره لا يزال يحاول الوصول الى سكة النهاية بكثير من الهنات و الهزائم المعنوية و المادية و خاصة بكثير من الضحايا البريئة و الخسائر المادية الخيالية، فى نهاية الامر القرار السعودى بوضع قطر ‘ تحت الاقامة الجبرية ‘ حتى تخضع و تسلم بقوة الشقيق السعودى الاكبر و بكونه الطرف الوحيد المتكلم باسم مجلس التعاون الخليجى و المتصرف الوحيد فى قدرات المنطقة المحاذية للكيان الصهيونى هو قرار صهيونى لا شك فى ذلك لان المملكة العجوز لم تعد قادرة على تخطيط سياسة خارجية بنفسها و لنفسها بل هى مجرد أداة طيعة و معزولة فى يد الامريكان و الصهاينة خاصة بعد أن أظهرت الادارة الامريكية الجديدة بعض العلامات و الاشارات التى تبعث على القلق حول المصير الاسود المحتوم للنظام السعودى فى حال لم يتخلص من بعض سلوكيات الغرور الزائد و الانفعال السياسى الغير محسوب العواقب.
ليس صحيحا بالمرة أن قطر هى الدولة العربية الوحيدة سبب المشاكل العربية أو الممولة الوحيدة للجماعات الارهابية لان تقرير التحقيق فى أحداث 11 سبتمبر 2001 قد أشار فى ما لا يقل عن 28 صفحة الى تمويل العائلة الملكية السعودية للإرهاب و لان قانون جاستا الاخير الذى صوت عليه الكونغرس الامريكى بالإجماع قد وصم النظام بكونه نظام دولة ارهاب يتعين عليه التعويض لكل ضحايا تلك الاحداث المروعة التى ضربت العاصمة الامريكية و كانت سببا فى تغيير السياسة الامريكية 360 درجة و بــــروز الشعار المعروف ‘ من ليس معنا فهو ضدنا ‘ و هو الشعار الذى استغله الرئيس جورج بوش الابن لضرب العراق و مواصلة الزحف نحو سوريا لإسقاط نظام الرئيس بشار الاسد بعد أن تخلص الحلف الاطلسى من نظام العقيد القذافى فى نفس هذا الاطار الدموى، فقطر هذا الشقيق الذى يريد ببقية الدول العربية شرا لم يعد الوحيد الذى يرعى ارهاب الدولة لأغراض سياسية و استراتيجية صهيونية معلومة بعد أن سبقه النظام السعودى الى هذا منذ الستينيات عندما مول انشاء القاعدة فى افغانستان فى معاضدة كريمة لجهود المخابرات الامريكية بقيادة رئيسها ادغار هوفر بعلة التصدى للوجود السوفييتى فى تلك المنطقة و بعد أن كشفت كثير من التسريبات و من بينها وثائق ويكيليكس الشهيرة أن الامارات و البحرين تلعبان نفس الدور السوء خدمة لنفس المقاول الصهيونى و بحثا عن الحماية الصهيونية من شرور الربيع العربى الذى بدأ فى تونس ليصل فى لحظات قصيرة الى قاهرة المعز .
نحن اذن أمام قرار سعودى، صهيونى بالأساس، يريد أن تدفع قطر لوحدها فاتورة كل ما حدث من فواجع و مصائب سواء فى العراق، سوريا، مصر، تونس، اليمن أو ليبيا رغم أن كل الدلائل تشير الى مشاركة خليجية أردنية تركية غربية فى هذه المصائب الكبرى التى قتلت الملايين و شردت الملايين و دمرت البنية التحتية العلمية و الاقتصادية و الثقافية فى كل هذه البلدان المنكوبة ، هذا يؤكد مرة أخرى ان السياسة الصهيونية العالمية فى المنطقة العربية بالذات لا تقوم على المشاعر بل على المصالح الانية الضيقة و أن هوان العرب على أنفسهم هو من دفع الصهاينة لوضعهم فى نفس السلة و محاولة الاجهاز عليهم تباعا و تحت نفس الشعار اللئيم ‘ الاسلام هو الارهاب ‘ و ‘العربى الجيد هو العربى الميت ‘، طبعا قطر فعلت ما فعلت لإسقاط كثير من الانظمة العربية و خزائنها النفطية دفعت ما دفعت ليتحقق الهدف الصهيونى المنشود و هى تستحق كل هذه العقوبات الزجرية و كل هذا الزخم الغير مألوف من قرارات قطع العلاقات العربية معها ، فالنظام المصرى الحاكم لم يكن الوحيد الذى عبر عن انزعاجه الكبير من التصرفات القطرية و الاعلام المصرى الهائج هذه الايام لم يكن الاعلام العربى الوحيد الذى اشار بأصبع الاتهام الى حقيقة الدور القطرى السلبى الذى تلعبه القيادة القطرية سواء على مستوى الامير المخلوع السابق او على مستوى الصبى المدلل الحاكم الجديد ، لكن الامر المثير للاهتمام هذه المرة هو سرعة القرار الخليجى المصرى الذى شكل صدمة للقيادة القطرية و جعلها تعانى العزلة الدولية فى بعض الساعات مما سينعكس سلبا على قرارات النظام و على كيفية مواجهة هذه الازمة الغير المسبوقة .
لعل الجميع يتذكر اليوم بكثير من مشاعر الكراهية و الشماتة أن قطر قد كانت من أول الساعين الى طرد سوريا من الجامعة العربية و فرض الحظر الاقتصادى عليها، يذكر هنا بالطبع تلك ‘ الجهود ‘ المحمومة لوزير الخارجية القطرى المعزول حمد بن جاسم آل جبر الذى بذل الغالى و النفيس حتى يعزل سوريا عن كامل محيطها العربى لكن القرار السعودى الاخير يأتى ليؤكد أن النظام القطرى قد أعمته الحمية للنظام الصهيونى ليفرط فى نهاية الامر فى عروبته مقابل الحماية و ليعطى الدليل مرة أخرى أن لعبة المصالح الصهيونية هى من تقرر بقاء او رحيل كل الانظمة الخليجية دون استثناء و أن ما يحاك فى الغرف السياسية الصهيونية المظلمة أكبر من أن تنتبه اليه هذه الانظمة الفاسدة، يبقى هنا ما تشيعه مملكة الارهاب من أن قطر تقف مع ايران و أن هذا أحد الاسباب فى قرار وضع النظام القطرى تحت ‘ الاقامة الجبرية ‘ لنؤكد أن ايران لا تهمها مثل هذه التصرفات الخليجية الصبيانية و أن النظام فى ايران لا يتحرك بمنطق سياسة الاملاء الصهيونى و لا بمنطق الخضوع للضغوط الامريكية لأنه يؤمن ان اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت و بأن أمريكا لم تعد قادرة خاصة فى ظل رجوع روسيا للمياه الخليجية على أن تحرك أصابعها العسكرية دون دفع فواتير عسكرية و استراتيجية باهظة الثمن .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: