البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الجبهة في المعارضة، حكاية معيز و لو طاروا

كاتب المقال أحمد الحباسى - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3869


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


من البداية وضعت الجبهة الشعبية و حلفاءها سقف المطالب عاليا بأن تعهدت بعدم الجلوس إلى مائدة الحكم برفقة حركة النهضة، هذا إلى جملة من المطالب و النواهي و المحظورات و خرائط طريق تكاد لا تنتهي، من البداية كانت الجبهة تعلم أن حجم ‘ تمثيلها’ البرلماني لا يتيح إليها مثل هذا التمدد الأفقي و العمودي في المطالب المجحفة، و من البداية وضعت الجبهة جملة هذه الشروط التعجيزية حتى لا تدخل للحكم لأنها تعلم أنه لا أحد سيقبلها و أنها عاجزة إن دخلت للحكم على تنفيذها بل على تنفيذ واحد من الألف منها، كل الحكاية أن الجبهة لم تكن حاضرة للحكم و لا قادرة على تنفيذ ما تسعى لترويجه كبرنامج اقتصادي و اجتماعي قادر على إخراج تونس من كبوتها السحيقة التي تركتها حركة النهضة فيها بعد حكم ثلاثة سنوات من الاستنزاف المادي و التهديد الاجتماعي و الفلتان الأمني.

لقد تحولت الاختلافات في الرأي و تباين وجهات النظر السياسية و الاقتصادية بين الجبهة و بقية الأحزاب الأخرى الماثلة في الساحة السياسية إلى حالة عداء مزمن أو مرض خبيث مزروع في عقول هذا الحزب، المثير في الجبهة أنها تمشى عكس التيار الجماعي لجميع فئات المجتمع و الأحزاب المشكلة للمشهد السياسي برمته، الجبهة تمثل حالة من الاختلاف مع الجميع و مع المنطق و مع المتطلبات السياسية المتحركة و مع كل الذين يسعون إلى تغيير الوضع إلى الأحسن باعتماد مقاربة تونسية قابلة للانجاز، و من البداية عملت الجبهة على ضرب الحكومة لإسقاطها شعبيا باختلاق مظاهرات اجتماعية مشبوهة و تحركات بين الأمن أنها مايد ان جبهة شعبية و بعض أذنابها، ثم جعلت من مبادرة الرئيس للمصالحة ‘ قميص عثمان’ علقته على باب المسجد الأموي حتى تستعدى المجتمع على هذه المبادرة السياسية، و حين فشلت حملتها تلونت بكل ألوان الخداع السياسي لتحاول إسقاط هذه المبادرة بالتركيز على ‘ملحوظات’ فارغة و بعض التصريحات العشوائية التي تكفل بإطلاقها بعض نواب الجبهة في مجلس نواب الشعب، حتى تحولت المبادرة من مبادرة سياسية تستدعى مناقشتها و تقديم ما يوهنها أو يعززها إلى مبادرة استحلت بموجبها الجبهة العرض السياسي للرئيس و للحكومة و لبعض ‘الزملاء’ في المجلس .

لا يمكن فهم التشنجات العصبية المتواصلة و التقلبات النفسية و الانحرافات الجدلية للجبهة، فهذا سلوك فطرى يحتاج إلى كم هائل من علماء النفس و علماء فن الحوار السياسي و علماء تعليم فن كيفية التعايش مع الطرف الآخر، فهذا التوتر المستمر لم يعد مستغربا من جبهة اللاءات الثلاثة : لا نقاش، لا تفاهم، لا اقتناع، و لعل أقصى ما نجحت الجبهة في بروزه اليوم هو هذا المناخ السائد في تونس الذي يشبه المناخ السائد يوم أن أعلن الرئيس بوش الابن هجومه الوحشي الدموي على العراق، مطلقا ذلك الشعار القبيح ‘ من ليس معي فهو ضدي ‘، بحيث انقسم العالم بعدها إلى نصفين نصف مع أمريكا و النصف الآخر في عداء معها، و حين نسمع و نشاهد حالة ‘العداء’ الجدلية المستفحلة في نفوس قيادات الجبهة و سرعة انتقال فيروس الحمق الجدلي لديها بحيث تنصب سرادق العزاء و الموت مصوبة نبالها و حبالها الصوتية ضد كل من تسوله نفسه طرح مبادرة أو الدعوة إلى مشروع أو التصريح بما يخالف آراء جبهة حمة ، فالمؤكد أن الجبهة قد تحولت إلى كيان ضاغط يستهدف أهداف الثورة عكس كل ما يظنه بعض المتفائلين .

إن مناخ الحرية هو المناخ الأمثل اليوم، و هو المساحة المتاحة للتدرب على هذه الرياضة الفكرية المتمثلة في حرية إبداء الرأي ، لكن من الأفضل للجبهة أن لا تكتفي بصد كل المبادرات و البرامج و الاقتراحات بل بالتفاعل الجريء معها و محاولة اقتلاع انتصارات فكرية بقوة الحجة لا بقوة التنطع و الرفض و العزلة و الاعتزال، فالجبهة لا تمثل الرقم الصعب في معادلة التمثيل البرلماني و عليها تطوير نفسها و انتظار اللحظة التي يرتفع فيها منسوب ثقة الشعب فيها ليجعل منها الرقم البرلماني القادر على تغيير المعطيات و إسماع صوته الجريء للبقية، فالتمثيلية البرلمانية هي تمثيلية شعبية بامتياز و هي مؤشر مؤكد على أن الشعب لم يفوض الجبهة لتكون فاعلة في المشهد بل مكنها من شبه حق في الرأي مطلوب منها بقوة نتائج الانتخابات البرلمانية أن تخضع لرأى الأغلبية لا العكس، لكن الحاصل اليوم أن الجبهة تنكر علنا نتائج الانتخابات و تحاول الهيمنة على مشهد البرلمان بقوة الصراخ و النطح الفكري البيزنطي .

نحن ندرك أن حكومة الحبيب الصيد قد فشلت في إدراك كل أهدافها و اكتفت بتحقيق الممكن نظرا للظروف المعاكسة و لقلة الخبرة و ضيق أفق بعض الوزراء و قلة تجربتهم السياسية، بالمقابل نحن نعلم أن الجبهة مثل الحكومة قد فشلت في أغلب ‘الملفات’ التي تعاملت معها و من بينها ملف الاغتيالات، و نحن ندرك اليوم أن الجبهة لم تنجح بمثل هذا العدد ‘البرلماني’ الضعيف لولا خروج الشعب ‘لمعاقبة’ حركة النهضة و منح بعض أصواته لنواب الجبهة، و نحن ندرك قناعة أن الجبهة قد ‘نجحت’ في اكتساب هذا العدد الضئيل فى البرلمان على ‘ظهر’ الشهيدين الأعزاء شكري بلعيد و الحاج محمد البراهمى و أن من صوتوا لم يصوتوا لبرنامج الجبهة بل لدماء الشهيدين و تاريخهم النضالي و قدرتهم على تجميع الشعب بدل ما تفعله جبهة السيد حمة الهمامى من محاولات مشبوهة لتقسيمه و تضليله و استثمار آلامه في مزيد انتزاع مكتسبات صوتية ستثبت الانتخابات البلدية القادمة خورها و عدم قدرتها على الصمود أمام ذكاء هذا الشعب و بالنهاية لكم تمنينا أن تثوب الجبهة لرشدها السياسي و تنخرط في حكومة وحدة وطنية قادرة على النجاح و معبرة عن كون الوقت لم يعد للمهاترات بل لخدمة الراية و الوطن و لكن على من تقرأ زابورك يا داوود .


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الجبهة الشعبية، المعارضة، حمة الهمامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-06-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أنظمة جبانة ، أنظمة بلا ضمير
  متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا
  تونس : قيس سعيد و القضاء، تفاهمات خفية
  لماذا يتم التنكيل بعبير موسى ؟
  "ميزيريا" زرقاء
  التآمر على أمن الدولة، التهمة الأكثر إضحاكا في تونس
  إن عدتم عدنا، فها أنا عدّت
  تونس : رغيف عيش يا أولاد الحلال
  بلاغ للنائب العام
  هل باع حمة الهمامى دم الشهيد شكري بلعيد؟
  لبن، سمك، تمر هندي
  كيف أتقيّد بقواعد النشر ؟
  هل الشعب هو سبب البلاء ؟
  قيس سعيد، هذا " النظيف" الذي يتسخ كل يوم
  قاللك تحيا تونس
  حرب الاسكات، من يريد بحرية التعبير شرا ؟
  لماذا يريد الرئيس توريث ابنه بالقوة ؟
  سهام طائشة و كلام في الممنوع
  نهضاويات
  عزيزي المتابع تخيل لو نجحوا ...فقط تخيل ...
  لو تحدثنا عن البقايا ...
  تونس : انقلاب الجنرال، الأسئلة و الأجوبة
  يوسف الشاهد، من الغباء السياسي ما قتل
  سى الطبوبى : ياريت تنقطنا بسكاتك
   قناة التاسعة : تلفزيون "شالوم" و أبناء "شحيبر"
  صراخ فلسطين و صمت العرب
  عبير موسى، هذا القضاء الفاسد
  مسلسل هابط اسمه ‘ مجلس نواب الشعب ‘
  نقابة المرتزقة، الحبيب عاشور لم يمت
  بورقيبة، وردة على قبر الزعيم

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فهمي شراب، يحيي البوليني، خالد الجاف ، أشرف إبراهيم حجاج، د. خالد الطراولي ، جاسم الرصيف، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد ملحم، سلام الشماع، فتحـي قاره بيبـان، د. أحمد محمد سليمان، محمود طرشوبي، سامح لطف الله، سفيان عبد الكافي، عراق المطيري، عبد الله زيدان، حسن الطرابلسي، تونسي، د - مصطفى فهمي، د- هاني ابوالفتوح، محمد الياسين، رافد العزاوي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، مصطفى منيغ، عبد الله الفقير، أنس الشابي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صباح الموسوي ، كريم السليتي، د - عادل رضا، مصطفي زهران، الهيثم زعفان، كريم فارق، عزيز العرباوي، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح المختار، د - صالح المازقي، د- جابر قميحة، أحمد بوادي، د - المنجي الكعبي، المولدي الفرجاني، منجي باكير، محمد عمر غرس الله، رافع القارصي، فوزي مسعود ، سامر أبو رمان ، د. أحمد بشير، عبد الغني مزوز، فتحي الزغل، سعود السبعاني، الهادي المثلوثي، أبو سمية، محمد الطرابلسي، د.محمد فتحي عبد العال، صالح النعامي ، د- محمد رحال، حسني إبراهيم عبد العظيم، إيمى الأشقر، مجدى داود، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد الحباسي، يزيد بن الحسين، عمار غيلوفي، طلال قسومي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محرر "بوابتي"، وائل بنجدو، محمود سلطان، حسن عثمان، محمد أحمد عزوز، صلاح الحريري، علي الكاش، رحاب اسعد بيوض التميمي، العادل السمعلي، د. طارق عبد الحليم، أ.د. مصطفى رجب، محمد يحي، محمد العيادي، عبد الرزاق قيراط ، د - شاكر الحوكي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إياد محمود حسين ، عواطف منصور، عمر غازي، ياسين أحمد، د. عبد الآله المالكي، رشيد السيد أحمد، حاتم الصولي، رضا الدبّابي، د - محمد بن موسى الشريف ، د- محمود علي عريقات، ضحى عبد الرحمن، سيد السباعي، حميدة الطيلوش، سلوى المغربي، نادية سعد، محمد شمام ، مراد قميزة، فتحي العابد، صفاء العربي، رمضان حينوني، علي عبد العال، الناصر الرقيق، محمود فاروق سيد شعبان، د. صلاح عودة الله ، ماهر عدنان قنديل، صفاء العراقي، إسراء أبو رمان، محمد اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة