البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

في ذكرى غزو العراق: نتائج وتداعيات..

كاتب المقال أنيس الهمامي - تونس   
 المشاهدات: 3536


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في مثل هذه الأيام سنة 2003 باشرت جحافل البغي والشر معاودة جريمتها الكبرى بحق العراق الأشم أرضا وشعبا وجيشا ونظاما وتاريخا وحضارات لتصب جام حقدها العنصري الوحشي عبر استهداف بلاد الرافدين على كل العرب؛ ولقد استنفذ الطغاة البغاة مخزونهم الحربي القاتل وجهزوا مختلف قدراتهم التدميرية الفتاكة لتمزيق العراق وتقطيع أوصاله وأثخنوا جراحه.

لقد ارتكبت قوى الاستعمار المتكالبة في العراق ما لم يخطر ببال بعد نجاح الامبريالية والصهيونية في تغييب الضمير الإنساني وتركيز النظام العالمي الجديد أحادي القطبية بعد تفتيت الاتحاد السوفييتي وتحييد كل الأقطاب المزعجة ولو باستحياء كالصين والبرازيل والهند وغيرهما؛ حيث ضربت عرض الحائط بكل الشرائع والمواثيق والأعراف مندفعة لما بين النهرين بنهم في التقتيل والتشريد والاغتصابات وزرع الفتن بتلاوينها المختلفة والمتخلفة معا على شاكلة النزاعات المذهبية والطائفية والعرقية وغيرها من الخلطة الفسيفسائية التي تميز العراق.

فلم تتورع عواصم الحداثة والحضارات الكاذبة ومن رفعوا الشعارات البراقة الرنانة طويلا؛ عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليا من يوارنيوم وأسلحة إشعاعية شديدة الفتك يضيق المجال لتعدادها ولكن يكفي التذكير بأنها كانت معدة لمنازلة الاتحاد السوفييتي وهي ما تعرف بالأسلحة الاستراتيجية؛ وتفصح أعداد الشهداء الخيالية المفزعة وما نتج عن ذلك العدوان البربري الغادر من أمراض سرطانية مستحدثة تظهر لأول مرة؛ عن الوجه القبيح الحقيقي لهذا الغرب اللاديمقراطي المتأصل في الوحشية والكراهية والانحطاط الروحي والمستهتر بأبسط حقوق الشعوب والأمم الأخرى.

لقد هيأ الأمريكان بقدراتهم الإعلامية الهائلة الرأي العام الدولي وحتى العربي لتقبل غزو العراق وتدميره بعد أن فبركت علاقة نظامه وقيادته بالإرهاب خصوصا بعد مسرحية أحداث سبتمبر أيلول 2001؛ وخيل للمتابعين أن إدارة المجرم بوش ذاهبة لخوض حرب مقدسة بأمر من الرب وقد زاره في المنام؛ لذلك ورغم مساعي الأحرار في العالم لمعارضة تلك الهجمة الشعواء؛ أقدم الأمريكان على ما عزموا عليه ليغرق العراق في بحور من الدماء وسلسلة من الفوضى والمآسي التي لا تنتهي.

وبالعودة لحيثيات تلك الجريمة؛ نستذكر تبريرات إدارة بوش الصغير وذرائعها حيث بشرت العراقيين بنعيم من الديمقراطية والرفاهية والحداثة والحرية؛ كما وعدت المجتمع الدولي بعالم أكثر أمنا ورخاء برحيل صدام حسين ونظامه الديكتاتوري الدموي. وبعد هذه السنوات؛ ما الذي جناه العراقيون وكيف غدا حال العالم؟ ببساطة واقتضاب شديدين؛ تتحدث حالة العراقيين أفضل من كل الكتابات والتحليلات وتكشف قوافل الموتى وأعداد الثكالى والأرامل والأيتام والأسرى والنازحين والمهجرين والمنفيين عن الحقيقة عارية؛ وهو ما ثبت حالة من الحسرات والندم الكبير لدى عموم العراقيين الذين باتوا يحنون لأشد أيامهم سوء (إن وجدت) مع نظام صدام حسين؛ بل ويا لسخرية الأيام؛ فأعتى معارضي نظام العراق الوطني بل ومبغضوه باتوا يعضون أناملهم أسفا لما ارتكبوه بحق بلدهم وأنفسهم ولا يترددون عن تراشق الاتهامات فيما بينهم ويعير بعضهم بعضا فيقارنون بينهم وبين صدام حسين ورفاقه ليقروا بخستهم ووضاعتهم ودناءتهم معترفين بسمو خصومهم وبطولاتهم وأمانتهم..

وبالقدر ذاته؛ اكتشف العالم بعربه وعجمه حجم التضليل والخداع الذين مارستهما الامبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والدوائر السابحة في أفلاكهما؛ وقد تأكدت فضيحة تقرير المجرم باول في الأمم المتحدة وعلاقة نظام العراق بالقاعدة؛ ويكفي للتدليل على همجية قرار غزو العراق؛ الإحالة على الملصقات الدعائية الانتخايية العملاقة للحزب الديمقراطي يجرم من خلالها الحزب الجمهوري وسياساته وهي ملصقات لصور شهيد العراق والعرب والعالم الحر صدام حسين. وتتحدث تلك الملصقات عن أن العالم كان سيكون حقا أكثر أمنا لو لم يعدم صدام حسين ولم يستبح العراق ولو تكف آمريكا عن انتهاكها للقوانين وتحترم سيادة الدول وخيارات الشعوب.

أطلق الأمريكان عنوان "الصدمة والترويع" رهانا منهم على العامل النفسي لكسر روح شعب العراق وحمله على الاستسلام؛ لكنهم فوجئوا بأن العراقيين جيشا وقيادة وشعبا لم يستقبلوا الغزاة وعلوجهم بأكاليل الغار والورد كما زعموا؛ بل على العكس تماما عالجهم نشامى بلاد ما بين النهرين وحرائرها بالبنادق والنار وشراسة المقاومين الصابرين المؤمنين فتساقطت جيف علوج المعتدين وتناثرت وتبعثرت أعناقهم على امتداد سواد أرض بابل وحمورابي وأكاد من أم قصر لزاخو..وانطلقت كتائب مقاومة العراق العظيم منذ اليوم الأول للغزو تسطر الملحمة تلو الملحمة في بغداد والأنبار والفلوجة وصلاح الدين وديالى وبعقوبة وواسط وسامراء والكوت وغيرها ما دفع الأمريكان رغم الاختلال في موازين القوى اختلالا لا لبس فيه للفرار من جحيم المستنقع العراقي ليوكلوا مهمة إتمام المخطط الجهنمي للفرس الصفويين المجرمين الحاقدين. وبالقدر الذي تحولت استراتيجيات العدو وتكتيكاته؛ كانت المقاومة تتفاعل بثبات ومرونة وإدراك وذكاء أسطوري لتثخن في الفرس ونغولهم طالجراح غائرة ومفتوحة أبديا..

إنه من الضرورة بمكان أن نقف عند الصدمة والترويع عنوان حملة الغدر الجديدة التي انطلقت في 2003؛ فهي لم تكن تعني أبدا العراق ولا تتوقف عند حدوده وهذا ما حذر منه العراق وحزب البعث العربي الاشتراكي دون استثمار ذلك ولا التدبر فيه؛ فالصدمة والترويع كانت أشمل وأكبر وأوسع مدى وهي حملة مخصصة للأمة العربية كان العراق منطلقها..

لا غرو في القول ولا شطط إن أكدنا على أن الدمار والخراب المفزع الذي ضرب أمصار الأمة الأخرى وإن كانت نتيجة حتمية لاستباحة العراق فإنها تكملة طبيعية لتلك الخطة المبتكرة بمسمى الصدمة والترويع. وإن الفوضى العارمة التي تجرف سورية وليبيا واليمن وبقية الأقطار بدرجات أقل عنفا لهي الحجة الدامغة على ذلك؛ حيث شكلت التنظيمات الارهابية الدموية الغادرة أدوات الترويع وآلة الصدمة بيد رعاة الجريمة الدولية وخصوصا داعش وما سيتولد من رحمها. ولكن وكما امتص العراقيون الصدمة والترويع وأجهضوا مراميها فإن جماهير شعبنا العربي ستمتص تلك الدسيسة وستتجاوز مخلفاتها مهما غلت التضحيات.

---------
تونس في 20/3/2016


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

العراق، غزو العراق، الإحتلال، صدام، آل سعود،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 22-03-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أبو سمية، عواطف منصور، محمد عمر غرس الله، بيلسان قيصر، حسن الطرابلسي، أحمد الحباسي، كريم السليتي، د. أحمد محمد سليمان، صباح الموسوي ، رافد العزاوي، يحيي البوليني، سيد السباعي، د. أحمد بشير، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، الناصر الرقيق، د. خالد الطراولي ، محمود فاروق سيد شعبان، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله زيدان، د - شاكر الحوكي ، أحمد النعيمي، مصطفى منيغ، محمد الياسين، محرر "بوابتي"، إياد محمود حسين ، صلاح الحريري، د - المنجي الكعبي، عبد العزيز كحيل، د- هاني ابوالفتوح، عبد الله الفقير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الرزاق قيراط ، عزيز العرباوي، د - مصطفى فهمي، أنس الشابي، أشرف إبراهيم حجاج، د. صلاح عودة الله ، محمد الطرابلسي، د - عادل رضا، صلاح المختار، مراد قميزة، العادل السمعلي، إيمى الأشقر، يزيد بن الحسين، علي عبد العال، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عمر غازي، رشيد السيد أحمد، صالح النعامي ، د. طارق عبد الحليم، محمد أحمد عزوز، مجدى داود، أحمد بوادي، د - محمد بن موسى الشريف ، المولدي اليوسفي، أحمد ملحم، علي الكاش، فتحي العابد، مصطفي زهران، تونسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، نادية سعد، د - صالح المازقي، سعود السبعاني، عمار غيلوفي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- محمد رحال، المولدي الفرجاني، محمد العيادي، رافع القارصي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أ.د. مصطفى رجب، سليمان أحمد أبو ستة، خالد الجاف ، حسن عثمان، فهمي شراب، عبد الغني مزوز، د - محمد بنيعيش، كريم فارق، محمد يحي، طلال قسومي، سفيان عبد الكافي، وائل بنجدو، سلام الشماع، حميدة الطيلوش، رمضان حينوني، ياسين أحمد، د. عبد الآله المالكي، ماهر عدنان قنديل، جاسم الرصيف، سلوى المغربي، رضا الدبّابي، محمود طرشوبي، د- جابر قميحة، منجي باكير، سامر أبو رمان ، د - الضاوي خوالدية، محمود سلطان، فتحـي قاره بيبـان، سامح لطف الله، د- محمود علي عريقات، صفاء العربي، د.محمد فتحي عبد العال، الهادي المثلوثي، صفاء العراقي، طارق خفاجي، عراق المطيري، فتحي الزغل، محمد علي العقربي، حاتم الصولي، حسني إبراهيم عبد العظيم، ضحى عبد الرحمن، د. عادل محمد عايش الأسطل، إسراء أبو رمان، فوزي مسعود ، الهيثم زعفان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة