أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4266
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حديث سماحة السيد حسن نصر الله الأخير إلى قناة ‘ الميادين’ أو ما سمي بحديث العام يصعب على أي محلل سياسي أن يتجاهل مضمونه و أهدافه، فبعد هذا الحديث ثبت أن كل قواعد الاشتباك السابقة مع الكيان الصهيوني الغاصب قد سقطت برمتها و أن الحزب سيرد في أي حرب قادمة في كل مكان من أرض فلسطين المحتلة و بالطريقة الرادعة التي يراها مناسبة دون النظر إلى تكاليف هذا الرد بشريا و ماديا على العدو، هذا يؤشر إلى قدوم أيام عصيبة للعدو و يعطى الدليل الملموس لهؤلاء ‘العرب’ القابضين على السلطة في الخليج أن حزب المقاومة لا يمزح في مثل هذه المسائل الجوهرية التي تتعلق بالقضايا الأساسية للأمة العربية، فضلا عن إعطاء إشارة واضحة لهؤلاء الأعداء مجتمعين ( خليجيين و صهاينة و بعض الخونة في لبنان و بعض الدول العربية الأخرى التي لامس شعورها صعود الإخوان للحكم بعد ما يسمى بالربيع العربي ) بأن عهد السياحة العسكرية في لبنان قد ولى إلى غير رجعة و أن قوة المقاومة الرادعة هي نتاج تضحيات جسيمة و دعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية و الجمهورية العربية السورية .
لم يعد هناك في إسرائيل مكان امن لا تطاوله القوة الصاروخية للمقاومة، هذا في حد ذاته إعجاز عسكري كبير في عهد شهد تصاعد القوة العسكرية الصهيونية بعد انتصار تموز 2006 و تقرير فينوغراد الشهير الذي فرض على العقل العسكري الصهيوني العمل ليلا نهارا لمليء ‘الفراغ’ المشار إليه بالتقرير، و كلام سماحة السيد في تصريحه الأخير لم يكن يستهين بالقوة العسكرية الصهيونية بل كان كلاما مبنيا على معطيات و تقديرات و خطط و مراقبة و استعلام عن قدرات العدو و هو ما كان واضحا من كلام السيد ، و حين يعلم المتابعون لهذا الملف أن إسرائيل تحتكم على قدرات قتالية و عسكرية هائلة و أنها تملك أحدث ما أنتجته التقنيات الأمريكية العسكرية الحديثة و ما تصنعه المعامل العسكرية الصهيونية إضافة إلى توسيع مدى القبة الحديدية لتشمل كامل التراب الفلسطيني المغتصب فبالإمكان الحديث على أن حديث السيد يأخذ أبعادا غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني إضافة إلى أن المقاومة قد حققت تفوقا معلنا و واضحا على جميع الجيوش العربية لبلدان الطوق العربي لإسرائيل و أعطت درسا بليغا بان العبرة ليست بتكديس الخردة العسكرية بل باعتماد أساليب مبتكرة قادرة على إحداث توازن الرعب مع العدو.
من الواضح أن القرار السياسي في سوريا بعد هذه الحرب الإرهابية المجنونة لم يعد نفس القرار قبل هذه الأزمة الدموية التي استهدفت الرئيس الأسد ليس في شخصه فحسب بل في كل ما يمثله من عناوين مقاومة و من فتح التراب السوري لبعض الفصائل الفلسطينية المعارضة لمنطق المفاوضات العبثية مع العدو و بوصفه وصيا على ارث والده الرئيس الراحل حافظ الأسد و بالذات رفضه المعلن للتنازلات المجانية للعدو و للأمريكان، بهذا المنطق فقد جاءت هذه الحرب ‘الخليجية الصهيونية’ لتفرض حقائق جديدة على الأرض و تقلب كثيرا من الثوابت و المعادلات، من أهمها الفيتو الروسي و قرار الكرملين بضرب الإرهاب في سوريا و إعلان الرئيس بوتين أن الرئيس الأسد هو خط أحمر و شريك أساسي في البحث عن حل سياسي للازمة السورية،أيضا أصبح الجولان منطقة مقاومة و هذه رسالة سورية مهمة لكل الأطراف ذات العلاقة بالنزاع العربي الصهيوني خاصة بعد أن شاركت إسرائيل الجماعات الإرهابية الاعتداء على الأراضي السورية، و معلوم اليوم للمتابعين أن هناك تخطيط و تدريب لعناصر من حزب الله و من قوات الحرس الثوري الإيراني و من الشباب السوري الرافض للاحتلال لفتح جبهة الجولان في أي معركة عسكرية قادمة مع العدو، و لعل هذه أحد انتصارات المقاومة و أهم القرارات المتخذة منذ حرب أكتوبر 1973 لتمكينها من هامش كبير للمناورة لإرباك العدو و شل و توزيع قدراته العسكرية بما يمثل أكبر كابوس تواجهه القوات الصهيونية مستقبلا.
لقد فتح نظام المافيا السعودي ‘ جبهة’ صراع في الاتجاه الخطأ، فهذا النظام لم يقدم طيلة ‘ حياته’ طلقة واحدة أو خرطوشا واحدا للمقاومة الفلسطينية و اكتفى دائما ب’إرسال’ الدعاء و التمنيات و بعض عبارات التنديد لأهلنا في فلسطين عند كل اعتداء صهيوني همجي بربري، هذه عادة سعودية خليجية مستقرة و معلومة للرأي العام العربي ، و بهذا المعنى فلم يكن غريبا أن يدفع الدولار النفطي و يهدد بعض الأنظمة العربية الفاشلة لجرها لمساندة ‘ قراره المسبق بوصم حزب الله بالإرهاب، المهم في كل هذا أن هذا القرار قد ولد ميتا و لا يساوى ثمن الحبر و الورق الذي كتب عليه، فما حدث في تونس و الجزائر على سبيل المثال من تهجين لهذا القرار القذر يمثل صفعة قوية في وجه العميل الملك سلمان مباشرة و بكامل التوصيف، فالعملية ليست عملية قرارات لان الجامعة العربية هي دكان تجميع القرارات البائسة بامتياز بل مسالة وجدان عربي بكل توليفته و مذاهبه و توجهاته و تفريعاته الفكرية يقف باحترام للمقاومة و يعبر بمنتهى الطلاقة على كراهيته المعلنة لكل الأنظمة الخليجية دون استثناء أو تخصيص، و المقاومة في حزب الله و في سوريا بالذات مطمئنة إلى هذا الوجدان العربي و هذا انتصار معنوي يرتب أثارا في قلوب المقاومة و يعطى دفعا لانجاز الانتصارات.
لقد كان هناك من ‘يمزح’ عندما تتحدث المقاومة أو سوريا على أنها سترد على إسرائيل في الوقت المناسب، فهناك كتاب خليجيون و عرب مهمتهم تسخيف انجازات المقاومة ووظيفتها و تصريحاتها و من بينهم طبعا هذا الخنيث نديم قطيش، لكن من الواضح أنه و بعد كلام سماحة السيد في قناة ‘ الميادين’ أصبح العدو الصهيوني هو من سيضطر للبحث عن كيفية الرد في الوقت المناسب بعد أن عبر سماحة السيد على أن كل الخطوط الحمراء قد تم تجاوزها و أنه على الدولة اللبنانية أن تبحث عن طريقة مناسبة لمنع الخروقات الصهيونية للمحال الجوى اللبناني و إلا فان المقاومة ستقوم بما يجب لمنع إسرائيل من مواصلة عمليات الاكتشاف الجوية التي تهدد الأمن اللبناني و تعطى لبنك المعلومات الصهيوني كل ما تصوره طائرات الاستطلاع من تحركات و منشئات و تطورات ميدانية على الساحة اللبنانية، و هذه رسالة عميقة المغزى للصهاينة و لهؤلاء الأقزام العرب الذين رضعوا الخيانة و لكل الذين يدورون في فلك اللوبي الصهيوني العالمي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: