البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الإعلام التونسي أحد أسباب الإرهاب: نموذج الحملة الإعلامية ضد القرآن

كاتب المقال محمد هنيد - تونس / فرنسا   
 المشاهدات: 3390



لا يمكن اليوم إيجاد وصف يمنح الحالة الإعلامية السقيمة في تونس حقها من الوصف أو التوصيف. فحتى مصطلح " إعلام العار" الذي يصف به التونسيون إعلامهم الحكومي والخاص لم يعد يفي بالغرض بسبب القاع الذي وصل إليه الخطاب الإعلامي بأن أصبح يشكل مصدرا أساسيا من مصادر إرهاب الدولة الرمزي على المجتمع وعلى نسيجه القيمي.

ففي مهد ثورة الغضب العربية حملةٌ كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تشجيع تحفيظ القرآن الكريم بعد الهجمة الشرسة التي شنّتها على النص المقدس بقايا " نُخب التغيير" من "جامعيّي نوفمبر" ورجال "صانع التغيير" باسم الحداثة والتقدم والانفتاح وهي شعارات انكشفت عن أخطر المشاريع التغريبيّة التي تستهدف نسق القيم الجمعيّ للفرد وللمجتمع وخاصة للناشئة من الذكور والإناث.

فقد تحولت كثير من وسائل الإعلام التونسية المسموعة والمقروءة والمرئية إلى منابر ومنصات مفتوحة لنشر كل أنواع السموم الأخلاقية والاجتماعية والسلوكية واللغوية وصارت تشكل خطرا حقيقيا على السيادة الوطنية وعلى مستقبل أجيال بكاملها. فمن محاربة للدين الإسلامي علانية إلى ضرب لأخلاق المجتمع الجمعي مرورا بنشر كل أشكال الانحرافات والأمراض الاجتماعية من المثلية الجنسية إلى تحرير استهلاك المخدرات وتشجيع الإنجاب خارج الزواج إلى تكفير الآخر وتشريع القمار وكل أنواع العلاقات المحرمة أخلاقيا قبل أن تكون دينيا ...وصولا إلى كل أشكال الموبقات والرذائل وذلك في ساعات الذروة للمشاهد التونسي.

هذه الجريمة في حق المجتمع العربي في تونس وفي حق المجموعة الوطنية المحافظة هي التي تخلق ردود الأفعال المتطرفة لدى الشباب وتخلق لديه قابلية حادة للتطرف والعنف والانحراف. هذا يعني أنّ " إعلام العار " كما يسميه أهل تونس هو حاضنة رئيسية من حواضن الإرهاب وصانع أساسي من صنّاع العنف والتطرف بما تنتجه حربه على الدين وعلى القيم العربية الإسلامية من ردود أفعال متطرفة لدى الشباب خاصة وهي ردود توازي في تطرف ردّ الفعل تطرف الفعل المنتج له.

هكذا شنّت الكتائب اليسارية الاستئصالية ـ التي مكّنها نظام الوكيل الأول بورقيبة والوكيل الاستعماري الثاني بن علي من كل الفضاء الرمزي التونسي بما في ذلك الفضاء الإعلامي ـ جولة جديدة من حربها القديمة على الهوية العربية الإسلامية وقادت مجتمعةً غاراتٍ متوحشةً على الوعي القاعدي للمواطن من أجل استهداف المقدّس الجمعي بما يمثله من ركيزة صلبة للمجتمع وللدولة.

تمثلت الجولة الجديدة في الحرب العلنيّة على القرآن الكريم وعلى تحفيظه في المدارس والمعاهد الحكومية وصار الذكر الحكيم عند نخب العار التونسية من "جامعيّي نوفمبر" مصدرا من مصادر الإرهاب وخطرا على الناشئة وعلى أخلاقهم في الوقت الذي تدافع فيه النخب التونسية المتعفّنة عن المثلية الجنسية وعن السحاقيات وعن اللوطيين وعن الجنس الثالث وعن المتحولين وعن كل أنواع الشواذ دفاعا شرسا باسم حرية التعبير والحداثة والانفتاح.

لن نناقش هنا الجهل الكبير الكامن وراء اعتبار النص العربي الكريم مصدرا من مصادر الانحراف لأنه موقف يُضحك أبسط عارف بأبجديات اللسانيات المعجمية ودور المعجم في تكثيف قدرة الخلايا العصبية للدماغ على تكوين القدر الأكبر من المترابطات اللغوية بما هي مركّب ذكيّ وذلك عبر تخزين الكلم خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل. إذ تتحدد المهارات اللغوية للطفل وكذلك مستوى الكفاءة الدنيا بحجم التخزين المعجمي للغة الأم خلال السنوات الأولى من عمره وهي فترة مصيرية في رسم الخط البياني شبه النهائي لقدرة الطفل اللغوية المكتملة.

بناء عليه فإن القرآن الكريم يمثل من وجهة نظر لسانية علمية صرفة خزّانا نادرا للغة العربية بما هي اللغة الأم لأكثر من نصف مليار نسمة وهي لغة التعبد والممارسة الدينية لما يقارب ملياري نسمة. القرآن الكريم هو أب النصوص العربية جميعها معجميا ودلاليا وصوتيا وتركيبيا وصرفيا بما يتضمنه من تأليف نادر لأهم الجذور المعجمية العربية هذا بقطع النظر عن البعد المقدّس للنص وعن دلالاته الروحية العميقة.

إذن فحرب نخب العار التونسية على القرآن الكريم هي في الحقيقة حرب بالوكالة لصالح قوى استعمارية تسعى إلى فصل الطفل العربي في تونس عن الحاضنة الحقيقية لهويته الأصيلة من أجل أن تسهّل انسلاخه عنها وتدفعه نحو قيم أخرى ولغات أخرى تسيطر على المشهد الثقافي والإعلامي في تونس.

مشاهد الدعارة والانحراف لا تنقطع عن الإعلام التونسي إلى درجة يصعب فيها على العائلة التونسية المعتدلة ـ لا المحافظة ـ مشاهدة البرامج التونسية مجتمعة بسبب الفجور الكبير الذي تحتويه ومشاهد العُري الفاضح والجنس المغلف الذي يدخل البيوت دون استئذان بدعوى الحداثة الزائفة والتحرر الكاذب.

لم يخطئ أحدهم عندما أدرج كثير من إعلام تونس ـ الذي تسيطر على برامجه الترفيهية شركات صهيونية مشهورة ـ ضمن نواقض الوضوء في تلميح واضح لحجم السموم التي ينفثها هذا المرفق العمومي يوميا في وعي المواطن البسيط وهو نفس المواطن الذي يدفع من جيبه الفقير معلوم خلاص حبل المشنقة الذي يلفّ حول رقبته وحول مستقبل أبنائه.

إن تحرير المنابر الإعلامية من " دواعش اليسار " ـ كما يسميهم الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي ـ ومن نُخب بن علي الثورجية الكاذبة هو الخطوة الأولى للقضاء على التطرف والإرهاب لأن أخطر الأشكال المنتجة للمجموعات التكفيرية ولجماعات العنف المتنقل هو العنف الرمزي المغلّف الذي يستهدف أقدس مقدسات الإنسان العربي وقيمه.

-------------

وقع تعديل العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، بقايا فرنسا، الحملة ضد القرآن،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-04-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فتحـي قاره بيبـان، مصطفى منيغ، صفاء العراقي، عبد الله الفقير، كريم فارق، خبَّاب بن مروان الحمد، سليمان أحمد أبو ستة، عواطف منصور، الناصر الرقيق، صالح النعامي ، سعود السبعاني، فوزي مسعود ، مجدى داود، د. عبد الآله المالكي، د. أحمد محمد سليمان، محمد الطرابلسي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد أحمد عزوز، محمد عمر غرس الله، مصطفي زهران، محمد يحي، منجي باكير، أحمد ملحم، د - مصطفى فهمي، جاسم الرصيف، محمد الياسين، د - الضاوي خوالدية، د. صلاح عودة الله ، فتحي العابد، عزيز العرباوي، رافع القارصي، صلاح الحريري، محمود طرشوبي، علي الكاش، محمود سلطان، المولدي الفرجاني، حميدة الطيلوش، أحمد الحباسي، كريم السليتي، عبد الرزاق قيراط ، يحيي البوليني، د - عادل رضا، يزيد بن الحسين، د - شاكر الحوكي ، د - محمد بنيعيش، سفيان عبد الكافي، صفاء العربي، محمد شمام ، الهيثم زعفان، رضا الدبّابي، نادية سعد، محمد العيادي، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد بشير، رحاب اسعد بيوض التميمي، سلام الشماع، إياد محمود حسين ، خالد الجاف ، د - المنجي الكعبي، ضحى عبد الرحمن، محمود فاروق سيد شعبان، صباح الموسوي ، فهمي شراب، عمار غيلوفي، وائل بنجدو، مراد قميزة، علي عبد العال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، طلال قسومي، سامح لطف الله، سيد السباعي، عبد الغني مزوز، د- محمد رحال، فتحي الزغل، العادل السمعلي، أبو سمية، أحمد النعيمي، أحمد بوادي، رافد العزاوي، ياسين أحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، عمر غازي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. خالد الطراولي ، حسن الطرابلسي، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، د- جابر قميحة، حاتم الصولي، حسن عثمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. عادل محمد عايش الأسطل، أشرف إبراهيم حجاج، الهادي المثلوثي، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامر أبو رمان ، د.محمد فتحي عبد العال، ماهر عدنان قنديل، إيمى الأشقر، عراق المطيري، صلاح المختار، تونسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. طارق عبد الحليم، أنس الشابي، محرر "بوابتي"، د- هاني ابوالفتوح، د- محمود علي عريقات، د - صالح المازقي، عبد الله زيدان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إسراء أبو رمان، رمضان حينوني،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة