البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تونس: الخائفون على الدولة؟

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3662



حديث مليء بالحنان والرومانسية ينتشر هذه الأيام في تونس، يتغزل بالدولة ويظهر الشفقة عليها، ولو كانت الدولة تأكل وردا لقدمت إليها الباقات، لكن سؤالا ينبت من قاع البلد، أين هي الدولة؟ هل دولة هذه أم عصابة؟ ومن هؤلاء الذين نبتوا فجأة كفقاع الرطوبة ليعطوا الناس دروسا في الوطنية بعد أن رأيناهم يبيعون الوطن لمن اشتراه؟

نفس الوجوه الإعلامية بالكلمات ذاتها وبالجمل عينها، شككوا في وطنية "تحرك جمنة الاجتماعي" وفي تحرك "قرقنة" وفي تحرك "الكامور"، وحدهم يمنحون أنفسهم شهادات الوطنية، ويقصون بقية البشر.

خطابهم الإقصائي يمنعنا من الكتابة بحياد، فنحن متهمون بالخروج عن الإجماع الوطني، وهل نحن في وطن حتى نخرج؟ إن الأسئلة استنكارية؛ لأن الشعور بالاضطهاد والإقصاء يوجه الكتابة الآن كحالة دفاع عن مربع وجودي أخير.

ونحن نرى قوة الدولة المزعومة تسلط على المسالمين في الجنوب؛ لمحق تحرك سلمي من أجل الانتماء إلى الدولة. لكن الدولة هنا والآن ليست إلا عصا غليظة لإقصاء منهجي على قاعدة من تفرقة جهوية/عنصرية؛ لذلك نكتب بغير حياد، فما نحن إلا من الضحايا.

تهمة الخروج عن الصف الوطني

أول من استعاد العبارة هو بن علي، يوم كانت الجهات البعيدة تتحرك ضده، وكان لا يزال موقنا من بقائه ومن نصره، فلما خلعته الدواخل، وسقط في النسيان، خلف من بعده خلف يفكر أن الحكم لا يكون إلا في سلالته الحضرية، وقال بأن المناطق الداخلية "عشش" إرهاب وواصل التعامل معها بالمنطق ذاته والاحتقار، فلما قاد حملته الانتخابية قال بأن على الجنوب أن يعود إلى السياق الوطني؛ لأنه صوّت في غالبه لمنافسه، فلم يجرؤ أن يضع قدمه هناك وهو منتصر، فلم يبق له إلا اتهام المنطقة كلها، وهي أكثر من نصف المساحة وأكثر من ثلث السكان بأنهم خارج السياق الوطني وعليهم العودة أو التوبة وهو الأقرب إلى نيته المفضوحة في الإقصاء والحقرة.

وفي كل تحرك احتجاجي يحاول كسر الاختلال الجهوي ويقطع مع التهميش التاريخي للمناطق الداخلية يقوم جهازها الإعلامي بالتشكيك في وطنية المحتجين والطعن في تاريخهم الوطني في حين يعرف مؤرخو البلد ويعرف المستعمر القديم من أجلاه عن البلد بالحديد والنار.

الجهات ذاتها التي توزع أوسمة الوطنية وتنكرها على من تشاء تقوم بتمجيد كل خطوة في اتجاه المستعمر القديم والترحيب به والتعاون معه وترويج فكره ولغته واستقبال سفيره بالأحضان والتقاط السلفيات معه كما لو أنه فنان عالمي.

دولة صبوشي؟

الموظفون وأصحاب الرواتب القارة أو جماعة "صبوشي" وترجمتها لغير الناطقين بالتونسية هل (تم تنزيل الرواتب في الحسابات الفردية؟) هؤلاء خائفون على الدولة أن تنهار في تطاوين.

ويعتبرون التحركات هناك فوضى عارمة تعصف بالاستقرار وهو نفس موقفهم من القصبة ومن الثورة هؤلاء جماعة الدولة المستقرة هم أنفسهم جماعة الخنوع للنظام بكل أشكاله وقد كانوا يبررون الدكتاتورية بمنطق أخرق فيقولون ماذا لو قسمت الدكتاتورية بالكلغ؟ كم سيكون قسط كل مواطن منها؟.

هؤلاء هم جماعة الإدارة العميقة الذين روجوا (وخدعونا وما أسهل ما خدعنا) عن عبقرية الإدارة التونسية التي أنقذت البلدة من التلاشي وحفظت لها مهامها وأدوارها. هؤلاء هم الذين فضحهم صهر الدكتاتور أمام هيئة الحقيقة والكرامة وكشف سهولة شراء ذممهم ورشوتهم بأقل القليل وإذلالهم إذلالا.

هؤلاء يعربون عن قلقهم مثل بان كيمون تماما مستقرون مرتاحون متنعمون ويعربون عن قلقهم من انهيار الدولة ولم يروا أبدا أفواج العاطلين عن العمل في الجنوب وفي الشمال (وبعضهم قادم من هناك و يتناسى هله).

دولة الموظفين مرعوبة من احتجاجات الجنوب لأنها رغم سوء طويتها تعرف أن المعركة اجتماعية (طبقية) تتخفى تحت ستار الحفاظ على الدولة(أيديولوجيا الوطنية). لا يسأل فيها المستقرُ العاطلَ عن العمل عن أحواله. بل يتهرب من رؤيته إذ يحتج ويدمغه بالخيانة والخروج عن الإجماع الوطني. شكل آخر للصراع على البقاء لن يجدي فيه الدفاع عن دولة لم تعدل بين مواطنيها

الخائفون الجدد على مصير الدولة

دولة الموظفين وإعلاميو الحكومة والنظام البائد ليسوا وحدهم الخائفين على مصير الدولة أمام التصعيد الاحتجاجي في الجنوب. لقد اكتشفنا وطنيين جددا. ظهروا فجأة في الصورة متناسين حماسهم القديم لقتل 20 ألف خوانجي عام 2013 ليستتب لهم أمر الحكم دون رعاع الأرياف. إنهم يتحدثون بفصاحة عن الدولة وضرورة احترام المؤسسات.

هم أنفسهم الذين عبثوا بالمجلس التأسيسي وأغلقوا بابه ومنعوا عمله. وقالوا بأن الشرعية ليست للصندوق وإنما للتوافقات خارجه هم أنفسهم الذين ذهبوا إلى البرلمان الأوروبي ذات صيف وقالوا لنوابه ساعدونا في حل مجلسنا فطردوا كالكلاب.

هم من يقبل هذه الأيام يديّ السفير الفرنسي في المجالس ويحمل الورد أمام بيته للتعزية إذا مات قط في فرنسا. هم الذين يعارضون تعريب التعليم والكلام باللغة الوطنية التي صنعت هذه البلدة وميزتها هم أنفسهم الذين جلبوا الموتى للتصويت في صندوق 2014. وفجأة تبين أنهم يحبون الدولة ويعشقون المؤسسات ويرون الاحتجاج المطلبي خيانة.

فئات منعمة استفادت من الدولة منذ تأسيسها ويهمها أن تستمر بالشكل الذي هي عليه الآن؛ لأنها مستفيدة من الوضع الراهن والاحتجاجات تشوش عليها صورة مستقبلها الهنيء.

لم تكن دولة ولكننا تعزينا جميعا بوهم الانتماء

حزينة خاتمة الكلام. لقد انتبهنا إلى حقيقة بشعة لم تكن هذه دولة تستحق الاحترام من مواطنيها لم يكونوا فيها مواطنين ولا حتى رعايا سلطان رحيم إنهم غبار من البشر تجمعوا بحكم الضرورة لا بحكم الرغبة والقوي منهم استعبد ضعيفهم واستحل رزقه واستحي نساءه(كان صهر الرئيس الذي تكلم أمام هيئة الحقيقة والكرامة يفتك العرائس من أزواجهن ليلة الدخلة).

الاحتجاج الآن انتماء للدولة خاصة لمحافظته على السلمية الراقية واجتناب التخريب لكن رفضه وكسره بالقوة خاصة هو كسر للدولة لا بناء لها أو حفاظا على مؤسساتها. لا يمكن للدولة أن تقوم على هذ القدر الكبير من الظلم والخداع.

نكتشف مع اعتصام الكامور (الجنوب) مقدار الهشاشة الاجتماعية التي وزعتها بعناية 60 عاما من وهم الدولة الوطنية على بشر تتذكر أرقامهم يوم الانتخاب وتنساهم إلى الانتخاب الموالي. قد تفلح الأجهزة المدربة في كسر اعتصام الجنوب. فهم في العمق شباب أعزل إلا من شجاعة فطرية ورغبة في الانتماء قد يضطرون إلى الانحناء للحفاظ الفعلي على وهم الانتماء لكن ذلك ليس إلا تأجيل لحل جذري إن لم يتم الآن فلن تكون دولة أبدا بل عصابة مسلحة تحكم شعبا يزداد وعيا بحقارتها

---------
وقع تحوير طفيف بالعنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الكامور، تطاوين،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-05-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  24-05-2017 / 20:11:11   فوزي
طبيعة الصراع في تونس

مقال ممتاز فعلا تناول اصل المشكل وطبيعة الصراع في تونس
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، ياسين أحمد، مصطفي زهران، د. كاظم عبد الحسين عباس ، نادية سعد، إسراء أبو رمان، رحاب اسعد بيوض التميمي، إياد محمود حسين ، مصطفى منيغ، د- محمود علي عريقات، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الله الفقير، عمار غيلوفي، تونسي، خالد الجاف ، الهادي المثلوثي، سامر أبو رمان ، حميدة الطيلوش، فهمي شراب، محمد الياسين، رضا الدبّابي، د.محمد فتحي عبد العال، سيد السباعي، محمد الطرابلسي، عزيز العرباوي، د. أحمد محمد سليمان، عواطف منصور، سليمان أحمد أبو ستة، عراق المطيري، الهيثم زعفان، يزيد بن الحسين، رافد العزاوي، أشرف إبراهيم حجاج، صفاء العراقي، صلاح المختار، مراد قميزة، سعود السبعاني، المولدي الفرجاني، ضحى عبد الرحمن، سلوى المغربي، يحيي البوليني، وائل بنجدو، صباح الموسوي ، كريم فارق، أحمد الحباسي، د. خالد الطراولي ، محمد اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، محمد العيادي، الناصر الرقيق، د - عادل رضا، مجدى داود، محمد يحي، رمضان حينوني، د. صلاح عودة الله ، رافع القارصي، حاتم الصولي، طلال قسومي، سامح لطف الله، إيمى الأشقر، د - المنجي الكعبي، عمر غازي، محمود فاروق سيد شعبان، سلام الشماع، جاسم الرصيف، محمد شمام ، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحي العابد، د- جابر قميحة، أ.د. مصطفى رجب، العادل السمعلي، د. أحمد بشير، محمود طرشوبي، كريم السليتي، عبد الرزاق قيراط ، حسن عثمان، سفيان عبد الكافي، علي عبد العال، ماهر عدنان قنديل، أحمد ملحم، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- هاني ابوالفتوح، فتحـي قاره بيبـان، فوزي مسعود ، د - مصطفى فهمي، د. طارق عبد الحليم، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، د. عبد الآله المالكي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، علي الكاش، د- محمد رحال، محمد عمر غرس الله، محمود سلطان، د - شاكر الحوكي ، أبو سمية، صلاح الحريري، أحمد النعيمي، أنس الشابي، د - الضاوي خوالدية، حسن الطرابلسي، فتحي الزغل، محرر "بوابتي"، منجي باكير، محمد أحمد عزوز، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الغني مزوز،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة